إن
وجود هذا الفصل عن الأنماط القيادية وتأثيراتها التنظيمية في أول كتاب عن التنظيم (
بعد تحديد الأهداف وتقسيم العمل مباشرة ) قد يثير الدهشة فكثير من علماء التنظيم
لا يسمحون بأن تدخل النواحي الشخصية في تصميم الهياكل التنظيمية .
إنهم
يخشون أن هذا الاتهام قد يؤثر على التصميم الهندسي للعملية التنظيمية ( البناء
الموضوعي للهيكل التنظيمي )
صحيح
أن عدم تصميم الهيكل التنظيمي هندسيا قد يكون خطأ كبيرا ولكن من الخطأ أيضا النظر
إلى أن هناك طريقة واحدة للتنظيم لكل المشكلات التنظيمية .
إن
الهياكل التنظيمية ليست إلا مجرد هياكل أو إطارات ليعمل فيها البشر ويجب أن يكون
هذا البناء ملائما لمن يسكنون فيه .
فالهياكل
التنظيمية ليست على حد تعبيرأرنست ديل " جاكتات صلبة تمنع المرونة والمبادأة
والتصرف السريع " وليست الهياكل التنظيمية قواعد حديدية تحكم على تصرف وتملي
ما يجب عمله في كل موقف .
لنأخذ على سبيل المثال المتجر الصغير الذي يديره
صاحبه .
إن
صاحب المتجر هذا هو مسئول عن كل المشروع بما في ذلك وظائف الإدارة فهو:
• مسئول عن التخطيط طويل الأجل والتخطيط
قصير الأجل
• مسئول عن وضع السياسات المالية
والبيعية وغيرها .
• مسئول عن التنفيذ والمتابعة
• مسئول عن الابتكار والتحديث
• مسئول عن متجره أمام القضاء .
قد
يستطيع صاحب المتجر أن يقوم بكل تلك الأعمال إلى حد معين حتى إن كبر حجم العمل فإن
الأمر يتطلب أن يحمل بعض الأشخاص مسئوليات معينة .
ولكن
صاحب المتجر المدير قد يجد من الصعوبة أن يحمل أي شخص مسئولية القيام بعمل أساسي
مثل الشراء أو البيع .. لأنه قد يشعر أنه ليس هناك شخص قادر يستطيع أن يتحمل هذه
المسئولية ويؤديها على الوجه الأكمل .
إنه
قد لا يثق في معاونيه وإذا كانت زوجته تعمل معه فربما أنه لا يثق أنها ستكتم
الأسرار فيبعد عنها المسائل المالية ونجده يحتفظ بالأسرار المالية لنفسه وحتى إذا
قام بتحميل شخص بمسئولية محددة فربما يجد أنه غير قادر على ترك الشخص يتصرف في ضوء
قواعد عامة إنه قد يطلب أن يقوم الشخص الآخر بالمسئولية طبقا لطريقته هو طبقا
لتعليماته طبقا لرأيه وبحيث يصبح الشخص الآخر مجرد كاتب ينفذ ما يطلب منه فقط .
إن
المطلعين على تاريخ التنظيمات الكبيرة لا يمكنهم إنكار أهمية الشخصية في تأثيراتها
التنظيمية .
لننظر
مثلا إلى هنري فورد الأول الذي كان مالكا ومديرا لشركة السيارات ( باسمه ) لقد بنى
شركته من لا شيء ولقد كان يعمل كل دقائق العمل لقد كانت أصابعه في كل شيء لقد كان
ينام ويعيش في مصنعه لقد كان يتخذ القرارات بنفسه تقريبا في كل شيء
لقد
ركز كل إنتاجه في مصنع واحد ( River Rouge ) حتى يكون كل شيء تحت
سيطرته لقد كان فخورا بأن شركته ليس لها تنظيم لا توجد واجبات محددة لأي منصب لا
يوجد خط سلطة ( تدرج رئاسي ) الألقاب قليلة والاجتماعات معدومة .
وعندما
استلم هنري فورد الثاني العمل نجده أحدث تغييرا كاملا في الهيكل التنظيمي فلم تكن
معلوماته عن صناعة السيارات مثل جده ابتداء .
إن
مدى اتخاذه القرارات وكمية المشكلات التي أصبحت بدون حل قد جعلت التفويض مسألة
حتمية .
لقد
كان هنري فورد الثاني يؤمن باستخدام الخبرات المتخصصة والأذكياء والتفويض الكبير
لاتخاذ القرارات وبالتالي فلقد أوجد منصب نائب رئيس للشركة وأعطاه سلطات واسعة في
اتخاذ القرارات الكبرى ووضع السيارات .
كما
عين أخصائيين على مستوى عال لتولي مناصب خدمية ( التمويل – الأفراد – التنظيم ) وأنشأ
أقساما إنتاجية بسلطات كبيرة تقرب من أن تكون مستقلة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق