free counters

دراسات تحليلية للمفاهيم السائدة عن التنظيم

| |

إن المفاهيم السائدة عن التنظيم التي ذكرناها سلفا ما هي إلا على سبيل المثال لا الحصر فكل كاتب له نظرية جديدة أو على الأقل منهج جديد أو تعريف جديد للتنظيم .
وفي الواقع وعلى حد قول ( أرنست ديل ) فإنه من الصعب حصر كل نظريات أو مفاهيم التنظيم السائدة .
وإن النظرة السريعة لهذه المفاهيم غالبا ما توحي بأن الفكر التنظيمي في غابة حيث يتصارع كل مفهوم أو كل نظرية مع الآخرين وحيث يكون لكل نظرية أنصارها ومريدوها أو على الأقل المعجبين بها وقد يختلف البعض حول تصنيف النظريات فالبعض يصنفها في خمس مجموعات والبعض يصنفها في أربع مجموعات والبعض يصنفها في ثلاث مجموعات .
إن الدراسة المتأنية للمفاهيم السائدة عن التنظيم توضح أن هناك ثلاث اتجاهات فكرية رئيسية :
الاتجاه الفكري الأول :
ينظر أنصار هذا الاتجاه إلى التنظيم على أنه عملية أو مرحلة تقسيم العمل إلى أجزاء بحيث يكون من السهل إسنادها إلى أشخاص بحيث يتم التمييز بين الأعمال التنفيذية وأعمال المشورة المساعدة وتجميع هذه الأجزاء بحيث يمكن الإشراف عليها بفعالية وتحديد مسئوليات الأجزاء عن النتائج المستهدفة وسلطاتها والعلاقات فيما بينها ويسمى هذا الاتجاه الفكري بالفكر الكلاسيكي في التنظيم أو النظرية الكلاسيكية في التنظيم . ( ليندال إيرويك – كونتر وأودنيل – وليام نيومان – أرنست ديل وبيتر دركر )
الاتجاه الفكري الثاني :
وينظر أنصار هذا الاتجاه إلى التنظيم على أنه منظمة تحوي مجموعة أفراد لهم دوافعهم ومصالحهم الشخصية وصراعاتهم وردود أفعالهم غير الرشيدة بالضرورة ... إن سلوك الأفراد في نظرهم هو العامل الحاكم ويمكننا أن نطلق على هذا الاتجاه الفكري " الفكر الكلاسيكي الحديث " أو النظرية السلوكية في التنظيم ( مارش وسايمون – أرجيرس ) .
الاتجاه الفكري الثالث :
ينظر أنصار هذا الاتجاه إلى التنظيم بمعنى منظمة على أنها نظام عبارة عن مجموعة أجزاء مرتبطة ببعضها ويجب التعامل مع النظام دفعة واحدة ويسمى هذا الاتجاه الفكري " نظرية النظم " ( وليام سكوت – فرنسيس لايكارت )
والسؤال المطروح الآن هو : إلى أي مدى تختلف الاتجاهات الفكرية الثلاثة ؟ وبالتالي أي اتجاه فكري أفضل ؟ وهل يمكن إثبات صحة اتجاه فكري وخطأ اتجاه آخر ؟
إن أنصار الاتجاه الفكري الأول ( النظرية الكلاسيكية ) يرون أن التنظيم علم له مبادئ عامة مبادئ عالمية تتلاءم مع الأنواع اللانهائية من الطبيعة البشرية . هذا في حين نجد أن أنصار الاتجاه الفكري الثاني ( المدرسة السلوكية أو النظرية الكلاسيكية الحديثة كما يجب أن يسميها البعض ) يوجهون هجوما عنيفا على أنصار النظرية الكلاسيكية لأنهم يفترضون ثبات دوافع الأفراد ولا يهتمون كثيرا بالصراعات التنظيمية للمصالح المختلفة ... إلخ .
وإن أنصار الاتجاه الفكري الأول ( النظرية الكلاسيكية ) يوجهون اتهاماتهم لأنصار الاتجاه الفكري الثاني ( النظرية السلوكية ) لأنهم بتركيزهم على سلوك الفرد في المجموعة وعلى الاختلافات بين الأفراد وتأشيراتها المختلفة يجعلون من الصعب حصر أنماط السلوك التنظيمي في عدد محدود بحيث يمكن فهمها والسيطرة عليها فكل موقف يتغير بتغير الأشخاص وتغير العوامل الأخرى وبالتالي فليس هناك مواصفات تنظيمية يمكن تطبيقها عالميا .
ويجيء أنصار الاتجاه الفكري الثالث ( نظرية النظم أو نظرية المنظومات ) وينتقدون النظرية الكلاسيكية لبساطتها
كما ينتقدون السلوكية لجزئياتها وعدم وجود إطار تحليلي متكامل ... ويبدءون من بداية أخرى وهي وضع أجزاء للنظام ومعرفة ارتباط الأجزاء ببعضها .
إن هذا الاستعراض السريع للمفاهيم السائدة عن التنظيم لابد وأن يعطي إحساسا بأن هناك غابة من الفكر التنظيمي المعاصر وسوف نحاول الخروج من هذه الغابة بمجموعة منظمة من المعرفة المتكاملة .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لـ خدمات وحلول متكاملة للاعمال 2013 ©