كما هو معروف من المبادئ العامة لعلم الاقتصاد فإنه يتم تصنيف أسواق السلع وخدمات عناصر الإنتاج إلى أسواق كاملة تسودها المنافسة الكاملة وأسواق غير كاملة تسودها الصور الاحتكارية وصور المنافسة الاحتكارية . وفي حالة الأسواق الكاملة فإن السلع المتبادلة تكون متجانسة تجانسا تاما ، أي تختفي ظاهرة تنوع المنتجات ، فلا يمكن التمييز بين نوع من المنتج وآخر لأسباب شخصية أو معنوية أو جغرافية . ونتيجة لذلك فإن يسود سعر واحد للسلعة في جميع أرجاء السوق ، أما في حالة الأسواق الناقصة فإن السلع المتبادلة بداخلها تكون غير متجانسة كما أن الأسعار تبعا لذلك تكون متفاوتة بين أرجاء السوق الواحد .
وفي ضوء هذه التفرقة يمكن القول أن أسواق الصرف الأجنبي تدخل ضمن طائفة الأسواق الكاملة التي تسودها خصائص المنافسة الكاملة ، فالنقود – وهي السلعة المتبادلة – تتجانس تجانسا تاما بين جميع وحداتها ، فضلا عن أن أسعارها تتناقل بين أرجاء الصرف الواحد . ويمكن تفسير هذه النتيجة في ضوء الأسباب التالية :
تجانس العملة الأجنبية ( الدولار الأمريكي مثلا ) بطريقة لا يمكن على أساسها التفرقة بين دولار أمريكي وآخر لأسباب شخصية أو موضوعية . فجميع الوحدات النقدية لها نفس قوة الأبراء القانونية ، كما أنها تتمثل في الوزن في حالة النقود المعدنية ولها نفس الخصائص في حالة النقود الورقية.
تتكفل عمليات التحكيم أو المراجحة بالقضاء على ظاهرة اختلاف أسعار العملات بين أسواق الصرف الأجنبي مهما كان بعدها الجغرافي عن طريق زيادة الطلب على العملة الأجنبية في سوق الصرف الذي يشهد انخفاضا في سعرها ، فيرفع سعر الصرف في السوق الأول ويخفضه في السوق الثاني إلى أن يتحقق التوازن في أسعار الصرف بين الأسواق المختلفة .
وفي تحليلنا لأسواق الصرف الأجنبي نعتمد على عدد من الفروض الإيضاحية يمكن بيانها فيما يلي :
وجود دولتين فقط تمثل الأولى الاقتصاد الوطني ، والثانية الاقتصاد العالمي .
توجد عمليتين فقط هما العملة الوطنية ( الجنيه المصري ) والعملة الأجنبية ( الدولار الأمريكي) .
وكما سبقت الإشارة في أكثر من موقع من هذا المؤلف فإن النتائج التي نتوصل إليها من تحليلنا لسوق الصرف الأجنبي في إطار هذه الفروض الإيضاحية البسيطة يمكن تعميمها على أكثر من دولة ، وعلى أكثر من عملة أجنبية . فهذه الفروض الإيضاحية يقصد من ورائها فقط الإيضاح وسهولة التحليل .
هذه العلاقات المختلفة داخل سوق الصرف الأجنبي ( الدولار الأمريكي ) يمكن توضيحها من خلال استعراضنا لدوال الطلب على الصرف الأجنبي والعرض منه كما هو موضح في الشكل رقم (3) . ففي هذا الرسم البياني نقيس الكميات المطلوبة والمعروضة من الصرف الأجنبي على المحور الأفقي ، وسعر الصرف ( سعر الدولار ) على المحور الرأسي .. كذلك يرمز المنحنى ط ط إلى جدول الطلب على الصرف الأجنبي ، والمنحنى ع ع إلى جدول عرض الصرف الأجنبي . كذلك يفترض أن هذين المنحيين يأخذان الشكل الطبيعي لهما بمعنى أن جدولا الطلب على الصرف الأجنبي وعرضه يخضعان لأحكام القواعد الخاصة بالعرض والطلب ، فيميل جدول الطلب إلى التغير في اتجاه عكسي مع السعر ، على حين يميل جدول العرض إلى التغير في اتجاه طردي معه . وبعبارة أخرى تتزايد الكمية المعروضة من الصرف الأجنبي بارتفاع السعر ، وتنخفض بانخفاضه ، ويتحدد سعر الصرف عند المستوى الذي تتوازن عنده الكميات المطلوبة مع الكميات المعروضة شأنه في ذلك شأن باقي الأسعار .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق