عرضنا فيما سبق لمصادر ومحددات الطلب على الصرف الأجنبي ، وعلينا الآن أن ننتقل إلى مصادر ومحددات عرض الصرف الأجنبي ، ونبدأ أولا بذكر مصادر عرض الصرف الأجنبي ( الطلب على العملة الوطنية ) وهي كافة البنود الواردة في الجانب الدائن من ميزان المدفوعات :
الصادرات السلعية أو الصادرات المنظورة .
الصادرات الخدمية أو الصادرات غير المنظورة .
التحويلات للداخل .
واردات رؤوس الأموال .
صادرات الذهب .
وتمشيا مع التفرقة التي اتبعناها في الفصل الثالث بين المعاملات الاقتصادية المستقلة أو الذاتية وبين المعاملات الاقتصادية التابعة أو التعويضية فإنه يمكن القول أن منحنى العرض ع ع الموضح بالشكل رقم (3) يمثل منحنى العرض المستقل ، وأن مصادر عرض الصرف الأجنبي المقصودة في هذا الشكل هي المعاملات الاقتصادية المستقلة الدائنة .
وبطريقة مشابهة يمكن أن نقرر أن عرض الصرف الأجنبي ( الطلب على العملة الوطنية ) يتوقف بدوره على مجموعتين من العوامل : تتعلق المجموعة الأولى بالعلاقة الطردية بين سعر الصرف الأجنبي والكمية المعروضة منه ، في حين تتعلق المجموعة الثانية بظروف العرض حيث يترتب على تغيرها بطلان جدول عرض الصرف الأجنبي والحاجة إلى جدول جديد له .
فإذا سلطنا النظر على المجموعة الأولى لاتضح لنا على الفور أنه وطبقا للقواعد العامة المتعارف عليها في علم الاقتصاد فإن عرض الصرف الأجنبي يعتبر متغيرا تابعا ، في حين أن سعر الصرف الأجنبي يعتبر متغيرا مستقلا . لهذا يمكن القول بوجوب العلاقة الطردية بين سعر الصرف الأجنبي (الدولار الأمريكي ) والكميات المعروضة منه . أما إذا انخفض سعر الدولار الأمريكي فإن ذلك يؤدي إلى انخفاض الكميات المعروضة منه . معنى ذلك أن أثر سعر الصرف الأجنبي يقتصر على الانتقال من نقطة إلى أخرى على نفس المنحنى الخاص بعرض الصرف الأجنبي إعمالا للقواعد العامة المتعارف عليها من حيث تأثير سعر السلعة على العرض .
أما إذا انتقلنا إلى تناول المجموعة الثانية بالدراسة والتحليل فإنه يمكن القول أنه إذا تغيرت ظروف العرض بالزيادة ، فإن النتيجة هي انتقال منحنى عرض الصرف الأجنبي بأكمله إلى يمين المنحنى الأصلي إشارة إلى أن الكمية المعروضة من الصرف الأجنبي عند كل مستوى من مستويات سعره تزيد عما كانت عليه .
أما إذا حدث تغير في ظروف العرض بالنقصان فإن النتيجة هي انتقال منحنى الصرف الأجنبي بأكمله إلى أسفل وإلى اليسار إشارة إلى أن الكمية المعروضة عند كل مستوى سعر الصرف تصبح أقل مما كانت عليه .
ويمكن تلخيص ظروف عرض الصرف الأجنبي ( الدولار الأمريكي ) على الوجه التالي :
يؤدي تغير عدد المستهلكين الأجانب ( الأمريكيين في مثالنا ) إلى تغير عرض الصرف الأجنبي ، بمعنى تغير الطلب على العملة الوطنية . فإذا حدثت زيادة في عد المستهلكين الأمريكيين فإن ذلك يعني في الوقت ذاته زيادة عرض الدولار الأمريكي إعمالا للقاعدة العامة بوجود علاقة طردية بين عدد المستهلكين وعرض السلعة . ويترتب على ذلك بطلان جدول عرض الصرف الأجنبي الأصلي على أن يحل محله جدول جديد للعرض يتميز بأن الكمية المعروضة من الدولار الأمريكي عند كل سعر للدولار أكبر مما كانت عليه ، وعلى الجانب الآخر إذا انخفض عدد المستهلكين الأجانب أدى إلى انخفاض عرض الصرف الأجنبي ، أي انخفاض الطلب على العملة الوطنية . ومن هذا يبطل جدول العرض الأصلي ويحل محله جدول جديد يتصف بأن الكمية المعروضة من الصرف الأجنبي أقل عند كل سعر للدولار الأمريكي عما كانت عليه .
تغير أذواق المستهلكين الأجانب بالزيادة يؤدي إلى تغير ظروف عرض الصرف الأجنبي (الطلب على العملة الوطنية ) بالزيادة ، الأمر الذي يستتبع إلغاء منحنى عرض للصرف الأجنبي الأصلي وحلول جدول جديد يتميز بأن الكمية المعروضة من الصرف الأجنبي ، أي المطلوبة من الجنيه المصري ، أعلى عند كل سعر المصرف عما كانت عليه . كذلك الحال إذا تغيرت أذواق المستهلكين الأجانب يتميز بأن الكمية المعروضة من الصرف الأجنبي أقل مما كانت عليه عند كل سعر للدولار الأمريكي .
من ظروف عرض الصرف الأجنبي التغيرات التي يتعرض لها دخل المستهلكين الأجانب . فإذا حدثت زيادة في دخل المستهلكين الأجانب فإن ذلك يؤدي إلى تغير ظروف عرض الصرف الأجنبي بالزيادة ، وبالتالي نشوء جدول جديد لعرض الصرف الأجنبي يحل محل الجدول الأصلي ويتميز بأن الكمية المعروضة من الدولار الأمريكي أعلى مما كانت عليه عند كل سعر للدولار الأمريكي . وفي المقابل إذا تناقص دخل المستهلكين الأجانب فإن النتيجة الطبيعية هي تغير ظروف عرض الصرف الأجنبي بنقصان الكمية المعروضة من الدولار الأمريكي عند كل سعر للدولار عما كانت عليه .
تغير مستوى الأسعار الوطنية ( أي المصرية ) من شأنه أن ينعكس على مستويات الطلب على العملة الوطنية ( أي الجنيه المصري ) وبالتالي عرض الصرف الأجنبي ( أي الدولار الأمريكي). فإذا ارتفع مستوى الأسعار في مصر فإن ذلك يؤدي إلى انخفاض الطلب على الجنيه المصري ، ونقصان عرض الدولار الأمريكي . وترجمة ذلك تغير ظروف عرض الصرف الأجنبي بالنقصان ، وإلغاء جدول عرض الصرف الأجنبي الأصلي وإحلال جدول جديد محله يتميز بأن الكمية المعروضة من الدولار الأمريكي عند كل سعر له أقل مما كانت عليه . وفي المقابل إذا حدث العكس وانخفض مستوى الأسعار في مصر ، فإن مفاد ذلك هو زيادة الطلب على الجنيه المصري ، وارتفاع عرض الدولار الأمريكي . ويترتب على هذا الوضع الجديد إلغاء جدول عرض الصرف الأجنبي الأصلي وإحلال جدول جديد محله يتضمن زيادة الكمية المعروضة من الدولار عما كانت عليه عند كل سعر للدولار الأمريكي .
من ظروف العرض أيضا مستوى الأسعار في العالم الخارجي ( الولايات المتحدة الأمريكية مثالنا ) . فإذا حدثت زيادة في مستوى الأسعار الأمريكية فإن ذلك يؤدي إلى زيادة ظروف عرض الدولار الأمريكي وبالتالي نشوء جدول جديد للصرف الأجنبي يحل محل الجدول الأصلي ويتميز بزيادة الكميات المعروضة من الدولار الأمريكي عند كل سعر له عما كانت عليه . وفي المقابل إذا انخفض مستوى الأسعار الأمريكية ، فإن ذلك يؤدي إلى تغير ظروف عرض الصرف الأجنبي بالنقصان ، وبالتالي إلغاء جدول عرض الصرف الأصلي على أن يحل محله جدول جديد يتميز بانخفاض الكميات المعروضة من الدولار الأمريكي عند كل سعر له عما كانت عليه .
يضاف إلى العوامل المتقدمة تلك المتعلقة بمستوى الأسعار في البلاد البديلة عن مصر . فإذا حدث وارتفع مستوى الأسعار في البلاد البديلة عن مصر ، فإن ذلك يعني تغير ظروف العرض بالزيادة مما يؤدي إلى نشوء جدول جديد لعرض الصرف الأجنبي يحل محل الجدول الأصلي ويتميز بزيادة الكميات المعروضة من الدولار الأمريكي عند كل سعر له عما كانت عليه . وعلى الجانب الآخر إذا حدث العكس وانخفض مستوى الأسعار في البلاد البديلة عن مصر فإن ذلك يؤدي إلى تغير ظروف العرض بالنقصان ، وبالتالي وجود جدول جديد لعرض الصرف الأجنبي يحل محل الجدول السابق الأصلي ويتميز بانخفاض الكميات المعروضة من الدولار الأمريكي عند كل سعر له عما كانت عليه .
من التحليل المتقدم يتضح لنا أن تيارات الصرف الأجنبي ( الدولار الأمريكي ) الداخلة إلى البلاد أو الخارجة منها تمثل في حقيقة الأمر البنود الواردة في ميزان المدفوعات المستقل .
وفي ضوء هذا التفسير يمكن القول أن التوازن في سوق الصرف الأجنبي يتطابق مع التوازن السوقي لميزان المدفوعات على النحو الذي حدده ماخلوب كما أوضحنا سلفا في الفصل الثالث من هذا المؤلف. لهذا يمكن القول أن سعر الصرف في الشكل رقم (3) لا يمثل فقط معدلا للصرف التوازني ( سعر الصرف التوازني ) في سوق الصرف الأجنبي مع عرضه ، وإنما يمثل أيضا ذلك المعدل الذي يكفل تحقيق شرط التوازن السوقي لميزان المدفوعات حيث :
قيمة الصادرات + التحويلات من الخارج + واردات رأس المال = قيمة الواردات + التحويلات إلى الخارج + صادرات رأس المال .
وفي هذه الحالة فإنه يتساوى من حيث الأهمية إذا تم بنود ميزان المدفوعات بالعملة الوطنية أو بإحدى العملات الأجنبية .
فإذا تم تقييم بنود ميزان المدفوعات بالدولار الأمريكي فإن المسافة و م تمثل مجموع بنود ميزان المدفوعات المستقلة الدائنة ، وهي في الوقت ذاته تعادل بنود ميزان المدفوعات المستقلة المدينة حيث أن النقطة جـ تمثل نقطة التوازن في سوق الصرف الأجنبي . أما إذا تم تقدير بنود ميزان المدفوعات بالجنيه المصري ( العملة الوطنية ) فإن كل جانب من جانبي ميزان المدفوعات المستقل يعادل المساحة و ف جـ م . هذه المسافة هي نتاج الكمية المطلوبة أو المعروضة من الدولار و م مضروبا في سعر العملة الوطنية معبرا عنه بالعملة الأجنبية ( أي سعر الجنيه المصري معبرا عنه بالدولار الأمريكي) ومقداره و ف
المستطيل و ف جـ م = وم × و ف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق