سنناقش هنا أولا بعض الجوانب القانونية الخاصة بالأعمال الدولية ، قبل أن نناقش النظم القانونية المختلفة التي تخضع لها المعاملات والشركات .
بعض الجوانب القانونية في الاستثمار الخارجي :
اللجوء إلى المحاكم : نلاحظ أولا أن الميل للجوء للمحاكم يختلف من بلد لبلد ،حيث بعض المجتمعات تفضل اللجوء للمحاكم للفصل في النزاعات ، بينما في مجتمعات أخرى يفضل المنازعون المصالحة خاصة في الدول الشرقية . وليس أدل على ذلك من حجم العاملين بالمهن القانونية ، فبينما يقدر عدد المحامين في اليابان بـ12.000 محام ، نجد عددهم يفوق نصف المليون في الولايات المتحدة . وحتى في بلادنا العربية والإسلامية ، نجد المحامين يكثرون في بعض البلدان ويقلون في أخرى . ويعكس هذا – بالإضافة إلى عوامل أخرى – مدى ميل المجتمعات للتقاضي أمام المحاكم مقارنا بالتصالح خارجها .
الترجمة : بما أن التعامل يتم بين جنسيات ولغات مختلفة ، تكتسب الترجمة أهمية إضافية عند صياغة الاتفاقية ، ويجب حينها التفكير في كيف سيفسرها القاضي أو المحكم إذا اضطر الطرفان للجوء إليهما . وأقرب مثال لذلك الخلاف حول تفسير قرار مجلس الأمن رقم 242 ما بين النسخة الإنجليزية والنسخة الفرنسية ، وهل المقصود أراض احتلها ( العدو ) إسرائيل أم " الأراضي التي احتلتها ... " .
قانون من نطبق : ليس هناك محاكم دولية محايدة تنظر في النزاعات التي أحد طرفيها مستثمر أجنبي أو شركة ، وليست هناك هيئة دولية ترخص الشركات ، فهل للشركة وطن أو جنسية واحدة ؟ أم هل لها أكثر من جنسية ؟ طبقا لوجهة النظر الأمريكية الترخيص للشركة ، أي شركة ، بالعمل هو عمل من أعمال السيادة ، وجنسية الشركة من جنسية الدولة المرخصة لها . من الجانب الآخر ، ترى بعض الفلسفات القانونية في بلاد أخرى أن قيام الشركة هو اتفاق بين أفراد وليس عملا من أعمال السيادة ، ولذا ليس من الضروري أن تكون جنسية الشركة هي جنسية الدولة المرخصة لها بالعمل . وبينما تركز بعض الأقطار في محاولتها لتحديد جنسية الشركة على أين يتم تسجيلها ، يركز الآخرون على أين توجد رئاستها ، لذا نجد بعض الشركات تقوم بالتسجيل في أكثر من بلد لحماية مساهميها .
اختيار المستشار القانوني : في بعض البلدان يقوم المحامي بمهام كثيرة خاصة في البلدان التي تتبع القانون العام . وفي البلدان التي تتبع القانون الإداري ، نجد تخصصات كاليابان مثلا التي بها خمس مهن قانونية للمحامين ، كمحامي توثيق ، ومحامي ضرائب ، الخ . والتوثيق نفسه قد يقوم به المحامي فقط في بلد وقد يكون مهنة لغير المحامي في بلد آخر . حاليا تحتفظ الشركات الكبرى خاصة الأمريكية بمستشار قانوني كموظف دائم في الشركة .
النظم القانونية التي تخضع لها الشركات ( م . ج ) .
تخضع الشركة الأجنبية بدرجات متفاوتة إلى ثلاث مجموعات من القوانين . هناك أولا قوانين البلد الأم ، والذي هو بلد ومقر الشركة الأصلي الذي يتحكم في خروجها ويؤثر على نشاطها بقدر ما يستطيع . ثم هناك قوانين البلد المضيف ، وهي أكثر القوانين تأثيرا على عمليات ومنشآت الشركة في ذلك البلد . وثالثا هناك القانون الدولي الذي يمكن أن تلجأ إليه إذا كان قيه لها ملاذ . تتعقد المسألة القانونية عندما تعبر الشركة الحدود وتثار أسئلة تختص بمدى صلاحية قوانين بلد معين في التأثير على شركة من بلد وتعمل في بلد آخر ، كما تتعلق بتنازع القوانين وكيفية التطبيق ومن يقوم بذلك . في الصفحات التالية ، نقوم باستعراض سريع لأنواع القضايا التي تثار حول هذا الموضوع من خلال النظر إلى مجموعات القوانين الثلاثة المذكورة .
