free counters

البيئة المالية :منظمات عالمية تعمل لتحرير التجارة

| |

منظمة التجارة العالمية :
مثلما أنشأ الحلفاء البنك وصندوق النقد بعد الحرب العالمية الثانية ، كان تفكير معظم الدول متجها حينها إلى تكوين منظمة للتجارة الخارجية ، لتشجيع التبادل التجاري بين الدول ، بل إنه تم فعلا اجتماع في هافانا نتج عنه ميثاق هافانا الداعي إلى قيام منظمة للتجارة ، وقد وقعته 56 دولة عام 1947م ، إلا أن الولايات المتحدة خاصة مجلس الكونجرس ، عارض الانضمام إلى المنظمة خوفا من فقدان حف اتخاذ قرارات سيادية لمنظمة لا تسيطر عليها الولايات المتحدة ، ولذا اكتفى رئيس الولايات المتحدة بالعمل من خلال اتفاقية هي اتفاقية الجات المعروفة . الآن وبعد خمسين سنة من ذلك ، وفي آخر دورة للجات ( دورة أوروجواي ) الموقع عليها في مراكش في أبريل 1994م ، وافق المتعاقدون على خلق منظمة التجارة العالمية ، وأصبح كل الأطراف المتعاقدين في الجات أعضاء في المنطقة الجديدة ، والتي قامت رسميا في يناير 1995م ومقرها جنيف بسويسرا . وقد نصت اتفاقية الإنشاء على أن للمنظمة أربعة مهام هي :
تقديم منبر لأعضائها للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف ، وإطار لتنفيذ نتائجها .
إدارة إجراءات تسوية النزاعات .
إدارة آلية استعراض السياسات التجارية .
التعاون مع صندوق النقد والبنك الدوليين ووكلاتهما ، من أجل تنسيق وتناغم السياسات الاقتصادية العالمية .
أهم مبادئ المنظمة :
للمنظمة مبادئ وقواعد عديدة أهمها ما يلي :
مبدأ الدولة الأولى برعاية Most Favored Nation : هذا المبدأ منصوص عليه في اتفاقية الجات أيضا ، ويقصد به أن على أي دولة عضو تمنح ميزة تجارية لدولة عضو أخرى ، أن تمنح تلك الميزة لجميع الدول الأخرى الأعضاء في المنظمة أيضا .
مبدأ الشفافية : ويقصد بذلك نشر المعلومات حول القوانين واللوائح الوطنية ، والممارسات الشائعة التي قد تؤثر على التجارة ، وذلك بشكل واضح . كذلك تعني الشفافية أن تقتصر حماية الصناعة الوطنية من المنافسة الأجنبية على القيود الجمركية فقط ، حيث إن القيود غير الجمركية غير مقبولة ، كونها ستارا لا يعرف ما وراءه ويصعب تتبع آثارها .
مبدأ المعاملة الوطنية : وهو مبدأ متضمن في الجات أيضا ، ويقتضي في جوهره التزام الدول الأعضاء يمنح المنتج الأجنبي نفس المعاملة الممنوحة للسلع المحلية على صعيد التداول والتسعير والضرائب والمواصفات .
هيكل منظمة التجارة العالمية :
يتكون الهيكل التنظيمي للمنظمة من ثلاثة مستويات هي :
المؤتمر الوزاري : والذي هو السلطة العليا في المنظمة وينعقد مرة كل عامين ، ويتكون من ممثلين لجميع أعضاء المنظمة ، وقد انعقد المؤتمر الأول في ديسمبر 1996م ، ومازال ينعقد بانتظام .
المجلس العام : الذي يشرف على تنفيذ العمل بالاتفاقية والقرارات الوزارية ، ويجتمع ما بين المؤتمرات الوزارية ، ويعمل المجلس أيضا كجهاز لتسوية المنازعات ، وكآلية لمراجعة السياسات التجارية ، ويتكون المجلس من ممثلين لجميع دول الأعضاء ، ولهذا المجلس مجالس فرعية كمجلس تجارة السلع ، ومجلس تجارة الخدمات ، ومجلس التجارة المتعلقة بجوانب الملكية الفكرية .
المستوى الثالث هو اللجان المختلفة : كلجنة التجارة والتنمية ولجنة قيود موازين المدفوعات ، وتعمل هذه اللجان في إدارة الاتفاقيات المتعددة الأطراف في المجالات المختلفة وتنحصر مهامها في تقديم تقارير بالإجراءات التي تقوم بها إلى المجلس العام .
للمنظمة أيضا مدير عام يعين من قبل المؤتمر الوزاري ، وتتبعه سكرتارية ، وجهاز تنفيذي . وللمنظمة نوعان من العضوية هما العضوية الكاملة ، ووضع المراقب . وتتخذ القرارات في المنظمة بالإجماع ، مثلما كان الحال في الجات ، ويمكن أن يتم حسم قضايا محددة بأغلبية ثلاثة أرباع إذا لم يتوفر الإجماع كموضوع قبول تفسير معين حول أحد البنود ، أو موضوع قبول انضمام عضو جديد ، علما بأن لكل دولة عضو صوتا واحدا .
اتفاقية جولة أوروجواي :
نلاحظ أولا أن المنظمة خلقت لتنفيذ اتفاقيات جولة أوروجواي الجديدة ، إضافة إلى تبني كل اتفاقيات الجات السابقة . وتنقسم اتفاقيات جولة أوروجواي إلى ثلاثة أنواع هي :
(أ) اتفاقية متعددة الأطراف وهي اتفاقية ملزمة لجميع أعضاء المنظمة .
(ب) اتفاقيات جماعية وهي اتفاقيات ملزمة للدول الموقعة عليها فقط ، وبعض هذه الاتفاقيات موقعة من قبل حفنة من الدول في الوقت الراهن .
(ج) الاتفاقيات الأخرى التي تتعرض لتفاصيل جزئية معينة مثل مكافحة الإغراق ، واتفاقيات سياسات الدعم .
وهنالك سبع اتفاقيات من الفئة (أ) ، و16 اتفاقية من (ب) و (ج) ، ولن نتعرض إلى شرح كل اتفاقية هنا ، ولكننا سنشير إلى بعض هذه الاتفاقيات المهمة . وينبغي أن نقول أولا أن اتفاقية الجات 1994م ، تحتوي على جميع لوائح الجات 1947م ، وكل الاتفاقيات اللاحقة المعدلة والمنقحة والموسعة ، وكذلك نصوص التفاهم حول عدد من تلك اللوائح . وتتضمن اتفاقية مراكش قوائم التخفيضات الجمركية ، والالتزامات الخاصة بفتح الأسواق من جانب الدول الأعضاء . ( ومن هنا تأتي ضخامة وثائقها البالغة 26 ألف صفحة ) ، وقد تعهدت الدول الموقعة على الجات 94 بفتح أسواقها وإزالة الحواجز التي تعيق انسياب التجارة أو التقليل منها ، وفتح الأسواق بشكل أكبر أمام الجميع بدون تمييز .
وكما أشرنا مسبقا ، فإن أهم ما يميز دورة أوروجواي عن سابقتها ما يلي :
إنها تضمنت تجارة المنتجات الزراعية لأول مرة ، وقامت الاتفاقية حول الزراعة بهدف تحرير تجارة المنتجات الزراعية من خلال تحويل القيود غير الجمركية إلى قيود جمركية ، ثم تخفيضها تدريجيا ، كما تدعو الاتفاقية إلى تخفيض دعم المنتجات والصادرات الزراعية وفتح الأسواق .
كلك هناك الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات ، التي يشرف عليها مجلس تجارة الخدمات ، وترتكز الاتفاقية على مفاهيم ومبادئ تحكم تجارة الخدمات ، وتتضمن التزامات محددة تقدمها كل دولة موقعة .
أما الاتفاقية الثالثة المميزة لهذه الدورة ، فهي اتفاقية الجوانب التجارية المتصلة بحقوق الملكية الفكرية التي حددت سبعة مجالات لحمايتها ، منها حقوق التأليف والعلامات التجارية ، والتصميمات الصناعية ، وبراءات الاختراع .
هناك اتفاقية أخرى جديدة خاصة بالإجراءات الاستثمارية المتعلقة بالتجارة ، كأن تصر الدولة المضيفة على المستثمر الأجنبي باستعمال نسبة معينة من المواد المحلية بدلا من الاستيراد ، حيث تسعى الاتفاقية للتقليل من ذلك .
هناك أيضا آلية تسوية المنازعات ، وهي تختلف عن الآليات السابقة ، فهناك أولا هيئة تسوية المنازعات التي يمكن عرض النزاع عليها أولا ، ثم هناك حق التظلم أمام هيئة الاستئناف ، ثم الحل الودي ، ثم التحكيم . وفي أول سنتين للمنظمة ، كانت هنالك (62) شكوى من دول مختلفة ثم حل أغلبها وديا ، وأحيلت البقية إلى لجان خاصة .
أخيرا هناك اتفاقية المنسوجات والملابس ، والتي هي أصلا اتفاقية لإلغاء اتفاقية سابقة ( اتفاقية الألياف المتعددة) ، التي كانت تضع حصصا على صادرات الملابس من الدول النامية إلى دول متقدمة .
أما مراجعة السياسات التجارية ، فهي جزء من عمل المنظمة ، يهدف إلى زيادة الشفافية ، وتفهم الممارسات التجارية المختلفة . وتتم المراجعة دوريا على حسب الثقل التجاري للدولة : مرة كل سنتين للدول التجارية الكبرى ، ثم مرة كل أربع أو ست سنوات على حسب وزن الدولة .
تجربة منظمة التجارة الدولية : منذ إناء المنظمة في عام 1995 ، زادت عضويتها لتصل إلى 153 دولة في مارس 2008 كما استفاد الأعضاء من آلياتها الجديدة ، فبينما تعاملت الجات في سنواتها الخمسين مع 196 حالة نزاع تجاري بين الدول ، عالجت المنظمة الجديدة أكثر من 300 حالة في عقدها الأول . كذلك تم التوقيع على اتفاقيتين جديدتين ، واحدة في مجال الاتصالات عن بعد (1998) ، وثانية في مجال الخدمات المالية ، مما حرر التجارة في هذين المجالين . وفي عام 2001 ، بدأت جولة مفاوضات جديدة ( جولة الدوحة قطر ) لتحرير السلع الزراعية ، ومازال التفاوض جاريا بسبب تعنت الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في دفع دعمهما للسلع الزراعية .
الدول العربية ومنظمة التجارة العالمية : كانت سبع دول عربية من الأعضاء المؤسسين في عام 1995 ، انضمت إليهما 5 دول أخرى أخرها السعودية (2005) ، وهناك 6 دول أخرى بصفة مراقب هي الجزائر والعراق ولبنان وليبيا والسودان واليمن ، بانتظار الانضمام للمنظمة وعلى الدولة طالبة العضوية أن تجيب على كل استفسار تقدمه دولة عضو عن سياسة الدولة التجارية ، ثم تمر بمراحل تفاوض جماعية وثنائية مع شركائها التجاريين الحاليين والمرتقبين ، قبل أن يصوت الأعضاء على قبولها . وكلما كبر حجم الدولة كلما طالت المفاوضات كما رأينا في حالة السعودية والصين قبلها في (2001) .
منظمات تعمل في تمويل موازين المدفوعات :
ندرس في هذا القسم ، أهم المنظمات المالية الدولية ، وكذلك بعض المؤسسات الإقليمية في عالمنا العربي والإسلامي في هذا المجال .
صندوق النقد الدولي :
تحت الموافقة على إنشاء هذا الصندوق عام 1944 في مدينة بريتون وودز بالولايات المتحدة الأمريكية ، وذلك لإعادة ترتيب الوضع النقدي العالمي بعد انهيار نظام قاعدة الذهب ، وتردي التجارة والاقتصاد العالميين . يهدف الصندوق إلى خلق منظمة دائمة تعمل على :
تشجيع التعاون الندي بين الدول الأعضاء ، وتيسير التنوع والتوسع في التجارة الدولية من أجل التنمية الاقتصادية وازدياد الدخول .
العمل على ثبات أسعار صرف العملات ووضع نظام متعدد الأطراف للمدفوعات المتعلقة بالمعاملات الجارية بين الدول الأعضاء .
التخلص من قيود الصرف الأجنبي .
مساعدة الدول التي تعاني من اختلال ميزان المدفوعات ، بوضع موارد الصندوق في أيديها دون الحاجة إلى اتخاذ تدابير انكماشية في اقتصادياتها لتقصير أمد الاختلال .
رأس مال وإدارة الصندوق :
كان رأسمال الصندوق المدفوع (90) بليون دولار أمريكي ، وتمت زيادته بـ 50% في عام 1990م بواسطة إدارته العليا ليصبح (145) بليونا ، وحاليا يبلغ مجموع المساهمات 325 بليون دولار . يدير الصندوق مجلس محافظين من وزراء ماليات الدول الأعضاء والتي يبلغ عددها 185 دولة حاليا ، ويجتمع مجلس المحافظين مرة كل عام . وبالإضافة لمجلس المحافظين ، يوجد مجلس مديرين تنفيذيين . تساهم الدول الأعضاء في رأسمال الصندوق بنسب مختلفة اعتمادا على الدخل القومي والوزن التجاري لكل دولة ، وتسدد هذه الحصة بالذهب أو الدولار أو بحقوق السحب الخاصة وهي عملة الصندوق والمتبقي يسدد بالعملة الوطنية . وللدول الخمس الكبرى أكبر حصص ( 17% للولايات المتحدة ) كما للمملكة العربية السعودية حصة معتبرة . 3.2% ويعتمد أثر الدولة في إدارة الصندوق على حجم حصتها في رأسماله ، حيث التصويت على القرارات الرئيسية يتم بنظام الحصص . وللصندوق مدير يختاره مجلس المحافظين للعمل لفترة محدودة ، يعاونه موظفون مختلفون على رأس المنظمة .
وظائف الصندوق :
تنسيق أسعار الصرف بين الدول الأعضاء .
تقديم القروض للدول المحتاجة ، وذلك لمعالجة العجز المؤقت في ميزان المدفوعات ، ويشترط الصندوق على الدولة اتخاذ التدابير اللازمة لإعادة التوازن إلى ميزانها . ويمكن للدولة أن تقترض عملات حرة من الصندوق بما يصل إلى 150% من حصتها مقابل عملتها الوطنية التي عليها أن تشتريها لاحقا بعملات متداولة .
تبادل الآراء والتشاور : في السابق كان تنسي أسعار الصرف يعني أن تقوم كل دولة بإعلان سعر عملتها بالدولار وأن تحافظ على ذلك السعر في حدود ±2.5% بالطريقة المذكورة سابقا . ولها أن ترفع سعر عملتها أو تخفضه بنسبة 10% بحد أقصى دون استشارة الصندوق . في الوقت الحالي قلت أهمية تلك الوظيفة مع تعويم العملات الرئيسية ، غير أن دور الصندوق في تقديم القروض ازداد أهمية ويقدم الصندوق قروضا بالبلايين . في العام المنتهي 1998-1997م مثلا ، غطت عمليات الصندوق في مجال ترتيبات التمويل الجاهزة (22) دولة بمبلغ إجمالي قدره 27.3 بليون دولار ، ذهبت نسبة كبيرة منها للدول الآسيوية المأزومة فكانت حصة كوريا 15.5 بليون وإندونيسيا 7.4 بليون و2.9 لتايلاند وقد استخدمت الدول نسبة كبيرة من حصتها في ذلك العام . حاليا ( مارس 2009) للصندوق 35.8 بليون دولار قروض لدى 65 قطرا منها 6.1 قدمت بشروط ميسرة لـ 58 دولة . ليس ذلك فحسب بل إن ازدياد حوجة الدول له جعلت الصندوق في وضع يمكنه من التأثير العميق على السياسات الاقتصادية للدول خاصة إتباع ما يسمى " سياسة التكيف الهيكلي " حيث يضع الصندوق شرطا هو إتباع سياسة تقشفية لتحقيق توازن الدخل مع الأنفاق في الميزانية ، وتوازن الاستيراد مع التصدير ، وكبح التضخم . من الجانب الآخر ، ونتيجة لأزمة الديون العالمية والحاجة إلى إعادة جدولتها عند كثير من الدول ، وأزمة موازين المدفوعات المستفحلة ، أصبح كثير من الدول في أشد الحاجة إلى عون الصندوق الدولي والدول الدائنة ، مما زاد من دور الصندوق ، وأصبحت الدول الدائنة تسترشد بتقرير الصندوق عن مدى إتباع الدول المدينة للسياسات الملائمة التي يوصي بها الصندوق والدول التي يرضي عنها الصندوق هي التي تجد الدعم من الدول الصناعية . ازدياد دور الصندوق في إعادة هيكلة اقتصاديات الدول ذات الميزان المختل والثقة بالديون ، هو أحد أهم الأسباب في زيادة رأسماله حديثا .

للصندوق دور مهم في توفير السيولة العالمية ، وفي تمويل عجوزات الدول ، فهو بمثابة بنك مركزي ، وذلك أحد الأسباب التي جعلت الصندوق في أواخر الستينيات عندما بدا أن سيكون هنالك نقص في السيولة المطلوبة لتمويل التجارة العالمية ، وعندما ظهرت خطورة الاعتماد على الدولار كعملة التجارة العالمية ، في تلك الفترة ، استقدم الصندوق عملة عالمية جديدة هي " حقوق السحب الخاصة " التي يصدرها الصندوق ، وتتبادل بين البنوك المركزية فقط ، وكانت قيمة الوحدة منها في البداية دولارا أمريكيا عند إصدارها ، وقيمتها حاليا تفوق الدولار (1.84 دولار ) ، وهي مبنية على سلة عملات تتكون من 4 عملات رئيسية هي اليورو ، ألين ، الإسترليني،والدولار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لـ خدمات وحلول متكاملة للاعمال 2013 ©