ناقشنا في موضوعات سابقة نشرت في المدونة جانب الإداريين لأنهم الأكثر عرضة للعمل خارج بيئتهم أما العمالة من أصحاب الباقات الزرقاء والبيضاء فإن الشركات تنتقل إليها في دارها وعليها أن تتعلم كيف تدار العلاقات الصناعية فيها وقد كنا تعرضنا عند مناقشة المخاطر السياسية إلى الجدل الدائر حول استعمال التقنية الملائمة لأوضاع الدول النامية وكيف إن استخدام الأساليب الإنتاجية ذات الكثافة الرأس مالية العالية لا يلائم الدول النامية ذات الكثافة السكانية العالية والأجور المنخفضة بينما يرد المدافعون أن تلك التقنية غير متوافرة .ظ كما أن مسئولي تلك الدول يريدون دائما التقنية الأحدث الأمر الذي كثيرا ما يعني نفس أساليب الإنتاج في بلد الشركة الأم وسيظل الجدل قائما وستظل الشركات ( م . ج ) تؤسس خياراتها على التكلفة والاقتصاد .
سنناقش هنا مواضيع متفرقة خاصة بالعمالة بدء بموضوع انتقال العمالة ثم التكلفة ثم العلاقات الصناعية المقارنة وأخيرا نذكر بعض الجوانب العالمية للعلاقات الصناعية .
انتقال العمالة بين البلدان :
إذا كان رأس المال ينتقل بين البلدان وإذا كانت الإدارة تنتقل أيضا كما درسنا لتونا ( والأرض عامل الإنتاج الرابع لا نتنقل لكن يمكن حمل شيء منها ) فماذا عن العمالة عامل الإنتاج الآخر هل يمكن انتقالها بسهولة أو بدون ذلك ؟
تاريخيا كانت هناك هجرات ومازالت دول العالم الجديد تستقبل مهاجرين كل يوم في أمريكا وأستراليا وكندا وبكن بأعداد أقل وتدفق محكوم . ومع ذلك مازالت العديد من الدول الأوروبية تعتمد على العمالة الوافدة . في فرنسا مثلا قدر عدد إجمالي المهاجرين بـ 4.3 مليون مهاجر عدد كبير منهم من شمال أفريقيا . وهناك ملايين أخرى في ألمانيا من تركيا ويوغسلافيا واليابان . في آسيا نجد الصينيين والجنسيات الأخرى تظهر في اليابان وأستراليا ودول النمور ا|لأربعة . وفي الشرق الأوسط نجد أن الدول غير النفطية كمصر والأردن تجتذب عمالة من جنوب آسيا بعد أن كانت العمالة الوافدة تتركز في الدول النفطية .
الشركات عموما تفضل الاعتماد على العمالة المحلية لأن العمالة الوافدة مؤقتة حيث يفكر الوافدون دائما في العودة لبلادهم وأسرهم . كذلك العمالة الوافدة تتطلب إنفاقا إضافيا على السفر والإسكان لكن الشركات مضطرة إلى ذلك لأن الأجور الأساسية اقتصادية وقد استخدمتهم في كثير من مشاريع " تسليم المفتاح " ومشاريع أخرى دائمة . ويدور حولها جدل ( أي العمالة الوافدة ) في دول أوروبا وفي الشرق الأوسط مفاداة كيفية الاستغناء عنها وما هي تكلفتها الاجتماعية ؟ وحاليا تسعى الدول إلى تقليل اعتمادها على ذلك بتدريب الكوادر المحلية ويتبنى الأساليب الإنتاجية ذات الكثافة الرأسمالية والتي تتطلب قدرا أقل من العنصر البشري وقد وضعت كثير من هذه الدول خططا ومؤشرا يعمل المخدومون الوطنيون على الاقتراب منها بزيادة استخدام العمالة الوطنية .
في الوقت الحالي يدور جدل حول العمالة الصينية خارج الصين التي تأتي بها الشركات الصينية . الصين كما نعرف تجمعت لديها مصادر مالية ضخمة لكنها في حاجة ماسة إلى كثير من المواد الأولية الضرورية للصناعة غير المتوافرة سعي الصين إلى ذلك جعلها تصبح ثاني أكبر دولة لها تدفقات استثمارية في الخارج وجزء كبير منها هو استثمارات مباشرة في صناعات استخراجية في دول أفريقية بالإضافة إلى قيامها بتنفيذ مشاريع بني هيكلية ضخمة في هذه الدول من طرق وسدود الخ .
وحيث إن العمالة متوافرة لدى الصين فهي تستصحب استثماراتها مع عمال فنيين تستخدمهم في تلك الدول وذلك لانخفاض تكلفتهم وثقتها فيهم . أدى ذلك في بعض الأحيان إلى تبرم العمالة المحلية خاصة أن وجود العمال الأجانب أصبح ملاحظا . وكان أن قاد إلى احتكاكات كما حدث في الجزائر قبل فترة . هذا الأمر جعل الشركات الصينية حاليا تستعين بخبراء غربيين لمواجهة المشكلة . خلاف ذلك تجد الاستثمارات الصينية في أفريقيا ترحيبا كبيرا كونها تحترم سيادة الدول وتقدم معونات غير مشروطة وتساهم في مشاريع مهمة وضخمة سيكون لها أثر حميد وبعيد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق