يضع ماكس ويبر عدة شروط أو مقومات للنموذج النقي على حد تعبيره نلخصها فيما يلي :
أولا : هيكل رشيد للوظائف بناء على التخصص
ثانيا : كفاءة خاصة محددة لشاغلي الوظائف
ثالثا : التسلسل الهرمي للرئاسات
رابعا : التدريب الرسمي شرط لتولي الوظائف
خامسا : فصل الإدارة عن الملكية والمحاسبة عن الأموال
سادسا : الوظيفة ليست ملكا لشاغلها
سابعا : التسجيل الرسمي للقرارات واللوائح
ثامنا : الانضباط من خلال القواعد
وفيما يلي معالجة هذه المقومات بشكل من التفصيل :-
أولا : هيكل رشيد للوظائف بناء على التخصص :
لكي يكون التنظيم رشيدا فإنه من الضروري تقسيم العمل والاستفادة من التخصص إلى أقصى درجة .
إن ذلك يعني ضرورة تقسيم كل نشاط إلى أنشطة فرعية للاستفادة القصوى من مبدأ التخصص ( المعروف في النموذج الكلاسيكي ) .
وتقسيم الوظائف هنا يجب أن يكون من منطق فكري رشيد .
هذه الوظائف يجب أن تكون رسمية غير محددة بموجب قواعد .
ويركز ماكس ويبر على قوله بأن : " الوظائف تكون رسمية محددة بموجب قواعد " وذلك تأكيد للنموذج الرشيد الذي يتم صياغته بعد تفكير ودراسة .
ثانيا : كفاءة خاصة محددة لشاغلي الوظائف :
من الطبيعي أن يتوافر في شاغلي الوظائف كفاءة خاصة لكل وظيفة . وهذا ما جعل ماكس ويبر يضع الكفاءة الخاصة على قمة نموذجه بعد التحديد الرشيد للوظائف .
إن التقسيم المنهجي للعمل لابد وأن يؤدي إلى تحديد مجال رسمي لكل وظيفة كما أن الكفاءة الخاصة هنا هو منح السلطة اللازمة للقيام بهذه الوظيفة .
ومفهوم السلطة مسيطر على ماكس ويبر لدرجة أنه عندما يتكلم عن الكفاءة الخاصة هذه يذكر أن وسائل الإجبار بالنسبة لكل منصب يجب أن تكون محددة بوضوح كما أن ظروف استخدام هذه الوسائل يجب أن تكون محددة أيضا .
إننا يجب أن نلاحظ أن مفهوم الكفاءة هنا لا يشمل فقط الكفاءة الفنية للوظيفة ولكن أيضا القدرة على التصرف لشاغلي الوظيفة وعلاقتها بالوظائف الأخرى .
إن هذا الموضوع سيكون أوضح لو ذكرنا أن توصيف الوظائف المعروفة هي ترجمة عملية لهذا الشرط حيث يصبح لكل وظيفة واجبات محددة وسلطات محددة وعلاقات محددة .
إن موضوع الكفاءة هذا يطلب من المسئولين والموظفين في النموذج أن يخضعوا لمعايير معينة في الاختيار وفي السلوك سيتم معالجتها بشكل منفصل لأهميتها .
ثالثا : التسلسل الهرمي للرئاسات : ( الهيراركية ) :
إن تنظيم الوظائف في مفهوم ماكس ويبر يجب أن يتبع مبدأ التسلسل الرئاسي ( المعروف في النموذج الكلاسيكي ) بمعنى أن الوظيفة الأقل تكون تحت رقابة وسيطرة الوظيفة الأعلى : حيث يوجد حق التظلم وحق الشكوى من المستوى الأدنى للمستوى الأعلى .
إن الهيراركيات تختلف من حيث إمكانية تحويل الشكوى إلى قاعدة يعمل بها كما أنها تختلف من حيث مستوى إحداث التغيير على المستويات الأقل بإعتبارها المستوى الذي تخرج منه الشكوى .
إن التسلسل الهرمي للرئاسات يعترف بوجود درجات متفاوتة من التقدير الاجتماعي في التنظيم حيث يتم التمييز بين المستويات الرئاسية المختلفة على حسب دورها في التنظيم .
ويكون هذا التمييز في شكل تصنيف مالي ومزايا عينية ( الفئة الوظيفية – الدرجة – كبر حجم الغرفة – مكانها – طريقة تأثيثها ... إلخ ).
رابعا : التدريب الرسمي شرط لتولي المناصب :
إن القواعد التي تنظم سير العمل – يقول ويبر – قد تكون قواعد فنية أو معايير معترف بها : ولذلك فإنه للتطبيق الجيد فإن الأمر يتطلب تدريبا رسميا .
وعلى ذلك فالشخص الكفء الصالح لتولي وظيفة معينة في التنظيم هو الشخص اللذي اجتاز تدريبا رسميا .
إن الأشخاص المدربين هم فقط الأشخاص الذين لهم الحق في أن يكونوا ( مسئولين ) بإستخدام لفظ ماكس ويبر .
خامسا : فصل الإدارة عن الملكية والمحاسبة عن الأموال :
في النموذج الرشيد – يقول ماكس ويبر فإن المبدأ هو فصل هيئة الإدارة عن ملكية وسائل الإنتاج .
إن المسئولين والعاملين لا يملكون الوسائل غير البشرية ولكنهم يستخدمونها في شكل نقود والمفروض أن يتم محاسبتهم عليها .
إنه من الضروري فصل ملكية المنظمة عن الملكية الشخصية للمسئولين كما أن أماكن معيشة المسئولين يجب أن تكون منفصلة عن أماكن العمل ( المكاتب )
سادسا : الوظيفة ليست ملكا لشاغلها :
إن تولي الوظائف لا يمكن أن يكون في ظل النموذج البيروقراطي بالوراثة بل يجب أن يكون من خلال الاختيار والعلاقة التعاقدية الحرة وبالتالي فإن من حق المسئولين في المنظمة إنهاء خدمته مع حقه في المعاش ولا يمكن أن تكون الوظيفة ملكا لشاغلها وبالتالي لا يجوز لشاغل الوظيفة أن يورثها لأحد غيره كما يورث الملكية الفردية .
سابعا : التسجيل الرسمي للقرارات واللوائح :
كل التصرفات الإدارية وكل القرارات الإدارية وكل اللوائح يجب تسجيلها كتابة حتى في الحالات التي تكون فيها المناقشة الشفوية هي القاعدة .
إن التسجيل الرسمي مطلوب للمداولات المبدئية وللقرارات النهائية وكل الأوامر والقواعد واللوائح التي تحكم سير العمل أو أي أجزاء فيه .
إن السجلات والمستندات المكتوبة في النموذج البيروقراطي والتنظيم المستمر لوظائف المسئولين هو ما يكون عملا جماعيا منظما .
ثامنا : الانضباط من خلال قواعد :
إن التنظيم البيروقراطي ( النقي ) يعمل في ظل قواعد عامة وبالرغم من أن شاغلي المناصب أحرار في حياتهم الخاصة فإن حياتهم في العمل تخضع لرقابة منظمة .
إن النمط الحاكم هو الجدية والانضباط بدون اعتبار للعواطف والمسائل الشخصية .
فالمحسوبية والاعتباطية والتحكمية والرحمة والشفقة لا يمكن الاعتراف بها حتى ذلك السلوك الذي يهدف إلى تقوية مراكز الرؤساء في التنظيم البيروقراطي يجب أن تكون لها نهايات غير شخصية .
إن أنماط السلوك محددة وهي محددة بموجب قواعد ويجب ألا يترك للصدفة .
إن سلوك الأفراد يجب أن يكون محسوبا مقدما فهناك القواعد واللوائح والسياسات الوقائية والعقابية .