free counters

دور الشركات متعددة الجنسية في الحركة الدولية لرأس المال

| |


دور الشركات متعددة الجنسية في الحركة الدولية لرأس المال
أ‌-       ظهور الولايات المتحدة الأمريكية كقوة اقتصادية:
لقد اتخذت الحركة الدولية لرأس المال International Capital Movement حركة تتناسب مع الوضع الاقتصادي العالمي الذي ساد بعد الحرب العالمية الثانية. هذا الوضع ساهم في خلق قوى لاقتصادية جديدة. واختفاء قوى اقتصادية كانت مسيطرة لفترة طويلة. فلقد خرجت أوروبا من الحرب ضعيفة مهدمة وترتب على هذا الوضع عدة مشاكل مالية نتيجة حاجة أوروبا الماسة إلى رؤوس الأموال لإعادة البناء والتعمير. وظهور الولايات المتحدة الأمريكية كصاحبة أقوى اقتصاد قومي. وبالتالي بدأت تحل محل إنجلترا في احتلال مكان الصدارة في الاقتصاد العالمي. ولقد ساعد على هذا الوضع تدفق رأس المال الأوروبي ولا سيما الذهب إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك نتيجة خوف أصحاب رأس المال من الحرب التي كانت دائرة بين النازي الألماني وبين دول المحور، مما جعل الولايات المتحدة تمتلك أكبر رصيد ذهبي في العالم يضاف إلى هذا أن الولايات المتحدة أصبحت الدولة الدائنة الأولى لأوروبا، وصاحبة أكبر قلعة صناعية في العالم، تساعدها على إمداد العالم كله بالسلع والمنتجات مما أعطى لعملتها الوطنية مكانة مرموقة في العالم وأصبح الدولار هو العملة التي احتلت مكان الإسترليني، ليلعب دور العملة الرئيسية في العالم، وعملة الاحتياطيات الدولية، الأمر الذي جعل الدولار له نفس القوة التي أخذها الذهب.
ب‌-   فجوة الدولار ومشروع مارشال:
ونتيجة هذا الوضع ظهرت بين أوروبا وأمريكا فجوة مالية كبيرة عبر عنها كتاب ذلك الوقت "بفجوة الدولار" Dollar Gap والتي تمثلت في الفروق المالية بين أوروبا التي تحتاج إلى أموال وفيرة للتنمية وإعادة بناء ما خربته الحرب، وبين أمريكا الدولة ذات الاقتصاد القائد عالميا والتي تمتلك عملة ذات قوة تحويلية كبيرة، ولقد دفع هذا الوضع الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاضطلاع بمسؤولياتها في التخفيف من حدة هذه الفجوة، وظهرت الترجمة الفعلية لهذه الرغبة في "مشروع مارشال" لإنعاش الاقتصاد الأوروبي الغربي. وكان نتيجة هذا المشروع "إمداد أوروبا بملايين الدولارات لإعادة بناء البنية الأساسية لإقامة الصرح الرأسمالي الأوروبي، يقصد الوقوف بصلابة أمام الزحف الشيوعي القادم من الشرق والذي يتزعمه الاتحاد السوفيتي، والذي شهد سقوطا في بداية التسعينات من القرن العشرين.
جـ-تشجيع الاستثمارات المباشرة ودور الشركات المتعددة الجنسية:
ولذلك شجعت أمريكا حركة الاستثمارات المباشرة في أوروبا عن طريق الشركات المتعددة الجنسية. وكان طبيعيا بعد ذلك أن تحتل الشركات المتعددة الجنسية مكانة هامة في هيكل التجارة الدولية، وفي حركة تدفقات رؤوس الأموال الأمريكية للخارج، وتقوية دعائم الاستثمار الدولي، وتلعب الشركات المتعددة الجنسية دورا هاما في الاستثمارات الدولية، فلقد بلغت مقدار الأموال السائلة المتواجدة لديها متمثلة في الذهب والصرف الأجنبي ضعفي الاحتياطي الدولي منهما، كما تؤدي هذه الشركات دورا في الحركة النقدية العالمية ولقد ساعد وجود هذه الشركات على انتشار منافسة القلة واحتكارها للسوق العالمي في كثير من الصناعات مثال ذلك سيطرة شركة IBM على أكثر من 40% من السوق العالمي للحاسبات الآلية، كما تسيطر ثلاثة شركات أمريكية على حوالي 50% من السوق العالمي للسيارات. وفي نفس الوقت فإن الشركات متعددة الجنسية تسيطر على قطاعات كثيرة من قطاعات الإنتاج في مقدمتها: الآلات الحاسبة والكمبيوتر، والصناعات البتروكيماويات، والكيماويات وصناعة الآلات، وصناعات استخراج البترول وتكريره والصناعات الغذائية. كما قامت بعض هذه الشركات بالسيطرة على وحدات الإنتاج في البلاد التي يكون لها فروع بها كما كان الحال في شيلي في أواخر الستينات حيث سيطرت 22 شركة من الشركات متعددة الجنسية على أكثر من 50% من الشركات الصناعية الوطنية بالبلاد.
د-تعاظم دور الشركات المتعددة الجنسية:
ويمكن إعطاء الكثير من الأمثلة على تعاظم الدور الذي تعلبه الشركات المتعددة الجنسية وتأثيرها الكبير على العلاقات الاقتصادية الدولية فلقد بلغ إجمالي المبيعات في شركات جنرال موتورز في عام 1973 ما يفوق قيمة الناتج القومي الإجمالي لكل من سويسرا وباكستان وجنوب أفريقيا، كما تفوقت مبيعات شركة شل الملكية على الناتج القومي الإجمالي لكل من إيران وفنزويلا وتركيا في نفس العام. كما أشار أحد تقارير لجنة الشؤون المالية بالكونجرس الأمريكي إلى وجود ضغط على السوق المالي مع بعض الشركات متعددة الجنسية الأمر الذي يسهم في خلق نوع من القلق للبنوك المركزية، حيث أن أرصدة هذه الشركات لا يمكن السيطرة عليها في كل الأسواق ولا سيما تلك التي تخرج عن نطاق سيطرة البنوك المركزية في البلد الأصلي للشركة، ولقد بلغت الأرصدة التي تمتلكها هذه الشركات أكثر من 278 بليون دولار.
ومن أبرز الأمثلة على النتائج، ما أقد عليه المدير المالي لشركة Singer في 15/8/1971 وذلك بطرح 20 مليون دولار للبيع في سوق النقد الدولي ما قبل فرنكات سويسرية وجنيهات إسترلينيه، الأمر الذي دفع بكثير من الشركات إلى تقليده مما ساهم في إضعاف العملة الوطنية الأمريكية "الدولار" ومما يزيد الأمر صعوبة أن هذه القرارات قد اتخذت في الوقت الأمر الذي كان الرئيس نيكسون يعد فيه برنامج لتحسين الدولار والذي أعلنه بعد قرارات المدير المالي لشركة سنجر بعدة أيام.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لـ خدمات وحلول متكاملة للاعمال 2013 ©