ترجع نشأة صناديق
الاستثمار نتيجة لظهور شركات الاستثمار في القرن التاسع عشر في هولندا ، ومنها
انتقلت إلى فرنسا ومن ثم إلى بريطانيا ، والتي كانت آنذاك في مقدمة الدول الصناعية
. وظهرت صناديق الاستثمار الأول مرة في الولايات المتحدة في نهاية الثلاثينات من
القرن الماضي ، وقد صدر قانون خاص لتنظيم تكوينها ونشأتها وإدارتها في العام 1940
، والذي عرف حينئذ بقانون شركات الاستثمار ، وقد تكورت صناديق الاستثمار وازدهرت
بشكل غير مسبوق في الولايات المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الثانية . كما تطورت صناعة
صناديق الاستثمار في الأسواق المالية بصورة متسارعة خلال العقد الأخير من القرن
الماضي ، وتزايدت أعدادها وتنوعت وظائفها ، وبرز الأداء الجيد لها كدليل على
تفوقها على غيرها من الأدوات والمجالات الاستثمارية الأخرى .
وتكمن أهمية
صناديق الاستثمار ، وخصوصا في الدول النامية ، في أنها توفر للمستثمر ذي المدخرات
المحدودة فرصة استثمارية جيدة ، وذلك لعدم إمكانية استثماره في الأوراق المالية
نظرا لعدم كفاية مدخراته لشراء تشكيلة من تلك الأوراق ، والتي من شأنها المساهمة
في تخفيض المخاطر التي يتعرض لها ، وعليه يصعب على صغار المستثمرين تحقيقه . ومع
ذلك فقد لا تعتبر محدودية الموارد سببا للإحجام عن الاستثمار المباشر في الأوراق
المالية ، ولكن هناك من لديه تلك الموارد ونظرا لعدم توافر الخبرة والمعرفة
اللازمتين لإدارة مثل هذه التشكيلة أو لعدم توفر الوقت الكافي لديهم .
وبناء عليه ،
وتلبية لاحتياجات هؤلاء المستثمرين ظهرت شركات متخصصة في بناء وإدارة تشكيلات
(صناديق ) من الأوراق المالية ، وهو ما يطلق عليه المحافظ العامة أو صناديق
الاستثمار بما يتلاءم مع ما لديهم من موارد مالية . ولذا فإنه هناك ضرورة لتوفر
مثل هذه الأدوات ، ولذلك لأهميتها في تحريك تنشيط السوق وإيجاد واستقطاب صغار
المدخرين والمستثمرين ، وأولئك الذين لا تتوفر لهم الخبرة اللازمة لاستثمار
أموالهم في مشاريع استثمارية تعود على هؤلاء المستثمرين بالمنفعة والعائد المرضي
بصفة خاصة وعلى الاقتصاد الوطني بصفة عامة ، ويمكنها أن تساهم في تنشيط سوق
الأوراق المالية .
إن تطور الأسواق
المالية يرتبط بمدى الإصلاحات الجذرية في المجال المالي ، ومدى تبلور فلسفة
اقتصادية واضحة تؤمن بأهمية دور القطاع الأهلي ( الخاص ) في عملية التنمية ، وما
يقتضيه ذلك من إتاحة الفرصة أمام هذا القطاع ليؤدي دوره في الحياة الاقتصادية ،
ولأن كفاءة الأسواق المالية تقاس في المقام الأول بمدى مقدرتها على تعبئة المدخرات
وتوجيهها نحو أوجه التوظيف المختلفة ، فإن مقتضى ذلك هو توفر مناخ استثماري مشجع
ومطمئن قادر على اجتذاب واستيعاب الأموال المعروضة للاستثمار .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق