لقد طور صندوق النقد الدولى مبدأ المشروطية في مجال حقوق
السحب لفرض رقابة على اقتصاديات الدول الأعضاء في حال العجز الكبير في ميزان
المدفوعات كما طور البنك أيضا هذا الاتجاه في مجال القروض والمساعدات وقد حدث تطور
مهم في عمل هاتين المؤسستين على أثر قرارات مجلس الإدارة عام 1979م من خلال
تأكيدها على مبدأ المشروطية وتطبيق مفهوم التصحيح الهيكلي وتوسيع نطاق التعاون
فيما بين الصندوق والبنك في مجال الرقابة على السياسات الاقتصادية والتزام الدول
المدينة بها والتدخل في إعدادها ضمن إطار برامج التثبيت والتكيف الهيكلي
وقد توسعت صلاحيات كل من صندوق النقد الدولي والبنك
الدولى على أثر أزمة المديونية التي ظهرت في عقد الثمانينات فأصبحت الفرصة مواتية
لتطبيق برامج التكيف الهيكلي وجرى الربط بين إعادة جدولة الديون ومنح قروض جديدة
مساعدة وتطبيق برامج التكيف الهيكلي .
وقد عرفت الساحة الدولية كثيرا من المنظمات دولية النشاط
مثل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ومنظمات غير حكومية مثل نادي روما وملتقى
دافوس وغيرهم عشرات من المؤسسات والمعاهد البحثية تمارس أنشطة متعددة ذات تأثير وفاعلية
والتي تقوم بنشر مفاهيم وأيدلوجيات موحدة لتشكل تيارا فكريا وسياسيا ضاغطا على
الباحثين وصانعي القرار ، وكانت الأيدلوجيات الحديثة هي نشر أفكار الرأسمالية
عابرة القوميات تحت مسمى العولمة .
فهذه الرأسمالية الجديدة تحاول تشكيل نظام عالمي جديد
يدور حول منظومة قيم الليبرالية الغربية وفرضه على العالم بأسره مستفيدة من ذلك من
المتغيرات التي تحدثها العولمة من جانب ومن امتلاكها لعناصر القوى المعرفية
والتكنولوجية والاقتصادية من جانب آخر .
أخيرا نجد أنه طالما أصبحت العولمة حقيقة واقعة فإنه
يتعين على جميع الدول الاستجابة والتفاعل مع متطلبات العولمة ولاشك أن تحقيق ذلك
ليس بالأمر اليسير وإنما يتطلب تخطيطا استراتيجيا بعيد المدى يستند على عدة دعائم
في مقدمتها تبني نهضة تكنولوجية شاملة لمواكبة نتائج الثورة التكنولوجية الهائلة
التي يشهدها العالم لاسيما في مجال المعلومات والاتصالات والتي كانت من أهم
العوامل التي ساعدت على ترسيخ مفهوم العولمة وهذه النهضة لن تتحقق بدورها دون
إعادة النظر في نمط التعليم وسياساته حيث يعتبر التعليم هو أساس النهضة ومحورها
ولنا في تجارب الدول المتقدمة ونظمها التعليمية خير مثال على ذلك حيث اهتمت
بالتركيز على الاستيعاب لا التلقين وبالبحث العلمى وتنمية ملكات الاختراع
والابتكار .
كذلك ينبغي تطوير مناهج التدريب لملاحقة التطورات
التكنولوجية في مختلف المجالات لإعداد وتجهيز القيادات القادرة على مواجهة تحديات
العولمة باعتبار العنصر البشري من أهم عناصر النجاح والتقدم بجانب العناصر الأخرى
التي من أهمها تطوير الانتاج ورفع كفاءته مع الالتزام بمعايير الجودة العالمية
وفتح أسواق جديدة وعلى ذلك فإن الاعداد الصحيح والجيد لخوض غمار العولمة يتم من
خلال تنمية القدرات التنافسية لاقتصاد الدولة للحصول على نصيب أكبر من حجم التجارة
الدولية واستثمار المزايا التنافسية التي تحقق فرصا أفضل في حلبة المنافسة الشرسة
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق