تعتبر الاتفاقيات العامة للتعريفات والتجارة أهم نشاط لتحرير التجارة منذ الحرب العالمية الثانية ، وقد تم توقيع هذه الاتفاقية عام 1947 في جنيف بسويسرا ، وكان عدد موقعيها حين ذاك اثنتين وعشرين دولة ، إلا أن تلك العضوية توسعت منذ ذلك الوقت وكان عدد أعضائها عند انتهائها عام 1995 أكثر من مائة وسبعين دولة متقدمة ونامية .
أهم شروط العضوية هي أن تلتزم الدولة بما يسمى شرط ( الدولة الأولى للرعايا " دار " ) :
معنى هذه العبارة ، هو أن تلتزم الدولة وتمنح لكل الدول الأعضاء في الاتفاقية ( الدول المتعاقدة ) أي تخفيض جمركي تمنحه لأي دولة شريكة لها في التجارة ، فإذا ما خفضت الولايات المتحدة التعريف الجمركية على واردات فول الصويا من فرنسا بمقدار النصف مثلا ، عليها أن تمنح نفس التخفيض لواردات فول الصويا من كل بلدان العالم المتعاقدة .
تعترف الاتفاقية وتقر الاستثناء من هذه المعاملة في ثلاث حالات فقط :
السلع المصنعة المستوردة من الدول النامية يمكن إعطاؤها أفضلية مقارنة بالسلع المصنعة من الدول المتقدمة .
الميزات الممنوحة بين دول أعضاء في تجمع اقتصادي كالمجموعة الأوروبية مثلا ، ليس من الضروري أن تنطبق معاملة الأعضاء فيها على الدول غير الأعضاء في تلك المجموعة .
الدول التي تفرق اعتباطا ضد واردات من دول أو دولة معينة يمكن أن تحرمها الدولة المتضررة من معاملة ( الدولة الأولى بالرعايا . ( دار ) .
عمدت اتفاقية الجات إلى إزالة التفرقة في التبادل التجاري ، وإلى تحرير التجارة بين أعضائها ويتخذ نشاطها شكل ( دورات ) أي سلسلة من الاجتماعات والمفاوضات الدورية التي تتم كل عدة سنوات ، تناقش فيها مواضيع مثل تخفيض التعريفة الجمركية ، وتقليل استخدام الحصص ، وتبني إجراءات تشجع التجارة بين الدول في قوائم محددة من السلع تطرح كل ( دورة ) وتنفذ خلال فترة زمنية محددة تشمل عدة سنوات في العادة . وتم عقد ثماني دورات منذ قيام الاتفاقية حتى نهايتها ، وللاتفاقية هيكل إداري ورقابي لمتابعة تنفيذها . في عقد الستينيات عقدت ( دورة كندي ) وفي السبعينيات استمرت ( دورة طوكيو ) من عام 1973 حتى عام 1979 . وأقرت فيها العديد من التخفيضات التي وضع جدول لتنفيذها انتهى عام 1985 . وفي عام 1986 بدأت ( دورة أوروجواي ) في أمريكا اللاتينية ، واستمر التفاوض حولها حتى 15 ديسمبر 1993 متخطية عقبات عديدة ، وتم التوقيع عليها في مراكش في إبريل 1994 ، كذلك بدأت ( دورة الدوحة ) في قطر عام 2001 وما زالت تجري المفاوضات ولم تصل إلى اتفاق نهائي بعد .
ركزات الدورات الستة الأولى على تخفيض الحواجز الجمركية ، ونجحت في ذلك إلى حد كبير . في الدورة السابعة ( دورة طوكيو ) ، تم الاتفاق على تخفيض كلى للتعريفة الجمركية مقداره 33% بين دول الأعضاء ، كما تمت مناقشة عدة حواجز غير جمركية في خمسة مجالات رئيسية هي : مواصفات السلع الصناعية ، المشتريات الحكومية ، الدعم والرسوم المضادة ، التراخيص التقنية ، والتقديرات في الرسوم الجمركية . وقد تم تبني قواعد طوعية لتطبيقها في المجالات المذكورة .
أما الدورة الأخيرة ( دورة أوروجواي ) فهي دورة فريدة ، كونها طرقت مواضيع جديدة وصعبة وتتميز تلك الدورة بالآتي :
( أ ) إدخال تجارة الخدمات في المفاوضات لأول مرة ، والوصول إلى اتفاق بشأن تحريرها هو اتفاقية الخدمات ( جاتس ) .
(ب) إدخال مجال الزراعة في التفاوض ، والذي كان موضع خلاف بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ، وتم التوصل إلى إتفاق بشأن تحرير تجارة السلع الزراعية وتقليل الدعم الحكومي لها .
(ج) إدخال موضوع حماية الملكية الفكرية ( حقوق التأليف والاختراع واستخدام الاسم التجاري .. الخ ) وعمل اتفاق بشأن ذلك
(د) إدخال إجراءات الاستثمار المتعلقة بالتجارة ، مثل المحتوى المحلي للسلع المنتجة بواسطة مستثمر أجنبي وعمل اتفاقية بشأنها .
( هـ ) غير أن أهم إنجاز لدورة أوروجواي هو استحداث منظمة التجارة العالمية لتحل محل اتفاقية الجات ، وبذا أصبح للتجارة منظمة ترعاها مثلما للنظام النقدي الدولي ( صندوق النقد ) وللاستثمار الدولي والبنية الهيكلية ( البنك الدوري ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق