لا شيء يدل على أهمية هذا الموضوع وتعقده مثل صعوبة الحصول على عنوان ملائم له . فكلمات الثقافة والاجتماع تعني أشياء مختلفة لأناس مختلفين بالعربية أو بالإنجليزية .
الاستخدام العام لكلمة " ثقافة " في اللغة العربية ، يرمز إلى الإلمام بالعلوم والآداب الرفيعة وأساليب الحياة المتحضرة ، وذلك أيضا أحد معاني كلمة " culture " باللغة الإنجليزية .
أما المعنى الآخر لتلك الكلمة ، والذي يستخدمه علماء الإنثروبرلوجيا ، فهو يشير إلى مجموعة المعتقدات والسلوك والقيم والممارسات المشتركة لمجموعة بشرية معينة ، أو كما عرفها البعض : الثقافة هي " مجموعة المعارف والمعتقدات والفنون والقوانين والقيم والعادات والقدرات التي تميز مجموعة بشرية عن أخرى " . وعلى هذا ، لكل جماعة ثقافتها وأسلوب حياتها الذي يشارك فيه جميع أعضائها . وهذا لا يمنع وجود ثقافة فرعية بها اختلافات عن الأصل . وأساليب الحياة والقيم والمعتقدات هي أشياء يكتسبها البشر منذ الصغر ، وتؤثر على العقل الواعي وغير الواعي.
المنشأة ، أي منشأة ، تعمل وسط الناس ومن خلالهم . وفي داخل بلدها الأصلي تفهم المنشأة بيئتها ، وما هي الممارسات المقبولة والقرارات ممكنة التنفيذ ، وما هو السلوك الذي يحقق الأهداف بدون إثارة أحد . ولكن عندما تجد المنشأة نفسها خارج الحدود ، تصبح في بيئة مختلفة عن البيئة التي عهدتها ، وأمام ممارسات لم تألفها . ولن تستطيع أي منظمة أن تؤدي وظيفتها من غير أن تفهم طبيعة البيئة الثقافية التي تعمل فيها ، ولا يكفي التركيز على الجانب الاقتصادي والسياسي . عندما تجد المنشأة اختلافا في الممارسات ، عليها أن تسأل نفسها : لماذا هذا الاختلاف قبل أن تتخذ قرارا يتعلق بتلك الممارسات . إذا اعتادت منشأة ما على البيع بالتقسيط في بلدها ، ووجدت أن ذلك غير معروف في البلد الجديد ، يجب أن تبحث أسباب ذلك لترى إن كان ذلك مرده عدم الثقة في المستهلكين أم أن المستهلكين لا يحبون الاستدانة وحسب .
الفروقات البيئة قد تكون ظاهرة للعين ، وقد تكون أشياء مستترة ، مما يستدعي دراستها . وكانت دراستها في السابق من اختصاص علماء الأجناس ، ومقتصرة على دراسة المجتمعات البدائية لكنها حاليا تشمل دراسة كل المجتمعات . وهناك أسئلة عملية تتعلق بمنهجية الدراسة فالأعمال الدولية هي أعمال تقوم داخل القطر المعني في أكثر من قطر ، فكيف تدرس البيئة الثقافية ؟ وما هي وحدة الدراسة ؟ . عادة ننظر إلى القطر كوحدة دراسية ، ونقوم بدراسة بيئة القطر كأنما هو وحدة متجانسة ، الشيء الذي قد لا يكون صحيحا ، فهل القطر مجتمع واحد أم عدة مجتمعات لكل منها ثقافة مختلفة ؟ قد تختلف الأمم في الداخل ، لكن عادة هنالك تشابه كبير في حياة المجتمعات وقيمها وسلوكها داخل كل قطر ، و إلا لما صار قطرا واحدا ، فالقطر كوحدة سياسية هو تعبير عن التقارب في ثقافة ومكونات تلك المجموعات . بالإضافة إلى ذلك هناك وحدة القوانين ، حيث تصاغ على أساس قطري ، مما يجعلنا ندرس القطر كوحدة ثقافية . هذا لا يمنع الاعتراف بوجود خصائص معينة داخل القطر الواحد ، وثقافات فرعية تؤثر على السياسات والقرارات الإدارية داخل كل قطر .
أما كيف تدرس الثقافات وتقارن ، فهناك عدة مناهج : هناك أولا المنهج التصنيفي الذي يضع قوائم لمؤشرات تدرس على أساسها الثقافات والحضارات ، ومن ثم تتم المقارنة بينها في حالة كل مؤشر ، ويتفاوت عدد المؤشرات وأحيانا يصل 70 مؤشرا . آخرون يدرسون الثقافات على أساس القيم وقواعد السلوك النابعة منها ، ويقارنون بينها على ذلك الأساس . ثم هناك منهج النظم الذي يرى أن كل مجتمع يكون من منظومة كلية مكونة من عدة منظومات جزئية تتفاعل مع بعضها ، مثل منظومة القربى ، منظومة كسب العيش ... الخ . أما هنا في هذا المقرر ، فسندرس البيئة الثقافية على أساس عناصر رئيسية محدودة تتكون منها البيئة الثقافية ، وتتفرع إلى عناصر جزئية . ليس ذلك فحسب ، بل إننا سننظر إليها من وجهة نظر أعمال دولية لنعرف كيف نؤثر على المنشأة في قراراتها ، وكيف تتكيف المنشأة معها وهي تسعى لتحقيق أهدافها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق