أولا
: التضخم
الصريح :
إذ
لم تتدخل الدولة وتركت حالة التضخم السائد
في الاقتصاد القومي وشأنه ينمو حرا طليقا
فيكون التضخم في هذه الحالة تضخما صريحا
أو طليقا .
ثانيا
: التضخم
المكبوت :
أما
إذا لم تترك الدولة حالة التضخم وشأنها
بل تدخلت ووضعت بقوة القانون حدا أعلى
للأسعار لا يمكن تجاوزه لمنع الأسعار من
مواصلة ارتفاعها التضخم فسيكون التضخم
في هذه الحالة ما يعرف بالتضخم المكبوت
وقد عرفت الدول الأوروبية التضخم المكبوت
خلال الحرب العالمية الثانية كما عرفته
انجلترا بعد انتهاء هذه الحرب ولو استطاعت
الدولة القضاء على السوق السوداء من خلال
كبت التضخم حيث تبقى مستويات الأسعار عند
حدودها القانونية فإن التضخم المكبوت
يثير العديد من المشكلات منها :
1-يتسبب
كبت التضخم في وجود ندرة واضحة في عرض
السلع والخدمات لأن الحدود العليا للأسعار
التي فرضتها الدولة بقوة القانون لابد
أن تكون أقل من الأسعار التي ستسود السوق
ومن ثم فإن المشترين سيرغبون في شراء
كميات أكبر من المعروضة في ظل الأسعار
الجبرية .
2-في
مواجهة حرمان الأسعار في ممارسة وظيفتها
بحرية لتحدث التوازن بين العرض والطلب
فإنه لابد من وجود وسيلة أخرى لذلك وهذه
الوسيلة هي التقنين بواسطة الدولة وهذا
التقنين يصاحبه دائما مشكلات وصعوبات
عديدة فهو عملية مركبة ومعقدة ومكلفة
وغير سارة على الإطلاق بجانب أنه إذا تخلت
الدولة عن هذا التقنين نظرا لتعدد مشكلاته
واكتفت فقط بالحد القانوني أي بكبت التضخم
دون تقنين السلع فلن تتحقق العدالة في
توزيعها على مختلف الأفراد بغرض نجاح
الحكومة في القضاء على السوق السوداء لأن
الجزء الأكبر من السلع سيجد طريقه إلى
المحظوظين من ذوي العلاقة الخاصة بموزعي
هذه السلع وإلى الذين يخالفون القانون
بإغراء الموزعين بالرشاوي والهدايا وإلى
الذين يستطيعون الوقوف في الطابور قبل
غيرهم ولمدة أطول .
3-إن
التضخم المكبوت كفيل بمنع الأسعار من
ممارسة وظيفتها كموجه لتوزيع الموارد
الاقتصادية على مختلف الاستخدامات لأن
أسعار بعض السلع ستحدد عند مستويات منخفضة
مقارنة بأسعار غيرها مما يدفع المنتجون
للتوسع في إنتاج الثانية والإقلال من
إنتاج الأولى ولن يكون أمام الحكومة إذا
رغبت في معالجة هذا الاتجاه سوى المزيد
من التدخل في عمل النظام الاقتصادي وفرض
رقابة مباشرة على جزء كبير من الاستثمارات
.
4-قد
يتسبب التضخم المكبوت إذا طال به الأمد
في إضعاف الحافز على الانتاج وإلى زيادة
نسب تغيب العمال عن العمل لأن تجمع دخول
نقدية بكميات كبيرة لدى الأفراد في الوقت
الذي تنخفض فيه عرض السلع فلا تتوافر
بالكميات المرغوب شراؤها بهذه النقود
فسيكون هذا دافعا إلى تحقيق مزيد من
المدخرات لديهم ومن سيفكر البعض هذا دافعا
إلى تحقيق مزيد من المدخرات لديهم ومن ثم
سيفكر البعض في أنه لا جدوى في الاستمرار
في العمل بجد وكفاية للحصول على المزيد
من الدخول النقدية لعدم إمكان انفاقها
وأنه طالما قد تحقق لهم ادخار كاف لفترة
طويلة قادمة يمكنهم الحصول على كل ما يمكن
شراؤه فلا بأس عندئذ من الخلود للراحة
ولا داعي لتعب العمل والإرهاق .
وعلى
الرغم من الآثار السلبية السابقة للتضخم
المكبوت فإنه لا يمكن القبول بوجوب عدم
كبت التضخم إذ أن الدولة مسئولة في الواقع
عن حسن سير النظام الاقتصادي للمجتمع ولا
يمكنها الوقوف موقف المتفرج وهي ترى حركة
ارتفاع متواصلة في المستوى العام للأسعار
.
مهما
كانت مساوىء التضخم المكبوت فإنها بالتأكيد
أقل من مساوىء التضخم الشديد
أو
الراكض إذ أن كبت التضخم لا يلغيه تماما
بل فقط تأجيل المشكلة وليس حلها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق