نظرية تعادل القوة الشرائية :
تفيدنا نظرية تعادل القوة الشرائية أن العملات الورقية قيمتها بقيمة كل عملة داخل بلدها ، أي بمقدار ما تجلبه من البضائع والخدمات داخليا ، فكلما ازدادت القوة الشرائية للعملة الوطنية داخل بلدها كلما ارتفعت قيمتها خارج بلدها , فالقوة الشرائية المحلية إذن تحدد قيمة العملة من وجهة نظر دولية . كمثال لإيضاح النظرية ، يقدم العلماء دولار ماكدونالد لشرح النظرية ، إذ يأخذون سعر وجبة البج مالك في كل دولة ، ويقارنون بينهم لاستخلاص أسعار العملات ، فإذا كان سعر الوجبة 18 ريالا سعوديا في المملكة ودينار ونصف دينار في الكويت و30 جنيها في مصر يصبح الدينار الكويتي يعادل 12 ريالا سعوديا أو عشرين جنيها مصريا . وإذا كانت قيمة مكونات سلعة معينة من السلع مائة دولار أمريكي داخل الولايات المتحدة ، بينما قيمة سلة مشابهة تماما في تكوينها السلعي مائتا ريال سعودي داخل المملكة العربية السعودية ، تصبح قيمة الدولار الأمريكي 2 ريالا سعوديا . أما إذا انخفضت القيمة الشرائية للدولار ريالا واحدا ، وأصبحت قيمة ( سعر ) تلك السلة أي أنهما تساويا في سعرهما العالمي ، لأن قوتهما الشرائية الداخلية تساوت على افتراض إن الأسعار ثابتة داخل المملكة .
هذه الاختلافات في القوة الشرائية بين العملات داخل بلده ، يفترض أن تنعكس في أسعار العملات الدولية من خلال التجارة الدولية . انخفاض القوة الشرائية في الداخل ( ارتفاع الأسعار ) ، يؤدي عن طريق عرقلة الصادرات وتشجيع الواردات ، إلى زيادة المعروض من العملة التي انخفضت قوتها الشرائية ، وإلى نقص الطلب عليها في سوق الصرف الخارجي ، وبالتالي انخفاض قيمتها الخارجية .
هذه النظرية تبدو صحيحة من الوجهة النظرية ، لكن من الناحية العملية ، هناك أشياء تعطلها ، وذلك لأسباب عديدة أهمها إن هناك كثيرا من السلع والخدمات التي تؤثر أسعارها على القوة الشرائية داخل البلد المعني دون أن يكون لها أدنى أثر في سعر الصرف ، لأن تلك السلعة أو الخدمات لا يتم تبادلها عالميا ، ولا تدخل في نطاق التجارة الخارجية مثل أسعار المنازل ، وأسعار السلع السريعة العطب التي لا تنتقل بين الدول أو الخدمات مثل النقل والصحة والتعليم . كذلك قد تؤدي زيادة في الدخل القومي إلى زيادة السلع المستوردة بدون أن تؤدي إلى زيادة الأسعار المحلية . الزيادة في السلع المستوردة تزيد الطلب على العملات الأجنبية ، وبالتالي يرتفع سعرها بدون أن تتأثر القوة الشرائية الداخلية ، أو مع ثبات القوة الشرائية على الأصح .
عموما تفسر هذه النظرية أسعار العملات على المدى الطويل ، ولكنها لا تعمل على المدى القصير .
مؤثر فيشر العالمي :
قد لا تفسر نظرية تعادل القوة الشرائية أسعار العملات وتحركاتها فيما بينما على المدى القصير ، ولكنها ذات مدلول وأثر على المدى الطويل ، وقد قدم فيشر نظريته المبنية على تحركات الفوائد لتفسير تغير أسعار العملات على المدى القصير . طبقا لهذه النظرية ، تتحرك أسعار العملات كاستجابة للتغير في أسعار الفوائد . فإذا ما زاد عائد ودائع الإسترليني في بريطانيا مثلا ، وبقيت عوائد ودائع الجيلدر الهولندي ثابتة في هولندا ، سيزيد الطلب على الجنيه وسيرتفع سعر الإسترليني مقابل الجيلدر الهولندي . وهكذا تتغير الأسعار طبقا لتحرك العائد . وهذا ما يجعل السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي لأي دولة مهمة جدا لسعر عملة ذلك البلد ، ولذا حينما يتبع بنك إنجلترا ( البنك المركزي البريطاني ) سياسة نقدية متشددة يهدف منع التضخم ، فإن لذلك أثره على سعر الجنيه الإسترليني مقابل عملات الدول الأخرى مما يجعلنا نتفهم تضايق واضعي السياسة في تلك الدول الأخرى لما يعينه ذلك لأسعار عملاتهم الشيء الذي قد يتعارض مع الأهداف الاقتصادية لتلك الدول ، خاصة إذا كان عليها أن تحافظ على أسعار عملاتها في مستوى معين مقابل الإسترليني .
السعر الحالي والمستقبلي للعملة :
ثبات أسعار العملات مهم جدا للتجارة الدولية . مع أسعار العملات الثابتة في السابق ، لم يكن المستثمر أو التاجر يعانيان من القلق خوفا من أن قيمة استثمار المستثمر ستنخفض بانخفاض العملة ، أو أن عائد صادرات التاجر سيصبح أقل قيمة عندما يتسلمه ، لأن سعر العملة المباع بها انخفض ما بين الاتفاق على البيع واستلام مبلغ السداد . إحدى وسائل تفادي هذه المخاطر في ظل الأسعار المعومة ، هو ما يسمى بالسعر المستقبلي ، والذي نشرحه فيما يلي :
السعر الآني : عندما تتم أي صفقة في السوق العالمية يتطلب مبادلة كمية معينة من عملة ما مقابل سداد قيمتها بعملة أخرى ، طبقا للسعر السائد وقت الصفقة ، تسمى تلك المعاملة " معاملة آنية " ويسمى ويعرف ذلك السعر بالسعر الحالي أو السعر الآني ، والذي يتم فيه التسليم في التو واللحظة أو خلال يومين على الأكثر .
يعرض تاجر العملة عادة سعرا يشتري به وهو سعر الشراء لأي كمية كما يطلب سعرا معينا يكون على استعداد للبيع به ، والفارق بين السعرين ، سعر الشراء وسعر البيع ، هو هامش الربح الذي يحوزه . تعلن هذه الأسعار عادة في البنوك للبيع والشراء الآني .
السعر المستقبلي : السعر المستقبلي هو السعر الذي يكون فيه مشتر ما مثلا ، ملتزما بشراء عملة أجنبية على أساسه في تاريخ لاحق مهما حدث للأسعار في السوق أثناء تلك الفترة . كذلك سعر البيع المستقبلي هو السعر الذي يلتزم الصراف ببيع مبلغ معين على أساسه في فترة زمنية لاحقة ، ثلاثة أشهر مثلا ، ارتفعت أسعار العملة أو انخفضت عن السعر المتفق عليه خلال ذلك .
بهذه الطريقة يتمكن المستوردون أو المصدرون من تجنب مخاطر تقلبات أسعار العملات . قد يجد مستورد ما مثلا إن عليه سداد فاتورة البضاعة التي طلبها بالفرنكات عندما تصل من سويسرا بعد ثلاثة أشهر من طلبها أو بعد بيعها في السوق المحلية ، بينما يخشى ذلك المستورد أن سعر الفرنكات السويسرية سيرتفع في السوق المحلية عندما يحين وقت السداد . فالبضاعة التي ثمنها مائة مليون فرنك عند طلبها أي مائتي مليون ريال سعودي إذا كان الفرنك يعادل ريالين ، ستصبح فاتورتها 210 ( مائتي وعشرة ) مليون ريال إذا ما ارتفع سعر الفرنك بنسبة 5% عند حلول وقت السداد بعد ثلاثة أشهر ، وبذا يجد التاجر أن نظام الدفع عند الاستلام سيكلفه عشرة ملايين ريال إضافية ما بين طلب السلعة واستلامها . أو عند سداد قيمتها . حيث إنه ملزم بالسداد بالفرنكات السويسرية . لتفادي هذه المخاطرة ، يقوم التاجر بالاتفاق مع بنك أو صراف بأنه على استعداد لشراء مائة مليون فرنك من الصراف بعد ثلاثة أشهر بسعر يتفق عليه الطرفان وهو عادة السعر المستقبلي السائد في السوق . والسعر المستقبلي يختلف عن السعر الآني وفقا لتوقعات السوق بالنسبة للعملة المتعامل بها فإذا كان المتوقع هو ارتفاع قيمة الفرنك سيميل السعر المستقبلي للفرنك إلى الارتفاع فوق السعر الحالي والعكس بالعكس . والفارق بين السعرين – الحالي والمستقبلي – مصدره التنبؤات القائمة على العوامل الاقتصادية الداخلية ( في كل قطر ) والعوامل العالمية التي تؤثر في تلك العملة وكذلك أسباب غير اقتصادية أحيانا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق