السيولة – وفقا للنظرية التقليدية في التوظيف – هي قدرة البنك على سداد التزاماته في مواعيد استحقاقها دون أن يصاب البنك بخسائر ولما كان سداد الالتزامات يعتمد على ما يتوافر لدى البنك من أصول نقدية وشبه نقدية ولذلك فيجب على البنك أن يتأكد دائما أن في قدرته تحويل أصوله – أو جزء كبير منها – إلى نقد حاضر في أمد قصير لمواجهة أي طلب متزايد على النقد الحاضر من جانب عملائه .
وبناء على ما سبق يعتبر البنك سائلا إذا توافر أحد شرطين :
الأول : إذا كان يمتلك أصول نقدية مساوية لطلبات السيولة المتوقعة ( ولذلك ترى الكتابات غير التقليدية أن النقود السائلة هي الصديق المفضل للبنوك فبوجودها يمكن له أن يدير حياته اليومية بدون خوف )
الثاني : إذا كان يمتلك مقدارا كافيا من الأصول الأخرى التي يمكن تحويلها لنقدية دون تأخير وبدون خسارة من قيمتها السوقية الكاملة ( الأصول شبه النقدية )
وقد واجه المفهوم التقليدي للسيولة عدة انتقادات من جانب الكتابات الحديثة في الإدارة المالية وتتمثل أهم هذه الانتقادات فيما يلي :
1- إن مجرد توافر أصول نقدية وشبه نقدية لا يعتبر درعا يقي البنك في أوقات الأزمات ففي هذه الأوقات تكثر عادة حالات الإفلاس وبالتالي لن يتمكن عدد من العملاء من مقابلة التزاماتهم حتى إذا كانوا ذوي مركز مميز من محفظة القروض ، وحتى في الأوقات العادية فإن معظم القروض قصيرة الأجل ( كأذون الخزانة على سبيل المثال ) تتجدد عاما بعد آخر بشكل تلقائي بحيث تفقد صفتها كاستثمارات قصيرة الأجل .
2- إن النظر للسيولة على أنها قدرة البنك على تحويل أصوله لنقد حاضر لمقابلة مسحوبات المودعين وتلبية طلبات الاقتراض وإن كان صحيحا بالنسبة لبنك واحد فهو لا يمكن أن يكون صحيحا بالنسبة لبنوك الودائع جميعا فإذا زاد الطلب على النقود لدى بنك معين فهو يستطيع أن يبيع جزءا من أصوله ويحصل في مقابلها على نقد حاضر نتيجة لتحويل جزء من أرصدة البنوك الأخرى إليه سدادا لثمن هذه الأصول ويكون بهذا قد حصل على النقد الإضافي الذي كان في حاجة إليه أما إذا وجدت البنوك التجارية في مجموعها أن الطلب على النقد الحاضر من جانب عملائها قد زاد فسيكون مآل أي محاولة من جانب أحدهما لزيادة احتياطيه النقدي على حساب غيره من البنوك الفشل التام حيث سيواجه من جانب غيره بمحاولة مماثلة لزيادة احتياطيه النقدي على حسابه .
وبناء على ما سبق أصبح مستقرا في الكتابات الحديثة أن حجر الزاوية في سيولة أصول بنك الودائع ليست في سوقية هذه الأصول ( قدرة البنوك على بيعها في السوق في أي وقت ) ولكن قدرة البنوك على الاقتراض بضمانها من البنك المركزي بمعنى أن سيولة البنك تتوقف على ما في حوزته من أصول معينة يقبلها البنك المركزي كضمان لقروضه وغالبا ما تكون هذه الأصول أما سندات حكومية أو أذون خزانة .
تهدف إدارة النفقات النقدية أو إدارة السيولة في أحد بنوك الودائع إلى التنبؤ بحجم وتوقيت التدفقات المستقبلية والكشف مسبقا عن احتمالات حدوث عجز أو فائض في الرصيد النقدي مما يسمح بإتخاذ اجراءات مسبقة لمواجهته .
وعلى الرغم من أن الكشف عن احتمالات حدوث عجز والاستعداد لمواجهته يأتي في مقدمة أهداف التدفقات النقدية إلا أن الكشف عن احتمال وجود فائض والتخطيط المسبق لاستثماره يعتبر أيضا من الأهداف ذات الأهمية الكبيرة حرصا على عدم
وجود تكلفة فرصة ضائعة نتيجة بقاء جزء من موارد البنك في صورة نقدية عاطلة لا يتولد عنها أي عائد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق