لقد ظل الاقطاع يحكم أوروبا أكثر من ألف عام في ظل
الامبراطورية الرومانية والقانون الروماني ولم تغير المسيحية شيئا من سماته في هذه
الناحية لأن الكنيسة لم تحاول تطبيق شريعة الله وتركت الأوضاع السياسية
والاقتصادية والاجتماعية تجرى على ما كانت عليه في ظل الامبراطورية الرومانية دون
تعديل يذكر بل وأنها كانت حينا تنازع الملوك والأباطرة سلطانهم ولم يكن ذلك من أجل
الزامهم بتحكيم شريعة الله كما فعل المسلمون في الأرض التي حرروها من قبضة الرومان
في مصر والشام والشمال الأفريقي ... وإنما كان أجل الزامهم بالخضوع لهواها
وسلطانها الشخصي .
وفي ظل الاقطاع لم يكن للشعب وجود إلا بوصفه قطعا آدمية
لاصقة بالطين لا كرامة لها ولا حقوق .
ولكن مع بداية القرن الخامس عشر شهدت أوروبا بداية
التحول نحو مرحلة جديدة من مراحل التغيرات الاقتصادية حيث أصبحت الطبقة الرأسمالية المتألفة من كبار التجار وأرباب
الحرف ورجال الأعمال هي الطبقة الجديدة التي صار المال في يدها بدلا من طبقة
الاقطاعيين بسبب انتقال الانتاج تدريجيا من إنتاج زراعي إلى انتاج صناعى .
وقد تمكنت هذه الطبقة من السيطرة على إدارة المدن ثم
إدارة الدولة وانتزاع السلطان من يد الطبقة المالكة السابقة والتي كان في يدها
السلطان .
وقد ازدهرت أهمية التجارة خاصة بعد اكتشاف القارة
الأمريكية والتي كانت غنية بالذهب والفضة . كما ازدادت أهمية التجارة الخارجية مع
الشرق الأقصى والأوسط ومن ثم ازداد ثراء طبقة التجار ونشاطهم التجارى والمالى داخل
بلادهم .
وقد سُمى هذا النظام بعد أن اتضحت معالمه في النصف
الثانى من القرن الخامس عشر بالنظام الرأسمالى . ولما كانت التجارة هي النشاط
الرئيسي لهذا النظام حيث كانت الصناعة تابعة للتجارة وفي خدمتها فقد أطلق على
رأسمالية هذه الفترة اسم " الرأسمالية التجارية "
وقد كانت الدولة التجارية ( المركنتيلية ) دائما تسعى
وراء القوة السياسية في الصراع العالمى القائم وهذه القوة تعتمد كلية على حالة
الدولة الاقتصادية فتزداد الدولة قوة إذا كان لها نشاط صناعى متعدد وفي نمو مستقر
وكذا إذا انتعشت تجارتها الداخلية والخارجية وأيضا إذا كان لديها أسطول تجارى كبير
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق