قبل التطرق إلى
دراسة الأدوات والتقنيات المستخدمة في التحليل الفني ، من الضروري تعريف التحليل
الأساسي في البداية ، ومناقشة المقاييس الفلسفية التي يعتمد عليها ، وتحديد بعض
الفروقات الواضحة بين التحليل الفني والتحليل الأساسي ، ومناقشة الانتقادات التي
تواجه طريقة التحليل الفني . دعونا نعرف في المقام الأول علم التحليل الفني ؛
فالتحليل الفني هو دراسة حركة السوق من خلال استخدام الرسوم البيانية بشكل أساسي ؛
وبذلك بغرض التنبؤ باتجاهات السعر المستقبلية . ويشمل مصطلح " حركة السعر
" على ثلاثة مصادر أساسية من المعلومات المتاحة في التحليل الفني ، وهي :
السعر ، حجم التداول ، العقود المفتوحة ( أو ما تسمى بالحقوق المفتوحة وهي تلك
الحقوق التي يتم استخدامها في عقود الخيار أو العقود المستقبلية ) .
يعتمد التحلي
الفني على ثلاثة مقاييس مختلفة :
1.
حركة السوق تحسم كل شيء .
2.
اتجاهات حركة السعر .
3.
التاريخ يعيد نفسه .
حركة السوق تحسم
كل شيء
تمثل الجملة
القائلة " حركة السوق تحسم كل شيء " ما يمكن أن يكون حجر أساسي للتحليل
الفني ، وإن لم يكن المغزى من المقياس الأول مفهوم ومقبول بالكامل ، لن يكون من
السهل فهم المقاييس التالية ويعتقد المحلل الفني بأن أي شيء يمكنه التأثير على
السعر ، ينعكس في الحقيقة على سعر السوق سواء كان ذلك الشيء يتعلق بالتحليل
الأساسي أو بالأحداث السياسية أو بالسيكولوجية أو خلاف ذلك . وبالتالي ، فإن كل ما
هو مطلوب هو دراسة حركة السعر . وعلى الرغم من الجرأة التي تبدو على هذه الفكرة ،
إلا أنها ستكون أكثر منطقية بعد التمعن في معناها الحقيقي بشكل كاف .
هذا ويعتقد جميع
المحللين الفنيين أن حركة السعر ماهية إلا انعكاس للتغيرات التي تطرأ على العرض
والطلب ، فإذا تفوق الطلب على العرض يرتفع السعر وإذا تفوق العرض على الطلب ينخفض
السعر وهذه الحركة هي أساس جميع التنبؤات الاقتصادية . وإذا أعاد المحلل الفني
التفكير في هذه العبارة سيصل إلى النتيجة القائلة بأنه في حالة ارتفاع السعر –
مهما كانت أسباب ارتفاعه – لابد وأن يتفوق الطلب على العرض وأن يضارب المحللون الأساسيين
على اتخاذ السعر للاتجاه التصاعدي .
وعلى العكس ،
سيضارب المحللون في اتخاذ السعر للاتجاه التنازلي في حالة انخفاض السعر . وعلى
الرغم من أن هذا التعليق الأخير عن التحليل الأساسي قد يثير الدهشة ، في سياق
مناقشتنا حول التحليل الفني إلا أنه لا يوجد داعي للدهشة ، وذلك لأن المحلل الفني
يقوم عادة بدراسة التحليل الأساسي وإن كان ذلك بشكل غير مباشر . وقد يتفق أغلب
المحللين الفنيين على أن قوى العرض والطلب والتحاليل الأساسية الاقتصادية للسوق قد
ينتج عنها ظهور ما يسمى بالسوق التنازلي أو السوق التصاعدي .
وبالتالي يمكن
القول بأن الرسوم البيانية للأسعار لا تتسبب في حد ذاتها في تحرك السوق للأعلى أو
للأسفل ، وإنما تتلخص بوظيفة هذه الرسوم ببساطة في عكس سيكولوجية السوق سواء كانت
لصالح الاتجاه التصاعدي أو الاتجاه التنازلي .
وكقاعدة عامة ، لا
يهتم خبراء البورصة الذين يعتمدون على رسوم الأسعار البيانية في تنبؤاتهم بأسباب
ارتفاع أو انخفاض الأسعار . وفي الغالب لا يبدو أن هناك من يكون على دراية في
السوق بالسبب الذي يرجع إليه أداء السوق يمثل هذه الطريقة في المراحل الأولى
للاتجاه الذي يتجه السعر .
وفي الوقت الذي
تبدو فيه طريقة التحليل الفني أحيانا بسيطة جدا في أفكارها ، يصبح المنطق الذي
يرتكز عليه المقياس الأول – أن الأسواق تحسم كل شيء – هو أكبر خبرة يمكن للتجار
اكتسابها من السوق . وبالتالي ، إذا كان كل ما يؤثر على سعر السوق ينعكس عليه في
النهاية فإن كل ما هو مطلوب هو دراسة هذا السعر .
وعن طريق دراسة
الرسوم البيانية للسعر ومجموعة المؤشرات الفنية المدعمة لحركة السعر ، يعلم خبير
البورصة الذي يعتمد على الرسم البياني في تنبؤاته ما هو الطريق الذي من المتوقع أن
يتخذه السوق . وتمثل جميع أدوات التحليل الفني التي سيتم مناقشتها لاحقا تلك
التقنيات التي تساعد خبير البورصة الذي يعتمد في تنبؤاته على الرسم البياني في
عملية دراسة حركة السوق . وعلى الرغم من معرفة الخبير الذي يعتمد على الرسم
البياني بأنه يوجد أسباب يتحرك السوق على أساسها للأعلى أو للأسفل ، إلا أنه ليس
من المعتقد وجود ضرورة للإلمام بهذه الأسباب في عملية التنبؤ .
تحرك الأسعار في
اتجاهات :
مما لا شك فيه أن
مفهوم الاتجاه يعتبر شيء أساسي في طريقة التحليل الفني . وإن لم يتمكن المرء من
قبول فكرة أن الأسواق تتحرك في اتجاه حقيقي ، لن تكون هناك فائدة من التنبؤ
بالحركة المستقبلية . ويرجع الهدف من رسم حركة السعر كرسم بياني إلى تحديد
اتجاهاته في مراحل تطوره الأولى ، وذلك بغرض التداول على أساس تلك الاتجاهات . وفي
الحقيقة ، تتخلص معظم التقنيات المستخدمة في تلك الطريقة في تتبع الاتجاه الحقيقي
، الأمر الذي يعني أن هدف هذه التقنيات هو تحديد الاتجاهات القائمة وتتبعها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق