على الرغم مما يمكن أن تحققه برامج الخصخصة من مزايا ومنافع إلا أن تطبيق هذه البرامج يواجه عادة بعض المصاعب نظرا لوجود العديد من الحواجز الحقيقية التي تقف في وجه إتمام عملية الخصخصة والتي يمكن تقسيمها إلى نوعين معوقات ترتبط بالاعتبارات السياسية ومعوقات إدارية .
وبالنسبة للمجموعة الأولى من المعوقات فإنها تشمل المبادئ والاعتبارات الأيديولوجية التي تمنع بين القطاع العام حيث ينظر إليه كرمز للتحرر من النفوذ الأجنبي والذي قد يعبر عن مصالح العديد من الفئات مثل التكنوقراط وأعضاء الحزب الحاكم . كما أن العوامل الاجتماعية قد تعوق أيضا الاتجاه نحو تقليص دور الشركات العامة حيث يرى البعض أن الخصخصة تؤدي إلى التضحية بنسبة كبيرة من العمالة الموجودة في هذه الشركات كما تؤدي إلى زيادة الفجوة ما بين الطبقات .
أما بالنسبة للمعوقات الإدارية فإنها تمثل أهم العناصر التي تعوق عملية الخصخصة وبالذات في حالة بيع المشروعات العامة حيث يرغب المشتري في تحقيق أكبر عائد بأقل درجة خطر في حين أن المشروعات المعروضة عادة تتميز بانخفاض مستويات الأداء المالي فيها . وبالإضافة إلى ذلك فإن إمكانيات القطاع الخاص تكون عادة محدودة وبالتالي فإن قدرته على الاستثمار في مشروعات القطاع العام تكون محدودة أيضا خاصة وأن هذه المشروعات تكون عادة كبيرة الحجم ومثقلة بالديون . وبالإضافة إلى ما سبق فإن عملية تطبيق برنامج الخصخصة تحتاج إلى جهود إدارية وخبرات اقتصادية وقانونية قد لا تتوافر في الدولة التي ترغب في تنفيذ هذا البرنامج خاصة إذا كانت دولة نامية .
وباستقراء تجارب الخصخصة في عدة دول يلاحظ تفاوت درجات نجاحها . وتمثل تجربة إنجلترا النموذج المشرق حيث تم التخلص ابتداء من عام 1983 من مجموعة متنوعة من المشروعات العامة كما تم خفض نصيب الحكومة في مشروعات أخرى وترتب على ذلك تطويرا وانتعاشا لسوق الأوراق المالية في لندن .
ولقد أجرت برامج الخصخصة في جداول أعمال عدة دول أوروبية أخرى ولكن ليس بالدرجة التي حدثت في بريطانيا حيث قامت الحكومة الإيطالية في 1985 ببيع نسبة من أسهم بعض الشركات التي تملكها مثل شركة سيري للاتصالات السلكية واللاسلكية والخطوط الجوية الإيطالية . وفي أسبانيا صدرت الأوامر بتخفيض عدد الشركات التي يسيطر عليها المعهد الصناعي الوطني الأسباني وأعلنت ألمانيا الغربية في عام 1985 عن خطط لأنشطة مبدئية لنقل الملكية العامة للخاصة وإزالة القيود الحكومية . أما فرنسا فقد بدأت الاتجاه نحو التخصيصية في نهاية 1986 واستهدف هذا البرنامج العديد من المؤسسات الهامة. وعلى الرغم من أن جميع عمليات الخصخصة التي تمت في هذه الدول لم تمر بدون انتقادات إلا أنها حققت قدرا كبيرا من النجاح وبصفة خاصة في إنجلترا حيث تعتبر التجربة الإنجليزية تجربة رائدة في هذا المجال .
أما بالنسبة للدول الأقل تقدما فقد اكتشفت أن عملية الخصخصة هي في الغالب عملية بطيئة تحفها الصعوبات حيث لم يحرز القطاع الخاص نموا كافيا معارضة للاستثمار الأجنبي خوفا من فقد السيطرة الوطنية على التنمية الاقتصادية . وفي دراسة لتجارب 57 دولة نامية طبقت برامج الخصخصة حتى عام 1989 على 5714 شركة عامة تبين أن معظم تجارب الخصخصة تمت في منطقتين رئيسيتين من العالم وهي جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية حيث الدول الناطقة بالفرنسية والتي تأثرت بتجربة فرنسا ودول أمريكا اللاتينية والتي تأثرت بالتجربة الأمريكية ثم تأتي منطقة شمال أفريقيا ودول أمريكا اللاتينية والتي تأثرت بالتجربة الأمريكية ثم تأتي منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط في المرتبة التالية . ولقد واجهت هذه الدول مشاكل متنوعة عند تطبيق برامج الخصخصة . فقد قامت كولومبيا البريطانية على سبيل المثال بتحويل مجموعة من شركات القطاع العام إلى الجمهور ولكن لم يتوفر دليل قوي لإدارة دقة هذه الشركات لذلك وفرت الحكومة الكولومبية ضمانات أسهمها . أما في بنجلادش فقد تم خصخصة صناعة الغزل والنسيج ولكن كان أثر الخصخصة سيئا على كل من نمط توزيع الدخل والمالية العامة للدولة . وعلى عكس التجارب السابقة فإن تجربة جاميكا تشير إلى قدر معقول من النجاح بسبب تكامل الخطة التي اتبعتها الدولة . أما في المكسيك فقد تبين أن العديد من الشركات التي حولت إلى القطاع الخاص قد سقطت مرة أخرى في أيدي الحكومة التي احتفظت بإشرافها على البنوك الرئيسية . وقد حدث نفس الشيء في الفلبين لذلك توصلت إحدى الدراسات إلى أن عدد الشركات إلى خضعت للخصخصة توازي عدد الشركات التي تم إعادة تأميمها في هاتين الدولتين حتى نهاية 1988 .
وفي ضوء ما سبق يمكن القول بأن نتائج الإصلاحات الاقتصادية التي تستند إلى قوى السوق والتي طبقتها بعض البلدان كانت مخيبة للآمال حيث لم تعمل الأسواق بالصورة التي كان يؤمل أن تعمل بها . وواجهت برامج التخصيص مشاكل عديدة أدت إلى الحد من فعاليتها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق