دراسة البيئة :
البيئة الداخلية :
دراسة النفس هي خير ما يبدأ به الإنسان ، ومعرفة الشركة لقدراتها أمر ضروري قبل أ تعرف ما يمكنها أن تحقق . على المنشأة أن تعرف في الأدبيات بتحليل صواط أي تحليل نقاط القوة والضعف . وتحتاج المنشأة إلى أن تحصر مواردها المادية والمالية والبشرية المباشرة وغير المباشرة . فالموارد المادية ليست لها الآليات والمباني والمخزون فقط ، بل تشمل أشياء كحقوق الامتياز وبراءات الاختراعات . والموارد المالية ليست فقط رأسمالها والسيولة التي لديها ، بل ما يسمح لها به أداؤها المالي من قدرة على طرح الأسهم والسندات والاقتراض من المصارف . ومواردها البشرية ليست فقط القدرات الإدارية الفنية ، بل التوجه الدولي والخبرة الخارجية لدى هؤلاء المديرين ، ومعرفتهم بالأعمال الدولية .
ويمكن أن يتم هذا التقييم بطريقة رسمية مقننة أو بطريقة غير رسمية . هناك مثلا ما يسمى " مصفوفة تقييم العوامل الداخلية " والتي فيها تقوم المنشأة بإعطاء درجة لكل واحد من وظائف المنشأة ( كالبحث والتطوير ، خدمات العملاء ، جودة المنتجات ، التوزيع ، الوضع المالي ) من واحد = ( نقطة ضعف أساسية ) إلى أربعة = نقطة قوة أساسية ، وإعطاء وزن لكل عامل يعكس أهميته في أداء الشركة ، ومن ثم الوصول إلى تقييم كلي لقدرات الشركة . ويمكن أن يتم ذلك على مستوى الشركة التابعة والرئاسة .
من الجانب الآخر ، دراسة البيئة الداخلية يمكن أن تتم عن طريق حصر موارد المنشأة المادية والبشرية في مناطق عملها المختلفة ، ودعم هذا الحصر بما يسمى تحليل تسلسل القيمة . وفي حصر المنشأة لمواردها في المناطق المختلفة من المهم جدا للشركة أن تعرف ليس فقط مواقعها ، ولكنها أيضا كيف تعمل وحداتها المتخلفة ، وهل هي متكاملة تسند بعضها البعض ، ولا تتعارض عملياتها مع بعض ، حيث إن كثيرا من الشركات متعددة الجنسية ، تنقسم إلى وحدات إستراتيجية . أما تحليل تسلسل القيمة فهو الطريقة التي بها تمتزج نشاطات الشركة الرئيسية والفرعية في تهيئة الخدمات ، وزيادة الأرباح .
معرفة البيئة الداخلية مساوية لمعرفة النفس والقدرات الذاتية ، وهي تحدد لنا ما يمكن أن ننجزه ، غير أن نظرتنا يجب أن تكون ديناميكية لا تكتفي بالقدرة الظاهرة ، بل القدرات الكامنة أيضا .
دراسة البيئة الخارجية :
تهدف هذه الدراسة إلى المفاضلة بين البلدان أولا ، ومن ثم وضع الإستراتيجية المناسبة والتهيؤ للأوضاع البلدان المختارة . هنا نعود إلى الجزء السابق الذي درسنا فيه البيئات السياسية والقانونية والاجتماعية والمالية لنفاضل بين الدول على أساس المؤشرات المختلفة . ويمكن للمنشأة الدولية أن تعتمد على أكثر من أسلوب هنا . يمكن مثلا أن يكون لدى المنشأة عنصر واحد وأساسي على أساسه تستبعد عددا كبيرا من البلدان كأن تقول " لن تعمل في بلد فقير يقل متوسط الفرد فيه عن ألف دولار " ، وبذلك تكون أخرجت نصف دول العالم من دائرتها ، أو أن تقول إنها لن تدخل بلدا مخاطره السياسية مقدرة بما يزيد على 50 من مائة .
من الجانب الآخر ، يمكن للمنشأة أن تنتهج الأسلوب التدريجي الذي يفاضل بين البلدان على مراحل ، وفي كل مرحلة يستبعد بعض الأقطار على أساس مؤشر واحد ، ثم ينتقل إلى المؤشر التالي في تحرك لولبي .
هذان أسلوبان سهلان بسيطان ، مما يغري باستخدامهما في التحليل ، لكننا نعرف أن المشكلة تكمن أحيانا في هذا التبسيط ، لأنهما يضعان الحسم في عنصر واحد أو عنصر منفصل ، الأمر الذي قد يقود إلى قرار خاطئ ، وتفوت على المنشأة فرص في بلاد كان يمكن أن تساعد الشركة في تحقيق أهدافها . متوسط دخل الفرد مثلا قد يكون منخفضا ، لكن ذلك لا يمنع من وجود فئة كبيرة من السكان بدخول عالية كما في الهند . أو ربما كان القطر ضعيفا في عنصر معين ، لكنه في عناصر أخرى ممتاز تعوض عن ضعف العنصر الآخر وتزيد .
قد تسقط الشركة من الاعتبار قطرا لأنه صغير الحجم ، في حين أنها لا تدري أن به شرائح مستهلكين لهم قوة شرائية كافية ، بل تستبعد ذلك مع أنها لم تدرس ذلك السوق . أو قد تسقط الشركة من الاعتبار عدة دول أفريقية مثلا بدون دراسة أسواقها ، لأن لدى الشركة فكرة مسبة قد تكون خاطئة عن الدول الأفريقية عموما . أو إذا أخذنا دولة مثل البرازيل بمعدل تضخمها الفلكي إلى عهد قريب ، الأمر الذي يكفي لأن ينفر الكثير من المستثمرين ، ومع ذلك تحقق البرازيل فائضا تجاريا يصل أكثر من عشرين بليون دولار سنويا ، وتتسارع الشركات العالمية لإيجاد موطئ قدم لها فيها . ما نريد أن نقوله هو أن الأفكار المسبقة قد تكون خاطئة . وعدم دراسة أسواق بلد بسبب الأفكار المسبقة ، قد تجعل الشركة متعددة الجنسية تفقد فرصا ثمينة . وكذلك الاعتماد على عنصر واحد أو عنصرين قد يقود إلى القرار الخطأ .
غير أن المهم هو أن تبني الشركة ( م . ج ) قرارها على أكبر عدد ممكن من المؤشرات ، وأن تنظر إلى القطر في مجمله ، إي إلى مناخ الاستثمار وذلك ما سنوضحه فيما بعد .
وقد كنا عند الحديث عن نظريات الاستثمار الخارجي وأسبابه ، تعرضنا إلى الأسباب التي تدفع الشركة متعددة الجنسية إلى الاستثمار في الخارج بإيجاز شديد ، وسنتعرض هنا إليها أيضا كاعتبارات مهمة قبل اتخاذ القرار الاستثماري في بلد ما . هذه الاعتبارات نجملها في :
المناخ الاستثماري :
ما هو المناخ الاستثماري وكيف تؤثر الصورة العامة عن مناخ الاستثمار في بلد ما على احتمال دراسته بعمق أم لا واحتمال الاستثمار فيه ؟ أما هو مناخ الاستثمار : فهو شيء يعني أشياء مختلفة لأناس متباينين ، اعتمادا على ما هي الأشياء المهمة لنجاح الاستثمار في نظر كل منهم والتي تتأثر بتجربتهم . لكن ومع ذلك هناك أشياء تتكرر عند الحديث عن مناخ الاستثمار كعوامل مهمة لنجاحه . وفي تعريف المؤسسة العربية لضمان الاستثمار التي تقوم برصد المناخ الاستثماري في كل دولة عربية في كل عام ولأكثر من عشرين عاما حتى الآن :
يقصد بمناخ الاستثمار مجمل العناصر القانونية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تكون البيئة التي يتم فيها الاستثمار ( المؤسس العربية لضمان الاستثمار 1990 )
وهو كما ترى تعريف شامل يكاد يتضمن كل شيء ، بل إنهم حصروا تسعة عناصر يمكن في مجموعها أن تكون أهم العناصر المحفزة للمستثمر ، والتي يبني عليها قراره الاستثماري . تشمل هذه العناصر أشياء مثل تمتع البلد بالاستقرار السياسي وحرية التحويل وكفاءة الهيكلية . الخ .
هذه العوامل مهمة جدا في اختيار الأسواق ومواقع الإنتاج ، وقد تختلف أهميتها من بلد لبلد ، ومن منشأة لأخرى ، وفي العادة يتم تصنيف كل بلد من حيث وضع كل عنصر من عناصر مناخ الاستثمار فيه ، وصولا إلى مؤشر إجمالي يحدد مناخ البلد ككل ، وهل هو محفز أم منفر للاستثمار ، ويساعد ذلك الشركة في الاختيار بين البلدان ، وفي إضافة بلد جديد أو الاستثمار فيه أو إسقاط بلد آخر . ليس ذلك فحسب ، بل يمكن رصد المناخ في كل بلد لنا فيه عمليات ، وأن يتم ذلك بطريقة متواصلة ، حتى توزع الشركة جهودها ومواردها بصورة أحسن . ويمكن تلخيص هذه العوامل المناخية فيما يلي :
حجم السوق : حجم المبيعات في أي بلد مؤشر مهم لحجم السوق ، وحتى مع وجود إحصائيات عن إجمالي المبيعات أو بعدمها ، ينظر إلى الدخل ( القوة الشرائية ) كمؤشر أساسي لحجم السوق . وقد أوضحت دراسات عديدة أهمية حجم السوق ممثلا غفي المؤشرات الاقتصادية المتعلقة بالدخل القومي ، كعامل حاسم في قرارات الشركات بالاستثمار من عدمه في بلد ما . ومن ضمن تلك الدراسات المنشورة دراسة لكاتب هذه المذكرات " أحمد 1996 " . قد تبدأ الشركة بالتصدير ، وطالما كان كل شيء على ما يرام ، فإنها قد لا تهتم بدراسة السوق إلا إذا حدث تهديد لسوقها التصديري ، عندها ستبدأ في تقييم السوق وحجمه بدراسة حجم الناتج المحلي الإجمالي ، ومتوسط دخل الفرد ومعدل نموهما . كما أنها ستلتفت إلى مؤشرات أخرى مثل حجم الطبقة الوسطي ، ونسبة الصناعة في الدخل القومي ، ونسبة أهل الحضر إلى أهل الريف بين السكان . وهي مؤشرات بديلة لحجم السوق ومقترنة بعه بدرجة وثيقة . وكما هو متوقع ، تسعى الشركة إلى جمع معلومات عن مبيعات الصناعة التي هي فيها وبدائل السلعة التي تنتجها ، ومبيعات سلعتها نفسها إن وجدت ، وكلها مؤشرات عن حجم السوق ، ومدى نموه في البلد موضع النظر .
سهولة القيام بالعمل التجاري : بدأت مجموعة البنك الدولي ي السنوات الأخيرة بتصنيف الدول طبقا لسهولة القيام بعمل تجاري ، وبعمل مؤشر مكون من عدة مؤشرات فرعية ابتداء من تقديم طلب العمل وانتهاء بالتصفية إذا كانت الشركة ستصفي . وفيما بين هذين ، هناك أمور التخديم ، الضرائب ، تطبيق العقود ، حماية الملكية . الخ . وكل واحد من هؤلاء يشمل عدد الإجراءات المطلوبة ، الزمن الذي تستغرقه الإجراءات ، التكلفة ... الخ . كل هذه المؤشرات يتم إجمالها في مؤشر واحد ، وتم ترتيب الدول على أساسه . وفي الجدول رقم (10-1) نعطي ترتيب الدول العربية وبعض الدول المختارة .
جدول رقم (10-1) ترتيب الدول من حيث سهولة القيام بعمل تجاري 2009
الترتيب
|
الدولة
|
الترتيب
|
الدولة
|
الترتيب
|
الدولة
|
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
86
87
88
89
90
|
أحسن عشر دول
سنغافورة
نيوزيلندا
الولايات المتحدة
هونج كونج
الدنمارك
المملكة المتحدة
أيرلندا
كندا
النرويج
أستراليا
دول متوسطة
جزر مارشال
فيتنام
بالاو
بوبا نيوغينيا
الصين
|
91
92
93
95
96
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
|
الصرب
مولدوفا
جزر سيشل
غيانا
نيكاراجوا
أسوأ عشر دول
غينيا
إرتريا
فنزويلا
تشاد
ساوتومي
جمهورية الكونغو
غينيا بيساو
أفريقيا الوسطي
الكونغو الديمقراطية
|
17
24
38
49
54
57
81
94
98
123
125
129
130
132
140
142
146
|
الدول العربية
البحرين
السعودية
قطر
الكويت
الإمارات
عمان
تونس
الأردن
لبنان
اليمن
مصر
المغرب
الجزائر
الضفة وغزة
سوريا
السودان
العراق
|
نلاحظ من الجدول ، أن الدول الأنجلوساكسونية والاسكندنافية تتصدر الترتيب وذلك متوقع ، حيث إنها الأكثر إيمانا بجدوى الرأسمالية . كذلك نجد مجموعة من الجزر الصغيرة العمل فيها ليس صعبا عادة لجذب الأعمال . أما الدول العربية فممثلة في جميع الفئات إذ نجد دول الخليج في المقدمة والدول العربية التي بها نواعات في المؤخرة .
حقيقة هنالك تشابه في سهولة أداء الأعمال والمخاطر التي نظرنا فيها في الفصل السادس .
3- التكاليف والموارد المتوافرة : في الصناعة الاستخراجية أهم اعتبار هو توفر المعدن المراد استخراجه ، وهل هو كاف بما يبرر استثمارا طويل المدى . كذلك تكلفة المواصلات والشحن عامل مهم ، لأن المنتج قد يؤخذ لأسواق بعيدة . وهذان الاعتباران قد يكونان كافيين لاتخاذ القرار من عدمه . وفي الصناعات التحويلية لوحظ أن توافر العمالة المدربة وكلفتها عاملان حاسمان في القرار ، وقد يضاف إليهما عوامل أخرى مثل التقنية المستخدمة وملاءمتها لوضع البلد ، واقتصاديات الإنتاج .
4- المخاطر : يقلل علو المخاطر المختلفة من جاذبية البلد كموقع للاستثمار أو كسوق له . معدل عائد 20% مثلا في بلد شديد المخاطر ، قد يكون أقل تفضيلا من معدل عائد يساوي 10% في بلد قليل المخاطر . " جبن " رأس المال أصبح شيئا يستشهد به ، وما يعنيه الناس بذلك أن رأس المال يهرب من الأوضاع المحفوفة بالمخاطر ، ولن يبقى صاحبه ليستثمر في مكان مجهول المستقل ، أو يتوقع له عدم الاستقرار ومعاداة رأس المال . وليس هناك بلد يخلو من مخاطر لكن ، المهم مدى واحتمال وقوع حوادث وإجراءات تعين الأداء . ويتطلب ازدياد المخاطر وجود عائد عال يعوض عنها قبل أن يدخل المستثمر في ذلك الاستثمار ، مثلما نلاحظ أن السندات الحكومية والودائع عائدها أقل ، لأنها مضمونة أما الأسهم فعائدها عال ، وما ذلك إلا لأن المعرفة بالبيئة تقلل المخاطر ، على الأقل في أعين الشركة .
هناك أنواع عديدة من المخاطر ، منها خوف الشركة من التقليد ، كأن يقوم منتج بتقليد سلعتها دون إذنها أو مجرد أن تسبقها شركة تنتج سلعة بديلة وتدخل سوق بلد قبلها ، وهذه تسمى مخاطر تنافسية ، وهي تجعل الشركة تسرع بدخول بلدان أخرى ، خاصة إذا كانت سلعتها سهلة التقليد ، أو كانت القوانين في ذلك البلد لا تحمي براءات الاختراع .
بالإضافة إلى ذك ، هناك المخاطر المالية التي تحدثنا عنها سلفا ، مثل احتمال إصدار قانون يعيق تحويل الأرباح أو رأس المال للخارج ، لأن ذلك منفر للشركة أو احتمال إصدار السلطات النقدية في البلد إجراءات تحد من عرض النقد ، أو من قدرة الشركة الأجنبية على الاقتراض محليا أو سهولة الحصول على شركاء ، أو طرح أسهم للاكتتاب العام في البلد الذي تنوي الشركة الاستثمار فيه . وكل هذه تنعكس على السيولة التي قد تتطلبها الاستثمارات ، ووفرة رأس المال العامل اللازم ، وجميعها تندرج تحت المخاطر المالية بما فيها سهولة الحصول على مشتر عند التصفية .
أخيرا هناك أيضا المخاطر السياسية التي استعرضناها في جزء سابق ، وهي مخاطر التأميم والمصادرة وغيرها . ويبدو أن الشركات الصناعية والاستخراجية هي عادة أكبر المرشحين للتعرض لمثل تلك الإجراءات إذا كانت في وضع احتكاري ، أو ذات حجم نسبي كبير ، ويخفف من تلك المخاطر احتمال وجود التعويض المالي الملائم .
مقارنة البلدان على ضوء العناصر المذكورة
هناك وسائل عديدة لمقارنة البلدان ، والاقتراحات الاستثمارية المختلفة لاختيار إحداها ، ولنا أن نأخذ من علم " اتخاذ القرارات " وتقييم الاحتمالات وحساب القيمة المتوقعة الخ . وفي هذه الأساليب وغيرها يتم تصنيف كل بلد على حدة على أساس الاعتبارات أعلاه ، ويمكن إعطاء كل قطر درجة معينة أو تصنيفا معينا في كل عنصر على حدة ، ثم يتم جمع الدرجات لاختيارات القطر صاحب أعلى درجة إجمالية ، كما يمكن إعطاء أوزان مختلفة لكل عنصرا طبقا لأهميته . وكمثال مبسط ، دعنا نأخذ هذه العوامل ، ونفترض أننا نمنح كل قطر درجة تتفاوت من أ (ممتاز) إلى هـ (رديء) ونحولها إلى أرقام .
جدول رقم 10-2 تقييم الدول كمواقع للاستثمار
القطر العنصر ووزنه
|
بلاد الواق واق
الدرجة المقدرة
|
المعادل بعد الوزن
|
بلاد النيام نيام
الدرجة المقدرة
|
المعادل بعد الوزن
|
1- حجم السوق : 2
2- سهولة العمليات :1
3- التكاليف : 1
4- المخاطر :1
|
أ
ب
ج
د
|
90 × 2 = 180
80 × 1 = 80
70 × 1 = 70
60 × 1 = 60
|
ب
ب
ج
د
|
80 × 2 = 160
80 × 1 = 80
70 × 1 = 70
60 × 1 = 60
|
يتضح من المقارنة ، أن بلاد الواق واق تمتاز على بلاد النيام نيام ، ولذا تميل الشركة إلى اختيار الأولى ، خاصة عندما يكون الفارق كبيرا ، وقد تستعين بوسائل اختيار أخرى ، إذ لم يكن الفارق كبيرا بين مجموع درجات كل بلد.
في هذا المثال ، اقتصرنا على أربعة عوامل رئيسية من أجل التبسيط ، ومن الممكن أن تنضوي أي من هذه العوامل عوامل أخرى مهمة . حقيقة ، يمكن أن يرتفع عدد العناصر إلى أكثر كثيرا من أربعة . جونسون وشيهي مثلا اختارا عشرة عناصر لمؤشرهما عن " الحرية الاقتصادية " ، وكلها تتعلق بسياسات حكومة البلد المضيف في التجارة الخارجية ، والأسعار والأجور والضرائب وحقوق الملكية . وما زالت مؤسسة هيرتاج تقوم بإصدار مؤشر الحرية هذا سنويا ، وهو مكون من عشرة عوامل متساوية الوزن هي :
حرية الأعمال .
حرية التجارة .
الحرية المالية .
حجم الحكومة .
الحرية النقدية .
حرية الاستثمار .
حرية التمويل .
حرية الملكية .
الحرية من الفساد .
حرية العمل .
عند مقارنة هذا المؤشر بمؤشر سهولة القيام بعمل تجاري في جدول 10-1 سنجد تشابها شديدا ، فتسع من الدول العشر الأولى في ذلك الجدول ، تظهر ضمن العشر الأولى في مؤشر مؤسسة هيرتاج لعام 2009 وكذلك الدول التي في آخر القائمة وضعها متأخر في القائمتين . كذلك هناك مؤشر (Moody) ومؤشر (Staaderd&Poor) اللذان يقيمان وضع القطر كمقترض أو كمكان للاستثمار ، وكلها متشابهة التصنيف ، لأنها كلها تعتمد على اعتبارات متشابهة .
من الجانب الآخر ، هناك خطورة من الإغراق في الدراسة والبحث ، لأن من الصعب أن ندرس بدقة كل حالة ، ونحيط بحجم السوق لكل سلعة في كل بلد ، ومع تعدد السلع التي تنتجها أي شركة متعددة الجنسية ، لك أن تتخيل توليفة الحالات التي يمكن أن ندرسها ، فإذا ما كان لشركة مثلا عشرون منتجا ، وحاولت أن تدرس حالة كل منتج في مائة بلد ، يكون العدد المطلوب 2.000 دراسة . فالدراسة وجمع المعلومات عمليات لها تكلفة وثمن ، وتستغرق وقتا ، وعلى كل شركة ( م . ج ) أن تحدد المدى الذي ستذهب إليه في الدراسة قبل اتخاذ القرار ، من الجانب الآخر ، سرعة نقل وتوافر ومعالجة المعلومات بالوسائل الحديثة تمكننا من فعل الكثير .
تحديد الغايات :
صياغة الرسالة :
لكلمة رسالة مدلولات سامية ونبيلة ، الشيء الذي لا يربطه الكثيرون بالإدارة أو التجارة ، لكننا نعتقد أن رجال الأعمال بناة الصروح والمديرين الرواد ، لابد أن ينظروا إلى عملهم كرسالة مهمة لمجتمعهم ، يخدمون بها المستهلك ، ويهيئون العمل لمن لا يعمل ، أو يجوبون آفاقا جديدة في تطبيق التقنية أو يذودون عن أوطانهم . طبعا ليس بالضروري أن تكون الرسالة في هذا السمو ، ويمكن أن تكون متواضعة في حجم المنشأة . كذلك ليس من الضرورة دائما أن تكون الرسالة مقننة ومصاغة في كلمات بليغة ، وموضوعة على الواجهة . كل مجهود إنساني يجب أن توجهه غايات ، أشياء يسعى البشر لتحقيقها ويكيفون ويوزعون عمل من يديرون على أساسها ، وهي أحيانا رسالة مكتوبة ومحددة بوضوح ، وأحيانا تكون ضمنية يفهمها الجميع بدون أن يعبروا عنها ، مثلما نجد في الأعمال اليابانية . ومهما كانت المؤسسة صغيرة وتقليدية ، فإن لها رسالة مهما كانت متواضعة .
وجود رسالة أمر مهم ، لأنها ترشد وتوجه أعمال المنشأة ، وعلى ضوئها تحدد الأهداف . أحد الأمثلة المفضلة لكاتب هذه السطور مأخوذ من مسلسل عربي شهير ، كانت له شعبية طاغية عرض قبل سنوات ( الشهد والدموع – الجزء الأول ) ، فعندما مرض صاحب مصنع الحلوى في البلدة تسلم الابن العمل مكان أبيه فكان أن قرر قفل المصنع وبيع السكر المدعوم مباشرة بدلا من تصنيعه وبيع الحلوى لأن الأول أكثر ربحا ، وعندما عوفي الأب وعاد للعمل ، ثار في وجه ابنه الذي ظن أن أباه سيثنى عليه ، وأخبر الأب ابنه بأن " صنعتهم " ومهنة آبائهم هي عمل الحلوى لا تجارة السكر . وكمثال آخر من المغرب ، هناك حالة شركة دومينو الأمريكية لتوزيع البيتزا بفروعها في الشرق الأوسط والتي أنشأها مستر مونيهان وجعلها شركة ناجحة تفوق مبيعاتها البليون دولار . في أواخر الثمانينيات ، أهمل مستر مونيهان الشركة ، وانشغل بالأمور العامة كالسياسة والتبشير ، وعرض شركته للبيع ، وفي هذه الأثناء توسعت الشركة في أعمالها ، لتشمل الهامربجر والمطاعم في المطارات .
تدهور الشركة في غيابه أقنع مستر مونيهان بضرورة التركيز ، بل نجده قد قرر أن رسالته في الحياة التي خلق من أجلها ، هي عمل البيتزا وتوصيلها ، وأن تلك رسالة الشركة التي أنشأها من أجلها فكان أن عاد وجعل الشركة شاغله الأول ، وجعل عمل البيتزا وتوصيلها عمل الشركة الوحيد ، وأوقف عمل الهامبرجر ، كما أغلق المطاعم مركزا على توصيل البيتزا للمنازل . وبذا عادت الشركة للازدهار 28/10/1991 .
ومثلما ينبغي أن تكون للشركة المحلية رسالة ، ينبغي أن تكون للشركة ذات الأعمال الدولية رسالة تأخذ في الاعتبار والبيئات المختلفة ، وتحدد منهجا تسير عليه الشركة ، يمنعها من الانزلاق في مجالات غير مجالها في بلدان أخرى ، كما حدث لكثير من الشركات الآسيوية التي دخلت مجالات غير مجالها وبدون تعقل فكان أن زلزلتها الأزمة الآسيوية ، بل إن ذلك كان من أسباب الأزمة . وكما سبق ليس من الضروري أن تكون الرسالة مكتوبة ومقننة رسميا ، لكن المهم أن تكون هناك رسالة .
وكمثال لصياغة الرسالة نقرأ في تقرير الخطوط السعودية الجوية ، أن رسالة السعودية هي : " أن تكون ناقلا جويا عالمي المستوى ، سعودي السمات ، فائق العناية بعملائه ، حريصا على رعاية موظفيه " . فهذه شركة لها أعمال دولية تتضمن رسالتها ألا يقل مستوى خدماتها عن منافسيها ، وفي نفيس الوقت تعطيها الصبغة الو\نية . أو رسالة شركة زين الكويتية التي تقول : " أن نعزز وضعنا كشركة رائدة عالميا في مجال خدمات الهاتف النقال والبيانات وبتقديم خدمات من الدرجة الأولى لكل عملائنا أينما كانوا في العالم " ، كما هو مذكور في موقعها .
تحديد الأهداف :
الآن وقد اتضحت رسالة المنشأة ، عليها أن تحدد الهدف الذي تسعى لتحقيقه . علم الاقتصاد ينبئنا أن أهداف أي منشأة تجارية الوحيد هي تحقيق أعظم قدر ممكن من الأرباح . وتحقيق قدر من الأرباح كبيرا أو صغيرا ضروري لبقاء أي منشأة بدون شك ، لكننا نعلم أن هناك أهدافا أخرى تسعى لتحقيقها المنشآت ، وبعضها قد يخفض الأرباح . والمهم هو تحديد هذه الأهداف ، لأن على أساسها سنعبئ مواردنا بالحجم الذي تتطلبه تلك الأهداف ، وسنضع برامجنا على ضوئها ، وهي التي ستوجه أعمالنا .
المهم أن تكون رسمية ومنصوصا عليا كما تفعل الشركات الأمريكية والغربية ويمكن أن تكون ضمنية غير منصوص عليها لكن الجميع يفهمها ويعرفها كما تفعل الشركات اليابانية . كذلك من المهم أن تكون الأهداف شيئا رقميا أو شيئا يمكن قياسه كتحقيق نسبة معينة أو حجم معين من الأرباح ، أو أن تصبح الشركة هي الأولى في مجالها . الخ . عموما يلاحظ أن الشركات الأمريكية هدفها الأول الربح ، وزيادة قيمة الأسهم ، بينما هدف الشركات اليابانية الأول هو الحصول على أكبر حصة من السوق .
والأهداف لا تأتي من فراغ ، فدراسة البيئة الخارجية والداخلية تحدد للمنشأة أهدافها ، حيث إن قدرات المنشأة تحدد لها ما تستطيع أن تعمله ، بينما تهيئ البيئة الخارجية أمامنا فرصا وتحديات مثلما تضع فيودا على ما نستطيع عمله . حجم الأسواق الخارجية يرينا الفرص أمامنا لكن قدراتنا الإنتاجية والتوزيعية تحدد لنا حصتنا من ذلك السوق . وقد تبدأ الشركة بوضع أهداف عامة لكل أعمال الشركة في جميع أنحاء العالم كتحقيق حجم معين من الأرباح ، أو نسبة محددة من المبيعات أو معدل نمو معين . ثم بعد ذلك يقسم الهدف إلى أهداف فرعية ، هدف واحد لكل منطقة جغرافية أو وحدة عمليات وإذا أنجزت كل واحدة ما 8عهليها فستنجز الشركة الأم أهدافها . كذلك يمكن توزيع الأهداف أو ترجمتها إلى أهداف فرعية تؤديها الإدارات المختلفة كالتسويق والتمويل والإنتاج . في التسويق مثلا يمكن أن يكون الهدف حصة معينة من السوق العالمي ، وفي الإنتاج رفع الإنتاجية والجودة ، والتمويل الهدف هو الابتعاد عن البلدان عالية الضرائب أو التمويل من الأرباح ، وفي إدارة الموارد البشرية يمكن أن يكون الهدف هو توليد مديرين عالميي التوجه من داخل المؤسسة .
تحديد الاستراتيجية :
قسم ديفيد الاستراتيجيات إلى أربعة أنواع رئيسية هي :
استراتيجيات تكامل ( خلفي ، أمامي ، أو أفقي ) .
استراتيجيا تغلغل أو تطوير للمنتج أو السوق .
استراتيجيات تنويع .
استراتيجيات تقهقر .
من الجانب الآخر ، هنالك تصنيف بورتر الشائع :
استراتيجية الريادة في التكلفة : التي تسعى إلى المنافسة من خلال تخفيض السعر .
استراتيجية التميز ( عن الآخرين ) : بإعادة تشكيل المنتج ليلائم فئة معينة .
استراتيجية التركيز على جزء من السوق .
يمكن أن تتقاطع هذه الاستراتيجيات ، حيث توازي استراتيجيات التكامل والتغلغل مع استراتيجية الريادة في التكلفة والتنويع مع التميز هذا على المستوى المحلي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق