تتضمن عملية إعادة التصدير، استيراد سلعة من بلد وتصديرها لبلد ثالث، وقد يتم ذلك بدون أن يكون المستورد الأول قد خطط له، ويكون دوره سلبيا في عملية إعادة التصدير(أو ربما يكون قد خطط لذلك). يكون دور المستورد الأول سلبيا حين يبيع مثلا سلعة أو بضاعة لأحد الوافدين الذي ينوى شحنها (إعادة تصديرها) بدوره إلى بلده بدون معرفة أو مساعدة المستورد الأول ويتم هذا كثيرا فى الدول الخارجية من جهة أخرى قد يكون ذلك المستورد الخليجي مدركا لحقيقة أن عددا من زبائنه يقوم بإرسال السلعة إلى بلده، وقد يساعد ذلك الزبون يتقدم الخدمات والاستشارة له.
بالرغم من كون إعادة التصدير التي تتم بمبادرة من مستهلكين وافدين ذات حجم معتبر إلا أن جزءا كبيرا من عملية إعادة التصدير يأتي كتعامل بين تجار مستوردين من دولة ثالثة وتجار مستوردين من دولة ثانية,وتقوم بعض الدول بدور الوسيط التجاري بين البلدين تستورد من إحدهما وتصدر بعض ما تستورده إلى دولة ثالثة وبذلك أصبحت هذه الدول مراكز تجارية تقدم خدمات للجانبين وتعد هونج كونج وسنغافورة خير أمثلة لذلك فقد كانت صادرات هونج كونج 292 بليون دولار عام 2005, 272 بليون منهاهى إعادة تصدير بينما كانت صادرات سنغافورة 230بليون دولار منها 105 بلايين دولار هي إعادة تصدير . وهنا في منطقتنا كانت الكويت على سبيل المثال مركزا يشترى منه تجار العراق وإيران أنواعا من السل لا يستطيعون استيرادها بأنفسهم وحاليا نجد أن دولة الإمارات تقوم بإمداد السوق الإيراني بالعديد من السلع المستوردة أصلا وقد لاحظنا عندما كنا نتحدث عن المناطق الحرة كيف أن منطقة جبل على في دولة الإمارات أصبحت مركزا كبيرا لإعادة التصدير لأوروبا والشرق الأوسط.وفى المملكة لاشك في أهمية سوق الوافدين للتجار وكبر حجم إعادة التصدير، علما بأن هناك نسبة متزايدة من صادرات المملكة غير البترولية منشؤها المملكة نفسها.
وبالرغم من إن إعادة التصدير لأتمثل نسبة كبيرة في التجارة الخارجية لدول الخليج،إذ أن حجم تجارة دول مجلس التعاون مع الدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط لا يمثل نسبة عالية في تجارة دول المجلس الخارجية إلا أنها من وجهة نظر دول المنطقة الأخرى كالسودان ومصر والأردن لبنان، تمثل نسبة كبيرة في تجارتها الخارجية، وفى دراسة سابقة وجد إن الشريك التجاري الأول للسودان هو المملكة العربية السعودية، بعد أن كانت غرب أوروبا والصين هما أهم شركاء السودان أى أن المملكة أصبحت أهم سوق للصادرات السودانية والمصدر الأول للواردات السوادنية في حين لا تمثل صادرات وواردات السودان من السعودية حجما يذكر من وجهة النظر السعودية ويرى البعض أن هذا القول يتطق على مصر والأردن وسوريا ولبنان في مقابل دول مجلس التعاون عموما، ولكن بدرجات متفاوتة. وكما أشرنا تمثل دول مجلس التعاون مراكز تجارية مهمة، وتقدم خدمات للصانعين الأصليين وللتجار في الدول المستوردة الثانية.
بالنسبة للصانع الأصلي فهو أولا لا يملك معلومات كافية عن أسواق الدول التي يعاد التصدير إليها وقد لا يدرى عنها أصلا وليست له شبكات توزيع أو وكلاء فيها ليس ذلك فحسب بل قد يعتبرها أسواقا هامشية ذات حجم صغير لا يعتد به من وجهة نظره، كما أنه يعجز عن التعامل مع إجراءات الاستيراد ووسائل السداد ومخاطر تقلب العملات فيها.
يوفر التاجر الخليجي على الصانع الأجنبي عناء تلك المشكلة، فالتاجر الخليجي لكونه من المنطقة وبسبب اتصالاته وتجارية يلم بمتطلبات تلك الأسواق والأذواق المؤثرة فيها كما أنه أقدر على التعامل مع إجراءاتها وقوانينها، ولديه وسائل للسداد ابتداء من المقايضة بصادرات أخرى من البلد الثالث والاستفادة من الاتفاقيات التجارية بين البلدان المنطقة،
مرورا بضمان ائتمان الصادرات المتاح بين الدول العربية وكذلك بين الدول الإسلامية الأعضاء في مؤسسات الضمان الإقليمية. كذلك وبما إن الصانع الأجنبي يبيع عادة بحجم صفقات وكميات كبيرة بينما يشترى التاجر الإيراني والسوداني بكميات ألأصغر فهنا يقوم التاجر الخليجي بدور تاجر الجملة الذي يشترى بكميات كبيرة ويبيع بكميات أصغر لكل مشترى وهو بذلك يخدم الجانبين.
بالإضافة إلى قيام التاجر الخليجي بعملية التجزئة هذه فهو يقدم خدمات أخرى للمستورد من الطرف الثالث يجد المستورد من البلد الثالث أولا تعددا في النوعيات المعروضة من السلع في السوق الخليجي وعلى درجة عالية من الجودة قادمة من مختلف بلاد العالم ما كان ليجدها في أي سوق واحد في أي مكان آخر ولذا يستطيع الاختيار من قائمة طويلة وكل ذلك على مسافة قريبة منه. كذلك تتمتع اقتصاديات الدول الخليجية ببني هيكلية ممتازة من حيث سرعة الاتصالات مع باقي العالم وسهولة الشحن وقلة عوائق الاستيراد والتصدير وبذلك يقوم التجار الخليجيون بمهام الاتصال بالصانعين في الخارج، وإحضار السلع بسهولة وسرعة إلى المنطقة الشئ الذي لن يستطيع التاجر من الدول التي يعاد إليها التصدير في السودان ومصر وإيران. كما يقوم التجار الخليجيون بالتمويل المؤقت وبذلك يسهلون على تجار المنطقة الذين سيجدون صعوبة في ذلك من دون تسهيلات تمويلية. ويعد انخفاض تكلفة الشحن بسبب قرب الموقع الجغرافي عاملا إضافيا يؤهل الأسواق الخليجية للعب هذا الدور.
تجارة إعادة التصدير مع أنها ليست مهمة فى حجم تجارة الدول الخليجية الكلى لكنها بلاشك مهمة للعديد من التجار الخليجين الذين يجدون أن نسبة معتبرة من مبيعاتهم مصدرها الدول المجاورة وقد يكون دور تجارة إعادة التصدير أقل أهمية فى حالة المملكة.
من الجانب الآخر سيقل مع الزمن عدد الوافدين من الدول الأخرى العاملين في الدول الخليجية وبذلك قد يقل حجم سوق إعادة التصدير لكنه سيظل سوقا مهما، لأن عملاء ذلك السوق الآخرين تجار دول المنطقة الأخرى سيظلون يمثلون جزءا أساسيا من ذلك السوق.
سوق إعادة التصدير سوق لا يمكن تجاهله أو معاملته بطريقة عفوية وعلى المستوردين الذين يبيعون لبلاد ثالثة، أن يأخذوا متطلبات ذلك السوق في الاعتبار،ويحيطوا بمتطلباتها ومعرفة الأذواق من حين لآخر وليس بمستبعد أن تتطور هذه التجارة ويقوم الصانعون الأجانب بإنشاء وحدات إنتاجية من دول مجلس التعاون يبعثون إليها بمكونات غير تامة الصنع لتجميعها وتصديرها كما يحدث في جبل على سلفا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق