المقصود بمصطلح استقلالية البنك المركزي هو عزل البنك
المركزي عن الضغوط السياسية وعن التدخل الحكومي .
حيث تثور المشاكل بسبب تبعية البنك المركزي للسلطة
التنفيذية واضطراره للخضوع للضغوط السياسية وتنفيذ الأوامر الخاصة بتوجيه السياسة
النقدية بما يتفق والأهداف التي تسعى إليها السلعة التنفيذية والتي قد تتعارض على
أهداف استقرار الأسعار والمحافظة على قيمة النقود .
الاتجاهات المؤيدة والمعارضة لاستقلال البنك المركزي :
انقسمت الآراء والاتجاهات حول موضوع مدى خضوع أو استقلال
البنك المركزي عن الضغوط السياسية والتدخل الحكومي
بالنسبة لأصحاب الرأي الذي ينادي بضرورة استقلال البنك
المركزي فنرى الآتي :
·
يعتقد أصحاب هذا الرأي أن الحكومة وخاصة تلك التي تقوم
على أساس حزبي توجه البنك المركزي على أساس سياسي حيث أن أعضاء الحكومة يهتمون
أساسا بسياسات الفترة القصيرة خلال فترة الانتخابات ولا يهتمون كثيرا بسياسات
الفترة الطويلة مما قد يضر بالمصلحة الاقتصادية العامة الأمر الذي يجعل سياسات
البنك موجهة أساسا لتحقيق استقرار في مستوى الأسعار وزيادة معدلات العمالة وسد عجز
الموازنة العامة للدولة في الأجل القصير ولكن هذه السياسات قد تؤدي إلى نتائج
اقتصادية غير مرغوبة في النشاط الاقتصادي في الأجل الطويل فالاعتماد على البنك
المركزي لتمويل العجز المؤقت أو المستمر في الموازنة العامة للدولة سوف يترتب عليه
زيادة العرض النقدي وانخفاض سعر الفائدة ولكن ذلك سوف يؤدي إلى حدوث تضخم نقدي
يقود إلى تدهور وزعزعة الثقة في قيمة العملة في الأجل الطويل .
·
يرى أصخاب هذا الرأي أيضا أن عدم استقلال البنك المركزي
عن الحكومة يؤدي إلى ظهور ما يسمى بدور الأعمال السياسية بمعنى أنه قبل الانتخابات
مباشرة يستخدم البنك المركزي في تحقيق سياسات نقدية توسعية بهدف تخفيض مستوى البطالة
وتخفيض أسعار الفائدة ولكن بعد الانتخابات تظهر الآثار الاقتصادية السيئة لهذه
السياسات والتي تتمثل في ارتفاع المستوى العام للأسعار وظهور التضخم في النشاط
الاقتصادي مما يتطلب ضرورة اتباع سياسات نقدية وانكماشية لتفادي الآثار السيئة
للسياسات التوسعية قبل الانتخابات .
بالنسبة لأصحاب الرأي الذي ينادي بضرورة اخضاع البنك
المركزي إخضاعا كاملا لتوجيه الحكومة وإدارتها فإنهم يستندون في ذلك إلى أن البنك
المركزي لا يعدو أن يكون هيئة عامة ويستهدف الصالح الاقتصادي العام كما يؤمنوا
بتمتع الحكومة بالرشد الاقتصادي في تصرفاتها
·
يرى أصحاب هذا الرأي أن قيام البنك المركزي بتحقيق سياسة
نقدية تنسجم مع السياسة المالية ( تنظيم الانفاق الحكومي والضرائب ) يتطلب اشراف
الحكومة على السياسة النقدية والتي تقوم بدورها بتحديد السياسة المالية الأمر الذي
يؤدي إلى عدم وجود تعارض بين السياستين ويحقق التوافق والترابط بينهما
·
يوضح أصحاب هذا الرأي ان استقلال البنوك المركزية عن
الحكومة خلال فترة الكساد العالمي العظيم قد ترتب عليه عدم جدية هذه البنوك في
تدعيم البنوك التجارية كملاذ أخير للاقراض مما عرض العديد من البنوك التجارية
لعمليات الافلاس المصرفي خلال تلك الفترة .
·
كما يرون أن استقلال البنوك المركزية قد يدفعها إلى
الاهتمام بمصلحتها الخاصة على حساب المصلحة الاقتصادية العامة للدولة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق