free counters

كيف نبدأ التطوير التنظيمي ؟

| |

من الأخطاء الشائعة أن تصدر الإدارة العليا قرارا بتنظيم الشركة أو المنشأة أو الوزارة على اعتبار أن ذلك كفيل بتحفيز الناس لقبول التغيير المنتظر . 
ولقد أثبتت الدراسة الميدانية والمشاهدات العملية على أنه يعد خطأ كبيرا البدء بإصدار قرار تنظيم أو غعادة تنظيم أو تطوير تنظيمي حيث أن هذا القرار يحمل معه مسمار نعشه فالتنظيم مرتبط ارتباطا مباشرا بمراكز الأفراد في المنظمة ومرتبط بأدوارهم وبعلاقاتهم الرسمية وغير الرسمية ... إلخ وأي قرار بإعادة التنظيم حتى مع توافر كل النوايا الحسنة كاف لإحداث تساؤلات على مستوى معظمة القيادات والعاملين عن التصور الجديد ودور كل منهم ومكاسب كل منهم واحتمالات ترقية أو عزل أي منهم 
إن معظم محاولات التنظيم أو إعادة التنظيم التي تبدأ بقرار مصيرها الفشل للأسف . 
لقد قام أحد الباحثين في فرنسا بدراسة " طريقة التدخل " لتطوير المنظمة وكان البحث وهو عبارة عن رسالة دكتوراه مقدمة إلى جامعة نيويورك عن أثر " طريقة التدخل " التنظيمي في عملية التطوير التنظيمي بالإشارة إلى نظام تطبيق الإدارة بالأهداف في فرنسا . 
وانتهى الباحث إلى القول بأن اتخاذ قرار بإعادة التنظيم خطر على العملية التنظيمية حيث يأخذ المديرون والعاملون مواقف مبدئية ( معارضة غالبا ) أو على الأقل ينتابهم شعور بالقلق قد يزداد لدرجة التوتر حتى تنتهي العملية التنظيمية والتي غالبا ما تأخذ وقتا طويلا . 
إن إصدار قرار من رئيس المنظمة بإعادة التنظيم مبني على افتراض  كلاسيكي خاطىء . 
الافتراض هو أن رئيس المنظمة هو الوحيد صاحب السلطة الذي يملك القرار وهو المسئول الأول .
إن هذا الافتراض خاطىء لأن مفهوم الإدارة الحديثة ينبع من حكمة سامية ( كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته ) وبالتالي فإن القرار يجب أن يكون جماعيا .
ولكن المشكل أن القرار لا يمكن أن يكون جماعيا بالمشاورة الصورية ولكن يجب أن يكون القرار من خلال تصور عند كل المديرين أصحاب مراكز المسئولية في المنظمة عن الأحوال المرغوبة والمثلى والممكنة والحالية وهو تصور لا يحدث خلال ليلة ولكن من خلال دراسة متأنية للوضع الحالي وأمل المستقبل والمصلحة الشخصية المرتبطة بالتغيير 
إن الحل الأمثل من واقع الخبرات  العملية و المشاهدات عن سبب فشل الإدارة بالأهداف كأسلوب فعال للإدارة هو اشتراك طاقم المديرين في دراسة تشخيصية للنتائج التي تحققها الشركة أو المنشأة من واقع دراسة القوائم المالية لمعرفة الصورة الكلية والاتجاهات المستقبلية في شكل سمنار خاص يسمى ( سمنار الفعالية الإدارية ) لا يحضره أشخاص في علاقات رئاسية وبالتالي فمن الممكن في المرحلة الأولى عمل سمنار لكل مستوى قيادي حيث المطلوب هنا هو ( إذابة الثلوج ) ولا يمكن إذابة الثلوج في التطوير التنظيمي من خلال جلسات فيها المرءوسين ورؤساؤهم . 
إننا نكتفي هنا بالقول بأن سمنار الفعالية الإدارية هذا يبدأ بكل مدير من حيث تصوره عن مجالات النتائج المطلوب تحقيقها ( على مستوى إدارته هو ) ويمكن ان يتوصل إلى ذلك من قراءة بطاقة الوصف الوظيفي التقليدية الخاصة به . 
يصبح المطلوب أن يفكر المديرون كل على حدة وتحت إشراف خبير عن الأهداف المطلوب تحقيقها على مستوى المدير الواحد وبالتالي الأهداف الكلية على مستوى المنظمة ككل . 
وقد أثبتت التجربة أن هذه الطريقة ( البدء بالأهداف ) أقل خطرا من الطريقة المعروفة بالقوى المعوقة والقوى الدافعة حيث 
يطلب من المديرين في ضوء ذلك المنهج أن يذكروا المشكلات التي تواجههم ثم يقوموا بتصنيفها وتحديد أولوياتها كما يقومون بتحديد القوى الدافعة والمفروض أن يستغلوها في إحداث التغيير . 
قد يرى البعض أن البدء بأسلوب طرح المشكلات أو أسلوب القوى الدافعة والقوى المعوقة يحقق نتائج طيبة لأنه يشجع المديرين على طرح ما يضايقهم ولكن هذا المنهج يحمل معه مقومات تدميرية فالبداية بالمشكلات منهج خطير حيث يصعب في كثير من الحالات السيطرة على المشكلات الكثيرة المتعددة التي تظهر . 
إنني لا أحبذ بداية عملية التطوير التنظيمي من مدخل امشكلات ولكنني أحبذ بداية العملية من مدخل الأهداف . 
صحيح أن المدخلات سيلتقيان ولكن مدخل المشكلات ( القوى المعوقة والقوى الدافعة ) مدخل مخيب للآمال وتجربة الكثير من الناس في البلاد العربية وفرنسا خير دليل على هذه النظرية . 
إن الحماس الذي يخلقه سمنار ( الفعالية الإدارية ) عن الإمكانيات الموجودة عند كل مدير يقلل من مخاوفه عن التغيير ولقد ثبت أن هذا السمنار فعال من حيث أنه يكون ثقة بين المستشار الخارجي وطاقم المديرين في الشركة حيث كلنا نعرف أن كثيرا من المتغيرات التنظيمية لا يمكن الحصول عليها بالشكل التقليدي فالتنظيمات غير الرسمية وأنماط السلوك والمعايير وأنماط القيادات الإدارية ... إلخ لا يمكن معرفتها بتوجيه قائمة الأسئلة التقليدية إنها أشياء تطفو على السطح ويلاحظها الناس ولكنهم لا يتكلمون عنها في جلسات مفتوحة ( إلا في برامج تدريب الحساسية ونحن لا نفضلها لخطورتها ) 
فإذا نشأ هذا الحماس وتولدت الثقة مع المستشار الخارجي فإنه يصبح جاهزا الآن لاستخدام الإطار العام التالي للدراسة التشخيصية ( للديناميات التنظيمية ) وهو الإطار المبني على نموذج التنظيم الفعال .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لـ خدمات وحلول متكاملة للاعمال 2013 ©