من التحليل الذي نشر سابقا في الموقع لمقومات النموذج البيروقراطي النقي وممارسة السلطة الرسمية فيما يتعلق بالمسئولين وإدارة الأفراد يتضح أن النموذج البيروقراطي النقي مبني على عدة مبادىء أساسية :
المبدأ الأول :
التصميم الرشيد للوظائف في شكل هيكل متماسك انطلاقا من مبدأ التخصص واعتمادا على التسلسل الرئاسي للرئاسات لأحكام السيطرة والإشراف ووضع شروط معينة لتولي الوظائف لضمان كفاءة المسئولين والعاملين وتوصيف للوظائف بحيث تكون معروفة لشاغليها وللغير .
ولاشك أن ذلك يتفق في كثير منه مع النموذج الكلاسيكي السابق شرحه .
المبدأ الثاني : الرسمية في التصرف :
بمعنى أن جميع التصرفات والسلوك في التنظيم تستمد منطقها وشرعيتها من خلال قواعد مكتوبة من أصحاب السلطة الذين لهم حق شرعي في إلزام الآخرين والحصول على طاعتهم على أساس أن السلطة أيضا موضوعية ورشيدة وليست مسألة شخصية .
إن الرسمية في التصرف هذه واضحة بشكل أكبر من وضوحها في النموذج الكلاسيكي حيث لا يوجد مثل هذا التركيز .
المبدأ الثالث : السلطة الرسمية والفصل بين الرؤساء والمرءوسين :
لقد اتضح من تحليلنا لمفهوم السلطة عند ويبر أنها العمود الأساسي للتنظيم البيروقراطي .
إنها أداة إجبار أو أداة إلزام تستخدم من قبل المستويات العليا على المستويات الأقل .
إن السلطة الرسمية بهذا المفهوم تحدث فصلا واضحا بين الرؤساء والمرءوسين .
حيث يصدر الرؤساء الأوامر وعلى المرءوسين إطاعة الأوامر حتى ولو كانوا هم بدورهم رؤساء .
إن تصنيف المسئولين والعاملين في التنظيم البيروقراطي مسألة واضحة تماما حيث يتم التمييز بين الناس بحجم غرفهم وحجم مكاتبهم وطريقة تأثيثها وأنواع الأثاث فيها ... إن السلطة هنا تحمل مفهوما عقابيا .
وفي رأينا أن تصميم النموذج البيروقراطي بهذا الشكل تصميم مبني على أساس آلي بمعنى أن الإنسان آلة ويجب أن يستجيب كما تستجيب أي آلة .
ولذلك نرى البعض يطلق على النموذج النقي النموذج الآلي .
صحيح أن التنظيم البيروقراطي تنظيم دقيق في التصميم ، تنظيم يحقق الانضباط ولكن ذلك مبني على أن الإنسان الفرد آلة وأن الإنسان بما يعطى له من ضمانات ( المرتب الثابت ودوام الوظيفة إلا لإخلال في الشرف ومعاش في حالة ترك الخدمة وحق التظلم من القرارات الظالمة ... ) يجب أن يستجيب لمتطلبات النموذج . وهذه افتراضات مبسطة عن الإنسان الفرد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق