قد يكون وصف الأنشطة التي يقوم بها شاغل المنصب مفيدا للشخص الجديد غير المدرب ولكن هذا التحديد للأنشطة يخلق عدة مشكلات كثيرة منها :
1- أن وصف الأنشطة لا يمكن حصره على مستوى أي منصب وبالتالي فمن المتوقع سرد عدد كبير من الأنشطة للمنصب الواحد .
2- أن كثرة سرد الأنشطة على مستوى المنصب الواحد مسألة مغرية إذا كان ترتيب الوظائف ( لتحديد الفئة والأجر ) هي النتيجة المنطقية لوصف الوظائف .
انظر مثلا إلى إحدى العبارات التي نجدها شائعة في دليل تنظيمي مجلدا تجليدا فاخرا لكي يثبت أن مسئولية المنصب كبيرة وبالتالي يستحق فئة أكبر وراتبا أكبر : " إن هذا المنصب يقع على قمة الهرم التنظيمي الفرعي ويتطلب قدرا كبيرا من الإشراف وقدرا كبيرا من المسئولية والحذر " واضح أن هذا كلام رنان ليس له محتوى حقيقي .
3- أن كثرة سرد الأنشطة وكثرة عدد الوظائف التي يتم توصيفها تؤدي في النهاية إلى أن يكون الدليل التنظيمي كبيرا ( بعد المجلدات التنظيمية تصل إلى 500 خمسمائة صفحة أو أكثر ) وبطبيعة الحال فإن مصير هذه المجلدات التنظيمية هو الرف أو في الدولاب حيث يتفاخر المديرون بأن لديهم وصفا دقيقا لكل الوظائف في خمسمائة صفحة .
4- أن التركيز على الأنشطة في وصف المناصب الإدارية يسيء نوجيه المديرين في الممارسة العملية ويفسد طريقتهم في التفكير .
لقد تبين لنا من دراسة النموذج البيروقراطي أن التحديد الدقيق للأنشطة والواجبات من أحد الأسباب الرئيسية للدفع بعدم الاختصاص ومن الأسباب الرئيسية للجمود الحتمي حيث يتمسك أصحاب المناصب بالشكليات من حيث قيامهم بالنشاط .
وفي الممارسة نسمع كثيرا المدير الذي يقول : " أنا مسئول عن 1000 موظف وأقوم بالإشراف عليهم وأقضي في مكتبي عشر ساعات وآخذ ملفاتي إلى منزلي لكي أستكملها "
كما يتم الحكم على الآخرين بمدى مشغوليتهم إنه يحضر مبكرا للعمل ويجلس حتى ساعة متأخرة من النهار أو الليل .
إن الشركات التي تفخر بأن لديها دليلا تنظيميا به بطاقات وصف للوظائف محددة تحديدا دقيا لا تعلم أن هذه هي بداية النهاية لمنظمة تموت .
ويؤكد ذلك ما يقوله الكاتب الإنجليزي " باكنسون " : " إن آخر تصرف لمنظمة تموت هو إصدار لائحة منفصلة منقحة "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق