أصبح موضوع
استقلال البنوك المركزية من الموضوعات الشاغلة للفكر الاقتصادي في الآونة الأخيرة
وهو يعني جدية البنك المركزي في تحديد أهدافه واستخدام ما يراه مناسبا من أدوات
الرقابة المصرفية . ويعد استقلال البنوك المركزية من أهم العوامل الإستراتيجية
الدافعة إلى الاستقرار النقدي والنمو الاقتصادي .
حيث ينسب
الاقتصاديون والسياسيون الفضل الكبير للبنوك المركزية – كسلطة مستقلة عن الحكومة –
في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي في إطار من النمو المطرد خلال الربع الأخير
من القرن العشرين على وجه الخصوص . وينسب الفضل إلى النقوديون – أو مدرسة شيكاغو –
في إعادة اكتشاف السياسة النقدية كقاطرة للاستقرار النقدي والنمو الاقتصادي .
وتجسيدا لنجاح البنك الاحتياطي الفيدرالي في تطبيق الفكر النقودي وفي تحقيق
الاستقرار النقدي والنمو المطرد . وأطلق على جرينسبان محافظ بنك الاتحاد الفيدرالي
لقب الأب الروحي للنهضة الاقتصادية الأمريكية .
وعلى العكس من ذلك
تماما يحمل الاقتصاديون والسياسيون الغياب المؤسسي للسلطة النقدية المستقلة
مسئولية اضطراب الأحوال في البلاد النامية .
وينطوي مفهوم
استقلال البنوك المركزية على حرية البنك المركزي في تحديد أهدافه واستخدام ما يراه
مناسبا من أدوات لتحقيق هذه الأهداف ، بعيدا عن التدخل السياسي المباشر من قبل
الحكومة .
وتشير بعض
الدراسات التطبيقية إلى أن مجرد استقلال البنك المركزي من شأنه أن يؤدي إلى تخفيض
معدلات التضخم في الدول النامية ، ويعتبر ذلك اختزالا للحقائق الاقتصادية وقفزا
للنتائج وهو ما لا يعتمد على براهين ثابتة وذلك لأن التضخم في الدول النامية لا
يرجع فقط لكونه ظاهرة كونية يمكن القضاء عليها بالتحكم في عرض النقود والطلب عليها
وإطلاق الحرية للبنك المركزي في تحقيق ذلك . لأن هناك عوامل هيكلية ومالية تدفع
بمعدلات التضخم إلى الارتفاع .
وهناك اتجاه عام
يحبذ إعطاء حرية للبنوك المركزية في استخدام الأدوات النقدية المباشرة وغير
المباشرة التي تراها مناسبة لتحقيق أهداف يتم الاتفاق عليها سلفا مع السلطات الاقتصادية
الأخرى حتى لا يحدث تعارض بين المكونات المالية والتنفيذية للسياسات الاقتصادية .
ويعتبر هذا الاتجاه هو الأوفق بالنسبة لظروف الدول النامية في ظل تعقد أهدافها
الاقتصادية ومحدودية الوسائل الاقتصادية المتاحة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق