إن مبدأ وحدة الرئاسة وهو مبدأ محوري في النظرية الكلاسيكية ينادي بأن يتلقى الشخص الأوامر والتعليمات والتفسيرات من شخص واحد ويكون مسئولا أمام ذلك الشخص .
إن ذلك مبني على فكرة أن الشخص لا يمكن أن يخدم إلا سيدا واحدا وإذا كان له أكثر من سيد واحد فإنه يصبح مرتبكا عندما تتعارض الأوامر المعطاة له أو عندما يتعارض ما يطلب منه .
إن مبدأ وحدة الرئاسة هذا والذي نادى به معظم علماء التنظيم الكلاسيكيون ( ماعدا تايلور ) يبدو واضحا ومقبولا من العقل ولكن تطبيقه الفعلي بعيد كل البعد عن الوضوح ويتعارض مع مبدأ التخصيص .
إن وحدة الرئاسة في هذا التنظيم يتطلب أن يكون رئيس حسابات الفرع تابعا للمدير المالي في المركز الرئيسي ويكون وجوده بالنسبة لمدير الفرع استشاريا .
لنفرض أن هناك رأيين حول أحسن طريقة لعرض بيانات التكاليف :
الرأي الأول رأي المدير المالي وهو متخصص في المحاسبة والتكاليف .. إلخ
الرأي الثاني : رأي مدير الفرع وهو الشخص الذي سيستخدم هذه البيانات .
ليس من الواضح هنا أي الرأيين أكثر ملاءمة
لنفرض أنه تم الأخذ برأي مدير الفرع على اعتبار أنه هو الذي سيستخدم هذه البيانات فهل يمكن القول أن رئيس الحسابات ( للفرع ) له رئيس واحد ؟ طبعا لا .
ولنفرض أن رئيس حسابات الفرع يعمل بصفة استشارية لإدارة الفرع ورأت إدارة الفروع ألا تأخذ بنصيحته فإن مزايا التخصص هنا تكون قد ضاعت .
ولنفرض أن الإدارة العليا أخذت بنصيحة رئيس حسابات الفرع بناء على عرض المدير المالي فإن معنى ذلك أن مبدأ وحدة الرئاسة قد تم كسره .
إن مبدأ وحدة الرئاسة قد تم كسره ولا يزال يضرب به عرض الحائط في حالات كثيرة فالدارس لتاريخ الاقتصاد الأمريكي يعلم أن شركة شل الشهيرة كانت تدار بأخوين هما ماركس وصمويل ( شركة تضامن ) وكان عراكهما يسمع بواسطة الموظفين دائما .
لننظر مثلا إلى تنظيم الولايات المتحدة الأمريكية إنها لا تعمل تحت النظام المسمى ( المراجعة والتوازن ) حيث لا يستطيع الرئيس الأمريكي إعطاء أوامر على الكونجرس ( وإن كان يستطيع التأثير عليه ) في الوقت الذي تستطيع فيه المحكمة العليا أن تحكم بعدم دستورية القوانين التي يصدرها الكونجرس .
ومن ناحية أخرى يستطيع الكونجرس إعطاء تعديل في الدستور وإذا قيل إن الشعب هو صاحب السلطة العليا فنجد أنه ليس للشعب في الواقع رقابة حقيقية فلا يمكن أن يعزل رئيس الولايات المتحدة مثلا .
فالتنظيم الأمريكي مبني على توزيع السلطة أي تنظيم يتم فيه التضحية بمبدأ وحدة السلطة الآمرة .
إن هيربرت سايمون ينادي بالتضحية بمبدأ وحدة الرئاسة إذا لزم الأمر أي عندما يجد أن الموقف يتطلب تدفقا رأسيا وأفقيا في الاتصال وأنه من الممكن أن يخدم الشخص سيدين إذا كان كل منهما لا يعمل هدفين متعارضين .
إن هيربرت سايمون يشير إلى فكرة رئيس حسابات الفرع السابق عرضها ويقول إنه لا يمكن إلا التضحية بوحدة السلطة الآمرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق