العلاقة بين السكان والموارد

تستمد دراسة السكان أهميتها من خلال بعدين : البعد الأول ويمثله جانب الطلب ؛ حيث يعد السكان قوة استهلاكية تضغط على الموارد المتاحة . فحجم السكان يعد أحد المحددات الأساسية لاستهلاك الموارد . فمن ثم لكي نفكر كيف يقوم منتج بعملية إنتاج سلعة ما أو خدمة معينة فإنه لابد له من أن يضع في اعتباره أولا وقبل كل شيء المستهلك الطالب لهذه السلعة ، أو السوق الذي سيصرف فيه منتجه النهائي ، وعلى ذلك تشكل الدراسات السكانية عنصرا هاما من عناصر دراسات الطلب على مستوى السلعة الواحدة أو على المستوى القومي .

أما البعد الثاني فيمثله جانب العرض ؛ حيث أن حجم السكان يعد هو المسئول الأول عن تحديد حجم القوى العاملة والتي تعتبر عاملا أساسيا من عوامل الإنتاج . أي أن البشر هم وسيلة لاستغلال الموارد الطبيعية ، أو عنصر من عناصر الإنتاج التي تساهم في إنتاج السلع والخدمات ، ومن ثم فهم وسيلة لكل نمو اقتصادي .

معنى ذلك أن أحد البعدين يمثل جانب الاستهلاك ، والآخر يمثل جانب الإنتاج . وعلى ذلك فإن المسألة السكانية تأخذ شكل علاقة تربط بين عدد السكان وصفاتهم من جانب وحجم الموارد الطبيعية والرأسمالية والمعرفة الفنية من جانب آخر . ولقد اعتاد معظم الكتاب على وصف هذه العلاقة بالمشكلة السكانية وذلك للإشارة إلى أن مكونات المسألة السكانية قلما تكون متناسبة فيما بينها .

ونجد أن لعدم التناسب وجهين ؛ فأحيانا يكون عدد السكان أكبر مما تتحمله الموارد وهو ما يسمى " بالتضخم السكاني " ، وأحيانا أخرى يكون عدد السكان أقل من العدد اللازم لاستغلال الموارد استغلالا كاملا وهو ما يطلق عليه اسم "الخفة السكانية " والتي يكون لها آثارا سلبية على الدخل ومستوى المعيشة . ولعل أبلغ دليل على ذلك أن الكثير من الدول التي تتوافر لديها موارد طبيعية كثيرة تعاني من انخفاض شديد في مستوى معيشتها ودخلها والذي لا يجد سببه بطبيعة الحال في حاجتها إلى الموارد وإنما يرجع بصفة أساسية إلى افتقارها إلى الأيدي العاملة اللازمة لاستغلال هذه الموارد ، وإلى عدم قدرة أسواقها المحدودة على إقامة المشاريع والمؤسسات الإنتاجية بالكفاءة المناسبة .