free counters

نمط ( الأمير والخدم ) ونمط ( الأمير والبارونات ) في القيادة... دروس من تاريخ الأمم

| |

ماذا يحدث لو عين مدير جديد يتصف بالقوة والشدة والنشاط في منظمة كان المدير السابق لها ضعيفا كسولا نسبيا ؟ هل من الضروري إعادة تنظيم المنظمة لكي يتم تكييفها مع النمط الجديد ؟
وماذا يحدث لو عين مدير جديد يتصف بضعف نسبي وكسل نسبي في منظمة كان المدير السابق لها قويا شديدا نشيطا ؟ هل من الضروري إعادة تنظيم المنظمة بحيث يتم تكييفها مع النمط القيادي الجديد ؟
إن دراسة التاريخ ودراسة القادة المشهورين في التاريخ لتدلنا على أن هناك نمطين أساسيين من الأنماط القيادية :
النمط القيادي الأول : نمط الأمير ومجموعة الخدم يساعدونه في الحكم كوزراء تم اختيارهم برغبته أو بموافقته .
النمط القيادي الثاني : نمط الأمير والبارونات الذين يحملون كرامتهم بالوراثة وليس بحسب رغبة الأمير وحيث يكون لكل بارون الولايات الخاصة به واللوردات التابعين له وينظر الأمير إليهم ويحافظ عليهم بعاطفة طبيعية .
وفي المنظمات التي يكون رئيسها شديدا جدا فإن ذلك يجعل من الصعب الترقية أو الصعود إلى أعلى ولكن إذا تم الصعود إلى أعلى فإن الإدارة حينئذ تكون سهلة ذلك لأن المنظمة التي يكون رئيسها قويا جدا غالبا ما يكون الأشخاص التابعين له ضعفاء ضعفاء بالنسبة له والمنظمة التي يكون رئيسها ضعيفا يكون الأشخاص التابعين له أقوياء وقد توصل إلى هذه النتيجة ( أنتوني جاي ) في دراسته للتاريخ ولأفكار ميكافيللي .
النمط القيادي الأول : نمط الأمير والخدم
هو النمط الذي لوحظ في تركيا فقد حكم الإمبراطورية التركية لورد ومجموعة من المساعدين يرسلهم إلى المقاطعات ويغيرهم كما يشاء ولذلك فإن النمط القيادي الأول اعطى نموذجا تنظيميا مميزا ( النموذج التركي في التنظيم )
النمط القيادي الثاني : نمط الأمير والبارونات :
نمط لوحظ في فرنسا حينما تولى ملك فرنسا الحكم في وسط مجموعة قديمة من اللوردات المعترف بهم من رعاياهم ومحبوبين منهم ولهم سلطاتهم ومسئولياتهم ولا يستطيع أن يفعل الملك معهم الكثير إلا بمشقة وحسابات دقيقة وربما بالرغم منه .
إن نمط الأمير والبارونات أعطى : ( النموذج الفرنسي في التنظيم )
وعندما يعين مدير جديد ضعيف نسبيا بدلا من المدير القديم الذي كان شديدا فإن المدير الجديد يجب أن يتوقع حربا بين المرءوسين وبينه وبين المرءوسين أنفسهم ... تماما مثل الملك الضعيف الذي يتولى الحكم بعد ملك قوي فإن الملك الضعيف يجب أن يتوقع حربا بينه وبين البارونات وبين البارونات أنفسهم .
ذلك أن كل شخص منهم سيحاول إثبات أنه أكفأ وأنه صاحب السلطة ، أكفأ على غيره من البارونات وأكفأ من الملك نفسه .
إن ضعف الملك سيغري البارون بالتمادي في السيطرة . وسيحاول كل بارون السيطرة والنتيجة إما صدام مع الملك أو الرئيس الإداري في حالتنا هذه أو الصدام مع بعضهم البعض .
ولذلك فإن وظيفة الملك الجديد هي منع الحرب بين البارونات وبينه وبين البارونات أنفسهم أو ما يسمى بالحرب البارونية .
وقد أثبت تاريخ المنظمات الكبيرة في أمريكا تدعيما لهذه الفكرة فقد عين فرانك باس رئيسا لمجلس إدارة General Dynamic بعد أن توفى مؤسسها القوي الشديد .
شركة قوامها أكثر من مائة ألف عامل وقد رأى ضرورة تفويض السلطة لهم وكانت النتيجة أن خسرت الشركة 425 مليون دولار في سنتين ( 1960 – 1962 ) أكبر خسارة حققتها أي شركة والسبب في ذلك هو الحرب التي قامت بين المرءوسين الكبار المسئولين أمام مجلس الإدارة فقد كان مؤسس الشركة قويا عنيفا أما رئيس مجلس الإدارة فهو أضعف من مؤسسها مما نتج عنه الحرب بين البارونات وبينهم وبين رئيس مجلس الإدارة حتى بالرغم من أنه فوض السلطة لهم .
ولكن السؤال كيف يحدث ذلك ؟ إن كل رئيس قطاع سيحاول الحصول على مزيد من السلطة لكي يكون حرا في تنفيذ الأعمال التي يراها ضرورية فإذا نجح في الحصول على بعض السلطة فإن ذلك يشجعه على الحصول على سلطة أكبر فالسماء هي الحد وإذا لم ينجح في الحصول على جزء أكبر من السلطة فإنه ربما يحجز معلومات أو يغير فيها أو يشجع الآخرين على عدم الدقة أو الانضباط أو أي إخلال آخر فيصبح هناك تكاتف ضد الرئيس فإذا لم ينصح كل فرد آخر فإن الحرب تبدأ بينه وبين هذا الفرد لأنه العقبة في سبيل الحصول على سلطة أكبر وهكذا تبدأ الحرب أو الصراع حول السلطة .
إن المدير الجديد يجب أن يعيد التنظيم إذا كانت الحالة هكذا حتى ينهي الصراعات أو " الحروب البارونية " قبل أن تبدأ .
إن ذلك يوضح الأسباب التي تدعو الكثير من المديرين إلى إعادة التنظيم فور توليهم مناصب جديدة .
وليس من المصلحة بقاء التنظيم على حاله على أساس النصيحة التقليدية للمدير الجديد .. ( وضح للمرءوسين تمام ماذا تريد واجعلهم يفهمون جيدا أنك لن تغفر لهم عصيانهم )
إن هذه النصيحة لها مشاكلها لأنها ستجعل المدير نفسه تحت الاختبار لفترة طويلة فإذا كان المرءوسون متحدين ومتفقين على أن المدير الجديد ( مصيبة ) فإنه لن يكون هناك وقت لكي يأخذ المدير الجديد ثمار حزمه .
فإذا كان المدير الجديد شديدا عنيفا فيجب أن يتوقع أيضا ( الحرب البارونية ) أو الصراع حول السلطة للمرءوسين وبينهم وربما يستطيع مثلا توجيه نظر المرءوسين إلى خطر الظروف الخارجية التي تؤثر على وجودهم فيجعلهم يتشبثون بمراكزهم وبتعاونهم ولو مؤقتا كما يستطيع أن يسيطر بنفسه على إدارة من الإدارات التي يشغلها شخص ضعيف نسبيا ويجعل منها شيئا ممتازا فيشعر الآخر أنه قادر على بعض الأعمال فإذا نجح فإن النجاح يساعده على نجاح آخر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لـ خدمات وحلول متكاملة للاعمال 2013 ©