السؤال الذي يخطر على بال القارئ دوما هو كيف تسوي البنوك حساباتها في المجال العالمي . نحن نعلم أن التسوية تتم داخليا في النظم الوطنية بنظام المقاصة بين البنوك ، الذي يشرف عليه عادة البنك المركزي ولذا لابد من ذكر شيء عن هذه التسوية على المستوى الدولي قبل ترك هذا الموضوع . بنك التسويات الدولية من أقدم المؤسسات الدولية ، إذ أنشئ في عام 1929 ، وذلك أساسا للنظر في قضايا التعويضات الألمانية بعد الحرب العالمية الأولى ولتسوية قروض البنوك الأوروبية ، إلا أن وظائفه تقلصت بعد إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي .
وحاليا تقتصر وظيفة بتنك التسويات الدولية على القيام بالعمليات المصرفية قصيرة الأجل ، ومواصلة دوره كبنك مركزي للبنوك المركزية يجري التسويات بينها ، حيث يقوم كل بنك مركزي بتبني مطالبات البنوك التجارية في بلده .
كذلك لبنك التسويات الدولية دورا آخر كمنبر للتنسيق بين البنوك المركزية ، ومناقشة أي تعديلات مقترحة على الإجراءات والممارسات على المستوى الدولي . ومن أهم وظائف البنك حاليا ، وضع المؤشرات والنسب المالية الدنيا المطلوبة لسلامة البنوك المالية ، مثل حجم السيولة النسبي ، وكفاية رأس المال ، والاحتياطيات بالنسبة إلى الأصول لكل مصرف . في أوائل التسعينيات أوصى البنك بألا تقل نسبة رأس المال زائدا الاحتياطيات ( كفاية رأس المال ) عن ثمانية في المائة من الأصول الكلية مما اضطر كثير من البنوك العالمية والعربية إلى زيادة رأسمالها . هذه طبعا مجرد توصيات وليس لبنك التسويات وسيلة لقرضها قسرا ، وأحيانا تتجاهلها البنوك مثلما فعلت بعض البنوك اليابانية حديثا ، لكن ذلك مضر بتقدير ملاءة البنك المالية .
كذلك من أهم مشاكل الصرافة الدولية مشكلة التحكم في البنوك . في داخل كل قطر ، تتحكم سلطاته النقدية في أداء البنوك وتراقبها ، للتأكد من سلامتها ، ومن أنها تدار بكفاءة، لأن سلامة اقتصاد أي بلد من سلامة مصارفه . أما عندما يصبح للبنك عمليات خارجية يصبح السؤال المسئول عن مراقبة عمليات البنك الخارجية : البلد الأم أم البلد المضيف ؟ ظلت هذه المسألة قائمة ، وهي السبب في أن أزمة البنك العالمي للاعتماد والتجارة ، تفاقمت إلى أن انهار ، حيث تركت السلطات البريطانية إدارته للسلطات النقدية في لوكسمبرج ، التي تركته بدرها للسلطات البريطانية . هذا من المسائل التي يدعو بنك التسويات الدولية السلطات النقدية للتعاون فيها ، ويصدر حولها إرشادات لضمان سلامة المصارف .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق