free counters

دراسة اقتصادية تحليلية لبعض الحاصلات الزراعية كمثال للموارد الزراعية

| |


للنشاط الزراعي بوجه عام أهمية اقتصادية كبيرة خاصة في مجال تنمية وتطوير الاقتصاديات المتخلفة .
فمن أهمية هذا القطاع :
·   يساعد نمو النشاط الزراعي في تحقيق معدلات عالية النمو الاقتصادي عموما وذلك نتيجة لزيادة الطلب على المنتجات الصناعية وخلق قيمة مضافة أعلى في داخل الاقتصاد المتبادل بين النشاط الزراعي والأنشطة الاقتصادية الأخرى المرتبطة به من صناعات تحويلية أخرى .
·   مازال النشاط الزراعي يعتبر بمثابة القطاع الرئيسي لاستيعاب القوى العاملة في كثير من الدول النامية حيث يمثل العاملون فيه ما يربو عن 40% من جملة العاملين في الاقتصاد القومي ككل . وهكذا فإنه يمثل مجالا لتوظيف فئة كبيرة من القوى العاملة وخاصة في المناطق والدول المزدحمة بالسكان .

·   يساهم القطاع الزراعي أيضا في مجال التراكم الرأسمالي وذلك عندما يحقق فائضا يتم تحويله لتمويل استثمارات الأخرى ؛ حيث ينتظر من القطاع الزراعي أن يوفر قدرا من الدخل لاستثماره خارج القطاع خاصة في القطاعات الأكثر ديناميكية أو التي يمكنها أن تقود عملية التنمية داخل الاقتصاد القومي .
* يمكن أن يساهم القطاع الزراعي في توفير العملات الصعبة اللازمة لعمليات التنمية وذلك في حالة ما إذا كانت الصادرات الزراعية من المنتجات الغذائية وغير الغذائية تزيد عن الواردات الزراعية وفي هذه الحالة يكون هناك كسبا صافيا للقطاع الزراعي يمكن أن يسهم في تحقيق معدلات أعلى للنمو الاقتصادي . وقد أدى إهمال النشاط الزراعي في معظم الدول النامية – التي ترفع شعار " التصنيع " الذي عملت على تحقيقه بعد حصولها على الاستقلال السياسي – ومحاباة الصناعة على حساب الزراعة إلى وجود كثير من الاختلالات التي ترتب عليها انخفاض الإنتاج الغذائي وزيادة الواردات من هذه السلع وكذلك إلى تدهور أحوال الزراعة وافتقار الريف عموما .
أما بالنسبة للحاصلات الزراعية على وجه العموم فإن أهميتها تنبع من تعدد استخداماتها والتي تتمثل في اعتبارها غذاء للإنسان مثل القمح والأرز والذرة ... ، واستخدامها كمواد خام تدخل في العديد من الصناعات كقصب السكر والقطن ، وكمصدر للدخل خاصة في حالة السلع النقدية كالقطن والأرز والتي تدر دخلا على منتجيها .
ونظرا لكثرة هذه الحاصلات الزراعية فسوف نتناول في هذا الجزء نوعين فقط من المحاصيل هما القطن والقمح وذلك نظرا لتعاظم أهميتها خاصة للدول النامية .
أ‌)       القمح :
يعد من الحبوب الغذائية ، ونجد أنه على وجه العموم فإن الدول المتقدمة تحقق فائضا في إنتاج الحبوب يفوق كفايتها بنسبة تزيد عن 83% . فعلى سبيل المثال نجد أن الفائض المعد للتصدير لدى الدول المتقدمة من قمح وذرة وشعير يتركز في الواقع لدى أربع دول هي الولايات المتحدة الأمريكية والتي تصدر حوالي 35% في المتوسط سنويا ، وكندا واستراليا اللتان تصدران حوالي 20% ، 9% على الترتيب من إجمالي صادرات العالم من القمح ، وفرنسا التي تصدر حوالي 19% من إجمالي صادرات العالم من القمح والذرة . وعلى العكس من ذلك نجد الدول النامية تعاني نقصا في إنتاج كفايتها من الحبوب ؛ حيث يمثل النقص في إنتاج الحبوب بالنسبة لهذه الدول حوالي 16% من حجم الكفاية .
ومن الأسباب الكامنة وراء عجز الدول النامية عن إنتاج كفايتها من الحبوب هو :
-    انخفاض نصيبها النسبي من الأراضي الزراعية أو القابلة للزراعة إذ لا يزيد نصيبها النسبي من الأراضي القابلة للزراعة عن 74% من إجمالي المساحة العالمية .
-         النقص الخطير في الموارد المائية نتيجة للجفاف بسبب عدم سقوط الأمطار لفترات طويلة خاصة في أفريقيا .
-         تخلف أساليب الإنتاج الزراعي ووسائله المستخدمة في هذه البلاد مقارنة بما تستخدمه الدول المتقدمة .
-    التزايد المستمر في عدد السكان وتخلف النشاط الزراعي في معظم الدول النامية حيث تراجع الإنتاج الزراعي في معظم هذه الدول عن ملاحقة النمو السكاني فيها في السنوات الأخيرة فيما يتعلق بالإنتاج الزراعي الغذائي والحيواني .
معظم المعروض من هذه السلعة يقتصر على الدول المتقدمة حيث تسهم بنصيب كبير من إجمالي الإنتاج العالمي ، ويرجع ذلك لقلة عدد السكان بهذه الدول ؛ حيث يمثلون ربع سكان العالم ، هذا بالإضافة لارتفاع مستوى المعيشة بها ومن ثم قلة استخدام الفرد من الحبوب الغذائية حيث تستخدم الموارد الغذائية وعن الطلب على هذه السلعة نجده يتزايد خاصة من قبل الدول النامية حيث تتميز بتزايد أعداد السكان بها مع انخفاض مستوى معيشة أفرادها مع زيادة استهلاك الفرد من الحبوب الغذائية . فعلى سبيل المثال تحتل مصر المركز الثالث في واردات القمح العالمية ويزداد نصيبها عاما بعد آخر نتيجة الارتفاع الكبير في معدل استهلاك القمح بها والذي وصل إلى 140 كجم / سنة أي ما يعادل ضعف المعدل العالمي 76 كجم / سنة ، هذا بالإضافة لتخلف النشاط الزراعي بهذه الدول .
تحت دعوى تنظيم المنفعة أو الربحية فإنه يمكن للدول المتقدمة والعارضة لهذه السلعة أن تكون تكتلا احتكاريا ينظم فيما بينها درجة المنافسة من حيث تحديد السعر العالمي وتقسيم الأسواق الدولية . هذا يعني أن سوق هذه السلعة أصبح سوقا للبائعين يتزايد فيه المركز التفاوضي للمصدرين .
وهناك الكثير من المضار الكامنة وراء هذه التكتلات التي تقيمها الدول المتقدمة خاصة على المستوى الدولي ؛ حيث أن هناك من الشواهد ما يدل على أن هذا الفائض من الحبوب لدى هذه الدول – أو لدى بعضها على الأقل – قد استخدم في تدمير الاقتصاد الزراعي لبعض الدول النامية أو بإعادة هيكلته بما يخدم مصالح الدول المتقدمة وذلك من خلال برامج الإصلاح الاقتصادي والتي وضعتها المؤسسات الدولية ( صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للدول النامية باعتبارها دولا مدينة للدول الغنية . ومثال على ذلك الصومال والتي كانت حتى منتصف السبعينات من الدول المكتفية ذاتيا من الحبوب ، ولكن مع بداية تطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي بدأ وبشكل ملحوظ تدفق القمح الأمريكي على السوق الصومالي في هيئة معونة رخيصة الثمن مما أدى إلى انهيار الإنتاج الزراعي وتشريد المنتجين ، وقد سارع في تحقيق هذه النتيجة رفع الدعم عن مستلزمات الإنتاج الزراعي ومن ثم زيادة تكاليفه . فبدلا من أن يشجع المانحون للمعونة على إنتاج الحبوب اللازمة للسواد الأعظم من الشعب كغذاء فقد شجعوا على إنتاج محاصيل أقل أهمية نسبيا مثل الفواكه والحبوب الزيتية والقطن وهي كلها ذات قيمة مضافة عالية في مجال التصدير حتى يمكن استخدام عوائد هذه السلع في سداد الدين أو خدمته .
ب) القطن :
بالنسبة لهذه السلعة نجد الدول المعارضة له هي الدول التي تتميز بتوفر عنصر العمل بها ؛ حيث أن عمليات إنباته وجمعه مازالت تقتضي وفرة الأيدي العاملة منخفضة الأجور . ومن هذه الدول السودان ، ومصر واللتان تتميزان عن غيرهما من الدول المصدرة للقطن بطول خيوطه والتي تعد من أهم العوامل التي تؤخذ في الاعتبار عند تحديد ثمنه ، حيث كلما طالت التيلة ارتفع ثمن القطن والعكس صحيح .
ومن الدول المصدرة للقطن أيضا الهند ، الصين ، الولايات المتحدة الأمريكية ، والاتحاد السوفيتي . أما الطلب على هذه السلعة فيأتي من قبل دول ازدهرت أنشطتها الصناعية ؛ حيث يدخل هذا المحصول كمادة خام لصناعات الغزل والنسيج والتي تحتاج إلى كثافة رؤوس الأموال .
ومن هذه الدول المستوردة للقطن اليابان ، والنمور الآسيوية التسع هذا بالإضافة إلى إنجلترا ، فرنسا ، وإيطاليا .
وبالنسبة لسوق هذه السلعة نجد أنه قد اعتراها كثير من التغيير فأصبحت تتميز بأنها سوق للمشترين بعد أن كانت سوقا للبائعين ، ويرجع السبب في ذلك إلى :
·        تزايد المعروض من هذا المحصول بسبب زيادة أعداد الدول المنتجة له .
·        ظهور بدائل صناعية لهذا المحصول رخيصة الثمن عالية الجودة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لـ خدمات وحلول متكاملة للاعمال 2013 ©