ظهور النقود الورقية من أعظم ما حدث في تاريخ النقود منذ
نشأتها والنقود الورقية لم تظهر فجأة ولكنها مرت بأربع مراحل فرعية هامة كالتالى :
المرحلة الأولى :
ظهرت النقود في البداية بسبب خشية الناس على نقودهم
المعدنية من السرقة أثناء حملها في تنقلاتهم وأسفارهم ولذلك قام الأفراد بوضع
النقود لدى تجار الذهب والفضة أو الصيارفة ذوي السمعة الجيدة مقابل حصولهم على
صكوك أسمية أو ايصال تظهر قيمة ما أودعوه وتتضمن وعدا بالدفع إلى صاحبها عند الطلب
لذلك فإذا فقدت هذه الورقة أو الصك فإن صاحب الوديعة يفقد ثروته لذلك فصاحب
الوديعة هو الوحيد القادر على سحب وديعته وكان صاحب الوديعة ( أو النقود المعدنية
) يقوم بدفع عملة إلى التجار أو الصيرفى مقابل حفظه لأمواله لديه حتى يستردها عند
الطلب .
المرحلة الثانية :
أدت زيادة الثقة في التجار والصيارفة إلى شيوع استخدام
هذه الصكوك في عمليات التبادل والوفاء بالالتزامات ويتم ذلك من خلال قيام صاحب الصك
بتظهير الصك أي التنازل من صاحبه إلى شخص آخر وبذلك يصبح من يحوز الصكهو المالك
الشرعي له .
ومع تزايد استخدام تلك الصكوك باتت عملية التظهير في كل
عملية أو مبادلة اقتصادية أمرا شديد الصعوبة وتقف عائق أمام النشاط الاقتصادي لذلك
وجد الحل في قيام التاجر أو الصيرفى بإصدار الصك لحامله وهي وثيقة تثبيت ملكية من
يحملها للوديعة الموجودة لدى التاجر أو الصيرفي دون الحاجة إلى عملية التظهير ومن
هنا أصبحت تلك الوثائق أو الصكوك ورقة نقدية لذاتها في التعامل بمجرد التسليم مع
ملاحظة أن هذه النقود الورقة كانت مغطاة بنسبة 100٪ من قيمتها بالمعادن حيث يمكن
تحويلها دون شرط أو قيد إلى معدن لذلك أطلق على هذه النقود اسم النقود الورقية
النائبة لأنها تنوب عن المعدن ومغطاة بنسبة 100٪ من قيمتها .
المرحلة الثالثة :
مع توسع الأفراد في استخدام النقود الورقية لاحظت
المصارف التي تصدر الأوراق النقدية أنها لا تعود إليها بالكامل لتحويلها إلى نقود
معدنية كما لاحظت أن عمليات السحب اليومي ( أي تحويل النقود الورقية إلى معادن )
يقابله عمليات إيداع جديدة تعوض السحب الذي يتم مما يؤدي إلى بقاء مقادير هائلة من
النقود المعدنية في خزانتها . لذلك رأت البنوك أنه ليس من الضروري أن تحتفظ بغطاء
معدني للنقود الورقية المصدرة بنسبة 100٪ ومن هنا توسعت في إصدار أوراق نقدية
قيمتها تزيد عن مقدار المعدن المتوافر لديها ولكن ظلت البنوك ملتزمة بتحويل النقود
الورقية إلى معدن ومن هنا ظلت النقود المعدنية هي النقود النهائية التي لها قوة
إيراد كاملة أما النقود الورقية وبرغم انتشار استخدامها فقد ظلت نقودا اختيارية لا
يجبر الأفراد على التعامل بها .
المرحلة الرابعة :
ومع تزايد كمية النقود التي أصدرتها المصارف قامت
الحكومة بإصدار سعر قانوني لها وأجبرت الأفراد على الالتزام به في تعاملهم ولكنها
ظلت قابلة للتحويل إلى معدن . وفي نهاية هذه المرحلة أعفت الدولة بنك الاصدار من
تحويل النقود الورقية إلى معدن وأصبحت النقود مجرد قصاصة من الورق ليست لها قيمة
ذاتية وأسباب الغاء التحويل عدم كفاية المعدن وحاجة الدولة إلى موارد مالية لذلك
ولتتغلب الدولة على مشاكل إصدار النقود بدون غطاء فقد تدخلت في تنظيم إصدار
الأوراق النقدية عن طريق فرض رقابة على عملية الاصدار في النهاية ثم تركيز عملية
إصدار النقود على يد بنك واحد يخضع لإشراف الدولة وهو البنك المركزي المملوك
للدولة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق