تجزئة وتنسيق العمليات يتطلب وضع استراتيجية لكل وظيفة ، وفي النهاية يجب أن تجزأ الخطة إلى جانب تسويق وجانب تمويل ، وجانب إنتاج ، وجانب موارد بشرية . في التسويق تدور الاستراتيجية عادة حول الباءات الأربع والتي تتأثر حتما بخيار التركيز من ضمن الخيارات أعلاه . في التمويل يجب أن تحدد الاستراتيجية مصادر الأموال المطلوبة واستخداماتها وإلى أي درجة ستعتمد على التمويل الذاتي والتمويل الداخلي والاقتراض ، أي كيف يكون هيكل التمويل . في الإنتاج تحدد الاستراتيجيات مواقع الإنتاج لكل سلعة وكل مكون ، وأين تجمع الأجزاء ، وما الذي ستنتجه الشركة بنفسها وما الذي ستتعاقد مع آخرين لإنتاجه لها . الخ . استراتيجية الموارد البشرية تختص باختيار المديرين وهل سيكونون من البلد الأم أم المضيف أم بلد ثالث ؟ وكذلك تضع الشركة استراتيجيات الأجور والمكافآت والعلاقات الصناعية ، ومدى التعاون مع العاملين .
وضع السياسات :
السياسات هي قواعد إرشادية تعكس توجه الشركة ، وتخدم أهدافها ، وهي إما سياسة عامة ، أو سياسات تختص بوظائف معينة أو بلدان معينة . هذه السياسات ضرورية لتساعد المديرين في المناطق المختلفة التي تعمل فيها الشركة لاتخاذ قراراتهم وهم على بعد . في مجال التسويق ، قد تكون السياسات هي وضع أهداف بيعية للوكيل والتحكم في عملياته بالنسبة لشركة صناعية ضخمة . في مجال التمويل قد تكون السياسة ألا يزيد الاعتماد على القروض بأكثر من 50% من الأصول ، وأن يكون الاعتماد على التمويل الداخلي بأقصى حد ، أي إعادة استثمار الأرباح بدلا من توزيعها . وفي الموارد البشرية قد تكون السياسة هي اختيار مديرين من البلد المضيف على مستوى الطبقة الإدارية الثانية .
البرامج :
هي مجموعة من الموارد -المختارة لتحقيق مهمة معينة في فترة زمنية محددة . والموارد المشمولة هي موارد مالية وموارد بشرية وموارد مادية كلها معبأة سويا لتحقيق نشاط تسويقي أو إنتاجي معين . البرامج التسويقية مثلا قد تختص بتسويق سلع معينة ، يكون لكل واحد منها برامج يوضح مزيجها التسويقي ، كالترويج مثلا فيوضح البرنامج وسائل الترويج المختارة والمبالغ التي ستصرف عليها وتوقيتها ، وما تحتاج لتنفيذها أوين تنفذ ؟. في الإنتاج ستكون هناك برامج لكل سلعة توضح الجداول الزمنية للإنتاج والتخزين ، والموارد المطلوبة لإنتاجها وكمياتها ومصدرها وتدفقها ، وأماكن تجميعها والآليات المطلوبة لمعالجتها والمنشآت التي ستتم فيها تلك المعالجة ، والمبالغ المرصودة لكل ذلك .
وضع السياسات والبرامج يأخذنا إلى المرحلة الأخيرة وهي التنفيذ ، وطبعا يمكن أن تكون هناك خطوات أكثر دقة كالإجراءات المطلوبة لتنفيذ تلك البرامج ، فالخطوات التي تتبع لإنتاج سلعة أو مكون ما تحدد من الذي يبدأ العملية والمسار الذي يتبعه ، ومن يلجأ إليه ومن يعقب ذلك الشخص في مسار العمليات . أو إجراءات اختيار مدير ، فتوضح الإجراءات من يبدأ تلك الإجراءات ، وما هو المسار الذي تتخذه تلك الإجراءات ، ومن يتخذ القرار النهائي .
وهكذا نجد أن الخطة الاستراتيجية بمؤشراتها الإجمالية ، قد تفرعت وقسمت إلى أجزاء تصبح مسئولية أفراد أو أسام بعينها ، وتتجمع هذه الأجزاء في مجموعات فرعية وتكبر لتصب كلها أخيرا في الاستراتيجية العليا . ثم هناك السياسات التي ترشد القرارات والإجراءات التي تحكم تنفيذها .
الرقابة وتقييم الأداء :
الرقابة تعني تحديد مدى مطابقة أداء الشركة للخطة الموضوعة ، واتخاذ الإجراء اللازم في حالة الانحراف . إنجاز هذه الوظيفة يتطلب بالضرورة وجود خطة لها أهداف ، على ضوئها نستطيع أن نحكم على الأداء . ويتطلب ثانيا وجود نظام معلومات يتابع الأداء في مناطق مجالات عمل الشركة المختلفة ويحلل ذلك الأداء من البيانات المتلقاة ، ويقدم كمعلومات معالجة تتخذ الإدارة على ضوئها القرارات الملائمة .
من حيث الأهداف ، لقد تحدثنا عن ذلك مسبقا ، وأوضحنا أهمية إمكانية قياس مدى تحقيقها . أما وجود نظام معلومات إداري فذلك يعني أن تتلقي الإدارات الخارجية ورئاسة الشركة تقارير دورية وأن تكون لها إمكانية تحليل المعلومات . تتلقى الشركة التقارير الدورية عبر البريد والهاتف والوسائل الالكترونية الحديثة بطريقة منتظمة ، بل إن ثورة تقنية المعلومات أصبحت توفر للإدارات العليا كما هائلا من المعلومات بطريقة آنية في التو واللحظة . بالإضافة إلى ذلك ، هناك الزيارات الميدانية الدورية التي يقوم بها مندوبو الرئاسة بزيارة الفروع أو مندوبو الفروع إلى الرئاسة والاجتماعات الدورية للمديرين الخارجيين . الخ وكل هذه تمثل مدخلات معلومات مفيدة للطرفين . وفي دراسة حديثة عن الاتصالات بين شركات السيارات الأجنبية ووكلائها في المملكة وجدت تلك الدراسة أمن كثافة الاتصالات قلت من النزاعات ، ووحدت الرؤى ، وحسنت العلاقة بين الجانبين عصب أي نظام معلومات ، وعلى مستوى الأعمال الدولية ، هناك خوف دائم من حدوث تشويش بسبب الاختلافات الثقافية في فهم معنى الرسالة مما يحتم قدرا من الحرص . كذلك هناك سؤال دائم عن أحسن الوسائط في الاستخدام وكيفية تعديلها . والانتشار الجغرافي الذي كان في السابق عقبة أمام تحديث المعلومات أصبح عبؤه أقل رغم أنها مازال يمثل قيدا .
المعايير العامة في تقييم الأداء :
معايير مالية وإدارية : لدينا هنا أولا معدل العائد على الاستثمار الذي يأخذ نسبة العائد الصافي ( بعد الضرائب ) من الأصول الكلية ، والذي يستخدم بكثرة لبساطته ، حيث يجمع في رقم واحد كل أداء الشركة ، ويشير إلى الدرجة التي يستغل بها المديرون أصول الشركة ويمكن من المقارنة . والمؤشر لا يخلو من أوجه قصور ، حيث يهمل كون المعاملات قد تشمل أحيانا " مجاملات " بين فروع الشركة كما قد يهمل أوضاع كل سوق . هناك معايير أداء الشركة الأم الأخرى كنمو المبيعات ، والحصة السوقية ، ومقاييس التكاليف .
تحتاج الشركة الأم إلى هذه المعلومات لمقارنتها بالخطط الموضوعة للشركة ككل ولأقسامها ووحداتها المختلفة . وإذا لم تتحقق الأهداف ، على الإدارة أن تبحث عن أسباب الانحراف لتتخذ الإجراء اللازم .
معايير أداء المديرين : بالإضافة إلى المعايير الكمية ، تحتاج الشركة متعددة الجنسية إلى معايير غير كمية ، لتحكم بها على أداء المديرين في الخارج . وللتأكد من حسن أدائهم ،تقوم بعض الشركات باستبقاء الديرين للعمل في الرئاسة فترة حتى تضمن تشربهم وتفهمهم لأهداف الشركة . نجاح المديرين في علاقاتهم في الدولة المضيفة ومع رؤسائهم ومرؤوسيهم والمدى الذي به يعدون ويدربون المديرين الآخرين ، كلها مؤشرات مهمة في الحكم على أداء مديري الشركة بالخارج . ووجود المديرين الأكفاء ضروري لتنفيذ استراتيجية الشركة ، ولذا يصبح تقييم أدائهم أمرا مهما .
والعلاقة مع الدولة المضيفة مجال من المهم تقييم الأداء فيه ، خاصة إذا كانت الشركة صناعة حساسة أو كان حجم الشركة كبيرا بالنسبة للاقتصاد ، أو إذا كانت سياسة الدولة المضيفة عرضة للتقلب . ولذا على الشركة متابعة التطورات المختلفة في هذا المجال ، وتحديد ما يمكن أن تفعل حياله وما ليس بيديها . وهذا أيضا مجال يمكن تقييم أداء المديرين فيه .
الخلاصة :
نظرنا في هذا الفصل إلى عملية التخطيط الاستراتيجي ، فعرفناها أولا ، و وضحنا مراحلها المختلفة من دراسة داخلية وخارجية ، واختيار الرسالة والأهداف وتحديد الاستراتيجية ، وكيفية تنفيذها ، وأخيرا تقييمها . وعرض العملية في خطوات لا يعني أنها خطوات منفصلة متتابعة ، كما لا يعني أنها تتم لهذا التسلسل بالضرورة ، فهي متداخلة يحدد بعضها بعضا . كما أن التغذية العكسية تمكن من مراجعة ما قد تقرر سلفا . وحقيقة العملية دائرية يؤثر آخرها في أولها .
يمكن أن نبدأ بتحديد الأهداف قبل الدراسة ، وعند فحص البيئة الداخلية أو الخارجية ، نعود فنعدل الأهداف قبل أن نتبناها نهائيا . ثم بعد ذلك نضع الخطط .
أو قد نضع الأهداف والخطط وبعد أن نباشر التنفيذ نحصل على مؤشرات أداء أولية ، تجعلها نراجع الأهداف والخطط .
أما التقييم النهائي بنهاية فترة الخطة فحتما يهيئ لنا مؤشرات أداء توضح إن كنا متفائلين أو متشائمين أكثر مما ينبغي ، أم واقعيين ، ولا شك أن تلك بيانات ومعلومات مفيدة جدا في وضع الخطط اللاحقة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق