عرفنا الإدارة المالية بأنها التدبير والتحكم في الموارد المالية للشركة وهدفها هو المحافظة على سيولة الشركة في سعيها لتحقيق مراميها ، وجني أرباح من الأصول المالية . على الإدارة إذن أن تعمل لتكامل التدفق النقدي مع الاحتياجات المستقبلية للتأكد أن المال متوافر عند الحاجة وبذلك تتمكن الشركة من تمويل نشاطاتها دون توقف وبأقل تكلفة بما في ذلك طبعا تكلفة الفرصة البديلة .
المصادر الداخلية للأموال :
مثلما تستطيع الإدارة على المستوى المحلي أن تحرك الأموال بين الإدارات المحلية المختلفة هنالك فرصة أكبر لذلك على المستوى الدولي لتوافر أموال عند فرع أو شركة تابعة يمكنها الاستغناء عنها إلى حين لتستفيد منها شركة زميلة بل إن واجب الإدارة العليا أحيانا يفرض عليها تشجيع ذلك أو فرضه على شركاتها المختلفة حين ترى أن الأموال التي عند الفرع "س" مثلا يستحسن أن تحول للشركة التابعة "ص" الروابط الداخلية بين الشركات التابعة والزميلة مهمة جدا كمصدر لتمويل عمليات هذه الشركات . وإذا وزعت شركة تابعة أرباحا للشركة الأم تستطيع تلك الشركة الأم إقراضها لشركة أخرى تابعة لها في بلد ثان أو تقدمها كمساهمة رأسمالية فيها وهناك فرص أخرى للتمويل الداخلي كأن تطلب شركة تابعة تشتري موادا أو سلعا وسيطة أو تامة من شركة زميلة إرجاء تسديد مبلغ مستحق للثانية من الأولى ولا بأس أن يكون ذلك قرضا بثمن خاصة إذا كان سعر الفائدة في بلد الشركة المقرضة ليس عاليا عندها تستطيع الشركة الثانية أن تقترض من السوق المحلي بـ6% مثلا وتقدمه بمعدل 7% للشركة الأولى التي تكون في بلد أسعار الفوائد فيه أعلى . مجرد تأجيل الدفع لشهور قد يكون فيه منفعة للشركتين الزميلتين التابعتين لشركة ( م . ج ) وكل من الثلاث تعمل في قطر منفصل .
إدارة رأس المال العامل :
يشمل رأس المال العامل : النقد باسم الشركة لدى البنوك والمخزون السلعي والحسابات المدينة ( تحت التحصيل ) والحسابات الدائنة وتتعقد إدارة المال العامل عبر البلدان بسبب القوانين الحكومية التي تضع قيودا على التحويل بسبب اختلاف معدلات التضخم بين البلدان والتغير في أسعار العملات وإذا أخذنا إدارة النقد السائل نجد الإدارة السليمة تقتضي الآتي
معرفة احتياجات الشركة التابعة واحتياجات الشركات الزميلة وكذلك احتياجات الرئاسة .
معرفة أحسن وسيلة مشروعة لتحويل النقد الزائد من الشركة التابعة إلى المركز .
معرفة أحسن وجهة لاستخدام النقد بعد ذلك .
يقتضي هذا وضع خطط لمصادر واستخدامات الأموال عند كل شركة تابعة تعكس احتياجاتها المستقبلية وتترحم إلى موازنات وقوائم توضح حاجتها لسداد فواتير المواد الخام والسلع الوسيطة والحسابات الدائنة بالإضافة إلى ما تتوقعه من إيرادات نقدية ومواعيد تحصيلها المختلفة وبذا تتحول كل المدفوعات والإيرادات المتوقعة إلى خطة شهرية أو ربع أو نصف سنوية أو سنوية وترفع كل شركة محلية خطتها إلى الرئاسة أو المدير الإقليمي وتضاهي خطة كل شركة تابعة مع الأخريات ومع احتياجات الرئاسة . ويستطيع منها المدير المالي للشركة ( م . ج ) أن يقدر الفوائض والعجوزات اعتمادا على التنظيم المتبع يمكن للرئاسة أن تتخذ قرارات بشأنها أو تترك ذلك للمدير المحلي . ويستطيع المدير المحلي أن يبعث بفوائضه كأرباح موزعة إلى الرئاسة لتوضع في صندوق مركزي . أما إذا كانت القوانين تمنع أو تحدد تحويل الأرباح فهنالك وسائل أخرى تتبعها الشركات لتحويل الأموال كمصاريف إدارية أو إتاوات على خدمات فنية أو أقساط تسديد ، وفوائد قروض أو باستعمال سعر التحويل الذي نناقشه أدناه .
سعر التحويل : التسعير الداخلي ( تسعير التحويل ) وسيلة أخرى لتحريك الأموال بين الشركات السنوية لشركة (م.ج) بين الدول المختلفة . سعر التحويل كما نعرفه هو : السعر الذي تتقاضاه شركة تابعة من شركة أخرى تابعة لنفس الشركة (م . ج) التي تتبع لها الأولى وعلى خدمات أو سلعة قدمتها الأولى للثانية . تستطيع الشركة الأم أن تضع سعرا أعلى من التكلفة أو من سعر السوق على ما تبعث بع لشركاتها التابعة وبذلك تتحول الأموال إلى المركز . من الجانب الآخر ، قد تبيع الشركة الأم بأسعار متدنية للشركات التابعة دعما لها أمام منافسي الشركة المحليين .
كما يشير المثال الأخير ، هناك أهداف واعتبارات مختلفة تؤثر على تحديد السعر الداخلي وقد تتعارض الأهداف بحيث يقتضي أحدها إلى رفع السعر ، بينما يقتضي هدف آخر تخفيضه . السعر العالي نسبيا من الأم إلى الفرع يحشد الأموال في مقر الشركة الأصلي لكن إذا كانت ضرائب أرباح الأعمال عالية في بلد المقر وأعلى من بلد الشركة التابعة فيستحسن هنا استخدام سعر منخفض وعموما ميزة استخدام التسعير الداخلي لنقل الأموال بين البلدان هي أنها لا تخضع للضرائب في بلد الفرع مثلما تخضع تحويلات الأرباح ( التي تفرض عليها ضريبة ) كما أنه يعتبر وسيلة لتفادي قيود التحويل إذا كانت هناك رقابة على النقد .
إلا أن التسعير الداخلي ليس خاليا من الموانع كما نتصور . فبالإضافة إلى كونه محكوما بأوضاع السوق المحلي والأجنبي والمنافسة وقوانين الأسعار . فإن التسعير الداخلي الاعتباطي يؤثر على أداء الشركات المنتسبة وسيجد مدير الفرع نفسه محبطا في سعيه لتحقيق أقصى أرباح . وكيف نقيم أداءه ونحاسبه إذا كان لا يستطيع أن يحدد سعر المواد الخام أو المنتجات التي يتعامل فيها وتحدد ذلك الشركة الأم ؟ التسعير إذن مشكلة عند تقييم الأداء وينبغي إيجاد طريقة في التقويم تأخذ تلك الحقيقة في الحسبان بإعطاء المدير المحلي نقاطا إضافية أو الاحتفاظ بأكثر من طاقم دفاتر حسابات كأن تعد الشركة نوعين من الحسابات الختامية واحد للمستخدمين الخارجيين ( السلطات ، الدائنون ) وآخر للتقييم الداخلي للإدارة.
من الجانب الآخر ، تتدخل بعض الحكومات لإعادة ترتيب الحسابات الختامية للشركة إذا شعرت بأن الشركة تستخدم أسلوب التسعير الداخلي لتفادي الضرائب ، حتى إذا لم يكن ذلك هو هدف الشركة لكن المحصلة قد تكون تخفيض الضرائب المستحقة وضياع مال على الدولة . تتدخل السلطات إعادة تقييم سعر العمليات الداخلية ، وعادة ما تأخذ السلطات سعر السوق أو سعر سلعة أو خدمة مشابهة معروضة في السوق أو ما ترى السلطات أنه ما يمكن أن يكون عليه سعر السوق . ليس ذلك فحسب بل تعرضت الشركات م.ج إلى اتهامات بأنها تمتص الأموال من شركاتها التابعة في الخارج حتى لا تدفع أو تستجيب لطلبات جماعات العاملين فيها إذا كان هناك تفاوض على الأجور . أو أنها تحرم الشريك المحلي إن كان لها شريك من بعض مستحقاته أو أنها تلتف على قوانين تحويل العملة من خلال سياسات التسعير الداخلي . التسعير الداخلي إذن مصدر قد يوقع الشركة ( م . ج ) في جدل ومساءلات .
وبصرف النظر عن هذه التعقيدات يظل التسعير الداخلي أسلوبا لنقل الأموال وإتاحتها للرئاسة التي تعمل على التأكد من أن احتياجات كل شركاتها مؤمنة وقد تبعث بالأموال الداخلية إلى شركة منتسبة أخرى وبذل تمول عملياتها بل يمكن أن تكون تلك الأموال مصدرا للتوسع في أعمالها في بلد آخر ( تنفيذا لخطة موضوعة ) أو لشراء أسهم .. الخ . وبذلك تنوع أعمالها وتقلل من مخاطر التركيز على بلد أو بلدين . وقد تعرضنا إلى بعض أنواع المخاطر التجارية التي تختص بالإقراض والسداد . وفيما بعد سننظر في مخاطر العملات وهي جزء من المخاطر المالية لنرى كيف تدار المخاطر الخاصة بالتضخم والتقلب في أسعار العملة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق