كأمثلة على ما يمكن أن يحدث للشركة الأجنبية من جراء تغير مزاج الرأي العام أو تغير القرار السياسي ، نذكر ما حدث لشركة فراخ كنتاكي المقلية التي حرقت الجماهير الغاضبة في الهند قبل سنوات أحد مطاعمها وهي تهتف : رقائق حاسوب لا رقائق بطاطا . أو ما حدث لشركة إنرون الأمريكية في الهند أيضا عام 1995 وهي شركة تعمل في مجال إنشاء وتشغيل ثم بيع محطات الطاقة ، وقد كانت دعتها حكومة الهند الاتحادية لإنشاء محطة ضخمة في ولاية بوبال وقامت الشركة بدراسات وتجارب وتصميمات كلفتها 22 مليون دولار . كانت الحملة الانتخابية لحكومة الولاية قد بدأت في أوائل العام ، فقام حزب المعارضة باتهام شركة إنرون بالاستغلال ، وتضخيم الأسعار ، وهاجم الإنفاق وهدد بإلغائه إذا فاز . وبدلا من قيام شركة إنرون بدراسة احتمال حدوث ذلك سارعت إلى توقيع الاتفاق مع الحكومة القائمة حينها ( حكومة حزب المؤتمر ) . وفي أغسطس فاز حزب جاناتا ، وأوفي بوعده وألغى الاتفاقية من جانبه ، فوجدت الشركة أن مشروعها مهدد ، وما أنفقته لن يرد ، فلجأت إلى المحاكم ، ولم تكسب شيئا ، لكنها في النهاية اضطرت إلى عمل اتفاقية جديدة بشروط الحكومة الجديدة .
ولو كانت الشركة استشارت محللا محليا أو عالم علوم سياسية قبل التورط في المشروع ، لكفت نفسها مؤونة ما حدث .
كذلك نذكر هنا أيضا الاتفاق الذي تم بين شركة إيكونت إحدى شركات مؤسسة البترول الكويتية وشركة داو كميكال الأمريكية ، والذي كان يد التفاوض بين الشركتين لعدة سنوات قبل أن يتفقا على قيام مشروع مشترك تساهم فيه شركة داو بخبراتها الفنية والإدارية بالإضافة إلى العديد من مصانعها لإنتاج البتروكيماويات ، بينما تساهم الكويت بـ 7.5 مليار دولار وأن تبيع للشركة الجديدة المادة البترولية الخام وتمتلك 50% من الشركة الجديدة . لكن وما أن أعلن عن الاتفاق إلا وأصبح مثار جدل داخل الكويت وهاجمه النواب والكتاب على أنه ليس في صالح الكويت ، مما جعل الحكومة تلغيه ، الشيء الذي كلف الشرطتين الكثير ، وجعل داو تعيد رسم استراتيجيتها .
إدارة المخاطر تعني القدرة على التنبؤ بوقوعها والتهيؤ لذلك . لكن كيف يمكن التنبؤ بأن الدولة المضيفة ستتخذ إجراءات من شأنها أن تميز ضد الشركة أو تحرمها من أموالها ؟ ذلك أمر شاق ، لكنه ضروري ، وعلى أساس هذا التنبؤ ودراسة المخاطر ، تستطيع الشركة أن تتخذ قرارها آخذة في الحسبان ذلك الأمر ، وأثره المحتمل على عملياتها . عند ذلك قد تقرر الشركة الابتعاد عن البلد موقع المخاطر ( إن كانت المخاطر ذات أثر كبير ) أو مداراتها بشكل ما ، أو تحملها كما هي . بالرغم من ضخامة المشروع واستراتيجيته ، يبدو أن شركة داو كميكال أعلاه لم تدرس مدى قبول لرأي العام لدورها فيه ، وهل بإمكانها التأثير في الرأي العام وتوضيح وجهة نظرها ولو فعلت ربما كانت أمنت موقفها .سنتعرض لهذه البدائل بعد قليل بعد أن ترى كيف تحلل المخاطر وتتنبأ بوقوعها .
هناك أسلوب مزدوج للتنبؤ يكون جزء منه على المستوى الكلي أو العام ، والثاني على المستوى الجزئي المتعلق بالشركة أو الصناعة التي هي فيها . على المستوى العام تحاول الشركة التنبؤ بالتطورات السياسية ، ودرجة الاستقرار السياسي ، والنظرة الحكومية نحو الشركات الأجنبية عموما . على المستوى الجزئي تسعة الشركة إلى معرفة الأثر المحتمل لهذه التطورات المتوقعة ، والفرص والمخاطر التي ستخلفها هذه التطورات . تحاول الشركات أن تعرف ما إذا كان نشاطها على وجه الخصوص من الممكن أن يتعارض مع أهداف وأسبقيات الدولة المضيفة . ويزداد الأمر تعقيدا حينما تتذكر أن معرفة أسبقيات الدولة ، وكيف ستتغير ، بعد من أصعب الأشياء . دعك من معرفة أثرها المحتمل على الشركة ، الشيء الذي يعتمد على معرفة الإجراءات التي ستقوم الدولة بها وذلك من الأشياء التي يصعب التكهن بها أيضا.
دراسة وتحليل المخاطر السياسية على المستوى العام ليس شيئا سهلا ، إذا هو يتضمن دراسة تاريخ البلد السياسي واستقراره . وهل هناك أي مؤشرات على عدم رضا واضطرابات محتملة أو سخط عام ، أو تغيير في الاتجاهات الاجتماعية والدينية وحدة الشعور الوطني .. الخ . يتطلب ذلك متابعة الأخبار والصحف ووسائل الإعلام المختلفة والنشرات الدبلوماسية والاستئناس بآراء الخبراء وتقديرات الشركات الأخرى وما شابه . وبعد كل ذلك ، يبقى الأمر صعبا وخاضعا لتقديرات شخصية قد تخطأ وقد تصيب ، فمن يستطيع التنبؤ فعلا ؟ من كان يستطيع التنبؤ بأحداث العقود الأخيرة مثل انهيار الشيوعية في شرق أوروبا عام 1989 وأزمة الخليج 1990 ، وتفكك الاتحاد السوفيتي بل اختفاؤه عام 1991 ؟ وحرب العراق 2003 وانتخاب أوباما 2008 ؟ ما يحدث عادة هو مجرد إسقاط الاتجاهات الحاضرة في المستقبل عند محاولة التنبؤ .
نشاط الشركة ، وهل سيسترعى الانتباه وهل سيثير الدولة ؟ هل من المتوقع أن تتعرض الشركة للحجز ؟ ستستقدم قيود جديدة على نشاط الشركة ؟ لا تكفي دراسة الوضع العام لأن أثره على كل شركة يختلف باختلاف نوعية ، وحجمه والقطاع الذي تعمل فيه . أي أن الشركات تختلف في مدى اكتشافها ( تعرضها للمخاطر ) فشركة فراخ كنتاكي ذات انكشاف مختلف عن شركة فورد مثلا .
ومع كل هذه الدراسات والتحليلات ، لا يستبعد وقوع حوادث وتغيرات في الوضع السياسي والاقتصادي لم يتنبأ بها أحد ، ولذا على الشركة أن تتخذ خطوات إضافية .
هناك بيوت خبرة تتخصص في دراسة الأوضاع السياسية في البلدان المختلفة ، وتبيع خدماتها للشركات الدولية . تدرس هذه البيوتات الاستقرار السياسي والمناخ الاستثماري في عدة بلدان ، والتوقعات المحتملة فيها ، ويتم ذلك على أساس عدة مؤشرات اقتصادية وسياسية تتضمن العوامل المهمة . هناك مثلا مؤشر للاستقرار السياسي مكون من 15 بندا تقع في ثلاث مجموعات هي ، أولا : العوامل الاجتصادية ( الاجتماعية - الاقتصادية ) التي تتضمن أشياء مثل : تجانس السكان ، والنمو الاقتصادي المحتمل . هناك ثانيا مؤشر للصراع الاجتماعي يقيس احتمالات التغيرات المصحوبة بالعنف . أما المجموعة الثالثة فتختص بسهولة انتقال السلطة من حاكم لآخر ( الخلافة ) . تختلف بيوت الخبرة المختلفة في العوامل التي تركز عليها وتصنيفها ، ولكنها عموما من هذا النوع ، ويسعى بعضها للحصول على معيار رقمي أو ترتيب أبجدي يصنف الاستقرار السياسي بأنه 90% أو " أ " أو " ب " أو " ممتاز " أو " رديء " الخ . وتصدر هذه البيوتات نشرات دورية أو تقارير سنوية عن كل بلد من مجموعة أقطار ، ومن الطبيعي أن تختلف بيوت الخبرة هذه في تقييم بعض البلدان ، بعض أهم بيوت الخبرة هذه " مجلة يورو موني " الأمريكية ، وآخر يتبع التايمز اللندنية . كذلك لبعض الشركات الدولية أقسام بحوث متخصصة في تحليل المخاطر الداخلية الخاصة بالقطر أو بالشركة .
قبل سنوات قليلة ، بدأت مؤسسة التراث الأمريكية المعروفة بإصدار مؤشر دوري لما سموه الحرية الاقتصادية في البلدان المختلفة مبني على عدة اعتبارات تتضمن السياسات التجارية والضرائبية والنقدية ، بالإضافة إلى حقوق الملكية ، وحرية التجارة ، وحرية العمل والعمالة ، والحرية من الفساد ، وحجم الإنفاق الحكومي ، والقيود الحكومية ، وحجم السوق الأسود ، وقارنوا بين درجة ذلك المؤشر وأداء البلد الاقتصادي . وقد وجودا علاقة قوية بين درجة الحرية الاقتصادية في البلد ونموه الاقتصادي . ومع أنهم يرون أن لمؤشر الحرية دلالات للمستثمر الأجنبي ، لكن تركيزهم كان على الأداء الاقتصادي في القطر ، بل إنهم اقترحوا مؤشر أخر للمستثمر الأجنبي يركز على مجمل العوامل التي أشرنا إليها في الفصل الثالث إضافة إلى المديونية الخارجية ، ومدى الاعتماد على المعونة الأجنبية ومعدل الادخار .
وهناك مؤشرات أخرى أكثر شمولا تتضمن الجانب السياسي والاقتصادي المالي أكثر فائدة للمستثمر الأجنبي .
وكمثال آخر أحد بيوت الخبرة المعروفة يجد القارئ في الجدول رقم (3-6) التقييم الشهري للمخاطر الذي يصدره بيت مجلة يوروموني المعروفة وفيه تصنيف لـ 157 قطرا من حيث المخاطر السياسية والاقتصادية بإعطاء تقدير لكل بلد وترتيبه ، وكلما ارتفع التقدير كلما عني ذلك انخفاض المخاطر . ونلاحظ في الجدول أن الكويت كانت أقل الدول العربية مخاطرة ، وأن هناك خمس دول عربية أخرى مصنفة ضمن الدول منخفضة المخاطر هي دول مجلس التعاون الخليجي . كما نجد مصر والأردن والدول المغاربية مصنفة متوسطة المخاطر . كذلك يتغير التقدير من عام طبقا للأحداث ، حيث ارتفع مثلا تقدير الكويت بعد التحرير بأكثر من 20 درجة . وتأتي الأقطار التي تعاني من حروب أهلية في ذيل القائمة . وأكثر الدول التي تغير فيها المناخ كانت في أول 1999م مقارنا بأول 1998م هي روسيا ثم يوغوسلافيا ثم لإثيوبيا .
جدول رقم (1-1) ترتيب الدول طبقا لمؤشر المخاطر المشترك ، مارس 2008
القطر
|
الترتيب وفقا لمؤشر مارس 2008
|
القطر
|
الترتيب وفقا لمؤشر مارس 2008
|
دول ذات مخاطر منخفضة جدا :
لوكسمبرج
النرويج
سويسرا
الدنمارك
السويد
أيرلندا
النمسا
فنلندا
هولندا
الولايات المتحدة
المملكة المتحدة
ألمانيا
كندا
فرنسا
أستراليا
أيسلندا
بلجيكا
سنغافورة
نيوزيلندا
اليابان
أسبانيا
إيطاليا
هونج كونج
البرتغال
سلوفينيا
اليونان
لاتيفا
الصين
جنوب أفريقيا
دول متوسطة المخاطر :
كرواتيا
تايلاند
بلغاريا
الهند
رومانيا
روسيا
تونس
البرازيل
موريشيوس
كازاخستان
المغرب
اتيجوا وبربودا
مصر
تركيا
بنما
كولومبيا
بيرو
كوستاريكا
الأردن
أذربيجان
أوكرانيا
الفلبين
فيتنام
مقدونيا
الجزائر
اندونيسيا
جواتيمالا
السلفادور
ماكاو
سان فنست وجرنادين
أورجواي
ألبانيا
صربيا
غانا
لبنان
تركمستان
دومنيكا
أنجولا
بوركينا فاسو
زمبيا
دول ذات مخاطر عالية جدا :
بنجلاديش
مالي
جزر ساموا
بنين
كامبوديا
جيبوتي
مدغشقر
يليز
مولدوفا
|
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
|
دول ذات مخاطر منخفضة :
الكويت
مالطا
تايوان
الإمارات
قبرص
بيرامودا
البهاما
البحرين
قطر
السعودية
إسرائيل
جمهورية التشيك
عمان
كوريا
المجر
بولاندا
تشيلي
سلوفاكيا
بربادوس
بروناي
ليتوانيا
بتسوانا
ماليزيا
استوانيا
المكسيك
ترندادوتوباجو
جمهورية الدورمنيكان
الأرجنتين
سانت لوسيا
أرمانيا
هوندوراس
منغوليا
الجابون
سري لانكا
باكستان
موزامبيق
كيب فردي
جامايكا
ليسونو
بابوا غينيا الجديدة
بوتان
نيجريا
البوسنة والهرسك
بلا روسيا البيضاء
دول ذات مخاطر عالية :
جزر سيشل
جمهورية المالديف
غنيا الاستوائية
أوغندا
السنغال
فنزويلا
اليمن
تنزانيا
الكاميرون
كنيا
فانواتو
سوريا
فيجي
بارجواي
سوازيلاند
تونجا
جارانيد
إيران
جورجيا
ازبكستان
نبيال
بوليفيا
النيجر
إكوادور
إثيوبيا
موريتانيا
جامبيا
نيكاراجوا
ساحل العاج
توجو
جمهورية جرقزتان
غانا
تشاد
السودان
رواندا
|
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق