إن عبء العمل والمسئولية التي تتحملها الإدارة العليا في الوزارات والهيئات والمؤسسات والشركات قد زاد زيادة ملحوظة في السنين الأخيرة ويبدو أنه سيزيد في المستقبل القريب .
إن هذا العبء المتزايد ناتج من عدة عوامل :
1- أصبحت المنظمات أكبر حجما بالتأميم وبالاندماجات وبالتكنولوجيا وبأيديولوجية الرفاهية .
2- أصبحت المنظمات أكثر تعقيدا بالنسبة للعلاقات بين العاملين في المنظمة فيما بينهم وبين المنظمة والغير .
3- التوسع الجغرافي للمنظمات حيث أصبحت لها فروع في مناطق جغرافية متعددة .
4- تختلف الكوادر الإدارية بالنسبة لمتطلبات القدرات القيادية لتلك المنظمات الكبيرة .
إن النظرة إلى عدد الموظفين الذين يعملون بالوزرات والشركات لتعطي فكرة عن كبر هذه المنظمات فبعض الوزرات يزيد عدد العاملين فيها على مائة ألف موظف وعامل مثل وزارة التربية والتعليم كما كثر عدد المباني التي تشغلها الوزارة الواحدة أو الشركة الواحدة .
إن زيادة عدد العاملين نتيجة كبر حجم المنظمات تتطلب زيادة في عبء العلاقات الصناعية ولاسيما أن العمال يستندون إلى مراكز رسمية هامة .
ففي كثير من البلدان نجد العمال منتظمين في نقابات وفي بلدان أخرى نجدهم في لجان الإنتاج أو في لجان الحزب ولا يستطيع المدير اليوم أن يؤجل حل المشكلات المعروضة أمامه إذا كانت تتعلق بالعمال كما أنه لا يستطيع أن يفوض أحدا من مرءوسيه في حل مشكلات العمال ولاسيما إذا كانت مشكلات هامة أو تخص عددا كبيرا من الناس .
لقد انتهى اليوم الذي كان يستطيع فيه المدير أن يفصل العامل لسبب يراه وأصبحت المسألة مسألة حياة لا مجرد مسألة وظيفة .
إن كبر حجم المنظمات ليس فقط بالنسبة للوزارات وإنما أيضا بالنسبة لكثير من الشركات وربما لا تقتصر هذه الفروع على المناطق بالبلاد بل ربما تكون في مناطق عالمية .
فمثلا شركة النصر للتصدير والاستيراد لها 21 فرعا في أفريقيا وثلاثة فروع في آسيا وفرعان في أوروبا .
وتتميز البنوك التجارية أيضا بكثرة الفروع فنجد مثلا أن بنك مصر له 127 فرعا في مختلف أنحاء الجمهورية وبنوك التسليف المتفرعة عن المؤسسة المصرية للائتمان الزراعي تزيد على 120 بنكا والبنك الأهلي 64 فرعا وبنك الاسكندرية 44 فرعا .
إن الضغط الدهني والعصبي وضغط المسئولية على الإدارة العليا غالبا ما يؤدي إلى تدهور الصحة أو إلى عدة أمراض منها :
ارتفاع في ضغط الدم
ارتفاع في نسبة السكر
مرض عضوي بالقلب
تدهور في التركيب السيكولوجي .
ولا توجد في مصر بحوث حول صحة كبار المديرين والأمراض التي يعانون منها وتؤثر عليهم وعلى أعمالهم وعلى مرءوسيهم .
ويمكننا أن نبين من واقع بعض الدراسات في أمريكا أن أكثر من 41٪ من كبار المديرين ( من مجموعة مكونة من 45000 )
يعانون من أمراض ارتفاع ضغط الدم وأمراض عضوية بالقلب .
من الضروري إذا معاونة الإدارة العليا عن طريق تقسيم العمل إلى تنفيذ ومشورة ومعاونة .
والسؤال الآن ما المقصود بكلمة مشورة أو معاونة ؟
غموض كلمة مشورة ومعاونة Staff :
إن وحدات المشورة والمعاونة من الكلمات الغامضة والمربكة سواء في اللغة الإنجليزية أم في اللغة العربية .
ففي اللغة الإنجليزية تستخدم كلمة Staff ويستخدما الكثيرون لتعني أشياء كثيرة كما أنه ليس هناك اتفاق حول معناها .
إن فيفنر يسميها Adjective Tasks وربما يمكن ترجمتها بالعربية لتصبح ( أعمالا إجرائية ) وهو يعرفها بأنها أعمال غير مباشرة فهي أعمال لا تستخدم في تحويل شكل السلع المنتجة بشكل مباشر أو العمل الذي يستخدم في خلق منفعة لدى المستهلك
إن فيفنر يوضح أن التفرقة بين الأعمال المباشرة والأعمال غير المباشرة يجب أن تكون بين الأنشطة التي تسهم بشكل مباشر في تحقيق الأهداف وتلك الأنشطة التي تدعم أو تساعد تلك المجهودات .
إن الحكومة البريطانية تستخدم عبارة Establishment Services ويمكن ترجمتها ( شئون المنظمة ) وقد استخدمت مؤسسة البترول في مصر عبارة ( شئون المؤسسة ) لتحوي مجموع تلك الأعمال .
أما في أجهزة الحكومة الأمريكية فإن المستخدم كلمة شئون إدارية .
يقول جورج تيري في توضيح مفهوم الـ Staff : إن الشخص المعاون أو المستشار إذا أجيزت تلك الترجمة هو الشخص الذي له سلطة على الأفكار فهو الشخص الذي ينصح .
إن كلمة مستشار أو مشورة غير كافية لتعني كلمة Staff إن المشورة تعني الحصول على البيانات التفصيلية والدراسة الكاملة وقد تكون في عمليات متخصصة أو في عمليات عامة .
إن هؤلاء الأشخاص يقومون بخدمات متخصصة تفسيرية وتنسيقية مساعدة ولا يمكن القول أن ذلك من أعمال المشورة فقط .
إننا نستخدم أصطلاح ( المشورة والمعاونة ) لتطابق الاصطلاح الإنجليزي Staff على أساس أن المعنى السائد لتلك الكلمة يحوي المشورة أي النصح كما يحوي المعاونة في عملية الإدارة ذاتها .
والسؤال الآن هو : ما هو ذلك الجزء الممكن تفويضه من الإدارة العليا بقصد تحقيق تلك المعاونة ؟
ما هو الجزء من عمل الإدارة العليا الممكن تفويضه ؟
إذا نظرنا لعمل الإدارة العليا على أنه اتخاذ قرارات فإنه يمكن أن ينظر إليها في الواقع على أنها نقطة في مرحلة تسبقها معلومات ودراسات واتصالات وتتبعها معلومات ودراسات واتصالات ولذلك فمن الممكن تفويض التفصيلات والدراسات التفصيلية وتنفيذ التفصيلات والاحتفاظ باتخاذ القرار نفسه .
فنحن نعلم أن عملية اتخاذ القرار تمر بمراحل متعددة :
مرحلة تحديد المشكلة
مرحلة التفكير في الأسباب المحتملة للمشكلة .
مرحلة التأكد من أسباب المشكلة .
مرحلة التوصل إلى حلول مختلفة للمشكلة
مرحلة تقييم كل حل من الحلول المختلفة بدراسة المزايا والعيوب المتوقعة .
عملية الاختيار أو القطع النهائي للموضوع
هذه المرحلة النهائية : مرحلة اختيار الحل أو القطع النهائي للموضوع هي التي لا تفوض أما المراحل الأخرى فمن الجائز جدا وربما من المرغوب أو الضروري تفويضها .
ويتضح مما تقدم أن الجزء الممكن تفويضه هو ذلك الجزء المتعلق بالبحوث وبالدراسات وبجمع البيانات وبتحليلها وبمعرفة الحلول المختلفة وتقييمها أما القرارات النهائية فلا يمكن تفويضها للإدارات المعاونة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق