واقع الأمر فإن النظرية الكلاسيكية في التجارة الدولية تشكل جزءا لا يتجزأ من الفكر الاقتصادي الكلاسيكي والفروض التي تقومك عليها لهذا فإنه من المرغوب فيه في هذه الدراسة البدء بعرض المقومات الأساسية للنظام الاقتصادي الكلاسيكي لكي نتمكن بعدها من استخلاص المواقع التي انطلقت منها المناهج الحديثة في التجارة الدولية وهو الموضوع الذي تتصدى له هذه الدراسة .
هذه المقومات يمكن عرضها على النحو التالي :
أولا : لقد اهتم مفكرو المدرسة التقليدية بموضوعات تطبيقية ووجهوا كتاباتهم النظرية لخدمة وبلورة أفكارهم في هذا المجال فلقد كانت القضية الأولى التي تشغل فكر كل اقتصادي ينتمي إلى هذه المدرسة هو كيفية إقرار مبدأ سياسة الحرية الاقتصادية وضرورة عدم تدخل الدولة في الشئون الاقتصادية وتقديم الحجج النظرية الكفيلة بالدفاع عن هذا المبدأ وتوفير الاقتناع به
من هذا المنطلق نشأت أيضا فكرة وجوب أن تكون السياسة الاقتصادية محايدة دون أن يكون لها أن تتدخل في الأوضاع الاقتصادية او الاجتماعية وهو ما يترتب عليه نشوء فكرة المالية المحايدة بمعنى ضرورة اقتصار السياسة المالية على الاغراض المالية وحدها وهي الحصول على الايرادات العامة اللازمة لتغطية النفقات العامة دون أن تكون لها أن تتدخل في الأوضاع الاقتصادية أو الاجتماعية .
ثانيا : الانسجام التلقائي بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة
وتعني هذه القاعدة أنه إذا ترك الفرد حرا يسعى إلى تحقيق مصلحته ويختار بنفسه النشاط الاقتصادي الذي يرغب فيه فإن ذلك سوف يؤدى تلقائيا إلى تحقيق المصلحة العامة فالمصلحة العامة وفقا لآراء المدرسة الكلاسيكية عبارة عن تجميع للمصالح الفردية معا فإذا تمكن الفرد من تحقيق مصلحته الخاصة انعكس ذلك بالضرورة على تحقيق المصلحة العامة.
ثالثا:- يرى أنصار المدرسة الكلاسيكية أن التوظف الكامل يعتبر فرضا عاديا وقائما اقتناعا منهم بأن الوحدات الاقتصادية الجزئية فى سعيها لتحقيق أقصى ربح ممكن تكفل توجيه الموارد المتاحة نحو أفضل استخدام ممكن لها.
رابعا:- يعتبر قانون(ساى) أساس الفكر الاقتصادي الكلاسيكي وينصرف هذا القانون إلى أن العرض يخلف الطلب المساوي له عند كل مستوى من مستويات التشغيل. وبعبارة أخرى فإن المساواة بين العرض الكلى والطلب الكلى تعتبر مساواة ضرورية بحيث يشكلان في الحقيقة شيئا واحدا. وبحيث لا يكون لهما إلا منحنى واحدا ويعنى هذا الوضع أن العرض الكلى هو المتغير الأساسي المستقبل، وأن الطلب الكلى هو المتغير التابع بحيث يتحدد الطلب الكلى بمجرد تحديد العرض الكلى وتفسير ذلك أن المنتجات تتبادل مع المنتجات وهو ما يعنى أن المنتجات هي التي تشترى المنتجات، والأفراد يشترون ما يرغبون فيه بما ينتجون وعلى ذلك كلما زاد إنتاجهم تمكنوا من شراء منتجات أكثر.
أما دور النقود فى النظام الاقتصادي فلا يتعدى أن يكون (عربة لنقل قيم المنتجات) من فريق إلى فريق آخر أي أن النقود لا تطلب إلى لتحويلها إلى سلع. فدخول النقود في التحليل الاقتصادي لم يغير من نتائج هذا التحليل فلقد أقام( ساى) تحليله لقانون الأسواق في ظل اقتصاد عيني تسوده خصائص نظام المقايضة وانتهى من هذا التحليل اى أن المنتجات تتبادل مع المنتجات ثم أدخل بعد ذلك النقود في التحليل الاقتصادي وانتهى من ذلك الى أن هذا التطور في التحليل لم يغير من نتائج التي توصل إليها من التحليل في ظل الاقتصاد العيني. كل ما هناك أن النقود سهلت عملية التبادل وانقسمت الصفقة الواحدة التي كانت تتم في ظل نظام المقايضة إلى صفقتين بحيث تتضمن الصفقة الأولى مبادلة السلعة بالنقود وهذه هي عملية البيع والصفقة الثانية مبادلة النقود بالسلعة الأخرى وهذه هي عملية الشراء فتنشأ نتيجة لذلك عملية شراء مستقلة وعملية بيع مستقلة، وهو ما أدى إلى التغلب على الصعوبات التي كانت تواجه نظام المقايضة من هنا يتضح أن( ساى) قد أخذ النقود على أنها مجرد وسيلة للمبادلة ويكون بذلك قد استبعد الاكتناز وأكد فكرة (حياد النقود).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق