شهدت نهايات القرن العشرين تزايدا كبيرا في النزعة
العالمية نحو التكتل والاندماج بين الدول التي يتوافر لديها حد أدنى من مقومات
التجانس الاقتصادي والتي تربطها مصالح اقتصادية مشتركة ويدفع إلى هذا التكتل ما
يتضمنه من العديد من المكاسب والمزايا التي يأتي في مقدمتها التمتع بوفورات الحجم
، والتخصص في الإنتاج ، والرغبة في فتح أسواق جديدة أمام منتجات الدول الأعضاء مما
يؤدي إلى تحسين شروط التبادل التجارى لدول التكتل ومن ثم زيادة صادراتها وارتفاع
قدراتها التنافسية فالتكتل الاقتصادي إنما هو كيان قانوني يضم عدة دول توافق على
التخلى عن بعض سياساتها الاقتصادية لسلطة فوق وطنية .
ولعل من أهم التكتلات الاقتصادية العملاقة التي تعد ركنا
أساسيا من أركان النظام الاقتصادي العالمي الجديد الاتحاد الأوروبي الذي بدأ أولى
خطواته عام 1957م بست دول وقد هدف هذا السوق إلى تحقيق اتحاد جمركي يتمتع فيه
الأعضاء بحرية انتقال السلع دون فرض رسوم جمركية ولقد انتهت المرحلة الانتقالية
للسوق الأوروبية المشتركة عام 1968م بتحقيق الاتحاد الجمركي بين الدول الأعضاء وفي
عام 1973م تم توسيع السوق بإنضمام بريطانيا وأيرلندا والدنمارك وانضمت تايوان
للدول الأعضاء عام 1981م ليصبح عدد الأعضاء عشرة .
ونتيجة للعمل المتواصل من جانب أعضاء هذا السوق فقد وصل
مؤخرا اعتبارا من يناير 1999 إلى مرحلة الوحدة الاقتصادية والنقدية .
وثاني أهم التكتلات الاقتصادية في العالم : منظمة
التجارة الحرة لأمريكا الشمالية ( نافتا ) ويضم هذا التكتل الولايات المتحدة
الأمريكية وكندا والمكسيك وهو يختلف عن الاتحاد الأوروبي حيث يقف عند مرحلة إقامة
منطقة تجارة حرة دون أن يتعداه في إقامة اتحاد جمركي أو سوق مشتركة مثل الاتحاد .
وهناك أيضا تكتل ( رابطة دول جنوب شرق آسيا ) المعروف
باسم ( الآسيان ) التي تأسس عام 1967م ويضم هذا التكتل في عضويته عشر دول .
فضلا عن منتدى ( الأبيك ) الذي يضم 21 دولة ويمثل أكبر
تجمع اقتصادي اقليمي على مستوى العالم حيث يتوزع أعضاؤه بين أربع قارات هي آسيا
وأستراليا وأمريكا الشمالية والجنوبية كما يضم أكبر تكتلين اقتصاديين ( نافتا –
الأسيان ) وتتراوح صور التعاون والتكامل بين أعضاء هذه التكتلات بين حرية انتقال
السلع والخدمات بدون قيود جمركية أو غير جمركية وعقد اتفاقيات التبادل العيني
للسلع وحرية انتقال رؤوس الأموال بهدف الاستثمار المباشر غير أن الاتحاد الأوروبي
فقط هو الذي خطى خطوات أوسع نحو التكامل الاقتصادي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق