نظرا لأهمية نشاط التأجير التمويلي فقد سبقت العديد من الدول المتقدمة والدول حديثة التصنيع ( جنوب شرق آسيا ) إلى إصدار التشريعات المنظمة له وذلك لما يتمتع به هذا المجال من مزايا عديدة على مختلف الأطراف ذات الشأن ( المؤجر ، المستأجر ، الاقتصاد القومي )
ورغم أن فكرة تأجير الأصول ليست بجديدة إلا أن شكله الجديد يختلف عن السابق والذي كان لا يفرق بين التأجير التمويلي والتأجير التشغيلي بالإضافة إلى العديد من المتطلبات القانونية والتنظيمية التي يتطلبها في شكله الجديد .
وقد بدأ التأجير التمويلي بوضعه الحديث مع بداية الخمسينات في الولايات المتحدة الأمريكية ثم بدأ في الانتشار في نهاية الخمسينات وزاد هذا الانتشار مع بداية الستينات مع السماح للبنوك التجارية بممارسة هذا النشاط وانتقل على العديد من الدول الأوروبية .
وفي نهاية السبعينات تطور هذا النشاط بصورة كبيرة في اليابان ودول جنوب آسيا والعديد من الدول بمختلف القارات . و سنحاول أن نرصد تلك القضية في الاقتصاد المصري كمثال.
أولا : أهمية التأجير التمويلي على المستوى القومي :
إن المتأمل لحالة الاقتصاد المصري يتأكد من تزايد المطلب على الآلات والمعدات للقطاع العام والخاص على السواء وهنا يأتي دور التأجير التمويلي في توفير هذه الآلات والمعدات دون مشاكل مالية كبيرة كما هو الحال في الاقتراض وعلى الأخص أن الكثير من هذه الشركات تواجه عثرات مالية واختلالات هيكلية .
ويمكن للتأجير التمويلي أن يحقق العديد من المزايا على مستوى الاقتصاد القومي ومن أهمها :
1- استخدام الطاقات الإنتاجية المعطلة للآلات والمعدات والأجهزة المملوكة لشركات قطاع الأعمال العام بتأجيرها لجهات أخرى تحتاج لخدمات هذه الآلات والمعدات .
2- إن اتجاه الاقتصاد المصري لآلية السوق والتحلل من النظام الاشتراكي وبيع الكثير من وحدات قطاع الأعمال المصري فيما يطلق عليه عملية الخصخصة للعديد من الأسباب على رأسها تدهور حالة هذه الشركات ويمكن من خلال التأجير التمويلي القيام بعمليات الإحلال والتجديد لمختلف الآلات والمعدات التي تحتاج لذلك دون شراء هذه الآلات وتلك المعدات الأمر الذي كان ولازال يمثل عبئا كبيرا على الموازنة العامة للدولة .
3- تستطيع الدولة من خلال التأجير التمويلي اختيار وإدخال المستوى التكنولوجي المناسب لتحسين ورفع كفاءة مختلف قطاعات المرافق والخدمات القائمة وكذلك إنشاء وتزويد المصانع الجديدة وكذلك تجهيز المطارات والمواني .
4- يعتبر التأجير التمويلي أحد طرق علاج الفشل المالي والتعثر المالي حيث يساعد التأجير التمويلي على خفض التدفقات النقدية الخارجية والمتمثلة في شراء الآلات وتجديدها وإحلالها ويمكن أيضا أن تواجه الشركات المتعثرة تعثرها المالي ببيع وإعادة استئجار بعض الأصول غير المؤثرة في الإنتاجية كالمساحات الزائدة من أراضي المخازن أو بعض الأصول الثانوية واستخدام ثمنها في التغلب على العثرات المالية مع توفير عقد تأجير هذه الأصول المباعة .
5- يتيح التأجير التمويلي تمويل بنسبة 100% من قيمة الأصول ونظرا لأن السوق المصري تتوافر فيه الكفاءات البشرية معتدلة التكاليف وفي ذات الوقت تنقص فيه الموارد الكافية لمتطلبات التنمية الاقتصادية .
6- يساعد التأجير التمويلي في تحسين ميزان المدفوعات في حالة قيام شركات أجنبية بهذا النشاط حيث يقتصر التدفق الخارجي للتحويلات للخارج على القيمة الايجارية المدفوعة لهذه الشركات عكس الحال في حالة شراء هذه الآلات من الخارج حيث يمثل ثمنها بالكامل تحويلا نقديا للخارج مما يؤثر سلبا على ميزان المدفوعات وفي ذات الوقت يتحسن الإنتاج المحلي وتقل فرص الاستيراد وتزداد فرص التصدير مما يحسن ميزان المدفوعات من جانب آخر .
7- إن الإسراع بإدخال التأجير التمويلي في إحلال وتجديد الآلات وفتح مصانع وشركات جديدة تدبر آلاتها عن طريق الاستئجار يتيح العديد من فروض التوظيف وتقليل معدلات البطالة وتحسين معدلات الإنتاجية .
8- إن التأجير التمويلي يمثل فرصة ذهبية وعلى الأخص في حالة السماح للبنوك بمزاولة هذا النشاط لامتصاص وتشغيل الأموال المتاحة لدى البنوك بدون استثمار مما يساعد على حركة التنمية ولا يقتصر هذا التشغيل على أموال البنوك ولكن أيضا لجميع المؤسسات والجهات الفائض المالي ( كشركات التأمين والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية والهيئة العامة للتأمين والمعاشات )
9- إن اقتناء الشركات والمصانع لآلاتها ومعداتها عن طريق التأجير التمويلي يعفي هذه الشركات من مشاكل حساب أقساط الإهلاك والوقوع في مشاكل كفاية هذه المخصصات لاستبدال غيرها في نهاية عمرها الإنتاجي من عدمه نتيجة ارتفاع معدلات التضخم وعدم قدرة هذه الشركات على إحلال آلاتها ومعداتها .
10- نظرا لأن التأجير التمويلي يدر عائدا مرضيا لملاك الآلات والمعدات ( مؤجري الآلات ) ولذلك يعتبر هذا المجال الاستثماري جذاب لشريحة جديدة من المستثمرين كالبنوك وشركات التأمين والهيئات التي لديها فائض من الأموال وكذلك الشركات المنتجة للآلات والأفراد أيضا .
ثانيا : ضمانات وحوافز الاستثمار في مجال التأجير التمويلي :
نظرا للدور المحوري والحيوي لنشاط التأجير التمويلي على الاقتصاد المصري اعتبر نشاط التأجير التمويلي من بين المجالات التي تسري عليها أحكام قانون ضمانات وحوافز الاستثمار وذلك بغض النظر عن النظام القانوني الخاضعة له الشركات والمنشآت التي يتم من خلالها مزاولة هذا النشاط وفيما يلي أهم الضمانات والإعفاءات الواردة بالقانون سالف الذكر والتي تسري أيضا على نشاط التأجير التمويلي :
أ- ضمانات الاستثمار :
1- لا يجوز تأميم الشركات والمنشآت أو مصادرتها كما لا يجوز فرض الحراسة على الشركات والمنشآت أو الحجز على أموالها أو الاستيلاء أو التحفظ عليها أو تجميدها أو مصادرتها .
2- لا يجوز التدخل في تسعير منتجات الشركات والمنشآت أو تحديد ربحها .
3- لا يجوز إلغاء أو إيقاف الترخيص بالانتفاع بالعقارات إلا في حالة مخالفة شروط الترخيص .
4- يجوز للشركات والمنشآت الحق في تملك أراضي البناء والعقارات المبنية اللازمة لمباشرة نشاطها فيه أيا كانت جنسيته أو محال لإقامتهم أو نسب مشاركتهم .
5- للشركات والمنشآت أن تستورد بذاتها أو عن طريق الغير ما تحتاج إليه في إنشائها أو التوسع فيها أو تشغيلها من مستلزمات إنتاج وموارد وآلات ومعدات وقطع غيار ووسائل نقل مناسبة لطبيعة نشاطها وذلك دون الحاجة لقيدها في سجل المستوردين كما لا يجوز لها تصدير منتجاتها بالذات أو بالواسطة دون ترخيص وبغير حاجة لقيدها في سجل المصدرين .
ب- الإعفاءات الضريبية :
1- تعفى من الضريبة على إيرادات النشاط التجاري والصناعي أو الضريبة على أرباح شركات الأموال بحسب الأحوال أرباح وأنصبة الشركات والمنشآت وأنصبة الشركاء بما فيها وذلك لمدة خمس سنوات تبدأ من أول سنة مالية تالية لبداية الإنتاج أو مزاولة النشاط ويكون الإعفاء لمدة عشر سنوات بالنسبة للشركات والمنشآت التي تقام داخل المناطق الصناعية الجديدة والمجتمعات العمرانية الجدية والمناطق النائية التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء وكذلك المشروعات الجديدة الممولة من الصندوق الاجتماعي للتنمية .
2- تعفي من الضريبة على إيرادات النشاط التجاري والصناعي أو الضريبة على أرباح شركات الأموال بحسب الأحوال أرباح الشركات والمنشآت التي تمارس نشاطها خارج الوادي القديم وكذا أنصبة الشركاء فيها يستوي في ذلك أن تكون منشأة خارج هذا الوادي أو منقولة منه وذلك لمدة عشرين سنة تبدأ من أول سنة مالية تالية لبداية الإنتاج أو مزاولة النشاط ويصدر بتحديد المناطق التي يسري عليها هذا النص قرار من مجلس الوزراء .
3- تعفي من ضريبة الدمغة ومن رسوم التوثيق والشهر العقاري عقود تأسيس الشركات والمنشآت وعقود القرض والرهن المرتبطة بأعمالها وذلك لمدة ثلاث سنوات من تاريخ القيد في السجل التجاري كما تعفى من الضريبة والرسوم المشار إليها عقود تسجيل الأراضي اللازمة لإقامة الشركات والمنشآت .
4- يعفى من الضريبة على أرباح شركات الأموال مبلغ يعادل نسبة من رأس المال المدفوع تحدد بسعر البنك المركزي المصري للإقراض والخصم عن سنة المحاسبة وذلك بشرط أن تكون الشركة من شركات المساهمة وأن تكون أسهمها مقيدة بإحدى بورصات الأوراق المالية .
5- تحصيل ضريبة جمركية بقيمة موحدة مقدارها 5% من القيمة وذلك على جميع ما تستورده الشركات والمنشآت من آلات ومعدات وأجهزة لازمة لإنشائها .
6- تعفى الأرباح عن اندماج الشركات أو تقسيمها أو تغيير شكلها القانوني من الضرائب والرسوم التي تستحق نتيجة لذلك
7- تعفى من الضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة عوائد السندات وصكوك التمويل والأوراق المالية الأخرى المماثلة التي تصدرها شركات المساهمة بشرط أن تطرح في اكتتاب عام وأن تكون مقيدة بإحدى بورصات الأوراق المالية .
8- تتمتع الشركات الدامجة والمندمجة والشركات والمنشآت التي يتم تقسيمها أو تغيير شكلها القانوني بالإعفاءات المقررة لها قبل الاندماج أو التقسيم او تغيير الشكل القانوني إلى أن تنتهي مدد الإعفاء الخاصة بها ولا يترتب على الاندماج أو التقسيم أو تغيير الشكل القانوني أية إعفاءات ضريبية جديدة .
9- يعفى من الضريبة على إيرادات النشاط التجاري والصناعي أو الضريبة على أرباح شركات الأموال بحسب الأحوال ناتج تقييم الحصص العينية التي تدخل في تأسيس شركات المساهمة او التوصية بالأسهم أو الشركات ذات المسئولية المحددة أو في زيادة رأسمالها .
ثالثا : دور الجهاز المصرفي في مجال التأجير التمويلي :
تعتبر البنوك من المؤسسات المالية ذات الفائض أو الإبداعات الكبيرة التي لم يعد دورها قاصرا على أعمال الوساطة المالية بل أصبح دورها الاستثماري كبير وملحوظ وقد أتاح قانون التأجير التمويلي رقم 95 لسنة 1995 في مادته الأولى للبنوك ان تمارس هذا النشاط شريطة الحصول على ترخيص بذلك من البنك المركزي قمة الجهاز المصرفي المصري .
ولم يكن هذا الاتجاه جيدا حول الاعتراف بدور الجهاز المصرفي فقد بدأ هذا ملموسا فقد صدر القانون والخاص باستثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة ليحل محل القانون 65 لسنة 1971 الخاص باستثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة بعد أن أثبتت التجربة العملية قصور في الصياغة والمضمون بما يؤثر سلبا على الاستثمار ولذلك تم تعديله بالقانون 43 لسنة 1974 ثم بالقانون 32 لسنة 1975 .
لقد كان من الضروري الاعتراف والتصريح بدور البنوك في الاتجاه غير التقليدي لدعم وزيادة الأنشطة الحيوية الجديدة ومنها مجال التأجير التمويلي حيث يستطيع الجهاز المصرفي القيام ببعض أو كل ما يلي :
1- مزاولة نشاط التأجير التمويلي :
وقد أجاز القانون للبنوك مزاولة هذا النشاط شريطة الحصول على موافقة بذلك من قبل البنك المركزي للاطمئنان على قدرات البنك الراغب في ذلك وإمكانياته المالية والفنية لأداء هذا النشاط .
2- تأسيس شركات في مجال التأجير التمويلي :
حيث تستطيع توفير رؤوس الأموال لهذا الغرض فضلا عن خبرة البنوك في مجال التمويل والاستثمار الناتجة عن تاريخها السابق في مد رجال الأعمال والشركات بالقروض اللازمة طبقا لدراسات الجدوى المقدمة من قبل هؤلاء جميعا .
3- الدخول كممول في التأجير التمويلي غير المباشر :
فكثيرا من منتجي الآلات والمعدات يقتصر على البيع النقدي دون سواه ولذلك لا يجد المستأجر بد من الالتجاء لأحد البنوك ليقوم بشراء الآلة أو المعدة من منتجها ثم يقوم بتأجيرها للمستأجر على أن يقوم الأخير بدفع ثمن الآلة والعائد المطلوب من قبل البنك على أقساط سنوية .
4- عمل الدراسات الاقتصادية لأطراف عملية التأجير التمويلي :
حيث يقوم البنك بعمل الدراسات اللازمة للمؤجر عن المشروع أو الآلات وتقديم المعلومات اللازمة لذلك نظرا لانتشار فروع البنك على مستوى الجمهورية وتوافر الإدارات البحثية والكفاءات الإدارية في البنوك .
5- القيام بتسويق خدمة التأجير التمويلي :
حيث تتولى البنوك تسويق هذا النشاط بين عملائها من الشركات والمصانع بتوضيح مزاياه وتسهيلاته الضريبية والمحاسبية والإدارية ومجالات استخدامه والصور والأشكال المختلفة له .
6- تخصيص لإدارة مستقلة لتقديم الخدمات لأطراف التأجير التمويلي :
وهذه الخدمات متعددة ومتنوعة ومنها :
• حساب قسط الإيجار السنوي في ضوء معدل العائد المطلوب .
• المجالات المختلفة التي يمكن الاستعانة بالتأجير التمويلي فيها
• توضيح الجوانب القانونية والتنظيمية للتأجير التمويلي
• المعالجة المحاسبية
• توضيح المزايا المحققة لكل من المؤجر والمستأجر في ضوء التأجير التمويلي .
ولا يقتصر دور التأجير التمويلي على الآلات والمعدات الثقيلة أو العملاقة ولكن تختلف الأحجام من الآلات والمعدات بمختلف قطاعات النشاط الاقتصادي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق