ترتبط عملية الاختيار والتعيين في الفكر الإداري الإسلامي بانتقاء الأصلح لشغل الوظيفة واسناد الأمر إلى من يمكنه تقديم أفضل الأداء يقول تعالى : " إن خير من استأجرت القوي الأمين " ( القصص : 26 ) كما يقول سبحانه وتعالى على لسان يوسف عليه السلام : " قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم " ( يوسف : 55 ) فالقدرة والأمانة والعلم والمعرفة تعد من أسس الاختيار الجيد للموارد البشرية ومن ثم يمكننا القول أن ما استقر عليه الفكر الإداري الإسلامي كأصول ومبادىء عامة للاختيار والتعيين يتمثل فيما يلي :
استعمال الأصلح :
على القائم بالاختيار تولية من يجده أصلح المتقدمين إذ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " من ولي أمر المسلمين شيئا ، فولى رجلا وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله " رواه أبو داود
وينطبق هذا المبدأ على كل المستويات الإدارية وعلى كافة الوظائف في جميع القطاعات .
اختيار الأمثل فالأمثل :
إذا لم يتوفر الأصلح يجب اختيار الأمثل في ظل أسس القوة والأمانة بمراعاة أن القوة تختلف بحسب الوظيفة فالقوة في الحرب غير القوة في الحكم بين الناس وتختلف عن القوة في الإدارة والمحاسبة والاقتصاد ومن ثم فالقوة هنا تشير إلى القدرة والخبرة والمعرفة الفنية المطلوبة للقيام بالأعمال والخصائص الجسمانية والعقلية التي تتفق واحتياجات الوظيفة
أما الأمانة فإنها ترجع إلى خشية الله وترك خشية الناس وبناء على ذلك فالأمانة ترتبط بهيكل القيم والخلق والمبادىء الحميدة التي دعا إليها الإسلام وحث على اتباعها حتى تستقيم أمور المعاملات فيما بين الأفراد .
وضع الفرد المناسب في المكان المناسب :
يجب الالتزام بركني الاختيار وهما القوة والأمانة فإذا لم يجتمعا في الأفراد الذين يتم اختيارهم فيمكن دراسة متطلبات الوظيفة وشروط شغلها ثم مواصفات وخصائص المتقدمين لتلك الوظيفة وإذا تقدم رجلان أحدهما أعظم أمانة والآخر أعظم قوة يقدم أنفعهما للوظيفة وأقلهما ضررا وبناء على ذلك عند اختيار العمالة يختار القوي ذو القدرة وإن لم يكن أمينا ويقدم على الضعيف وإن كان أمينا أما عند اختيار أمين الخزانة أو المراجع فيقدم الفرد الذي يتسم بالأمانة وإن كان ضعيفا على ذلك القوي الشجاع قليل الأمانة .
الاختبار قبل الاختيار :
يعد الاختبار قبل الاختيار مبدأ أساسيا في الفكر الإداري الإسلامي فقد روي أنه عندما أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم منصب القضاء إلى معاذ بن جبل سأله : بم تقضي ؟ فأجاب : بكتاب الله ، فسأله : فإن لم تجد ؟ أجاب : اجتهد رأيي ولا آلو ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي الله ورسوله .
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يبعث إلى الأمصار واليا إلا إذا اختبره بالملاحظة والمناقشة ، من ذلك ما روي من أن كعب بن سور كان جالسا عند عمر عندما جاءته امرأة تشكو زوجها فقال لكعب : اقض بينهما ، فلما قضي بما اعتقده الصواب ، وأعجب عمر بما قضى به قال له : اذهب قاضيا إلى البصرة ، ولم يكن كعب يعلم من قبل أنه سيعين قاضيا للبصرة .
الاختيار عملية جماعية :
ورد أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – كان يستشير أصحابه حينما يريد اختيار رجل منهم لتحمل مسئولية كبرى من ذلك ما قاله لأصحابه : دلوني على رجل استعمله في أمر قد دهمني فقولوا ما عندكم ، فإني أريد رجلا إذا كان في
القوم وليس أميرهم كان كأنه أميرهم وإذا كان فيهم وهو أميرهم كان كأنه واحد منهم فاختاروا شخصا تتوافر فيه هذه المواصفات وقام عمر بتعيينه .
التعيين تحت الاختبار :
إذ يعين الأفراد فترة زمنية تتراوح من 3 شهور إلى 6 شهور تحت الاختبار فإذا أثبت الشخص جدارته تم تثبيته في الوظيفة وإلا فصل منها .
وقد كان معمولا بها في عهد الخلفاء الراشدين فيروى أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال لأحد عماله : " إني قد عينتك لأبلوك فإن أحسنت زدتك وإن أسأت عزلتك "
قرار التعيين :
بعد مرور الفرد بمراحل الاختبار المختلفة وتخطيها بنجاح كان الولاة يعطون عهد تعيين يحتوي على عملية التنصيب المبينة للسلطة والمسئوليات ويعلن على الجميع من المتأثرين بذلك القرار .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق