اختلفت الآراء حول
أهمية الموارد الطبيعية للتنمية الاقتصادية ، فبرغم أن الموارد الطبيعية كانت تعد
منذ وقت طويل من الدعائم الأساسية والمقومات الرئيسية للنجاح الاقتصادي ، إلا أن
الثورة التكنولوجية قد قللت من أهمية الموارد الطبيعية في التنمية الاقتصادية ،
فتوافر الموارد الطبيعية في بلد ما لم يعد يجعله غنيا ، كما أن عدم توافرها لدى
بلد ما لم يعد حائلا دون أن يصبح غنيا .
فباستثناء بعض
بلدان ذات كثافة سكانية ضئيلة تمتلك مقادير هائلة من البترول – فإن الموارد الطبيعية
كفت أن تكون مصدرا رئيسيا للميزة التنافسية .
فعلى سبيل المثال
أن 3% فقط من الأمريكيين يكسبون عيشهم عن طريق الزراعة وقطع الأخشاب وصيد الأسماك
والتعدين ، وكثير من بين هذه النسبة الضئيلة يعتبرون مزارعين هامشيين ، ويعملون
جزء من الوقت فقط .
ونجد أن الثورة
التكنولوجية قد تستخدم مقادير متناقصة من الموارد الطبيعية لكل وحدة من الناتج
القومي الإجمالي ، فأمريكا استخدمت في عام 1990 صلبا أقل مما كانت تستخدمه في عام
1960 ، على حين زاد ناتجها القومي الإجمالي خلال تلك الفترة بمقدار مرتين ونصف
المرة . وقد أحدث الانخفاض في الاستخدام انخفاضا حادا في أسعار المواد الأولية ،
فبعد استبعاد التضخم نجد أن أسعار المواد الأولية في عام 1990 كانت أقل بمقدار 30%
مما كانت عليه عام 1980 ، وأقل بمقدار 40% مما كانت عليه عام 1970 .
اليابان
أمكنها في الفترة من 1965 إلى 1985 زيادة إنتاجها الصناعي ضعفين ونصف دون أي زيادة
في المواد الخام أو في استهلاك الطاقة مما يعني أن المنتجات اليابانية في عام 1985
اعتمدت في تصنيعها على أقل نصف الخامات والطاقة التي تطلبتها مثليها قبل 20 سنة .
فمن
الملاحظ أن الابتكارات التكنولوجية تكشف باستمرار عن وجود موارد جديدة مما يضيف
إمكانيات جديدة للتنمية ويزيد من فرض استخدام الموارد الحالية .
إن ثورة
علم الموارد في طريقها إلى التسارع في الأعوام القادمة ، ويتوقع أن يحدث انخفاض
آخر في استخدام جميع الموارد الطبيعية النادرة تقريبا للوحدة من الناتج القومي
الإجمالي . بل إن نقص المواد الأولية على سبيل المثال قد يخفي وراءه – خاصة في
القرن 21 –ميزة في حد ذاته ، فاليابانيون لديهم أفضل صناعة للصلب في العالم على
الرغم من أنهم لا يمتلكون المواد الخام اللازمة لصناعته كالحديد والفحم ، ولكنهم
يصبحون بدرجة ما الأفضل لنفس السبب وهم لأنهم لا يملكون مثل هذه المواد الخام ،
حيث أنهم ليسوا محصورين في مصادر توريد محلية رديئة النوعية عالية التكلفة ، كما
أنهم ليسوا بحاجة إلى شراء الفحم البريطاني أو الحديد الأمريكي منخفض الجودة ، بل
باستطاعتهم أن يشتروا حيثما تكون الجودة والأسعار الأفضل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق