إن المحاور الأربعة المتقدمة هي المنطلق الأساسي لدراسة النموذج الكلاسيكي فمن هذه المحاور الأربعة تنشأ عدة مفاهيم تنظيمية تعتبر من خصائص النموذج الكلاسيكي
1- الترشيد :
يرى معظم المفكرين أن النموذج الكلاسيكي نموذج يحاول حل المشكلة التنظيمية على أساس رشيد أي بعيد عن العاطفة فالمنظمات الاقتصادية منظمات لها أهداف غالبا ما تكون تقديم سلعة أو خدمة مقابل ثم يحقق ربحا لأصحابها .
ولكي يتم تحقيق هذه الأهداف فإنه لابد من حصر الأنشطة اللازمة لتحقيق الأهداف وتقسيمها بطريقة رشيدة ومنطقية وإعادة تجميعها في مجموعات بطريقة رشيدة ومنطقية أيضا بحيث يتم إسنادها إلى أشخاص متخصصين .
إن النقطة الضرورية هنا هي أن عملية تحديد هذه الأجزاء ( الوظائف ) تخضع للتفكير العلمي الرشيد وبالتالي لا يكون هناك مجال للعاطفة فلا يصح طبقا لهذا المبدأ أو القاعدة إنشاء وظائف حول أشخاص أو خدمة الأشخاص إن كل الوظائف وعلاقاتها ببعضها تستمد من منطق يعتمد على التفكير العلمي الرشيد .
2- التخصص :
إن الهدف من تقسيم العمل هو الاستفادة من التخصص فالتخصص يؤدي إلى سرعة تنفيذ العمل وبالتالي إلى تحقيق الكفاءة .
إن هذا يعني أن يكون النموذج الكلاسيكي مبنيا على تخصص وظيفي حيث يتم تقسيم الأنشطة إلى أدنى مستوى لها .
وعلى حد تعبير ( هنري فايول ) فإن التخصيص يرتبط بالعالم الطبيعي
ففي عالم الحيوان كلما زاد رقى الكائن زادت الفروق بين أعضائه
فعندما يتقدم المجتمع فإن الأعضاء الجدد المتخصصة تحل محل عضو واحد كان يقوم بكل الوظائف في الحالة البدائية .
إن فائدة التخصص يذكرنا ( هنرى فابول ) هو إنتاج أكبر وعمل أحسن بنفس المجهود .
3- التنسيق :
أن تجزئة العمل إلى أجزاء يخلق مشكلة جديدة وهو ضرورة التنسيق بين هذه الأجزاء لكي تعمل بإتساق ولذلك تحتل قضية التنسيق أهمية قصوى في النموذج الكلاسيكي من خلال منطق توحيد المسئولية أو ما يسمى ( المركزية )
4- المركزية :
يشبه المفكرون الكلاسيكيون المركزية بالمخ في جسم الإنسان حيث يعود للمخ جميع الأحاسيس من الأجزاء وحيث يصدر المخ الأوامر لجميع الأعضاء بقصد الحركة .
لذلك فإن النموذج الكلاسيكي يتصف بوجود شخص واحد على قمة الهرم التنظيمي يكون هو المسئول الأول .
5- مفهوم المسئولية :
يرى المفكرون الكلاسيكيون أن المسئولية هي المحاسبة عن القيام بواجبات محددة والفكرة هنا هي أن تقسيم العمل لابد وأن يتبعه تحميل مسئولية .
فالمسئولية هي المحاسبة عن القيام بواجبات محددة على أساس أن ترك كل شخص يفعل ما يبدو له دون حساب مدعاة للفوضى والانهيار .
6- مفهوم السلطة :
إن وجود المسئولية أي المحاسبة عن القيام بواجبات محددة هي المنطق الذي تعطي من أجله السلطة والسلطة بالمفهوم
الكلاسيكي هي الحق في إلزام الآخرين للامتثال لأمر صاحب هذا الحق .
7- تكافؤ السلطة والمسئولية :
إذا كانت المسئولية التزاما بواجبات محددة وإذا كانت السلطة هي إلزام الآخرين للامتثال وطاعة صاحب هذا الحق فإن السلطة والمسئولية على مستوى كل منصب من المناصب الإدارية يجب وأن تكونا متكافئتين لأنه إذا زادت السلطة عن المسئولية على مستوى المنصب الواحد كانت النتيجة طغيان الشخص ... وإذا زادت المسئولية عن السلطة كانت النتيجة الطبيعية ( الشلل ) الجزئي أو الكلي .
إن تحديد السلطة بقدر يتساوى مع المسئولية على كل منصب يخلق ضرورة تفويض السلطة .
8- تفويض السلطة :
بالرغم من ضرورة تركي السلطة على أعلى مستوى في المنظمة فإنه من الضروري تفويض السلطة إلى المستويات الأقل بالقدر اللازم للتنفيذ .
إن المتصور هنا هو أن خزان السلطة موجود في أعلى العمارة حيث يتحكم الرئيس الإداري في كمية المياه الواجب منحها للمستويات الأقل ( الأدوار الدنيا ) .
9- توصيف الوظائف كتابة :
استمرار في إحكام النموذج بالنسبة للمسئوليات والسلطات فإن الأمر يتطلب تحديد الواجبات لكل وظيفة وتحديد العلاقات بين هذه الوظيفة وباقي الوظائف وتحديد سلطات الوظيفة ... كل ذلك بشكل مكتوب على أن يحدد أيضا في وصف الوظيفة مواصفات شاغلها حتى يتم الاختيار في ظروف هذه المتطلبات الموضوعية .
10- وحدة الرئاسة :
إن مركزية السلطة تتطلب تسلسلا في الهيكل التنظيمي من حيث ضرورة وجود رئيس واحد لكل شخص بمعنى أن يتلقى كل شخص تعليماته من شخص واحد فقط فإذا حدث إخلال بهاذ المبدأ فلن يكون هناك انضباط وسيتدهور النظام ويهدد الاستقرار
إن الازدواج في الرئاسة مصدر دائم للصراعات ويجب عدم التضحية به .
لقد اعتم هنري فايول بمبدأ وحدة الرئاسة هذا وهو يختلف اختلافا جوهريا عن فريدريك تايلور .
لقد كان تايلور غير مقتنع بأن شخصا واحدا يستطيع أن يقوم بكل عملية الإشراف فاقتراح وجود أربعة كتبة في حجرة التخطيط
الأول : متخصص في حفظ النظام والتأديب
الثاني : متخصص في تسلسل العمل وخط السير
الثالث : متخصص في إصدار بطاقة التعليمات
الرابع : متخصص في الوقت والتكاليف .
كما اقترح وجود أربعة ملاحظين في الورشة
الأول : مختص بالفحص
الثاني : مختص بالتصليح
الثالث : مختص بالسرعة
الرابع : مختص بمشاكل المجموعة .
إن تقسيم العمل الإشرافي الذي نادى به تيلور لم يكن إلا تطبيقا لمبدأ تقسيم العمل ، أي عمل ، حتى العمل بين العمال وبين الإدارة ... فصل التخطيط عن التنفيذ وجعل التخطيط من اختصاص إدارة التخطيط على أساس أن العمال يكونون مسئولين عن جمع البيانات وتحليلها ووضع معدلات الأداء ووضع أحسن طريقة لأداء العمل .
إن التنظيم بما يشمل من تنفيذيين ووحدات استشارية معاونة أصبح هو النموذج المعمول به والذي نشأ عن تفاعل آراء هنري فايول مع فريدريك تايلور .
إن هذا الخلاف بين ما نادى به ( فايول ) من مبدأ وحدة الرئاسة وبين ما ينادي به ( تايلور ) من ( الرئاسة الوظيفية ) قد فتح المجال لعديد من التساؤلات حول الحل الصواب لهذه المشكلات .
11- قصر خطة السلطة :
إن التسلسل الرئاسي والتدرج الهرمي للسلطات يجعل من الضروري أن يكون خط السلطة ذلك الخط بين أدنى المستويات وأعلاها قصير ومع بقاء العوامل الأخرى ثابتة فإن هناك علاق عكسية بين نطاق الإشراف وقصر خط السلطة .
إنه ضبط عدد المرءوسين لكي لا يزيد نطاق الإشراف عن حد معين قد يؤدي إلى طول خط السلطة .
12- التكلفة :
لما كان الأساس في تصميم الهيكل التنظيمي طبقا للنموذج الكلاسيكي هو رفع الكفاءة وتحقيق الأهداف بأقل تكلفة ممكنة فإنه يصبح من الضروري ضبط التكلفة الإدارية بمعنى عدم خلق مناصب لا لزوم لها .
فليس من المنطقي زيادة تكلفة الهيكل المفروض فيه أن يحقق كفاءة في تحقيق الأهداف .
13- العلاقات الهيراركية :
إن النموذج الكلاسيكي بإعتباره نموذج رشيد فإن العلاقات التي يسمح بها هي العلاقات الرشيدة التي يتم التحكم فيها رئاسيا .
ولذلك فإن النموذج الكلاسيكي يتطلب أن تكون العلاقات رئاسية ( هيراركية ) إن هذا المبدأ ضروري للاتصال كما أنه ضروري لتطبيق وحدة السلطة الآمرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق