صدر نظام رأس المال الأجنبي المعمول به في المملكة حتى نهاية القرن العشرين الميلادي بموجب مرسوم ملكي عام 1399هـ ، ومع أن بعض التعديلات قد أدخلت عليه منذ ذلك الحين ، إلا أنها كانت تعديلات طفيفة . يغطى ذلك النظام جميع أنواع الاستثمار الأجنبي ، بما فيها براءات الاختراع والعلامات التجارية ، لكنه لا يحكم الاستثمارات في مجال البترول والمعادن والتي يحكمها نظام آخر تطبقه وزارة البترول .
يمنح النظام للمشروع الأجنبي المشترك ( الذي فيه مشاركة سعودية لا تقل عن 25% من الملكية ) . جميع المزايا التي يجدها المشروع الوطني لكن تشترط موافقة خاصة لذلك وتتمثل المزايا التي يجدها المشروع الصناعي الوطني الموافق عليه في : إعفاء المدخلات المستوردة من الرسوم الجمركية ، أراض بإيجار أسمي ، حماية ضد منافسة الإنتاج المستورد ، مساعدات مالية ، وإعفاء من رسوم التصدير . بالإضافة إلى ذلك يعفى المشروع الصناعي والزراعي الأجنبي المشترك من ضرائب الدخل ، وضرائب الشركات لمدة عشر سنوات وتعفى المشاريع في المجالات الأخرى من تلك الضرائب لمدة خمس سنوات .
وابتداء من عام 2000 صدر قانون جديد للاستثمار الأجنبي بالمملكة ، أنشئت بموجبه هيئة مستقلة هي الهيئة السعودية العربية العامة للاستثمار ، برئاسة محافظ هدفها كان جذب الاستثمار الأجنبي إلى المملكة ، لكنه توسع ليتضمن رفع القدرة التنافسية للمملكة بل أنها وضعت لنفسها هدفا هو جعل المملكة واحدة من الدول العشر الأولى في القدرة التنافسية عالميا ، وذلك بحلول عام 2010 ومهمتها ليست فقط خلق بيئة صديقة للأعمال ومجتمع قائم على المعرفة ، بل تتضمن تطوير " مدن – اقتصادية " بمستوى عالمي .
ولتحقيق أهدافها تلك ، منحت الهيئة استقلالية في العمل ، كما تمركزت فيها كثير من الحوافز الممنوحة (الجديدة والقديمة) ، بحيث تمنحها الهيئة حتى لا يضطر صاحب الطلب إلى التنقل بين الوزارات والمصالح المختلفة ، وبذلك خف عبء البيروقراطية الذي يضيق منه المستثمرون . كذلك تم التوسع في منح الحوافز ، وتخفيف القيود على المستثمر الأجنبي .
وقد تمكنت السعودية من اجتذاب كم ضخم من الاستثمارات الأجنبية فاقت مبلغ التريليون دولار في تقدير (العالي 1999م) . وقد كان متوسط الاستثمار الأجنبي في المملكة في الفترة 1994م – 1998م في تقديرنا 918 مليون دولار سنويا . كذلك يبدو أن إنشاء هيئة مستقلة لتجيع الاستثمار الأجنبي كان له مردود جيد فقد ارتفع حجم الاستثمار المباشر إلى ما يقارب الألفي مليون دولار عام 2001 ثم بدأ يقفز تدريجيا حتى فاق مبلغ 18 بليون دولار عام 2006 ( ضمان الاستثمار ، أكتوبر / ديسمبر 2007 ) .
قوانين الاستثمار في مصر :
بعد حرب 1973 ، اتجهت السياسة المصرية إلى إعطاء المبادرات الخاصة دورا في الاقتصاد ، وتم تبني سياسة الانفتاح الاقتصادي وكان القانون رقم 43 لعام 1974 هو حجر الزاوية في هذه السياسة ، والذي فتح الباب أمام الاستثمار المصري والأجنبي ، ورفع كثيرا من القيود المتعلقة بالملكية وأعفاها من بعض قوانين العمل والعملة والواردات . كما تم لاحقا خلق الهيئة العامة للاستثمار لجذب الاستثمارات من الخارج ، وتسهيل تعامل المستثمرين مع المصالح والوزارات المختلفة ، وتسريع الإجراءات المتعلقة بالاستثمار . وفي عام 1989 صدر قانون جديد أعطى مزايا أكثر للشركات الأجنبية المستثمرة ، ولم يعد القانون يشترط ضرورة وجود شريك مصري . وصدر في مايو 1997 القانون رقم (8) قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الذي توسع في منح الإعفاءات والضمانات ، وينحو القانون لإعطاء مزيد من الحريات في التسعير ، وتملك العقار والاستيراد ، كما يمنع التأميم والمصادرة والحراسة الإدارية .
في البداية ، استفادت الشركات المحلية من هذه القوانين أكثر من الشركات الأجنبية والعربية ، وقد كانت استجابة الشركات العربية والأجنبية ضعيفة في البداية ، وذلك نسبة لاتفاقية 1978 . إلا أن التسعينيات شهدت نموا مضطردا في الاستثمارات الخارجية في مصر خاصة من الدول العربية وكذلك من الدول الغربية . شهدت مصر في الثمانينيات تحسنا كثيرا في البني الهيكلية كما بدأت في تطبيق السياسات الملائمة للقطاع الخاص ، وأعيد تنظيم البورصة وبدأت الخصخصة تتقدم بخطى ثابتة ، مما زاد من وتيرة الاستثمارات . وقد جذبت مصر استثمارات عربية وأجنبية قدرناها بـ 892 مليون دولار سنويا في الفترة 1994م – 1998م ومع الألفية الجديدة تسارعت حركة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من 2000 مليون دولار عام 2004 حتى فاقت عشرة بليون دولار عام 2006 ( ضمان الاستثمار ، أكتوبر / ديسمبر (2007) ) .
فعالية نظام الاستثمار الأجنبي :
لا تكاد قوانين بلد اليوم تخلو من نظام للاستثمار الأجنبي ، خاصة في الدول النامية ، وتكاد هذه النظم أن تكون متشابهة من حيث الحوافز ، وشروط الحصول عليها ، والضمانات المقدمة ، حيث يحتوي القانون في العادة على إعفاءات من الضرائب ومن الرسوم الجمركية مع تسهيلات في المجالات الأخرى . يختلف النظام السعودي إنه لا يذكر ضمانات التي تقدم عن المصادرة ، لأن فلسفة الدولة الاقتصادية لا تعرف المصادرة .
تشابه القوانين من حيث التشابه ، يعني أنه لن يكون لبلد ميزة فوق البلدان الأخرى من هذه الناحية ، وبذا تكاد الحوافز بين البلدان تلغي جاذبية البلدان بعضها البعض ، بل إن البلد الذي لا يمنحها يصبح هو البلد المخالف ، وهو الذي سيفقد ويفشل في جذب الاستثمارات الأجنبية . الحوافز إذن ضرورية وليست كافية لجذب الاستثمار ، وقد أوضحت الدراسات أن ما يجذب المستثمر الأجنبي ليس الإعفاءات ، بل وجود السوق والطلب الفعال أو المادة الخام المطلوبة أهم من وجود حوافز وإعفاءات أو عدمها . وبإمكان المستثمر إذا وجد السوق كافيا أن يفاوض للحصول على الحوافز ، بل هو يتطلب أن يكون المشروح مريحا حتى بدون حوافز ، لأن إعفاءات يمكن سحبها ، كما إنها مربوطة بفترة زمنية محددة . من الجانب الآخر ، ما يهم ليس هو إعفاء من الضرائب ، لكن ما هو معدل الضرائب بدون إعفاء في الأساس ، لأن ذلك هو ما على المستثمر أن يتعايش معه مدة طويلة بعد انتهاء فترة الإعفاء إن منح إعفاء .
ما يهم المستثمر الأجنبي فعلا هو مناخ الاستثمار العام ، الذي يشمل حجم السوق ، وسهولة العمليات ، والتكلفة والمخاطر السياسية . لذا القوانين وحدها غير كافية ، وقد فشلت دول نامية عديدة في اجتذاب الاستثمار الأجنبي ، بالرغم من الحوافز والقوانين المكتوبة ، لأن المناخ العام غير مشجع .
اكتشفت العديد من البلدان ذلك خلال عقد الثمانينيات وعملت على تحرير اقتصادياتها وتخفيض القيود الحكومية على نشاط الشركات المحلية الأجنبية وبدأ كثير من الدول حملة " الخصخصة " أي بيع شركات القطاع العام للقطاع الخاص وشهدنا ذلك أول ما شهدناه في الأزمة الحالية في إنجلترا وفرنسا وتبعتهما عديد من الدول النامية .
واليوم تنفذ الدول الشيوعية السابقة والدول النامية التي كانت قد احتضنت الاشتراكية قبلا ، برامج تحرير وخصخصة ضخمة يشجعها في ذلك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي .
لهذه الأسباب نتوقع لرأس المال الخاص الأجنبي دورا متزايدا في الاقتصاد العالمي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق