free counters

البيئة المالية :المنظمات الاقتصادية والمالية الدولية

| |


البيئة المالية الدولية ساحة عريضة تتدفق فيها الأموال بأحجام هائلة ومتزايدة . واللاعبون الأساسيون فيها هم السلطات النقدية في كل بلد ، والمؤسسات المالية الدولية والإقليمية والبنوك والشركات العالمية والمحلية والأفراد والمؤسسات المحلية ، وكل هؤلاء يتفاعلون في الأسواق المالية العالمية المرتبطة بشبكات اتصالات معقدة وآنية . وفي هذا الجزء ، سنلقي نظرة سريعة على هذه المساحات لأخذ فكرة عن هؤلاء اللاعبين ومسرحهم . وسنرصد في موضوعات تالية بداية المنظمات الدولية ، ثم نتعرض للأسواق المالية في الفصل القادم . وقد قسمنا المنظمات طبقا لمجالها الذي تعمل به 
أكمل القراءة Résuméabuiyad

التفاوض والفوارق الثقافية

| |

التفاوض هو الاتفاق على تضييق الخلافات ، والوصول إلى نتيجة يرضاها الطرفان المتفاوضان من خلال الحوار والأخذ والرد . والتفاوض يقوم به الجميع حتى في الحياة العادية من المفاصلة مع البائعين ، إلى محاولة إقناع صديق بمشاهدة مباراة في التلفاز بدلا من الاستاد ، في دنيا الأعمال هناك التفاوض مع العاملين حول شروط الخدمة ، أو مع المزودين حول أسعار المواد ، إضافة إلى التفاوض حول شروط الصفقات مع العملاء أو مفاوضة الشركاء والحلفاء . الخ . وفي الأعمال الدولية ، نتعرض إلى مثل هذه المواقف وأكثر . غير أن ما يميزها عن الأعمال المحلية هنا ، هو أننا كثيرا ما نجد أنفسنا نتفاوض مع أناس من ثقافات مختلفة , حقيقة التفاوض مجال احتكاك بشري وجها لوجه ، يحاول كل طرف فيه أن يعطي الآخر رسالة معينة ، ويتواصل معه أو ربما يحاول أن يخفي منه شيئا بل يجاهد لكي لا يكشف كل أوراقه بإيماءة أو حركة لا إرادية . هذا الاحتكاك يستوجب أن نفهم ماذا يعني الآخرون بسلوكهم أو قولهم ، حتى نصل إلى اتفاق مرضي للطرفين ، وعلينا أن نعرف ونفهم رد فعلهم ليس فقط لما نعرض عليهم ، بل للطريقة التي نعرضه بها .للتفاوض عدة مراحل ، تبدأ بالإعداد للتفاوض ، ثم العملية التفاوضية نفسها ، ثم الاتفاق ، ثم التنفيذ . والإعداد والتخطيط للتفاوض يعنيان دراسة وضعك وإمكاناتك وأهمية الموضوع لك ، ولمنشآتك ، كما تدرس وضع الطرف الآخر ، وأهمية الأمر له ، ثم تحدد الحد الأدنى الذي ستقبله ، والحد الأقصى الذي ستسعى للاقتراب منه ، وبعد ذلك تحدد استراتيجيتك التفاوضية ، هجومية كانت أم تعاونية أم دفاعية وأخيرا تختار فريقك . كل هذا ضروري على المستوى المحلي ، وعند التفاوض مع جنسيات مختلفة يتطلب الأمر منك جهدا إضافيا . وفيما يختص بمدى الاهتمام بالإعداد والتخطيط للتفاوض بين الجنسيات المختلفة فقد وجدت بعض الدراسات التي استعرضها أحمد والعالي (1996م) أن نصف المفاوضين المكسيكيين لا يعدون للتفاوض ، وأن المفاوض البريطاني في هذا المجال لا يبذل الجهد الكافي بينما المفاوض الأمريكي ، هو صاحب أكثر الأساليب فعالية . وقد بحثت الدراسة الأخيرة الفروقات في الأهمية التي يوليها المدير السعودي ، والمدير العربي غير السعودي في السعودية للإعداد للتفاوض ، فلم تجد فروقات تذكر ، وكلاهما يرى أن الإعداد جد مهم .
وفيما يختص بالعملية التفاوضية نفسها ، فقد لاحظ بعض الدارسين أن الجنسيات تختلف في سلوكها خلال العملية ، وفي هذا الصدد كتب أحدهم أن أسلوب المفاوض الأمريكي مقارنة بالمفاوض العربي يتسم بالتركيز على النهج المنطقي ، بينما يميل المفاوض العربي إلى أن استخدام الخطاب العاطفي وأن الأخير ينظر إلى المواعيد على إنها مجرد مؤشرات عامة ، وأنه يميل إلى اتخاذ موقف متطرف ، لكنه يؤمن بالتنازل ويتوقع ذلك من الطرف الآخر . كذلك يسعى المفاوض العربي إلى بناء علاقات طويلة الأجل مع الطرف الآخر ، ولهذه الأسباب يجد المفاوض الأمريكي أن التفاوض مع العربي مريح أكثر من التفاوض مع جنسيات أخرى عديدة . أما بعد الفروق الثقافية الأخرى ، فهي في حجم السلطة الممنوحة للمفاوض ، حيث لدى المفاوض الأنجلو ـ ساكسوني عادة سلطة لعقد الاتفاق أكثر مما لدى المفاوض الشرقي الذي كثيرا ما يتوقف طالبا مراجعة رئيسه في الوطن ، الشيء الذي يتضايق منه المفاوض العربي ، ويراه مضيعة للوقت . كذلك يهتم المفاوض الغربي بالجانب العملي ، ويود أن ينهي العملية في أسرع وقت ، بينما يهتم المفاوض الشرقي بالإكراميات ومعرفة الطرف الآخر ونظرته طويلة المدى . وعلى ذكر الإكراميات ، في بعض الثقافات حمل الهدايا للمفاوض ضرورة أساسية . أما من حيث اللغة ، فهي تمثل إشكالية خاصة إذا كانت هناك حاجة لمترجم مما قد يخلق سوء فهم . وبينما يميل الغربيون إلى التوثيق وتفصيل كل شيء يفضل الشرقيون اتفاقا عاما دون تفاصيل .

التفاوض أصبح علما يدرس في الجامعات والمعاهد ويتم التدريب عليه وعلى خطواته المختلفة لكن يظل التفاوض بين الجنسيات المختلفة في حاجة إلى مزيد من الدراسات .
أكمل القراءة Résuméabuiyad

عناصر البيئة الثقافية للأنشطة التجارية الدولية

| |

تنقسم العناصر الرئيسية التي سنركز عليها إلى ثلاثة عناصر ذات أثر محسوس على القرارات والممارسات ، وهي عناصر فيزيقية ( طبيعية ) ، ثم عناصر ديمغرافية ، وأخيرا العناصر السلوكية . وسنناقش كل مجموعة بمفردها ، ثم نستعرض بعض أساليب المواءمة بينها وبين الممارسات الإدارية .
العناصر الفيزيقية :
وهذه بدورها تتعلق بمجموعتين رئيسيتين هما :
عناصر الطقس والمناخ : من حر وبرد وأمطار وجفاف ، وهذه أثر واضح في تحديد الحاجات الإنسانية ، ونوع السلع المطلوبة . وهي تشمل أشياء ظاهرة مثل عدم جدوى الترويج للملابس الصوفية الثقيلة في المناطق الحارة، إلى ضرورة تصميم السيارات والمكيفات لتلائم الطقس السائد في منطقة السوق الذي تستهدفه . هناك أيضا نظريات عن أثر الطقس والمناخ على المزاج ، مثلما نجد عند ابن خلدون ، من أن المناخ دائم الحرارة يولد الطيش والانبساط بينما يدعو الطقس البارد للكآبة والتأمل . وإذا صح ذلك ، فالمناخ يؤثر على المزيج التسويقي المختار في كل بلد بدون شك ، علما بأن انتشار تكييف الهواء يقلل من الفوارق بين المناخات المختلفة ، ومن ثم في السلوك البشري .
الخصائص الجسدية والمظهر الخارجي : يدرس علماء الأجناس المقاييس الجسدية في كل مجموعة بشرية ، حيثما تختلف الجماعات البشرية في أشياء مثل الطول والوزن واللون وأشكال الجسم وفصيلة الدم ودرجة مقاومة الأمراض ، وقد تكون أسباب الاختلاف وراثية أو غير وراثية . ولا تستطيع منشأة أن تتجاهل هذه الفروق والتي تنعكس في تصميم السلع مثل الملابس والأثاث والأحذية والماكينات والسيارات ، من حيث بعد المقود من المقعد ، ووضع الأزرار والمقابض والكابح بالنسبة لطول الفرد ومتوسط عرض الصدر وذلك في حالة السيارة . وقد فقدت شركات أسواقا لأنها نسيت أن تكييف منتجاتها من الملابس مع مقاييس مواطني السوق الذي أرادت أن تغزوه . وهنالك علم حديث يبحث في تصميم السلع لتلائم الخصائص الجسدية للبشر في كل بلد هو علم الهندسة البشرية يمكن الاستفادة منه داخليا وخارجيا . كذلك يجب ملاحظة أن هذه الخصائص ليست ثابتة . فقد لوحظ أن طول الفرد في الدول الصناعية مثلا ، يزداد عبر السنين ، خاصة في اليابان كما ينبغي ألا نعامل المجموعات البشرية وكأنما هي متطابقة ، كالقول بأن الآسيويين كلهم متشابهون ، أو إن الأفارقة كلهم طوال ، فهناك فروقات ما بين الكوري والتايلاندي ، وما بين الغاني والكيني .
الثقافة المادية : وتشمل هذه كل شيء من صنع الإنسان من السكين إلى الأهرام . ما هي الأدوات والعدد والآليات التي يستخدمونها وما مدى تنوعها ، كيف يصنعونها ( أي تقنية يستخدمون ) ؟ ولماذا يصنعونها ؟ وما النشاط الاقتصادي الذي تستخدم فيه ؟ وتشمل الثقافة المادية البني الهيكلية الموجودة في المجتمع ومع إنها من صنع الإنسان لكنها تشكل سلوكه .  وإذا أخذنا أداة بسيطة كالسكين فإن أنواع استخدامها في الأكل ، في تحضير الطعام ، في الصناعة ( ونوعها كهربائي – عادي ) تعكس لنا أشياء كثيرة عن ثقافة أهل البلد ومستوى التقنية فيه ومدى تحكمهم في بيئتهم كما تعكس قيمهم والاهتمام بالمعمار والفنون التشكيلية وأشكال المباني وحجمها وطولها ، كلها لها مدلولات مختلفة كما أن البني الهيكلية الموجودة تحدد نوعية السلع التي تستخدم في القطر وبالتالي تحدد أسلوب الحياة فيه . 
العناصر الديمغرافية : 
تصنف العناصر الديمغرافية السكان في كل بلد بخصائص معينة لها أثر ليس بالهين على الأسواق والممارسات في كل بلد . أهم هذه الخصائص هي : 
(أ) معدل السكان : 
يؤثر معدل النمو ليس فقط على حجم السكان مستقبلا ولكنه يؤثر أيضا على تركيبة السكان الحالية . معدل النمو العالي يعني وجود نسبة كبيرة من السكان في الأعمار الدنيا أي وجود نسبة كبيرة من الأطفال والمراهقين مما يقود إلى ازدياد الطلب على السلع التي تستخدمها تلك الفئات . والبلدان النامية عادة ذات معدلات نمو مرتفعة ، أما البلدان الصناعية ففيها معدلات نمو منخفضة مما قاد إلى تقلص أسواق السلع التي تستخدمها فئات الأطفال والمراهقين كالحفاظات ولبن الأطفال وأغذية الأطفال الشيء الذي جعل الشركات في تلك المجالات تبحث عن أسواق لها في الدول النامية كذلك وجدت تلك الدول أن أعداد التلاميذ في المدارس في انخفاض وتتهيأ كثير من الجامعات في الدول الغربية إلى النقص في أعداد الطلاب في الجامعات  بل بدأت تسعى إلى استقطاب الطلاب الأجانب وفتح فروع لها في الدول الأخرى وفي نفس الوقت تنشط شركات الكتب المدرسية والأثاثات التعليمية في البحث عن أسواق جديدة في الدول النامية أو التحول لسلع أخرى . في غضون ذلك تجد تلك المجتمعات الغربية نفسها قد غدت مجتمعات أناس متقدمين في الأعمار ، الشيء الذي يؤثر على الذوق العام فيها وعلى أساليب العمل والإنتاج ويجعلها تميل إلى استخدام التقنيات الحديثة بدرجة متزايدة لتعويض النقص في الأيدي العاملة الشابة . 
(ب) حجم الأسرة : 
يختلف حجم الأسرة بين البلدان فبينما تعني الأسرة في البلدان الغربية الأسرة ( النواة ) أو الأسرة المباشرة ( الأب والأم والأطفال ) نجد الأسرة الممتدة في الدول النامية تشمل ( الجد والجدة والأعمام والخالات وأبناء العمومة ) ليس ذلك فحسب واعتمادا على معدل النمو السكاني نجد حجم الأسرة النواة نفسها في البلدان الصناعية ذات معدل النمو المنخفض نجد متوسط ذلك الحجم صغيرا بينما نجد متوسط الحجم كبيرا في الدول النامية . وتختلف الدول الصناعية نفسها فيما بينها من حيث متوسط الحجم فحجم الأسرة الايطالية أكبر منه في الأمريكية مثلما يختلف ذلك المتوسط بين الدول النامية يؤثر حجم الأسرة على حجم البيوت والأثاث المطلوب كما يؤثر على حجم العبوة المرغوب في تصميم السلع من ناحية إدارية من السهل نقل الموظف ذي الأسرة الصغيرة إلى موقع آخر في بلد آخر أو داخل نفس البلد بينما يصعب ذلك في البلدان ذات الأسر الكبيرة الحجم وحتى قيمة الحوافز المالية لها وقع مختلف إذا كانت ستوزع على أفراد الأسرة الكبيرة مما لو كانت ستوزع في أسرة صغيرة وبذا يختلف فعالية الحوافز وكذلك الحجم الأسري له دور فيمن يتخذ قرارات الشراء داخل الأسرة . 
(ج) التعليم : 
يؤثر مستوى التعليم في البلد على الذوق العام وبالتالي على النمط الاستهلاكي ، ونوعية السلع المرغوبة مثلما يؤثر على فاعلية الوسائل الترويجية المختلفة والقنوات المستخدمة ونوعية الرسالة الإعلانية وذلك من النواحي التسويقية أما من ناحية الإنتاج والتدريب فمستوى الأمية مهم جدا كذلك مستوى التعليم العام ووجود المعاهد التدريبية إذ تتطلب الصناعة الحديثة القدرة على التعامل مع آليات معقدة نوعا ما وقراءة الارشادات الخاصة بها كما تتطلب أن تكون العمالة سهلة التدريب الشيء الذي يحققه حد أدنى من التعليم . في مجال الإدارة يصبح التعليم العالي ومعاهد الإدارة وبرامج التطوير الإداري مصادر مهمة للكوادر الإدارية المحلية كما للنظرة نحو التعليم الفني أثر على توفر الكوادر الفنية المطلوبة .
(د) الحضر والريف : 
وجود مجتمعين داخل البلد أحدهما متأخر والآخر متقدم ومنفصلان بحيث ينحصر التقدم في واحد ويبقى الآخر غير متأثر ولا تصله الأساليب الحديثة ، أمر نجده في كثير من البلاد وقد لاحظ الكثيرون ومن بينهم معد هذه المذكرات في دراسة سابقة أن الشركات الأجنبية تجذبها المراكز الحضرية في البلدان النامية كمواقع لمنشآتها الصناعية إذ تكون فيها العمالة المتدربة 
متوفرة نسبيا ولأن الخدمات المساعدة تتركز في هذه المراكز وتبتعد الشركات عن المناطق النائية الأكثر تخلفا الشيء الذي يسهم بدوره في تعميق الفوارق بين المناطق المختلفة في القطر من أجل ذلك تسعى الحكومات في تلك البلاد إلى توجيه الشركات نحو المناطق المتخلفة إما بالحوافز أو فرض ذلك قانونيا ولا تحبذ الشركات أن تجد نفسها مضطرة لأن تعمل في موقع لا تفضله . 
العناصر السلوكية : 
هناك قواعد للسلوك في أي مجتمع تقوم على أساس القيم والمعتقدات والنظرة العامة للأشياء وهي تختلف من بلد إلى بلد ومنها اختلافات يلاحظها العابر ويكتب عنها الخبراء بينما يجد من يتعاملون معها أن التحليلات الاقتصادية وحدها لا تكفي لتفسيرها ويختلف الدارسون حول ماهية هذه الاختلافات وكيف تقاس ؟ فالقياس صعب جدا لأنك لا تستطيع أن تفصل هذه القواعد أو تعزلها عن المتغيرات الأخرى أو أن تعزل مفعولها عن مفعول المتغيرات السياسية والاقتصادية الأخرى وتلك مشكلة منهجية دراسة العلوم الاجتماعية بشكل عام . ومع ذلك تمت دراسات عديدة لمعرفة الفروقات بين الأقطار في هذه العناصر والدراسات المقارنة مجال خصب يشمل حاليا البلدان الصناعية وهي مجال علم الأجناس الثقافي الذي بدأ بعد الحرب العالمية وحاليا يأخذ مادته من مقارنة عينات ثنائية للنظرات المختلفة والممارسات التنظيمية ما بين بلدين أو أكثر 
أهم الدراسات المتعلقة بالتنظيم والإدارة : 
(أ) بنية المجتمع ( فرد أم مجموعة ) : 
في بعض المجتمعات من الطبيعي أن ينتمي الفرد إلى جماعة ما عرقية أو دينية أو جغرافية وينظر المجتمع إلى أعضائه لا كأفراد وإنما كواحد من عشيرة أو قبيلة معينة أو مجموعة عرقية ويعاملهم على ذلك الأساس والإنتماء إلى جماعة يؤثر على أداء العمل في المنظمات من حيث بث الجماعة في العمل والتكاتف مع الإدارة وأحيانا ضدها فالياباني يشعر بأنه جزء من مجموعة قد تتخذ الشركة هوية لها والجماعات داخل المنظمات لها دور في تشكيل التنظيم غير الرسمي الذي قد يكون عاملا مساعدا لانجاز العمل أو محيطا به من الجانب الآخر بعض المجتمعات تركز على الفردية ولا تنظر إلى الفرد من حيث أصله وجماعته في المجتمعات الغربية الفرد هو أساس بنية المجتمع وما إن يبلغ الفرد عمرا معينا إلا ويستقل في سكنه وماله بينما نجد العكس في المجتمعات الشرقية الفردية تتشجع على المخاطرة والريادة في الأعمال بينما الجماعة تقود إلى التعاون والعمل كفريق . 
هذه الاعتبارات مهمة جدا في إدارة الأعمال الدولية خاصة في مجال التعيين والترفيه والتخديم والنقل فمن المهم جدا معرفة المفاهيم السائدة والتقاليد المقبولة .
(ب) الحراك الاجتماعي : 
ينقسم المجتمع عادة إلى طبقات ولكنها تختلف في حدة الفوارق بين الطبقات وسهولة الانتقال من طبقة إلى أخرى . في المجتمع الأمريكي مثلا الفوارق ليست حادة في الأكل والمظهر والانتقال إلى طبقة أعلى متاح وعلى النقيض من ذلك نجد المجتمع الهندي حيث الفوارق واضحة والفصل بين الطبقات حاد والانتقال من طبقة على أخرى مستحيل وطبقا للديانة الهندوسية الطبقات هي : الحكام – العلماء – التجار – الحرفيون – ثم المنبوذين والكل يولد ويموت في طبقته ولا يحدث اختلاط أو تزاوج أما المجتمع الانجليزي وسط بين الاثنين وحينما يكون الحراك الاجتماعي صعبا فإن ذلك لا يشجع روح الريادة والرأسمالية والتجارة لأن المنبوذ مثلا لن يسعى إلى جمع الثروة ليرفع قدره ولن يستطيع ذلك حتى وإن أراد . 

(ج) الدين والنظرة إلى العمل : 
لماذا يعمل الناس ؟ وما الذي يدفعهم لذلك ؟ خاصة بعد إشباع الحاجات الأساسية ؟ يختلف البشر في دوافعهم وفي مستوى نشاطهم ويشكل التفاعل بين العوامل الاجتماعية والاقتصادية نظرة أهل كل بلد وثقافتهم إلى العمل مما يؤثر بدوره على الأسلوب الإداري المتبع والطلب على السلع ومستوى التنمية الاقتصادية . 
هناك على سبيل المثال نظرية ماكس فيبر عالم الاجتماع الألماني في القرن التاسع عشر ومؤسس نظرية البيروقراطية لاحظ فيبر حينها أن البلدان التي أكثريتها من البروتستانت متقدمة اقتصاديا أكثر من البلدان التي أكثريتها من الكاثوليك . استخلص فيبر من ذلك أن هناك أخلاقيات عمل بروتستانتية نشأت من حركة الإصلاح الديني في أوروبا في القرون الوسطى وترى في العمل وسيلة للخلاص البشري وبموجبها يفضل الناس العمل وزيادة الإنتاج على زيادة وقت الفراغ طبقا لهذه النظرية فإن الاقتصاد والتوفير والتدبير الذي يقود إلى جمع الثروة فيه مرضاة لله . هذه النظرية لا تخلو من عيوب لكنها طغت على تفاسير أخرى كثيرة ، خاصة عند مقارنة أمريكا الشمالية ( بروتستانت ) بالجنوبية ( الكاثوليك ) أو شمال أوروبا البروتستانت بجنوب أوروبا الكاثوليك لكن حتما هناك عوامل أخرى أهملتها النظرية وليست هناك بلدان تعكسها بحذافيرها فوقت الفراغ في تزايد في الدول البروتستانتية بالرغم من النظرية لكنهم فعلا في تلك الدول لا يبخسون جمع المال والثروة بل هي دليل النجاح لديهم .
أما الديانة الهندوسية فهي تمنع الحراك الاجتماعي وبالتالي لا تشجع على جمع الثروة وإعمار الأرض وهي ضد الماديات وترى أن مهمة الإنسان في الحياة هي تحقيق السمو الروحي عبر الزهد والمسالمة أما البوذية فقد تفرعت من الهندوسية لكنها تساوي بين الناس حيث أنها أيضا تدعو إلى الزهد وترى أن الحياة تعب كلها فلم الاستزادة من التعب ؟ وبذا تثني عن جمع الثروة وإعمار الأرض . 
أما ديننا الحنيف فيقول سبحانه وتعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ( الذاريات 56 ) والعمل عندنا عبادة حيث أمرنا الله تعالى فقال : ( وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) ( التوبة 105 ) وهنا نذكر قصة الرجل الذي كان يلتزم بالمسجد أياما وشهورا بحالها ولا عمل له وعندما سأله سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عمن يعوله وعلم منه أن أخاه يعوله قال له ما معناه : أخوك أعبد منك وأكثر منك ورعا وكذلك يحثنا ديننا على التدبير والاقتصاد وقد قال سبحانه وتعالى : ( الذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ) ( الفرقان 67 ) في وصف عباد الرحمن . 
يدعو الدين الإسلامي إلى الاعتماد على النفس ففي الحديث الشريف : " ما أكل أحد طعاما قط خيرا من عمل يده ، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده " بالإضافة على أن كل إنسان مسئول عن فعله . وبالرغم من إيمان المسلمين بالقضاء والقدر فذلك لا يعني السلبية في التعامل مع الأمور وترك كل شيء للأحداث وكلنا يذكر نصيحة الرسول صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي أراد أن يترك نوقه طليقة في توكله على الله فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : ( اعقلها وتوكل ) وكون أن بعضنا سلبي في توكله فذلك لا يرجع لتعاليم الدين وإنما لأسباب أخرى لا شك أن في ديننا وبالتالي في ثقافتنا وحضارتنا الكثير الذي يحث على العمل والاعتماد على النفس وحسن التدبير لمواردنا الاقتصادية وإن لم تحقق بعض البلدان الإسلامية النمو الاقتصادي الذي تنشده فقد حققته في السابق ليس ذلك فحسب فهناك بلدان إسلامية تنهض وتتقدم كل يوم حاليا وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية وماليزيا ومصر . 
هناك عوامل عديدة تؤثر في دافعية الناس للعمل نذكر من ضمنها ربط العمل بالنتيجة المطلوبة أي أن من ( كد وجد ) حينما يرى الإنسان أن العمل يقود إلى النتيجة بدرجة احتمال كبير فهو سيعمل حتما لكنه إذا وجد أنه يعمل من غير تحقيق شيء يذكر فسيقل دافعه وفي المناطق ذات المناخ القاسي تكون نتيجة العمل فيه ضعيفة رغم مشقة العمل يُنظر إلى العمل كشر لابد منه . ربط العمل بالنتائج مهم جدا من وجهة النظر الإدارية حيث يجب أن يقنع العاملون أن مثابرتهم تلقى الاعتراف إذا كان لهم أن يثابروا . 
هناك اعتبار مهم في المبادلة بين قضاء الوقت في العمل أو في الفراغ حيث أن تزجية الفراغ نفسها تحتاج إلى تعلم بالإضافة إلى وجود دخل كاف .  في اليابان مثلا يعمل العامل الياباني ساعات وأياما أكثر من رصيفه الغربي ومع ذلك لا يطالب بتخفيض ساعات العمل مثلما يطالب قرينه الألماني فالياباني قد لا يرى ماذا يفعل بوقت الفراغ الإضافي . 
الاعتبار الآخر الذي نظر إليه الدارسون هو ما اقترحته نظرية الحاجة إلى الانجاز حيث أوضحت بعض الدراسات وجود فروقات في الحاجة إلى الانجاز بين المديرين والعاملين في البلدان المختلفة . وخلاصة هذه النظرية أن لبعض الأفراد حاجة ودافعا للإنجاز وإن أولئك الأفراد يتميزون بثلاث خصال فهم يبحثون أولا عن المجالات والأعمال التي بها مخاطر معقولة أو تحد كما إنهم يضعون لأنفسهم أهدافا ممكنة التحقيق بالرغم من مخاطرها وهم تواقون لمعرفة مدى تقدمهم في أثناء العمل . وصلت بعض تلك الدراسات إلى القول بأن للمدير الأمريكي والبولوني حاجة عالية للإنجاز وللمدير الإيطالي والتركي حاجة عالية للإنتماء ويفترض أن النوع الأول يهتم بخفض التكاليف والأرباح في المقام الأول بينما يعطي النوع الثاني أسبقية لتكوين علاقات ودية مع الممونين أغلب هذه الدراسات تؤكد على النظرة المادية للإنجاز لكن قد يكون الإنجاز في ثقافات يتمثل في جمع الثروة بينما في ثقافات أخرى الانجاز هو تبؤ منصب حكومي كبير أو مركز علمي مرموق . 
كذلك هناك نظرية هرم الحاجات الخاصة بالدافعية 
والتي تقول أن الإنسان يسعى إلى اشباع حاجاته الفسيولوجية كالمأكل والملبس والمأوى أولا ثم تأتي السلامة ثم الحاجة إلى الانتماء ثم الحاجة إلى التقدير ثم تحقيق الذات . يفيد هذا النموذج في اختيار المحفزات في البلدان التي تعمل فيها المنشأة حيث أشارات دراسات عديدة إلى أن الناس تختلف في كل بلد من حيث وضعها في هرم الحاجات فقد وجدت دراسة معينة أن العاملين في شركة عالمية معينة في بلدان اسكندنافيا وهولندا يعطون أهمية أكبر للحاجة إلى الانتماء مما يعطون لتحقيق الذات ودلالة ذلك أن تطبيق أساليب التحفيز الجماعية ستكون له فاعلية أكبر من تطبيق الأساليب الفردية . عموما أوضحت الدراسات ان البلدان تختلف من حيث اهداف واحتياجات العاملين وأن توقعات العاملين تختلف ففي اليابان مثلا يتوقع الموظف أو العامل أنه سيبقى مع الشركة التي ينضم إليها منذ دخوله سوق العمل إلى أن يتقاعد . 
العمل عند الغربيين له وظيفة اقتصادية للفرد والمجتمع فالناس تعمل من أجل المال ومن أجل إنتاج شيء مفيد للمجتمع بينما في بلدان أخرى العمل هو وسيلة لتحقيق الذات والمركز والصلات الاجتماعية وللعمل قيمة في حد ذاته حيث أن التعطل مبغوض والفراغ مربوط بالسفه . 
(د) أهمية نوع المهنة : 
كل حضارة وكل بلد يعطي أهمية معينة ومركزا معينا لمهن معينة إذا نظرنا في تفضيل الطلاب عند إكمال الدراسة الثانوية نجد مهنة الطب تمثل الرغبة العارمة لأكبر نسبة من الطلاب ولذا فالمنافسة على دخول كليات الطب شديدة يعطي المجتمع مكانة مرموقة للطبيب كما يكافئه بمردود مالي كبير مقارنة بالمهن الأخرى ومازلت أتذكر كيف استغرب الأهل والأصدقاء ولم يتفهموا كيف يختار طالب متفوق دراسة الإدارة والتجارة – وهم يتساءلون : هل تحتاج التجارة إلى دراسة ؟ لكن تلك النظرة تغيرت حاليا واليوم نجد تنافسا شديدا في دخول كليات الاقتصاد والإدارة في البلاد العربية وفي اليابان وجد في استقصاء أن طلاب المدارس الثانوية وضعوا وظيفة الاستاذ الجامعي أول قائمة المهن التي يسعون إليها بينما اختار الطلاب الأمريكيون 
الطب في أول القائمة . 
للتجارة مقام كبير في ارثنا الثقافي وهناك أقوال كثيرة توحي بذلك مثل ( تسعة أعشار الرزق في التجارة ) أو ( بيع واشتري ولا تنكري ) في مثل من بلد عربي . إلا أن هذه النظرة ليست بالضرورة ثابتة بدون تغير حيث يكتسب العمل العام أهمية متزايدة وسط الشباب ويسعى الكثيرون منهم إلى خدمة بلادهم في الوظائف القيادية في مجالات الإدارة والدفاع والتخطيط والطب والصحة وغيرها وتتجه خيرة الكفاءات والقدرات إلى العمل في القطاع الحكومي فبالإضافة إلى المركز الذي يهيئه العمل العام هناك فرص التدريب والميزات الأخرى التي يقدمها من تأمين وخدمة مستديمة . 
أما العمل الخاص فليست له نفس المكانة الاجتماعية في بلادنا ولا سلطة تنبع منه كما أن به مخاطر ولذا يحرم القطاع الخاص من كفاءات كثيرة بسبب تلك النظرة . 
ومن البديهي أن النظرة إلى العمل الخاص والعمل العام تؤثر على مقدرة المنشأة المحلية والخارجية في العثور على الكفاءات المطلوبة وتواجه الشركة الأجنبية عبئا إضافيا في النظرة إليها من حيث بقاء الشركة في البلد المضيف لأن ذلك غير مضمون وتعمل الشركات الدولية لكي تواجه تلك النظرة بتقديم الحوافز والاغراءات . 
وفي الولايات المتحدة ينظر إلى المليونير على أنه لابد أن يكون شخصا ذكيا ومن جمع ثروة يظن أنه لابد فعل الشيء الصحيح أما في فرنسا مثلا فالغني مصدر شك ولابد أن صاحبه فعل أشياء غير سليمة . 
(هـ) النظم الاجتماعية : 
تختص بهذه القواعد الموجهة لسلوك الأفراد داخل مجتمعم بدءا من العرف والعادات مرورا بالتقاليد وصولا إلى القوانين فكل مجتمع يضع قواعد تحدد السلوك المقبول والمتوقع فيه من خلال نظم معينة تختلف في مدى إلزاميتها وهل يصير المجتمع على تقيد أفراده بها أم لا وتختلف هذه النظم من حيث أهميتها وبالتالي إن كانت مخالفتها تقود على معاقبة المخالف أم لا . فالأعراف مثلا هي ما تعارف عليه الناس في مناسبات معينة وليس هنالك إلزام بإتباعها ولذا لا يعاقب المجتمع من يخالفها كإقامة حفل الزواج في ( صالة / قصر أفراح ) أما العادات والتقاليد فكل ما يفعله المجتمع يصر على التقيد بها ومن ينتهكها يتعرض لعقوبة من مجتمعه قد تشمل المقاطعة أو تجنبه ورفض مصاهرته والتعامل معه . أما القوانين فهي تمثل النظم التي يصر المجتمع على اتباعها ويعاقب من يخالفها ماديا بحرمانه من وقته ( الحبس ) أو ماله ( الغرامة ) أو أكثر من ذلك ولذا على الشركات الأجنبية والمحلية أن تراعي هذه القيم . 
(و) اللغة والاتصالات : 
هذا جانب مهم من كل ثقافة فلكل لغة خاصيتها ومرجعيتها ولذا تكتسب معرفة لغة البلد التي تعمل فيها المنشأة الدولية أهمية خاصة وتنتشر بعض اللغات في بلدان كثيرة مما يسهل الأداء وتحقيق الأهداف ويشعر أهل تلك اللغة بميزة حتى أصبح الإلمام بتلك اللغات أمرا اساسيا في كثير من الأقطار مثل الانجليزية والأسبانية وإلى حد ما اللغة العربية . لكن ذلك لا يكفي فالفعالية المطلوبة تجعل من الضروري معرفة لغة البلد الذي تعمل فيه الشركة أو على الأقل أن تعتمد على من يجيدون لغة البلد وتتفاوت الشركات في ذلك فبعضها يقدم حوافز لموظفيها الدوليين ليتعلموا أكثر من لغة .
معرفة اللغة وحدها لا تكفي فحتى اللغة الواحدة يتكلمها الناس وهم يعنون أشياء مختلفة فلبعض الكلمات الإنجليزية مثلا معنى مختلف في انجلترا عن معناها في الولايات المتحدة وقد تجد اختلافات مماثلة في اللغة العربية بين بلد وبلد من البلدان العربية كذلك قد نجد معاني بعض اللغات لا نجدها في لغات أخرى لعدم وجود المفهوم الذي ترمي إليه في السابق كان يقال أنه ليست لكلمة Privacy الانجليزية مرادف في اللغة العربية لأنه من غير المفهوم تفضيل الشخص للخلو إلى نفسه أو للبقاء بمفرده في المجتمع العربي علما بأن كلمة ( خصوصية ) بدأت تكتسب ذلك المعنى كما يقال أنه ليست هناك كلمة في الأسبانية للإشارة إلى جميع العاملين بدون تفصيل ويجب أن تقول ( العمال ) ( الموظفين ) وأحد الأمثلة على ما يمكن أن يؤدي إليه الجهل بخصائص اللغة هو أن إحدى الشركات العالمية نقلت إعلانها عن مسحوق غسيل الملابس المستعملة في الغرب إلى إحدى الدول العربية بدون تعديل . في الإعلان صورة ملابس متسخة موضوعة على اليسار ونفس الملابس وهي نظيفة على يمين الصورة وبينهما في الوسط مسحوق الغسيل وبما أن اللغتين العربية والعبرية تقرآن من اليمين أتت نتيجة الإعلان عكسية حيث يرى الناظر ملابس نظيفة لكنها اتسخت في نهاية الصورة . 
بالإضافة إلى اللغة المسموعة : 
هناك ما يسمى باللغة الصامتة وهي لغة الاشارات والايماءات والحركات الجسدية وتعابير الوجه التي قد تعني شيئا مختلفا في كل ثقافة كهز الرأس يمينا ويسارا الذي قد يعني الموافقة في ثقافة ما والرفض في أخرى أو وضع الأرجل على المكتب في وجود الآخرين الشيء الذي لا يرى الأمريكي فيه شيئا بينما يعتبره الشرقي اساءة . معنى الألوان يختلف من بلد لبلد فالأبيض لون الحداد للمرأة السودانية بينما هو الأسود عند المرأة المصرية في حين أن الأسود لون الاحتشام عند المرأة الخليجية وفي مخاطبة الآخرين يحتفظ الأمريكي في اقتراب الاتيني من متحدثه الأمريكي رفعا للكلفة غير مبرر . 
النظرة إلى الوقت تختلف أيضا بين الأمم 
فالغربيون ينظرون إلى العالم وكأنه مقسم بطريقة ميكانيكية إلى أيام وساعات ودقائق فهم يأتون في الموعد الدقيق ويخطط الفرد منهم لآماد بعيدة لرحلة أو سفر كما تضع بعض الشركات خططا تشمل أكثر من عقد من الزمان . 
في ثقافات أخرى يرون أنه إذا فات اليوم فهناك الغد وإذا فات الغد فهناك ما بعد الغد ولا بعتبر الفرد نفسه متأخرا عن موعد إذا حضر بعد نصف ساعة منه كما عند اللاتينيين والشرقيين بينما عشر دقائق تأخير في موعد كافية لإثارة بعض الغربيين . 
هناك اختلافات عديدة في معنى السلوك والاشارات التي يتلقاها الإنسان اعتمادا على البيئة التي هو فيها وهي تؤثر على الأعمال الدولية فتفسير سؤال بسيط من رئيس أجنبي لمرؤوس من أهل البلد قد يختلف مما قد يكون السائل رمى إليه واحتمال حدوثه ( تشويش ) في الاصتالات كبير عبر الاتفاقيات . 
المواءمة بين الثقافات : 
يزداد الحديث عن التقارب المتزايد في أساليب الحياة في دول العالم المختلفة وإن تحولا يحدث بإستمرار حتى وصف الكاتب المشهور مارسال ماكلوهن فيلسوف ثورة الاتصالات العالم بالقرية نسبة لتقارب المسافات الزمنية وزيادة معرفتنا بالبلدان والثقافات الأخرى .
يشير آخرون إلى التشابه المتزايد في الأذواق والمأكل والملبس والمعمار ونظم السكن والعمل والترقية ويقولون أن الثقافات تتلاقى وتتلاقح وتتداخل كل يوم ولا يخلو هذا القول من حقيقة فأماكن الوجبات السريعة توجد في كل مكان ومراكز المدن ومجمعات الأسواق تتشابه في عمرانها وفي داخل أماكن السكن يتشابه الأثاث والمنافع ووسائل الحياة الحديثة أما أساليب الترفيه فتتقارب فالعالم كله مغرم بكرة القدم والملاكمة يذهب أولئك إلى أبعد من ذلك ويشيرون إلى كون المؤسسات والأشكال التنظيمية تزداد تشابها 
من الجانب الآخر يقول آخرون نعم عن المؤسسات والنظم تتشابه وربما أشكال العمران لكن من بداخلها مختلفون جدا ومازالوا متمسكين بعاداتهم وأساليبهم ونظرتهم إلى العالم تظل مختلفة أي أن التشابه مظهري فقط يضيف أولئك أنه حتى في الدول الكبرى بدأت الفروق المستترة تظهر على السطح وتؤكد وجودها فالمجموعات العرقية في الدول الغربية صارت تفخر 
بأصولها وتركز على أسلوبها في الحياة سواء كانت إيطالية في أمريكا أو مغربية في فرنسا . 
تظل الفوارق في الثقافة وأسلوب الحياة والقيم باقية ومؤثرة والمهم معرفة الدرجة التي تؤثر بها الرؤى المختلفة على أداء المنشآت وإلى أي مدى علينا التكيف معها وذلك ليس سهلا فمعرفة تلك الفوارق في حد ذاتها ليس بالهينة وحتى داخل الدولة الواحدة وفي وضعها المحلي هناك أشياء إدراكها صعب نعم هناك ما هو ظاهر منها ولكن هناك أيضا المستتر الذي لا يقفز إلى السطح إلا إذا استقر وهناك أشياء خفية تكون قد تعلمناها صغارا تبقى في اللاوعي علينا إذن الابتعاد عن ( القولبة ) المبنية على معرفة عارضة أو تجربة محدودة كالقول أن الافاريقة كذا والغربيون كذا وإذا أردنا التعميم علينا بناء ذلك على الإنسان العادي السوي وعلى أكثر من فرد أو عينة . 
مخاطر البوليسنترزم و الاثنوسنترزم : 
الأولى أو ما يعرف بالبوليسنترزم : هي وجهة النظر التعددية التي لا ترى إلا الفوارق وتركز عليها وتعامل كل وضع وكل شخص أجنبي وكأنه مختلف تماما . يطغى الشعور بالاختلاف على هذه الرؤية وهي ترى أن كل موقف محلي في البلد المضيف هو موقف فريد لا تنطبق عليه الأساليب الإدارية والتعليمات الصادرة من الرئاسة في المقر . تطلب الإدارة المحلية في فرع الشركة في البلد المضيف أن تُمنح سلطات وتفويضا واسعا لاتخاذ القرارات على حسب ما ترى او قد تقوم الرئاسة من تلقاء نفسها بترك قدر كبير من القرارات لإدارة الفرع قد يكون سبب فشل بعض الشركات الأجنبية في البلاد الأخرى هو إغراقها في ذلك فهناك بعض الأوضاع التي ليست بالضرورة محكومة بالبيئة ويمكن أن ينطبق على بيئات أخرى أو تنجح فيها ابداعات نجحت في بيئات اخرى مختلفة التركيز على الفروقات إذن قد يحرم الشركة من استقدام ايداعات تفيدها تنافسيا . 
من الجانب الآخر هناك التفكير الضيق ( الرؤية الأحادية ) التي تتمركز حول أصلها القومي او العرقي وتصر على تطبيق نفس الأساليب المتبعة في البلد الأم على اعتبار أنها الأمثل وأنها التي يجب أن تراعي في الإدارة وفي تصميم المزيج التسويقي وإدارة الموارد البشرية وغير البشرية . تجاهل هذه الفروقات مضر كما رأينا وقد يؤدي إلى القرار الخاطىء يدرك بعض أصحاب هذه النظرة وجود الاختلافات لكنه يصر على كون التغيير مهما أما البعض الآخر فمغمور برؤياه الضيقة ولا يرى سواها .



أكمل القراءة Résuméabuiyad

الشركة متعددة الجنسية .. أداة تغيير أم أداة متغيرة

| |

بين النقيضين هناك هجين ينتج من كليهما ، يحمل ملامح الأصل في البلد الأم ، وملامح من البلد المضيف ، ويختلف مع ذلك عن كل منهما. هذه أكثر وسيلة متبعة للمواءمة بين الاختلافات ، وعلى كل منشأة أن تدرس وتقرر لنفسها : هل تدفع بيئة البلد المضيف لقبول التغيير أم تتغير هي نفسها وتبدل أساليبها ؟ الشركات متعددة الجنسية هي في رأي الكثيرين ذات دور مهم في تغيير أساليب العمل في تلك البلاد ، ودفع المنافسين المحليين إلى تبني الأساليب الأكثر إنتاجية واقتصادية خاصة في مجال التقنية والإدارة الحديثة ، ويجب ألا تتخلى عن دورها ذلك ، لكن عليها وهي تستقدم أو وهي تأتي بسلعة أو أسلوب مختلف ، عليها أن تنظر في العوامل التي تسرع وتلك التي تبطئ من قبول التغيير ، وكذلك العوامل التي من شأنها أن تبقي غير فعال ، بل ربما أتت بنتائج عكسية . هناك اعتبارات كثيرة يجب مراعاتها ومعرفة رد الفعل على أي أسلوب إداري وإنتاجي . بعض هذه الاعتبارات مثل :النظام القيمي : من السهل قبول تغيير أو إبداع ، إذا كان لا يتعارض مع القيم الأساسية في المجتمع ، وحتى إذا كان يتعارض مع قيمة هامشية ، فليس من الصعب تبنيه ، أما إذا كان يتعارض مع قيمة أساسية فسيرفض . يمكننا ذكر أمثلة عديدة كمأكولات ومشروبات محرمة على الشركات الأجنبية تفادي تقديمها أو الترويج لها ، وضرورة إعطاء العاملين وقتا لأداء الشعائر الدينية .
تحليل التكاليف والمنافع : هنا يجب الموازنة بين تكلفة المواءمة والتعديل ومقارنتها بالمنفعة المتحققة من ذلك التعديل . تطوير السلعة وتعديلها لتلائم البيئة له تكاليف إضافية من بحث وتطوير وعمل تجهيزات وآليات مختلفة لخدمة سوق معين ، لكن زيادة تقبل أهل البلد للسلعة المعدلة وانعكاس ذلك في زيادة المبيعات ، قد يكون أكثر من كاف لمقابلة تكلفة التعديل الإضافية .
التدرج في استقدام التغيير : أحيانا يكون من المفيد استقدام التغيير على جرعات ، وألا يكون شاملا منذ البداية ، بل يشمل جوانب ويترك جوانب أخرى إلى حين . يساعد ذلك في قبول التغيير ، وربما يؤمن نجاحه في بعض الأحايين .
أهمية التعديل : هناك مواسم وطرق معايشة وتقاليد يجب احترامها ووضعها في برنامج الإنتاج الزمني ، وقد توجد أحيانا مواسم يأخذ فيها العمال أجازات طويلة ليعودوا لمواطنهم للقيام بالزراعة أو الحصاد ، وقد يتركون العمل بدون إنذار . في بعض البلدان هناك أوقات للدوام لها جذور عميقة ومن الصعب تغييرها . في إيطاليا مثلا يأخذ الجميع فترة راحة للغذاء طولها ساعتان يعودون بعدها للعمل ، كما أنهم يعملون نصف دوام صباح السبت . حاولت شركة أجنبية أن تختصر ساعتي الغذاء إلى ساعة واحدة وإلغاء دوام السبت . أتى ذلك بنتيجة عكسية ، علما بأن الإدارة ظنت إن العاملين سيرحبون بذلك خاصة أن العمل سيكون خمسة أيام في الأسبوع بدلا من ستة . لكن العمال قاوموا التغيير ، واضطرت الإدارة للعودة للعمل بأوقات الدوام الأولى ، عندما اكتشفت أن راحة القيلولة وتناول طعام الغذاء مع الأسرة كل يوم أهم للعمال من راحة صباح السبت .
التوقيت : التوقيت مهم حتى في إدارة الأعمال المحلية ، وكم من سلعة فشلت عند استقدامها في المرة الأولى ، لأن التوقيت لم يكن صحيحا . كذلك إذ كانت العطالة في بلد ما عالية ، سيقاوم العاملون استقدام أساليب الإنتاج التي تستخدم ميكنة متقدمة تستغني عن البشر . ينبغي أن تكون الظروف مواتية حتى ينجح الإبداع أو التعديل أو السلعة الجديدة كألا تروج لمسحوق الغسيل إذا كان الاستعمال الغسالات الآلية غير منتشر .
هناك الكثير الذي على الشركات الدولية أن تتعلمه إذا أرادت أن تكون مواطنا صالحا ، ويمكنها أيضا أن تتعلم من أخطاء الآخرين . إن شيئا صغيرا كاختيار الاسم قد يكون له ردة فعل غير مرغوبة . عندما كانت شركة إيستمان تبحث عن اسم لمنتجاتها وضعت شروطا هي أن يكون اسما سهل النطق ، وليس له معنى في أي لغة ، ولذا وقع اختيارها على "كوداك". أما شركة ستاندارد أويل أوف نيوجيرسي ، والتي كانت تسمى " إسو " فقد صرفت مبالغ كبيرة ، وأجرت بحوثا وبعد أن وجدت اسما راق لمديريها اكتشفت إن له معنى غير حميد في اليابان ، فتركت ذلك الاسم على الرغم مما أنفقته ، وبدأت البحث من جديد حتى وفقت في اختيار اسم " إكسون " . من الجانب الآخر ، هناك قصص فشل كثيرة لشركات أجنبية ، والأخطاء الإدارية التي ارتكبتها وكلفتها كثيرا ( وكل ذلك بسبب جهلها بالبيئة ) ، قام بجمعها في كتاب أحد أساتذة الإدارة ، وقد أشرنا إلى بعضها سلفا ولا بأس من ذكر أمثلة أخرى لهذه الأخطاء " الفادحة " كما سماها مؤلف الكتاب . فهناك إعلان شركة ببسودنت لتبييض الأسنان ، والذي اكتشف مروجوه أنه نفر المستهلكين في منطقة جنوب شرق آسيا ، حيث إحدى سمات الرجولة هي الأسنان المصفرة ( ربما من أثر التبغ ) . أما شركة بيبسي كولا وإعلانها " تعال حيا وانضم إلى جيل اليوم " فقد وجد أن ترجمته إلى الألمانية تقول " أخرج من القبر " . أما الشركة التي وضعت صورة تمثال بوذا في إعلان ، فقد تعرضت مكاتبها للحريق في بلد آسيوي . هذه بعض قصص الفشل ، والذي يجب ألا ينسينا أن هناك قصص نجاح كثيرة تمكنت شركات فيها من فهم البيئة الأجنبية والتعامل معها بنجاح وخلقت لنفسها صورة حسنة .
أخيرا هناك تصنيف للبشر من مختلف الجنسيات من حيث النظرة للمخاطر والنظرة نحو السلطة ومركزية القرارات وأهمية الصفات الرجولية والأسرة والمركز الاجتماعي . الخ . كأن تقول إن التركي كذا والإيطالي كذا ... الخ قام به أحد الكتاب وهو جيرت هوفستد ، ونشر كتابا عام 1983 ، ويجد القارئ في الجدول رقم 2-1 تصنيفا لـ 25 قطرا من بين 80 قطرا درسها الكاتب هوفستد 1991 .
قام هذا الكاتب باختيار عينة ووزع فيها 116 ألف استبيان ، ومن 150 سؤالا وجد 32 منها فوارق بين البلدان ، ثم اختصرها إلى أربعة أبعاد رئيسية تختلف فيها البلدان ، وهذه الأبعاد هي :
الفردية : مدى توقع الفرد للحرية الشخصية ، حيث يكون مسئولا عن نفسه فقط ، مقابل الجماعية وقبول المسئولية نحو الأسرة أو العشيرة أو الوطن .
بُعد السلطة : مدى تحمل الجماعة للفوارق في السلطة والثروة ، كما يظهر من قبول المجتمع للمركزية ، وحكم الفرد .
تفادي المخاطر : الدرجة التي يتفادى معها المجتمع العشوائية ويخلق اليقين بالتركيز على النظم والبنانات والقوانين والقواعد .
الرجولية : الدرجة التي يفرق فيها المجتمع بين دور الرجل والمرأة ، ويركز على قيم الأداء الرجولية ، والإنجازات الواضحة .
ويفترض أن لكل واحد من هذه الأبعاد مدلولات للهيكل التنظيمي ، ولسلوك الفرد في المنظمات . ويعني مؤشر السلبية العالي ، أن الفرد يهتم بنفسه وأسرته المباشرة ، ولا يشعر بحاجة شديدة إلى أن يكون جزءا ن جماعة ، كما يعني أن الفرد يميل إلى الاكتفاء الذاتي والإنجاز الفردي والنجومية ، بينما في الجماعية يذوب الفرد في الجماعة ، ويكون الإنجاز جماعيا ، والحوافز جماعية ، ولا مجال للفرد النجم .
والبلدان التي بها قبول لفوارق السلطة العالية ، يميل المديرون فيها لأن يكون أتوقراطيين ، وذوي نزعة أبوية ، ويكون التحكم والرقابة فيه شديدين ، ويميل الهرم التنظيمي لأن يكون رأسيا ، أي كثير الطبقات الإدارية ، قليل نطاق الإشراف . بينما في الدول التي فيها فوارق السلطة منخفضة لميل الأفراد الاستقلالية ، ويمي المديرون إلى التشاور والتفويض ، بينما يحو الهرم التنظيمي لأن يكون مسطحا ، قليل الطبقات ، كبير نطاق الإشراف .
وأما علو مؤشر تفادي المخاطر ، فيعني طول وكثرة الإجراءات لتفادي قيام الفرد بالتصرف من تلقاء نفسه ، كذلك هناك خوف من فقدان الوظيفة بسبب التصرف غير الرسمي غير المقنن ، وميل إلى اتخاذ القرارات بالإجماع . وعلى العكس من ذلك ، البلدان التي بها مؤشر تفادي منخفض يقبل الناس فيها القرارات غير التقليدية ، ويعتمدون على المبادرة ويرحبون بالارتجال .
أخيرا في المجتمعات التي يكون مؤشر الرجولة فيها عاليا ، تكون القيم السائدة هي النجاح والمال والمقتنيات العديدة . التركيز هنا على التشدد ، وضغط العواطف ، بينما في التوجه الأنثوي يكون التسامح والعواطف متسيدين . في الرياضة مثلا ، المهم هو الفوز في النظرة الرجولية ، بينما في التوجه الأنثوي المهم هو الروح الرياضية والاستمتاع باللعب . وفي المجتمعات الرجولية المباراة هي جمع المال والنقاط هي مقدار الثروة المكتسبة ولذا يكون التركيز على الأرباح والإنجازات ومقدار التقدم . وفي هذه المجتمعات ، يحبون المنشآت الضخمة والنمو المادي في العمل ، بينما في المجتمعات التي يكون مؤشر الرجولة فيها منخفضا نجد التركيز على التعاون والعلاقات الإنسانية ، وتقل فيها بذلك ضغوط العمل .
الجدول رقم ( 2-1 ) قيم المؤشرات في الأبعاد الاجتماعية لبعض البلدان 

البلد
متوسط فوارق السلطة
مؤشر تفادي المخاطر
مؤشر الفردية
مؤشر الرجولية
الأرجنتين
النمسا
بنما
البرازيل
تشيلي
جواتيمالا
ألمانيا
بريطانيا
اليونان
اندونيسيا
الهند
إيران
إيطاليا
اليابان
ماليزيا
هولندا
باكستان
الفلبين
المنطقة العربية
غرب أفريقيا
الولايات المتحدة
السويد
تايلاند
كوريا الجنوبية
49
11
95
69
63
95
35
35
60
78
77
58
50
54
104
38
55
94
80
77
40
31
64
60
86
70
86
76
86
101
65
35
112
48
40
59
75
92
36
53
70
44
68
54
46
29
64
85
46
55
11
38
23
6
67
89
35
14
48
41
76
46
26
80
14
32
38
20
91
71
20
18
56
79
44
49
28
37
66
66
75
46
6
43
70
95
50
14
50
64
53
46
62
5
34
39


في الجدول رقم 2-1 نجد قيمة كل مؤشر من هذه لمجموعة بلاد مختارة من دراسة هذا الكاتب . ويفترض إن كل بعد من هذه الأبعاد ينعكس في الأساليب الإدارية ، فالتقدير العالي في مؤشر الفردية ( بريطانيا وأمريكا ) يعني أن تبنى الحوافز على حقيقة أن كل فرد يهتم بمصلحته فقط . أما البلدان التي بها تقدير عال لتحمل بعد السلطة ، فذاك يعني أن المرؤوس ينتظر مبادرة الرئيس دائما . يستخدم الكاتب خلطات من هذه الأبعاد ليفسر السلوك والتنظيم في الدول المختلفة ، كأن يقول مثلا إن مؤشر الرجولية العالي مع مؤشر تفادي المخاطر المنخفض في حالة الولايات المتحدة ، يظهران بوضوح في تغلب النظرة التجارية للأمور . وفي فرنسا قبول للفوارق ، وتركيز على القواعد والإجراءات وهرمية السلطة (الشيء الذي يقال عادة عن مصر ) . أما بالنسبة للدول العربية ، فقد أظهرت العينة توسطها ( كنتم أمة وسطا ) في ثلاثة أبعاد . أم في بعد الفردية ، فقد مال المؤشر إلى الانخفاض عاكسا اهتمام الفرد العربي بالجماعة التي يعيش فيها . وعلى أي حال، هذه من أكثر الدراسات تعمقا ، لكنها تظل عرضة للخطأ والصواب .
أكمل القراءة Résuméabuiyad

مقدمة البيئة الثقافية والاجتماعية للشركات الدولية

| |

لا شيء يدل على أهمية هذا الموضوع وتعقده مثل صعوبة الحصول على عنوان ملائم له . فكلمات الثقافة والاجتماع تعني أشياء مختلفة لأناس مختلفين بالعربية أو بالإنجليزية .
الاستخدام العام لكلمة " ثقافة " في اللغة العربية ، يرمز إلى الإلمام بالعلوم والآداب الرفيعة وأساليب الحياة المتحضرة ، وذلك أيضا أحد معاني كلمة " culture " باللغة الإنجليزية .
أما المعنى الآخر لتلك الكلمة ، والذي يستخدمه علماء الإنثروبرلوجيا ، فهو يشير إلى مجموعة المعتقدات والسلوك والقيم والممارسات المشتركة لمجموعة بشرية معينة ، أو كما عرفها البعض : الثقافة هي " مجموعة المعارف والمعتقدات والفنون والقوانين والقيم والعادات والقدرات التي تميز مجموعة بشرية عن أخرى " . وعلى هذا ، لكل جماعة ثقافتها وأسلوب حياتها الذي يشارك فيه جميع أعضائها . وهذا لا يمنع وجود ثقافة فرعية بها اختلافات عن الأصل . وأساليب الحياة والقيم والمعتقدات هي أشياء يكتسبها البشر منذ الصغر ، وتؤثر على العقل الواعي وغير الواعي.
المنشأة ، أي منشأة ، تعمل وسط الناس ومن خلالهم . وفي داخل بلدها الأصلي تفهم المنشأة بيئتها ، وما هي الممارسات المقبولة والقرارات ممكنة التنفيذ ، وما هو السلوك الذي يحقق الأهداف بدون إثارة أحد . ولكن عندما تجد المنشأة نفسها خارج الحدود ، تصبح في بيئة مختلفة عن البيئة التي عهدتها ، وأمام ممارسات لم تألفها . ولن تستطيع أي منظمة أن تؤدي وظيفتها من غير أن تفهم طبيعة البيئة الثقافية التي تعمل فيها ، ولا يكفي التركيز على الجانب الاقتصادي والسياسي . عندما تجد المنشأة اختلافا في الممارسات ، عليها أن تسأل نفسها : لماذا هذا الاختلاف قبل أن تتخذ قرارا يتعلق بتلك الممارسات . إذا اعتادت منشأة ما على البيع بالتقسيط في بلدها ، ووجدت أن ذلك غير معروف في البلد الجديد ، يجب أن تبحث أسباب ذلك لترى إن كان ذلك مرده عدم الثقة في المستهلكين أم أن المستهلكين لا يحبون الاستدانة وحسب .
الفروقات البيئة قد تكون ظاهرة للعين ، وقد تكون أشياء مستترة ، مما يستدعي دراستها . وكانت دراستها في السابق من اختصاص علماء الأجناس ، ومقتصرة على دراسة المجتمعات البدائية لكنها حاليا تشمل دراسة كل المجتمعات . وهناك أسئلة عملية تتعلق بمنهجية الدراسة فالأعمال الدولية هي أعمال تقوم داخل القطر المعني في أكثر من قطر ، فكيف تدرس البيئة الثقافية ؟ وما هي وحدة الدراسة ؟ . عادة ننظر إلى القطر كوحدة دراسية ، ونقوم بدراسة بيئة القطر كأنما هو وحدة متجانسة ، الشيء الذي قد لا يكون صحيحا ، فهل القطر مجتمع واحد أم عدة مجتمعات لكل منها ثقافة مختلفة ؟ قد تختلف الأمم في الداخل ، لكن عادة هنالك تشابه كبير في حياة المجتمعات وقيمها وسلوكها داخل كل قطر ، و إلا لما صار قطرا واحدا ، فالقطر كوحدة سياسية هو تعبير عن التقارب في ثقافة ومكونات تلك المجموعات . بالإضافة إلى ذلك هناك وحدة القوانين ، حيث تصاغ على أساس قطري ، مما يجعلنا ندرس القطر كوحدة ثقافية . هذا لا يمنع الاعتراف بوجود خصائص معينة داخل القطر الواحد ، وثقافات فرعية تؤثر على السياسات والقرارات الإدارية داخل كل قطر .

أما كيف تدرس الثقافات وتقارن ، فهناك عدة مناهج : هناك أولا المنهج التصنيفي الذي يضع قوائم لمؤشرات تدرس على أساسها الثقافات والحضارات ، ومن ثم تتم المقارنة بينها في حالة كل مؤشر ، ويتفاوت عدد المؤشرات وأحيانا يصل 70 مؤشرا . آخرون يدرسون الثقافات على أساس القيم وقواعد السلوك النابعة منها ، ويقارنون بينها على ذلك الأساس . ثم هناك منهج النظم الذي يرى أن كل مجتمع يكون من منظومة كلية مكونة من عدة منظومات جزئية تتفاعل مع بعضها ، مثل منظومة القربى ، منظومة كسب العيش ... الخ . أما هنا في هذا المقرر ، فسندرس البيئة الثقافية على أساس عناصر رئيسية محدودة تتكون منها البيئة الثقافية ، وتتفرع إلى عناصر جزئية . ليس ذلك فحسب ، بل إننا سننظر إليها من وجهة نظر أعمال دولية لنعرف كيف نؤثر على المنشأة في قراراتها ، وكيف تتكيف المنشأة معها وهي تسعى لتحقيق أهدافها .
أكمل القراءة Résuméabuiyad

البيئة القانونية

| |

سنناقش هنا أولا بعض الجوانب القانونية الخاصة بالأعمال الدولية ، قبل أن نناقش النظم القانونية المختلفة التي تخضع لها المعاملات والشركات .
بعض الجوانب القانونية في الاستثمار الخارجي :
اللجوء إلى المحاكم : نلاحظ أولا أن الميل للجوء للمحاكم يختلف من بلد لبلد ،حيث بعض المجتمعات تفضل اللجوء للمحاكم للفصل في النزاعات ، بينما في مجتمعات أخرى يفضل المنازعون المصالحة خاصة في الدول الشرقية . وليس أدل على ذلك من حجم العاملين بالمهن القانونية ، فبينما يقدر عدد المحامين في اليابان بـ12.000 محام ، نجد عددهم يفوق نصف المليون في الولايات المتحدة . وحتى في بلادنا العربية والإسلامية ، نجد المحامين يكثرون في بعض البلدان ويقلون في أخرى . ويعكس هذا – بالإضافة إلى عوامل أخرى – مدى ميل المجتمعات للتقاضي أمام المحاكم مقارنا بالتصالح خارجها .
الترجمة : بما أن التعامل يتم بين جنسيات ولغات مختلفة ، تكتسب الترجمة أهمية إضافية عند صياغة الاتفاقية ، ويجب حينها التفكير في كيف سيفسرها القاضي أو المحكم إذا اضطر الطرفان للجوء إليهما . وأقرب مثال لذلك الخلاف حول تفسير قرار مجلس الأمن رقم 242 ما بين النسخة الإنجليزية والنسخة الفرنسية ، وهل المقصود أراض احتلها ( العدو ) إسرائيل أم " الأراضي التي احتلتها ... " .
قانون من نطبق : ليس هناك محاكم دولية محايدة تنظر في النزاعات التي أحد طرفيها مستثمر أجنبي أو شركة ، وليست هناك هيئة دولية ترخص الشركات ، فهل للشركة وطن أو جنسية واحدة ؟ أم هل لها أكثر من جنسية ؟ طبقا لوجهة النظر الأمريكية الترخيص للشركة ، أي شركة ، بالعمل هو عمل من أعمال السيادة ، وجنسية الشركة من جنسية الدولة المرخصة لها . من الجانب الآخر ، ترى بعض الفلسفات القانونية في بلاد أخرى أن قيام الشركة هو اتفاق بين أفراد وليس عملا من أعمال السيادة ، ولذا ليس من الضروري أن تكون جنسية الشركة هي جنسية الدولة المرخصة لها بالعمل . وبينما تركز بعض الأقطار في محاولتها لتحديد جنسية الشركة على أين يتم تسجيلها ، يركز الآخرون على أين توجد رئاستها ، لذا نجد بعض الشركات تقوم بالتسجيل في أكثر من بلد لحماية مساهميها .
اختيار المستشار القانوني : في بعض البلدان يقوم المحامي بمهام كثيرة خاصة في البلدان التي تتبع القانون العام . وفي البلدان التي تتبع القانون الإداري ، نجد تخصصات كاليابان مثلا التي بها خمس مهن قانونية للمحامين ، كمحامي توثيق ، ومحامي ضرائب ، الخ . والتوثيق نفسه قد يقوم به المحامي فقط في بلد وقد يكون مهنة لغير المحامي في بلد آخر . حاليا تحتفظ الشركات الكبرى خاصة الأمريكية بمستشار قانوني كموظف دائم في الشركة .
النظم القانونية التي تخضع لها الشركات ( م . ج ) .
تخضع الشركة الأجنبية بدرجات متفاوتة إلى ثلاث مجموعات من القوانين . هناك أولا قوانين البلد الأم ، والذي هو بلد ومقر الشركة الأصلي الذي يتحكم في خروجها ويؤثر على نشاطها بقدر ما يستطيع . ثم هناك قوانين البلد المضيف ، وهي أكثر القوانين تأثيرا على عمليات ومنشآت الشركة في ذلك البلد . وثالثا هناك القانون الدولي الذي يمكن أن تلجأ إليه إذا كان قيه لها ملاذ . تتعقد المسألة القانونية عندما تعبر الشركة الحدود وتثار أسئلة تختص بمدى صلاحية قوانين بلد معين في التأثير على شركة من بلد وتعمل في بلد آخر ، كما تتعلق بتنازع القوانين وكيفية التطبيق ومن يقوم بذلك . في الصفحات التالية ، نقوم باستعراض سريع لأنواع القضايا التي تثار حول هذا الموضوع من خلال النظر إلى مجموعات القوانين الثلاثة المذكورة .
(أ) قواني البلد الأم : هناك أولا بلدان قوانين تتحكم في قرار الشركة الأولى بالاستثمار في الخارج من عدمه . حكومة النرويج مثلا تفرض على كل شركة نرويجية تريد الاستثمار في الخارج ، أن تقدم طلبا للبنك المركزي الذي ينظر في الأثر المحتمل لذلك الاستثمار على    الاقتصاد النرويجي ، وقد يرفض الموافقة على ذلك الطلب إذا رأى أنه سيكون له أثر سلبي . كذلك على كل شركة نرويجية أن تقدم تقريرا سنويا اللبن المركزي إن كانت لها استثمارات في الخارج . وهناك بلدان أخرى تطلب شيئا مماثلا من شركاتها . هناك أيضا في بلاد أخرى قوانين خاصة بالتصدير والاستثمار تمنع تصدير سلع معينة ذات تقنية أو أهمية عسكرية ، أو يمكن أن يستفاد منها في ذلك ، ويقتضي تصديرها الحصول على إذن مسبق من الوزارة المنية . بعض البلدان تضع قوانين لمحاربة هروب رأس المال ، وللحفاظ على العملة الصعبة لذا لا توافق على كل استثمار . وهناك قوانين مقاطعة إسرائيل التي تمنع الاستيراد من شركات معينة ( من بلاد أجنبية ) تتعاون مع إسرائيل ، كما تحظر ترويج سلعها في البلاد العربية ، ويقوم مكتب متخصص في الجامعة العربية ، وهو مكتب مقاطعة إسرائيل بتتبع نشاط الشركات العالمية لتحديد الشركات التي تتعاون مع إسرائيل ووضعها في القائمة السوداء لحظر نشاطها في الدول العربية . بالإضافة إلى ذلك ، تضع الدولة العربية التي لها استثمارات خارجية ، توجيهات تمنع المساهمة في شركات أجنبية تتعامل في الخمر أو الممارسات التي يحرمها ديننا الحنيف .
أما أكثر دولة لها قوانين داخلية تطال شركاتها الخارجية فهي الولايات المتحدة . فيها أولا قوانين محاربة الاحتكار داخل أمريكا والتي ترى المحاكم الأمريكية أن لها صلاحية تطبيق تلك القوانين على الشركات الأمريكية في الخارج طالما كان لنشاطاتها الخارجية آثار تحد من المنافسة داخل الأسواق الأمريكية كأن تشتري شركة أمريكية شركة أجنبية كانت منافسة للشركة الأمريكية داخل السوق الأمريكي تقوم بالتصدير إلى السوق الأمريكي الذي تخدمه الشركة الأمريكية من الداخل أيضا . أو أن تقوم شركة أمريكية بالمشاركة في كارتل ( مجموعة احتكارية ) دولية تبيع للولايات المتحدة ، وتقوم بالاتفاق على أسعار البيع أو تقسيم الأسواق فيما بين أعضاء المجموعة . هناك أيضا قانون محاربة الممارسات الفاسدة الأمريكي الذي يمنع الشركات الأمريكية العاملة في الخارج من استخدام أساليب فاسدة للحصول على مناقصات تجارية أو تسهيلات مروعة أو غير مشروعة في بلد أجنبي . بيد أن هذا القانون لم يطبق إلا نادرا لصعوبة تطبيقه وغموض بعض بنوده .
حاليا يثار جدل حول إصدار مثل هذه القوانين ، وهل للدولة الأم صلاحية إصدار قوانين تختص بأفعال تتم خارج حدودها، وهو ما يعف قانونا بمبدأ Extra-territoriality أي تعدي الحدود الجغرافية في إصدار القوانين . هل يحق لبلد ما أن يتحكم في أفعال أفراد وشركات وهم خارج حدوده ، طالما كانت ممارساتهم شرعية في البلد المضيف ؟ ترفض الدولة المضيفة ذلك عادة ، وقد قام مجلس اللوردات البريطاني مثلا بمنع الشركات الأمريكية العاملة في بريطانيا من إمداد وزارة العدل الأمريكية بمعلومات عن نشاط تلك الشركات في بريطانيا . كما أصدر البرلمان الاسترالي قانونا مماثلا . تجد الشركات نفسها في وضع صعب أحيانا ويتنازعها قانونا . أحيانا أخرى تفقد الشركات فرصة بسبب ذلك ، فقوانين محاربة الاحتكار الأمريكية قد تضطر شركة أمريكية لبيع بعض مقتنياتها من الأصول الأجنبية لتفادي اعتبارها مخالفة لذلك القانون داخل أمريكا . كذلك الخضوع لذلك القانون يعني تطويلا وإجراءات قد تضيع معها الفرصة ، مثل اضطرار شركة جيليت الأمريكية إلى الانتظار طويلا قبل أن توافق وزارة العدل الأمريكية على شراء جيليت لشركة براون الألمانية .
حاليا هنالك دعوى أمام محكمة فيدرالية أمريكية رفعتها وزارة الخزانة الأمريكية ضد مصرف الوحدة السويسري ، لإجبار البنك على كشف أرصدة مواطنين أمريكيين لدى البنك ، متهمين بالتهرب من الضرائب ، ويحتج البنك بسرية الحسابات ، ويحتج السويسريون أن المحاكم الأمريكية لا صلاحية لها في هذا .
(ب) قانون البلد المضيف : معرفة والالتزام بقانون البلد الذي تعمل فيه الشركة الأجنبية أمران مهمان لها ، وإذا كانت للشركة استثمارات وعمليات في أكثر من بلد ، ينبغي عليها الالتزام بأكثر من قانون كل في بلده ، ولذا يجب عليها معرفة القانون الساري في كل بلد لها فيه نشاط . عموما هناك نظامان قانونيان يمثلان الأنظمة السائدة . هناك أولا القانون الكودي ويعرف أحيانا بالقانون المدني أو الإداري الفرنسي والذي يقوم على تشريع واضح ومفصل يوضح حكم القانون في كل حالة يمكن أن تطرأ وجذوره مشتقة من القانون الروماني ، وهو المتبع حاليا في أوروبا القارية ( أي باستبعاد بريطانيا ) ، كما هو الأساس لقوانين كثير من الدول العربية . أما النظام القانوني الآخر : فهو ما يسمى بالقانون العام الذي يقوم على العرف والممارسات المؤسسة والذي فيه تقوم المحاكم من خلال عملها اليومي بتعريف وتفسير القوانين واستنباط الأحكام بصفتها المرجع النهائي . ويعتمد القانون العام بشدة على نظام السوابق المحلفين . يطبق القانون العام في الدول الأنجلوساكسونية ، كبريطانيا والولايات المتحدة والمستعمرات البريطانية سابقا كالهند ونيجيريا والسودان ( حتى عهد قريب ) . عموما تتبع دول أمريكا اللاتينية القانون الفرنسي بينما تتبع دول آسيا القانون العام ، وتتبع اليابان القانون العام الألماني هو خليط من الاثنين . عموما في القانون الإداري تفسير القوانين من اختصاص الجهاز التنفيذي ، بينما في القانون العام تفسير القانون مهمة القضاء ، تهديه في ذلك مبادئ عامة وسوابق لها نظم مفصلة . ( وربما كان من الأفضل تسميه " قانون العموم " لأن الكلمة تشير إلى عموم المواطنين مقابل الخاصة " الملوك " ) .
موضوع الحماية القانونية مهم جدا للمستثمر الأجنبي مع تدخل الجريمة المنظمة والمافيا الروسية في اجتماعات المساهمين هناك ومع الشركات القابضة في البرازيل وكوريا التي تسحب الأرباح من شركة إلى شركة زميلة فتحرم مساهمي الشركة الأولى من حقهم ، ومع بطء إجراءات الإفلاس التي قد تستغرق عقودا في المكسيك وتايلاند حارمة المقرضين من تحصيل حقوقهم . وقد قام عدة باحثين قانونيين في أمريكا بمقارنة النظم القانونية في الاقتصاديات الصاعدة ، ووجدوا أن الدول التي تتبع نظام القانون العام توفر للمستثمر الأجنبي ( غير المباشر ) ضمانات لحماية مصالحه أكثر مما توفرها نظم القانون الإداري ، حيث باستطاعة المساهم في دول القانون العام ، أن يصوت بالبريد ، ويسمح له النظام بنقل الملكية – خلال اجتماعات المساهمين – كما يتطلب القانون عددا أقل من الأسهم للدعوة لاجتماع فوق العادة ، ويحمي القانون الأقلية ، وينطبق هذا على حملة الأسهم والسندات .
وهناك ثالثا الشرع الإسلامي : الذي هو قانون السماء الذي يزداد تطبيقه في البلدان الإسلامية وهو الذي يحكم المعاملات المالية والتجارية في عديد من البلاد الإسلامية . هو يقوم كما نعلم على النص ( القرآن والسنة ) وعلى الاجتهاد ( الإجماع والقياس ) وهو بذلك وسط بين النظم القانونية ( خير الأمور الوسط ) ، حيث يمكن القول أن القانون العام يعتمد على الاجتهاد ، بينما يعتمد القانون المدني على النص . والقانون الشرعي يمكن أن يطبق في خارج البلدان التي تتبناه داخليا ، وقد حدث ذلك عام 1992 في قضية رفعها صندوق النقد العربي ضد أحد مديريه السابقين ، فكان أن حكمت المحكمة البريطانية أن القانون الذي يجب تطبيقه في تلك الحالة هو قانون دولة الإمارات الإسلامي مكان الواقعة .
معرفة قانون البلد المضيف ضرورية ، لأنه يكاد يحكم كل نشاط الشركة الأجنبية فيه ، فهو يؤثر أولا على أسلوب دخول السوق : بالتصدير له ، بالترخيص أم بالاستثمار فيه ؟ وهو الذي يحدد هل يشترط وجود شريك محلي أم لا ؟ كذلك من المهم جدا التعرف على مدى الحماية التي يقدمها القانون المحلي لبراءات الاختراع ، وهل الدولة ملتزمة بالميثاق الدولي لحماية الملكية الصناعية ( الذي وقعته أكثر من 100 دولة والذي يحمي براءات الاختراع والاسم والعلامة التجارية ) ، وميثاق حماية حقوق النشر ومواثيق أخرى عديدة . وفي كل بلد هنالك قوانين خاصة بالتوثيق ، التعبئة والتغليف ، المواصفات السلعية ، إجراءات الجمارك . الخ ... وكلها تؤثر على نشاط الشركة . المقترح الاستثماري نفسه يخضع لإجراءات معينة في تقديمه ، وهناك شروط معينة يجب أن يستوفيها المقترح قبل أن يجاز تختص بالملكية وطريقة التمويل واستخدام المواد المحلية . أحيانا يستخدم القانون المحلي لمنع المنافسة الأجنبية بوضع العوائق أمامها ، وأحيانا يقدم القانون المحلي حماية للمستثمر الأجنبي ، كأن يمنع استغلال براءة اختراع معين إلا للشركة الأجنبية المسجل باسمها أو بموافقتها وبذلك يمنع المنافسة . الشركات الأجنبية تعي كل ذلك ، حيث إنها تلجأ لأكبر المكاتب القانونية في بلدها والبلد المضيف ، وأحيانا يكون لديها خبرات وقدرات قانونية أكثر مما يتاح لبعض الدول النامية .
(ج) القانون الدولي : يسعى القانون الدولي إلى تأسيس إطار قانون ينظم التعامل بين الدول مثل قانون البحار ، قانون الجنسية ، قانون الحدود . أما فيما يختص بالنشاط الاقتصادي فالقانون الدولي متأثر في تطوره بفلسفة الاقتصاد الحر ، التي ترى أن من الخير ترك النشاط الاقتصادي للقوانين المحلية . لهذا السبب لم يكن للقانون الدولي التقليدي أثر يذكر على إدارة الأعمال الدولية إن هناك كثيرا من الأدبيات والمواثيق في هذا المجال التي لها أثر على البيئة الدولية . يضاف إلى ضعف دوره ، حقيقة كون القانون الدولي ليست له سلطة تفرضه وتطبقه ، وإن تطبيقه أو تفسيره بواسطة محكمة العدل الدولية مرهون أولا بموافقة الطرفين باللجوء إليها ، ولا يكون ملزما إلا في تلك الحالة ، وحتى هنا يطبق طوعا . ومن ناحية عامة لا تقبل محكمة العدل الدولية دعاوى الدول ضد بعضها ، وبذلك اللجوء إليها مباشرة غير وارد من وجهة نظر الشركات متعددة الجنسية .
وعودة إلى الأدبيات ومجموعة المواثيق في القانون الدولي ذات الأثر على البيئة الدولية ، فهذه تختص بـ :
الاتفاقيات الثنائية : التي تنظم العلاقات بين قطرين ، وهي شيء طبيعي مثل اتفاقات الصداقة والتجارة والتعاون التي تعقدها الدول مع دول أخرى والتي لا يخلو منها بلد . وهي تتعلق عادة بحق مواطني كل دولة في السفر والتجارة والاستثمار في الدولة الأخرى ، والاتفاقية عادة تؤمن عدم التفرقة المتبادل . هناك أيضا اتفاقيات ضرائبية لمنع الازدواج الضريبي بين دولتين ولمنح إعفاءات ضريبية متبادلة لمواطني البلدين في البلد الآخر ، فللكويت مثلا عشرات الاتفاقيات مع العديد من الدول ، كما للمملكة العربية السعودية ولمصر اتفاقيات مماثلة مع دول عربية وغير عربية . تحكم هذه الاتفاقيات الاستثمارات والتجارة بين البلدين ، وهي بذلك تخفض حالة القلق التي قد يعاني منها مستثمر ليس لبلده مثل تلك الاتفاقية مع البلد الذي تستثمر فيه .
الاتفاقيات الدولية : وهي التي تشترك فيها عدة دول كاتفاقيات التكامل الاقتصادي ، كمجلس التعاون الخليجي والسوق الأوروبية المشتركة . وهذه الاتفاقيات تختلف في شموليتها والجوانب التي تغطيها اعتمادا على مرحلة التكامل . هناك أيضا الاتفاقيات الدولية والمواثيق التي تنشأ لمعالجة موضوع معين ، مثل ميثاق حماية الملكية الصناعية الذي أشرنا إليه سلفا ، وترتيبات مدريد للتسجيل للماركات التجارية الذي وقعته عشرات الدول وفيه إذا سجلت شركة ما اسما تجاريا في إحدى الدول الموقعة ، يتم تسجيل تلك الماركة آليا في بقية الدول الأخرى الموقعة , وهناك اتفاقية أخرى مهمة أشرنا إليها ، وهي الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة سابقا ، بما لها من أثر على الحواجز الجمركية والمواصفات والمقاييس ، والتي حلت محلها منظمة التجارة العالمية ، ولا تزال اتفاقيات الجات ملزمة في المنظمة الجديدة .
حل النزاعات : السؤال الصعب في هذا الموضوع أو في أي نزاع طرفاه من بلدين مختلفين هو : أي القانونين يطبق ؟ وما العمل في حالة تعارض القوانين ؟ فكل طرف يفضل عادة تطبيق قانون بلده . أحيانا يحتاط الطرفان أو أحدهما لمثل هذا الوضع ، بأن تذكر الاتفاقية الاستثمارية ( إن وجدت ) بين الطرفين أي قانون يسري في حالة نشوب نزاع بين الطرفين ، اللذين هما غالبا فرد أو منشأة من بلد ضد بلد آخر . أما إذا كان النزاع بين فردين أو مؤسستين فيسري طبيعيا قانون البلد الذي تمت فيه المعاملة .
أحيانا تتضمن الاتفاقية أيضا اللجوء إلى التحكيم في حالة النزاع ، أو قد يلجأ إليه الطرفان عند حدوث نزاع حتى بدون وجود اتفاقية . ويتم التحكيم على المستوى العالمي بواسطة الغرفة التجارية العالمية ، والتي مقرها باريس ، فهي تهيئ منبرا للتحكيم ، علما بأن قراراته ليست ملزمة إلا إذا أراد لها الطرفان ذلك . هناك أيضا المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار ، والذي نذكره لاحقا عند مناقشة المؤسسات الدولية . أما محكمة العدل الدولية ودورها في حل النزاعات ، فقد ذكرناه في أول هذه الجزء .

أخيرا : هناك الهيئة العربية للتحكيم الدولي ، والتي تم إعلان تأسيسها في عام 1991 في باريس بواسطة مجموعة كبيرة من رجال القانون في الدول العربية ، وألفوا مجلس إدارتها ، كما شكلت الهيئة محكمة تحكيمية . بالإضافة إلى ذلك هناك أربعة مراكز تحكيم إقليمية في القاهرة والبحرين ودبي والرباط ، ويقدر حجم التحكيمات العربية الدولية ( أي التي فيها طرف عربي ) بـ 30% من مجموع التحكيمات في العالم اليوم ( الشرق الأوسط 2/6/1992م ) . وللهيئة اليوم مجلس إدارة له رئيس ونائبان وأمين عام وخمسة عشر عضوا آخرين من خمس عشرة دولة ، ومركزها باريس .
أكمل القراءة Résuméabuiyad

الاستراتيجيات درء المخاطر

| |

هناك عدة أشياء تستطيع أن تفعلها الشركة لحماية نفسها من المخاطر السياسية ، بعد أن تقوم بالتحليل والدراسة . وهذه السياسات والاستراتيجيات تقع في ثلاث مراحل رئيسية ، المرحلة الأولى : تختص بما يمكن فعله قبل اتخاذ القرار الاستثماري ، أي قبل توريط النفس بالدخول في البلد . والمرحلة الثانية : هي استراتيجيات تستخدم عند التشغيل ، حينما تكون الشركة قد دخلت مرحلة العمليات . والمرحلة الثالثة : هي خطط الطوارئ . أما الدراسة والتحليل ، فهما عمليات مستمرة في كل المراحل .
إجراءات يجب أن تسبق القرار الاستثماري :
التفاوض المسبق : على الشركة الأجنبية توقع المصاعب والوصول إلى تفاهم مع البلد المضيف قبل الدخول في الاستثمار حول التغيرات التي يمكن أن تحدث وما سيحدث للشركة حينها . مثل هذا التفاوض قد يؤدي إلى اتفاقية تبرم بين الطرفين حول المتوقعات أو إعطاء ضمانات وتأكيدات حكومية ضد التصرف الاعتباطي . ومن الممكن أن تتضمن الاتفاقية الحقوق والواجبات على كل جانب . في السابق كانت مثل هذه الاتفاقيات اتفاقية من جانب واحد ، عادة تملي فيها الشركة شروطها على الدولة . أما حاليا فتسعى كثير من الحكومات لإغراء الشركات الأجنبية بالاستثمار فيها مثلما تسعى الشركات في البحث عن بلدان كموقع للاستثمار . تسعى الصين الشعبية مثلا إلى جذب شركات " الهاي – تك " بشروط مغرية ، في حين تضع كازاخستان شروطا تقبلها شيفرون الأمريكية على مضض إن قبلتها . وتعتمد الشروط النهائية ونوعيتها على قوة الموقف التفاوضي لكل جانب . تحدد الاتفاقيات الاستثمارية في العادة أشياء مثل : أسس تحويل الأرباح والأجور والإتاوات ، أسس تحديد الأسعار الداخلية ( بين الشركة وأخواتها في الخارج ) ، الضرائب ، الملكية ، استخدام الأجانب ، استخدام المواد المحلية ، أسلوب حل النزاعات بين الطرفين . وقد تتضمن أيضا ، أسلوب التصفية والخروج النهائي . وإذا كان لدولة أن توقع اتفاقية مع شركة ، فيجب أن تكون تلك الشركة ضخمة مقارنة باقتصاد ذلك البلد ، أو أن تمتلك تلك الشركة تقنية تحتاجها تلك الدولة . كذلك مثل هذه الاتفاقيات يمكن أن تبرم بين حكومة وحكومة لوضع ضوابط للاستثمارات البينية فيهما ، وتوضح حقوق وواجبات مستثمري كل بلد في البلد الآخر ، كالاتفاقيات بين الكويت والمغرب أو بين السعودية ومصر أو السعودية وألمانيا . توضح الاتفاقيات أسلوب التعامل ومعالجة أي أوضاع تطرأ مستقبلا ، ويبقى بعد ذلك الالتزام بها .
اللجوء إلى التأمين ضد المخاطر : هناك حاليا العديد من المنظمات الدولية والإقليمية والقطرية والترتيبات المختلفة التي تؤمن ضد المخاطر السياسية وتقوم فيها المنظمة المختصة بتقديم تعويض للشركة المتأثرة في حالات الحروب والاضطرابات والمصادرة التي تمنع الشركة من العمل أو تحد من نشاطها ملحقة بها خسائر وأضرارا . كذلك هنالك تأمين ضد الإجراءات التي تعوق التحويل التي تسن بعد التأمين ، وستتعرف على بعض هذه المؤسسات عند مناقشة البيئة المالية بمؤسساتها المختلفة في العالم .
ليس من الضروري أن تتبع هذه المرحلة مرحلة لاحقة ، إذ يمكن للشركة على أساس تحليلها للمخاطر وصعوبة الوصول إلى اتفاق بشأنها أو إبرام اتفاقية مع الدولة لتأمين موقفها أو لصعوبة وجود تأمين ضد المخاطر السياسية ، يمكن أن تقرر الشركة ألا تستثمر في البلد موضع الدراسة ، وبذلك يخفى ملف البلد ، ربما إلى حين . أما إذا كان القرار هو الدخول في أعمال دولية في القطر موضوع الدراسة أو معه ، فهناك أيضا بعض السياسات التي يمكن أن تتبعها الشركة في تلك الحالة .
(ب) استراتيجيات تنفذ عند بدء العمليات :
قد تتغير النظرة الحكومية كما تتغير أسبقيات الحكومة وتتبدل الأوضاع التي تواجهها الشركة بأوضاع جديدة غير التي كانت سارية عند اتخاذ القرار ، والدخول في استثمارات داخل البلد . في هذه الحالة ، بمقدور الشركة أن تصر على تفسير الاتفاقيات كما تراها ( إن كانت هناك اتفاقية ) وتتمثل بالنص أو أن تحاول الشركة التكيف مع الوضع الجديد ، وذلك ما تفعله أغلب الشركات اتقاء تعقيدات أكبر ريمكن أن تنشأ أو اعترافا بصعوبة فرض وجهة نظرها على الحكومات . لكن خيار الإصرار على تنفيذ الاتفاقية وأخذ الدولة إلى المحاكم في أي البلدين كما فعلت شركة إنرون وربما قبول التحكيم أو التسوية ، كلها أشياء واردة ، وقد اختارت عديد من الشركات ذلك في حالات معينة . وحتى مع مواصلة الصراع والتقاضي تقوم الشركة بالتكيف الذي كما أوردنا ، يتطلب المقدرة على التنبؤ بالتغير في أسبقيات الدولة ، والعمل على جعل خدمات الشركة ضرورية للدولة ، وتحسين الموقف التفاوضي للشركات ، مما يستدعي النظر في السياسات الخاصة بالإنتاج والتسويق والتنظيم .
في مجال الإنتاج واللوجستية : قد تحاول الشركة الاستفادة من الإنتاج المحلي بقدر الإمكان فكلما زاد المحتوى المحلي للسلعة كلما قل انكشاف الشركة ، علما بأن ذلك قد يكون على حساب الجودة أو الانتظام في التسليم والشحن أو على حساب التكلفة عندما يكون في مقدور الشركة الشراء من زميلاتها في الخارج أو من مصدر خارجي آخر بتكلفة أقل . فيما يختص بالموقع ذلك أمر سابق الاختيار ، وعلى الشركة أن تختار الموقع في بلد مستقر ، لكن ذلك ليس دائما خيارا متاحا في الصناعات الاستخراجية المتصلة بالمعادن . تقنية الإنتاج نفسها قد تحمي الشركة إذا كانت الدولة المضيفة في حاجة إليها ولا تجدها عند غيرها بنفس الشروط . كذلك إذا كانت البلد من الموقعين على اتفاقيات حماية براءات الاختراع ، وحماية الملكية الصناعية ، فذلك يجعل الشركة أقل انكشافا .
في مجال التسويق ، يعطي وجود شبكات توزيع خارجية للشركة ميزة تفاوضية ، أما البلد المضيف الذي لا يملك مثل تلك الشركات لتوزيع صادراته كشركات البترول بمحطاتها الخدمية في كل بلد ، مما يجعل الدولة البترولية تسعى إلى التوسع " أسفل النهير " كما يقولون أو التكامل رأسيا بشراء شبكات ومحطات توزيع الوقود في الخارج . ومن ناحية تسويقية ، يعطى التحكم في الأسماء التجارية والعلامات المتصلة بها وزنا للشركة ، ويقلل من تعرضها للمخاطر ، حيث تكون محتكرة لذلك ، فمن يستطيع أن ينتج كوكا كولا أو فراخ كنتاكي بدون موافقة أي من الشركتين ؟
في المجال المالي تقل المخاطر بالاعتماد على التمويل المحلي بأكبر قد ممكن ، واختيار مشاركة شركاء محليين والاقتراض من أكثر من قطر ، فتبقى للدائنين في أكثر من بلد مصلحة في بقاء الشركة . كما يمكن التركيز على الأرباح والنظرة قصيرة الأجل لاسترداد رأس المال في أقصر فترة ممكنة .
من ناحية تنظيمية ، يجعل وجود الشريك الأجنبي الشركة أكثر قبولا في البلد المضيف ويحميها نوعا ما ، لكنه لا يخلو من مشاكل كالخلاف في الرأي والأهداف ، وكشف أسرار الشركة . كذلك يمكن للشركة أن تقلل من انكشافها بالاقتصار على عقود الإدارة ، ومنح التراخيص , وفي الحالة الأخيرة لن تقيم الشركة منشآت تذكر في البلد المضيف ، ولن تتحمل تكاليف إنشائية ، بل تقوم فقط بإرسال موظفيها مع تصميماتهم وأدوات الرسم والمحاسبة التابعة لهم ، ويدفع الطرف المحلي تكاليف أي معدات إنشائية واستثمارات مطلوبة .
(ج) التخطيط للطوارئ :

بعد أن تبدأ الشركة في العمل ، قد تجد طوارئ أخرى ، ولذا ينبغي على الشركة أن تكون لديها خطة تحدد ما ستفعله إذا ما حدثت اضطرابات في البلد الذي تعمل فيه . ويفرض ذلك على الشركة أن تعرف مواطن ضعفها وإجراءاتها العادية ، وتطرح أسئلة على نفسها مثل : كيف تحمي الشركة ممتلكاتها ومنشآتها عند حدوث اضطرابات ؟ هل الإجراءات الحالية مناسبة ؟ أي المديرين سيكون في خطر ؟ يتطلب ذلك استقراء الأوضاع ، ومعرفة ما سيحدث قبل وقوعه ، وعلى كل شركة أن تكون لها مصادرها الخاصة عن الأوضاع في كل بلد كالسفارات والغرف التجارية والجماعات الأجنبية والتجمعات المهنية ، كما يمكن استخدام أساليب مختلفة للتوصل إلى ذلك ، مثل الاستعانة ببيوت الخبرة والعصف الذهني مع كبار المديرين والاستفادة من خبرة الموظفين المحليين . الخ .
أكمل القراءة Résuméabuiyad

إدارة وتقييم المخاطر السياسية

| |

كأمثلة على ما يمكن أن يحدث للشركة الأجنبية من جراء تغير مزاج الرأي العام أو تغير القرار السياسي ، نذكر ما حدث لشركة فراخ كنتاكي المقلية التي حرقت الجماهير الغاضبة في الهند قبل سنوات أحد مطاعمها وهي تهتف : رقائق حاسوب لا رقائق بطاطا . أو ما حدث لشركة إنرون الأمريكية في الهند أيضا عام 1995 وهي شركة تعمل في مجال إنشاء وتشغيل ثم بيع محطات الطاقة ، وقد كانت دعتها حكومة الهند الاتحادية لإنشاء محطة ضخمة في ولاية بوبال وقامت الشركة بدراسات وتجارب وتصميمات كلفتها 22 مليون دولار . كانت الحملة الانتخابية لحكومة الولاية قد بدأت في أوائل العام ، فقام حزب المعارضة باتهام شركة إنرون بالاستغلال ، وتضخيم الأسعار ، وهاجم الإنفاق وهدد بإلغائه إذا فاز . وبدلا من قيام شركة إنرون بدراسة احتمال حدوث ذلك سارعت إلى توقيع الاتفاق مع الحكومة القائمة حينها ( حكومة حزب المؤتمر ) . وفي أغسطس فاز حزب جاناتا ، وأوفي بوعده وألغى الاتفاقية من جانبه ، فوجدت الشركة أن مشروعها مهدد ، وما أنفقته لن يرد ، فلجأت إلى المحاكم ، ولم تكسب شيئا ، لكنها في النهاية اضطرت إلى عمل اتفاقية جديدة بشروط الحكومة الجديدة .
ولو كانت الشركة استشارت محللا محليا أو عالم علوم سياسية قبل التورط في المشروع ، لكفت نفسها مؤونة ما حدث .
كذلك نذكر هنا أيضا الاتفاق الذي تم بين شركة إيكونت إحدى شركات مؤسسة البترول الكويتية وشركة داو كميكال الأمريكية ، والذي كان يد التفاوض بين الشركتين لعدة سنوات قبل أن يتفقا على قيام مشروع مشترك تساهم فيه شركة داو بخبراتها الفنية والإدارية بالإضافة إلى العديد من مصانعها لإنتاج البتروكيماويات ، بينما تساهم الكويت بـ 7.5 مليار دولار وأن تبيع للشركة الجديدة المادة البترولية الخام وتمتلك 50% من الشركة الجديدة . لكن وما أن أعلن عن الاتفاق إلا وأصبح مثار جدل داخل الكويت وهاجمه النواب والكتاب على أنه ليس في صالح الكويت ، مما جعل الحكومة تلغيه ، الشيء الذي كلف الشرطتين الكثير ، وجعل داو تعيد رسم استراتيجيتها .
إدارة المخاطر تعني القدرة على التنبؤ بوقوعها والتهيؤ لذلك . لكن كيف يمكن التنبؤ بأن الدولة المضيفة ستتخذ إجراءات من شأنها أن تميز ضد الشركة أو تحرمها من أموالها ؟ ذلك أمر شاق ، لكنه ضروري ، وعلى أساس هذا التنبؤ ودراسة المخاطر ، تستطيع الشركة أن تتخذ قرارها آخذة في الحسبان ذلك الأمر ، وأثره المحتمل على عملياتها . عند ذلك قد تقرر الشركة الابتعاد عن البلد موقع المخاطر ( إن كانت المخاطر ذات أثر كبير ) أو مداراتها بشكل ما ، أو تحملها كما هي . بالرغم من ضخامة المشروع واستراتيجيته ، يبدو أن شركة داو كميكال أعلاه لم تدرس مدى قبول لرأي العام لدورها فيه ، وهل بإمكانها التأثير في الرأي العام وتوضيح وجهة نظرها ولو فعلت ربما كانت أمنت موقفها .سنتعرض لهذه البدائل بعد قليل بعد أن ترى كيف تحلل المخاطر وتتنبأ بوقوعها .
هناك أسلوب مزدوج للتنبؤ يكون جزء منه على المستوى الكلي أو العام ، والثاني على المستوى الجزئي المتعلق بالشركة أو الصناعة التي هي فيها . على المستوى العام تحاول الشركة التنبؤ بالتطورات السياسية ، ودرجة الاستقرار السياسي ، والنظرة الحكومية نحو الشركات الأجنبية عموما . على المستوى الجزئي تسعة الشركة إلى معرفة الأثر المحتمل لهذه التطورات المتوقعة ، والفرص والمخاطر التي ستخلفها هذه التطورات . تحاول الشركات أن تعرف ما إذا كان نشاطها على وجه الخصوص من الممكن أن يتعارض مع أهداف وأسبقيات الدولة المضيفة . ويزداد الأمر تعقيدا حينما تتذكر أن معرفة أسبقيات الدولة ، وكيف ستتغير ، بعد من أصعب الأشياء . دعك من معرفة أثرها المحتمل على الشركة ، الشيء الذي يعتمد على معرفة الإجراءات التي ستقوم الدولة بها وذلك من الأشياء التي يصعب التكهن بها أيضا.
دراسة وتحليل المخاطر السياسية على المستوى العام ليس شيئا سهلا ، إذا هو يتضمن دراسة تاريخ البلد السياسي واستقراره . وهل هناك أي مؤشرات على عدم رضا واضطرابات محتملة أو سخط عام ، أو تغيير في الاتجاهات الاجتماعية والدينية وحدة الشعور الوطني .. الخ . يتطلب ذلك متابعة الأخبار والصحف ووسائل الإعلام المختلفة والنشرات الدبلوماسية والاستئناس بآراء الخبراء وتقديرات الشركات الأخرى وما شابه . وبعد كل ذلك ، يبقى الأمر صعبا وخاضعا لتقديرات شخصية قد تخطأ وقد تصيب ، فمن يستطيع التنبؤ فعلا ؟ من كان يستطيع التنبؤ بأحداث العقود الأخيرة مثل انهيار الشيوعية في شرق أوروبا عام 1989 وأزمة الخليج 1990 ، وتفكك الاتحاد السوفيتي بل اختفاؤه عام 1991 ؟ وحرب العراق 2003 وانتخاب أوباما 2008 ؟ ما يحدث عادة هو مجرد إسقاط الاتجاهات الحاضرة في المستقبل عند محاولة التنبؤ .
نشاط الشركة ، وهل سيسترعى الانتباه وهل سيثير الدولة ؟ هل من المتوقع أن تتعرض  الشركة للحجز ؟ ستستقدم قيود جديدة على نشاط الشركة ؟ لا تكفي دراسة الوضع العام لأن أثره على كل شركة يختلف باختلاف نوعية ، وحجمه والقطاع الذي تعمل فيه . أي أن الشركات تختلف في مدى اكتشافها ( تعرضها للمخاطر ) فشركة فراخ كنتاكي ذات انكشاف مختلف عن شركة فورد مثلا .
ومع كل هذه الدراسات والتحليلات ، لا يستبعد وقوع حوادث وتغيرات في الوضع السياسي والاقتصادي لم يتنبأ بها أحد ، ولذا على الشركة أن تتخذ خطوات إضافية .
هناك بيوت خبرة تتخصص في دراسة الأوضاع السياسية في البلدان المختلفة ، وتبيع خدماتها للشركات الدولية . تدرس هذه البيوتات الاستقرار السياسي والمناخ الاستثماري في عدة بلدان ، والتوقعات المحتملة فيها ، ويتم ذلك على أساس عدة مؤشرات اقتصادية وسياسية تتضمن العوامل المهمة . هناك مثلا مؤشر للاستقرار السياسي مكون من 15 بندا تقع في ثلاث مجموعات هي ، أولا : العوامل الاجتصادية ( الاجتماعية - الاقتصادية ) التي تتضمن أشياء مثل : تجانس السكان ، والنمو الاقتصادي المحتمل . هناك ثانيا مؤشر للصراع الاجتماعي يقيس احتمالات التغيرات المصحوبة بالعنف . أما المجموعة الثالثة فتختص بسهولة انتقال السلطة من حاكم لآخر ( الخلافة ) . تختلف بيوت الخبرة المختلفة في العوامل التي تركز عليها وتصنيفها ، ولكنها عموما من هذا النوع ، ويسعى بعضها للحصول على معيار رقمي أو ترتيب أبجدي يصنف الاستقرار السياسي بأنه 90% أو " أ " أو " ب " أو " ممتاز " أو " رديء " الخ . وتصدر هذه البيوتات نشرات دورية أو تقارير سنوية عن كل بلد من مجموعة أقطار ، ومن الطبيعي أن تختلف بيوت الخبرة هذه في تقييم بعض البلدان ، بعض أهم بيوت الخبرة هذه " مجلة يورو موني " الأمريكية ، وآخر يتبع التايمز اللندنية . كذلك لبعض الشركات الدولية أقسام بحوث متخصصة في تحليل المخاطر الداخلية الخاصة بالقطر أو بالشركة .
قبل سنوات قليلة ، بدأت مؤسسة التراث الأمريكية المعروفة بإصدار مؤشر دوري لما سموه الحرية الاقتصادية في البلدان المختلفة مبني على عدة اعتبارات تتضمن السياسات التجارية والضرائبية والنقدية ، بالإضافة إلى حقوق الملكية ، وحرية التجارة ، وحرية العمل والعمالة ، والحرية من الفساد ، وحجم الإنفاق الحكومي ، والقيود الحكومية ، وحجم السوق الأسود ، وقارنوا بين درجة ذلك المؤشر وأداء البلد الاقتصادي . وقد وجودا علاقة قوية بين درجة الحرية الاقتصادية في البلد ونموه الاقتصادي . ومع أنهم يرون أن لمؤشر الحرية دلالات للمستثمر الأجنبي ، لكن تركيزهم كان على الأداء الاقتصادي في القطر ، بل إنهم اقترحوا مؤشر أخر للمستثمر الأجنبي يركز على مجمل العوامل التي أشرنا إليها في الفصل الثالث إضافة إلى المديونية الخارجية ، ومدى الاعتماد على المعونة الأجنبية ومعدل الادخار .
وهناك مؤشرات أخرى أكثر شمولا تتضمن الجانب السياسي والاقتصادي المالي أكثر فائدة للمستثمر الأجنبي .
وكمثال آخر أحد بيوت الخبرة المعروفة يجد القارئ في الجدول رقم (3-6) التقييم الشهري للمخاطر الذي يصدره بيت مجلة يوروموني المعروفة وفيه تصنيف لـ 157 قطرا من حيث المخاطر السياسية والاقتصادية بإعطاء تقدير لكل بلد وترتيبه ، وكلما ارتفع التقدير كلما عني ذلك انخفاض المخاطر . ونلاحظ في الجدول أن الكويت كانت أقل الدول العربية مخاطرة ، وأن هناك خمس دول عربية أخرى مصنفة ضمن الدول منخفضة المخاطر هي دول مجلس التعاون الخليجي . كما نجد مصر والأردن والدول المغاربية مصنفة متوسطة المخاطر . كذلك يتغير التقدير من عام طبقا للأحداث ، حيث ارتفع مثلا تقدير الكويت بعد التحرير بأكثر من 20 درجة . وتأتي الأقطار التي تعاني من حروب أهلية في ذيل القائمة . وأكثر الدول التي تغير فيها المناخ كانت في أول 1999م مقارنا بأول 1998م هي روسيا ثم يوغوسلافيا ثم لإثيوبيا .
جدول رقم (1-1) ترتيب الدول طبقا لمؤشر المخاطر المشترك ، مارس 2008
القطر                                                                                                                                                                                                                                                                                                               
الترتيب            وفقا لمؤشر مارس 2008
   القطر
الترتيب وفقا لمؤشر مارس 2008
دول ذات مخاطر منخفضة جدا :
لوكسمبرج
النرويج
سويسرا
الدنمارك
السويد
أيرلندا
النمسا
فنلندا
هولندا
الولايات المتحدة
المملكة المتحدة
ألمانيا
كندا
فرنسا
أستراليا
أيسلندا
بلجيكا
سنغافورة
نيوزيلندا
اليابان
أسبانيا
إيطاليا
هونج كونج
البرتغال
سلوفينيا
اليونان
لاتيفا
الصين
جنوب أفريقيا
دول متوسطة المخاطر :
كرواتيا
تايلاند
بلغاريا
الهند
رومانيا
روسيا
تونس
البرازيل
موريشيوس
كازاخستان
المغرب
اتيجوا وبربودا
مصر
تركيا
بنما
كولومبيا
بيرو
كوستاريكا
الأردن
أذربيجان
أوكرانيا
الفلبين
فيتنام
مقدونيا
الجزائر
اندونيسيا
جواتيمالا
السلفادور
ماكاو
سان فنست وجرنادين
أورجواي
ألبانيا
صربيا
غانا
لبنان
تركمستان
دومنيكا
أنجولا
بوركينا فاسو
زمبيا
دول ذات مخاطر عالية جدا :
بنجلاديش
مالي
جزر ساموا
بنين
كامبوديا
جيبوتي
مدغشقر
يليز
مولدوفا

1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
53
54
55

56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
127
128
129
130
131
132

133
134
135
136
137
138
139
140
141
دول ذات مخاطر منخفضة :
الكويت
مالطا
تايوان
الإمارات
قبرص
بيرامودا
البهاما
البحرين
قطر
السعودية
إسرائيل
جمهورية التشيك
عمان
كوريا
المجر
بولاندا
تشيلي
سلوفاكيا
بربادوس
بروناي
ليتوانيا
بتسوانا
ماليزيا
استوانيا
المكسيك
ترندادوتوباجو
جمهورية الدورمنيكان
الأرجنتين
سانت لوسيا
أرمانيا
هوندوراس
منغوليا
الجابون
سري لانكا
باكستان
موزامبيق
كيب فردي
جامايكا
ليسونو
بابوا غينيا الجديدة
بوتان
نيجريا
البوسنة والهرسك
بلا روسيا البيضاء
دول ذات مخاطر عالية :
جزر سيشل
جمهورية المالديف
غنيا الاستوائية
أوغندا
السنغال
فنزويلا
اليمن
تنزانيا
الكاميرون
كنيا
فانواتو
سوريا
فيجي
بارجواي
سوازيلاند
تونجا
جارانيد
إيران
جورجيا
ازبكستان
نبيال
بوليفيا
النيجر
إكوادور
إثيوبيا
موريتانيا
جامبيا
نيكاراجوا
ساحل العاج
توجو
جمهورية جرقزتان
غانا
تشاد
السودان
رواندا

27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107

108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157


أكمل القراءة Résuméabuiyad
جميع الحقوق محفوظة لـ خدمات وحلول متكاملة للاعمال 2013 ©