(أ) قواني البلد الأم : هناك أولا بلدان قوانين تتحكم في قرار الشركة الأولى بالاستثمار في الخارج من عدمه . حكومة النرويج مثلا تفرض على كل شركة نرويجية تريد الاستثمار في الخارج ، أن تقدم طلبا للبنك المركزي الذي ينظر في الأثر المحتمل لذلك الاستثمار على الاقتصاد النرويجي ، وقد يرفض الموافقة على ذلك الطلب إذا رأى أنه سيكون له أثر سلبي . كذلك على كل شركة نرويجية أن تقدم تقريرا سنويا اللبن المركزي إن كانت لها استثمارات في الخارج . وهناك بلدان أخرى تطلب شيئا مماثلا من شركاتها . هناك أيضا في بلاد أخرى قوانين خاصة بالتصدير والاستثمار تمنع تصدير سلع معينة ذات تقنية أو أهمية عسكرية ، أو يمكن أن يستفاد منها في ذلك ، ويقتضي تصديرها الحصول على إذن مسبق من الوزارة المنية . بعض البلدان تضع قوانين لمحاربة هروب رأس المال ، وللحفاظ على العملة الصعبة لذا لا توافق على كل استثمار . وهناك قوانين مقاطعة إسرائيل التي تمنع الاستيراد من شركات معينة ( من بلاد أجنبية ) تتعاون مع إسرائيل ، كما تحظر ترويج سلعها في البلاد العربية ، ويقوم مكتب متخصص في الجامعة العربية ، وهو مكتب مقاطعة إسرائيل بتتبع نشاط الشركات العالمية لتحديد الشركات التي تتعاون مع إسرائيل ووضعها في القائمة السوداء لحظر نشاطها في الدول العربية . بالإضافة إلى ذلك ، تضع الدولة العربية التي لها استثمارات خارجية ، توجيهات تمنع المساهمة في شركات أجنبية تتعامل في الخمر أو الممارسات التي يحرمها ديننا الحنيف .
أما أكثر دولة لها قوانين داخلية تطال شركاتها الخارجية فهي الولايات المتحدة . فيها أولا قوانين محاربة الاحتكار داخل أمريكا والتي ترى المحاكم الأمريكية أن لها صلاحية تطبيق تلك القوانين على الشركات الأمريكية في الخارج طالما كان لنشاطاتها الخارجية آثار تحد من المنافسة داخل الأسواق الأمريكية كأن تشتري شركة أمريكية شركة أجنبية كانت منافسة للشركة الأمريكية داخل السوق الأمريكي تقوم بالتصدير إلى السوق الأمريكي الذي تخدمه الشركة الأمريكية من الداخل أيضا . أو أن تقوم شركة أمريكية بالمشاركة في كارتل ( مجموعة احتكارية ) دولية تبيع للولايات المتحدة ، وتقوم بالاتفاق على أسعار البيع أو تقسيم الأسواق فيما بين أعضاء المجموعة . هناك أيضا قانون محاربة الممارسات الفاسدة الأمريكي الذي يمنع الشركات الأمريكية العاملة في الخارج من استخدام أساليب فاسدة للحصول على مناقصات تجارية أو تسهيلات مروعة أو غير مشروعة في بلد أجنبي . بيد أن هذا القانون لم يطبق إلا نادرا لصعوبة تطبيقه وغموض بعض بنوده .
حاليا يثار جدل حول إصدار مثل هذه القوانين ، وهل للدولة الأم صلاحية إصدار قوانين تختص بأفعال تتم خارج حدودها، وهو ما يعف قانونا بمبدأ Extra-territoriality أي تعدي الحدود الجغرافية في إصدار القوانين . هل يحق لبلد ما أن يتحكم في أفعال أفراد وشركات وهم خارج حدوده ، طالما كانت ممارساتهم شرعية في البلد المضيف ؟ ترفض الدولة المضيفة ذلك عادة ، وقد قام مجلس اللوردات البريطاني مثلا بمنع الشركات الأمريكية العاملة في بريطانيا من إمداد وزارة العدل الأمريكية بمعلومات عن نشاط تلك الشركات في بريطانيا . كما أصدر البرلمان الاسترالي قانونا مماثلا . تجد الشركات نفسها في وضع صعب أحيانا ويتنازعها قانونا . أحيانا أخرى تفقد الشركات فرصة بسبب ذلك ، فقوانين محاربة الاحتكار الأمريكية قد تضطر شركة أمريكية لبيع بعض مقتنياتها من الأصول الأجنبية لتفادي اعتبارها مخالفة لذلك القانون داخل أمريكا . كذلك الخضوع لذلك القانون يعني تطويلا وإجراءات قد تضيع معها الفرصة ، مثل اضطرار شركة جيليت الأمريكية إلى الانتظار طويلا قبل أن توافق وزارة العدل الأمريكية على شراء جيليت لشركة براون الألمانية .
حاليا هنالك دعوى أمام محكمة فيدرالية أمريكية رفعتها وزارة الخزانة الأمريكية ضد مصرف الوحدة السويسري ، لإجبار البنك على كشف أرصدة مواطنين أمريكيين لدى البنك ، متهمين بالتهرب من الضرائب ، ويحتج البنك بسرية الحسابات ، ويحتج السويسريون أن المحاكم الأمريكية لا صلاحية لها في هذا .
(ب) قانون البلد المضيف : معرفة والالتزام بقانون البلد الذي تعمل فيه الشركة الأجنبية أمران مهمان لها ، وإذا كانت للشركة استثمارات وعمليات في أكثر من بلد ، ينبغي عليها الالتزام بأكثر من قانون كل في بلده ، ولذا يجب عليها معرفة القانون الساري في كل بلد لها فيه نشاط . عموما هناك نظامان قانونيان يمثلان الأنظمة السائدة . هناك أولا القانون الكودي ويعرف أحيانا بالقانون المدني أو الإداري الفرنسي والذي يقوم على تشريع واضح ومفصل يوضح حكم القانون في كل حالة يمكن أن تطرأ وجذوره مشتقة من القانون الروماني ، وهو المتبع حاليا في أوروبا القارية ( أي باستبعاد بريطانيا ) ، كما هو الأساس لقوانين كثير من الدول العربية . أما النظام القانوني الآخر : فهو ما يسمى بالقانون العام الذي يقوم على العرف والممارسات المؤسسة والذي فيه تقوم المحاكم من خلال عملها اليومي بتعريف وتفسير القوانين واستنباط الأحكام بصفتها المرجع النهائي . ويعتمد القانون العام بشدة على نظام السوابق المحلفين . يطبق القانون العام في الدول الأنجلوساكسونية ، كبريطانيا والولايات المتحدة والمستعمرات البريطانية سابقا كالهند ونيجيريا والسودان ( حتى عهد قريب ) . عموما تتبع دول أمريكا اللاتينية القانون الفرنسي بينما تتبع دول آسيا القانون العام ، وتتبع اليابان القانون العام الألماني هو خليط من الاثنين . عموما في القانون الإداري تفسير القوانين من اختصاص الجهاز التنفيذي ، بينما في القانون العام تفسير القانون مهمة القضاء ، تهديه في ذلك مبادئ عامة وسوابق لها نظم مفصلة . ( وربما كان من الأفضل تسميه " قانون العموم " لأن الكلمة تشير إلى عموم المواطنين مقابل الخاصة " الملوك " ) .
موضوع الحماية القانونية مهم جدا للمستثمر الأجنبي مع تدخل الجريمة المنظمة والمافيا الروسية في اجتماعات المساهمين هناك ومع الشركات القابضة في البرازيل وكوريا التي تسحب الأرباح من شركة إلى شركة زميلة فتحرم مساهمي الشركة الأولى من حقهم ، ومع بطء إجراءات الإفلاس التي قد تستغرق عقودا في المكسيك وتايلاند حارمة المقرضين من تحصيل حقوقهم . وقد قام عدة باحثين قانونيين في أمريكا بمقارنة النظم القانونية في الاقتصاديات الصاعدة ، ووجدوا أن الدول التي تتبع نظام القانون العام توفر للمستثمر الأجنبي ( غير المباشر ) ضمانات لحماية مصالحه أكثر مما توفرها نظم القانون الإداري ، حيث باستطاعة المساهم في دول القانون العام ، أن يصوت بالبريد ، ويسمح له النظام بنقل الملكية – خلال اجتماعات المساهمين – كما يتطلب القانون عددا أقل من الأسهم للدعوة لاجتماع فوق العادة ، ويحمي القانون الأقلية ، وينطبق هذا على حملة الأسهم والسندات .
وهناك ثالثا الشرع الإسلامي : الذي هو قانون السماء الذي يزداد تطبيقه في البلدان الإسلامية وهو الذي يحكم المعاملات المالية والتجارية في عديد من البلاد الإسلامية . هو يقوم كما نعلم على النص ( القرآن والسنة ) وعلى الاجتهاد ( الإجماع والقياس ) وهو بذلك وسط بين النظم القانونية ( خير الأمور الوسط ) ، حيث يمكن القول أن القانون العام يعتمد على الاجتهاد ، بينما يعتمد القانون المدني على النص . والقانون الشرعي يمكن أن يطبق في خارج البلدان التي تتبناه داخليا ، وقد حدث ذلك عام 1992 في قضية رفعها صندوق النقد العربي ضد أحد مديريه السابقين ، فكان أن حكمت المحكمة البريطانية أن القانون الذي يجب تطبيقه في تلك الحالة هو قانون دولة الإمارات الإسلامي مكان الواقعة .
معرفة قانون البلد المضيف ضرورية ، لأنه يكاد يحكم كل نشاط الشركة الأجنبية فيه ، فهو يؤثر أولا على أسلوب دخول السوق : بالتصدير له ، بالترخيص أم بالاستثمار فيه ؟ وهو الذي يحدد هل يشترط وجود شريك محلي أم لا ؟ كذلك من المهم جدا التعرف على مدى الحماية التي يقدمها القانون المحلي لبراءات الاختراع ، وهل الدولة ملتزمة بالميثاق الدولي لحماية الملكية الصناعية ( الذي وقعته أكثر من 100 دولة والذي يحمي براءات الاختراع والاسم والعلامة التجارية ) ، وميثاق حماية حقوق النشر ومواثيق أخرى عديدة . وفي كل بلد هنالك قوانين خاصة بالتوثيق ، التعبئة والتغليف ، المواصفات السلعية ، إجراءات الجمارك . الخ ... وكلها تؤثر على نشاط الشركة . المقترح الاستثماري نفسه يخضع لإجراءات معينة في تقديمه ، وهناك شروط معينة يجب أن يستوفيها المقترح قبل أن يجاز تختص بالملكية وطريقة التمويل واستخدام المواد المحلية . أحيانا يستخدم القانون المحلي لمنع المنافسة الأجنبية بوضع العوائق أمامها ، وأحيانا يقدم القانون المحلي حماية للمستثمر الأجنبي ، كأن يمنع استغلال براءة اختراع معين إلا للشركة الأجنبية المسجل باسمها أو بموافقتها وبذلك يمنع المنافسة . الشركات الأجنبية تعي كل ذلك ، حيث إنها تلجأ لأكبر المكاتب القانونية في بلدها والبلد المضيف ، وأحيانا يكون لديها خبرات وقدرات قانونية أكثر مما يتاح لبعض الدول النامية .
(ج) القانون الدولي : يسعى القانون الدولي إلى تأسيس إطار قانون ينظم التعامل بين الدول مثل قانون البحار ، قانون الجنسية ، قانون الحدود . أما فيما يختص بالنشاط الاقتصادي فالقانون الدولي متأثر في تطوره بفلسفة الاقتصاد الحر ، التي ترى أن من الخير ترك النشاط الاقتصادي للقوانين المحلية . لهذا السبب لم يكن للقانون الدولي التقليدي أثر يذكر على إدارة الأعمال الدولية إن هناك كثيرا من الأدبيات والمواثيق في هذا المجال التي لها أثر على البيئة الدولية . يضاف إلى ضعف دوره ، حقيقة كون القانون الدولي ليست له سلطة تفرضه وتطبقه ، وإن تطبيقه أو تفسيره بواسطة محكمة العدل الدولية مرهون أولا بموافقة الطرفين باللجوء إليها ، ولا يكون ملزما إلا في تلك الحالة ، وحتى هنا يطبق طوعا . ومن ناحية عامة لا تقبل محكمة العدل الدولية دعاوى الدول ضد بعضها ، وبذلك اللجوء إليها مباشرة غير وارد من وجهة نظر الشركات متعددة الجنسية .
وعودة إلى الأدبيات ومجموعة المواثيق في القانون الدولي ذات الأثر على البيئة الدولية ، فهذه تختص بـ :
الاتفاقيات الثنائية : التي تنظم العلاقات بين قطرين ، وهي شيء طبيعي مثل اتفاقات الصداقة والتجارة والتعاون التي تعقدها الدول مع دول أخرى والتي لا يخلو منها بلد . وهي تتعلق عادة بحق مواطني كل دولة في السفر والتجارة والاستثمار في الدولة الأخرى ، والاتفاقية عادة تؤمن عدم التفرقة المتبادل . هناك أيضا اتفاقيات ضرائبية لمنع الازدواج الضريبي بين دولتين ولمنح إعفاءات ضريبية متبادلة لمواطني البلدين في البلد الآخر ، فللكويت مثلا عشرات الاتفاقيات مع العديد من الدول ، كما للمملكة العربية السعودية ولمصر اتفاقيات مماثلة مع دول عربية وغير عربية . تحكم هذه الاتفاقيات الاستثمارات والتجارة بين البلدين ، وهي بذلك تخفض حالة القلق التي قد يعاني منها مستثمر ليس لبلده مثل تلك الاتفاقية مع البلد الذي تستثمر فيه .
الاتفاقيات الدولية : وهي التي تشترك فيها عدة دول كاتفاقيات التكامل الاقتصادي ، كمجلس التعاون الخليجي والسوق الأوروبية المشتركة . وهذه الاتفاقيات تختلف في شموليتها والجوانب التي تغطيها اعتمادا على مرحلة التكامل . هناك أيضا الاتفاقيات الدولية والمواثيق التي تنشأ لمعالجة موضوع معين ، مثل ميثاق حماية الملكية الصناعية الذي أشرنا إليه سلفا ، وترتيبات مدريد للتسجيل للماركات التجارية الذي وقعته عشرات الدول وفيه إذا سجلت شركة ما اسما تجاريا في إحدى الدول الموقعة ، يتم تسجيل تلك الماركة آليا في بقية الدول الأخرى الموقعة , وهناك اتفاقية أخرى مهمة أشرنا إليها ، وهي الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة سابقا ، بما لها من أثر على الحواجز الجمركية والمواصفات والمقاييس ، والتي حلت محلها منظمة التجارة العالمية ، ولا تزال اتفاقيات الجات ملزمة في المنظمة الجديدة .
حل النزاعات : السؤال الصعب في هذا الموضوع أو في أي نزاع طرفاه من بلدين مختلفين هو : أي القانونين يطبق ؟ وما العمل في حالة تعارض القوانين ؟ فكل طرف يفضل عادة تطبيق قانون بلده . أحيانا يحتاط الطرفان أو أحدهما لمثل هذا الوضع ، بأن تذكر الاتفاقية الاستثمارية ( إن وجدت ) بين الطرفين أي قانون يسري في حالة نشوب نزاع بين الطرفين ، اللذين هما غالبا فرد أو منشأة من بلد ضد بلد آخر . أما إذا كان النزاع بين فردين أو مؤسستين فيسري طبيعيا قانون البلد الذي تمت فيه المعاملة .
أحيانا تتضمن الاتفاقية أيضا اللجوء إلى التحكيم في حالة النزاع ، أو قد يلجأ إليه الطرفان عند حدوث نزاع حتى بدون وجود اتفاقية . ويتم التحكيم على المستوى العالمي بواسطة الغرفة التجارية العالمية ، والتي مقرها باريس ، فهي تهيئ منبرا للتحكيم ، علما بأن قراراته ليست ملزمة إلا إذا أراد لها الطرفان ذلك . هناك أيضا المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار ، والذي نذكره لاحقا عند مناقشة المؤسسات الدولية . أما محكمة العدل الدولية ودورها في حل النزاعات ، فقد ذكرناه في أول هذه الجزء .
أخيرا : هناك الهيئة العربية للتحكيم الدولي ، والتي تم إعلان تأسيسها في عام 1991 في باريس بواسطة مجموعة كبيرة من رجال القانون في الدول العربية ، وألفوا مجلس إدارتها ، كما شكلت الهيئة محكمة تحكيمية . بالإضافة إلى ذلك هناك أربعة مراكز تحكيم إقليمية في القاهرة والبحرين ودبي والرباط ، ويقدر حجم التحكيمات العربية الدولية ( أي التي فيها طرف عربي ) بـ 30% من مجموع التحكيمات في العالم اليوم ( الشرق الأوسط 2/6/1992م ) . وللهيئة اليوم مجلس إدارة له رئيس ونائبان وأمين عام وخمسة عشر عضوا آخرين من خمس عشرة دولة ، ومركزها باريس .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق