1-صعوبة التحديد
بدقة الأضرار البيئية الناجمة عن النشاط الاقتصادي العادي للإنسان كنتيجة لازمة
لوجوده الطبيعي وممارسته لنشاطه العادي والأضرار غير العادية التي تعزي إلى
تجاوزاته في أنشطته المختلفة .
ليس من السهل
تقدير القيم المالية لكل الأضرار البيئية إذ أن بعضها يكون له قيمة سوقية مثل
خسائر الثروة السمكية ، السياحية ، وصيانة المباني .. لكن البعض الآخر يكون ذا
قيمة اجتماعية لصيقة بالإنسان في حياته ووجوده ، ومن ثم فإن مثل هذه الأضرار لا
تدخل في ميزان العائد / التكلفة .
تعاني محاولات
التقدير من صعوبة تحديد العلاقة بين الملوثات ومصدرها والأضرار التي نشأت عنها ،
بحيث يقال أن هذا الضرر ينتج من هذا الملوث الذي تسبب فيه ذلك المصدر . ويعزى ذلك
إلى كثرة عدد الملوثين ، كما أن بعض الأضرار قد تنتج عن أكثر من مصدر . وذلك أيضا
أن بعض الملوثات لا يظهر أثرها إلا في الأجل الطويل . فعلى سبيل المثال مبيد الد .
د . ت اكتشف منذ النصف الثاني من القرن الماضي لكن لم تعرف آثاره الضارة إلا منذ
فترة قصيرة نسبيا .
ومن أمثلة الأضرار
والنفقات التي حدثت بسبب التلوث البيئي ما تشير إليه بعض الدراسات الحديثة من أن
نفقات مكافحة التلوث الصناعي تبلغ حوالي 50% من التكاليف الإجمالية للاستثمار
الصناعي في ألمانيا ، اليابان ، الولايات المتحدة في الثمانينات وذلك لتشدد
السياسات والمعايير البيئية فيها ، وأن الدول المتقدمة وإن كانت قد حسنت مستوياتها
البيئية إلا أن ذلك كلفها ما يتراوح بين 8,0
، 5,1% من إجمالي الناتج المحلي أسهم
كل من القطاع العام والخاص في تحملها .
وتنشأ النفقات
الخارجية حيث يحدث النزاع بين المصالح الخاصة والمتمثلة في تعظيم الأرباح الخاصة
والمصلحة العامة والمتمثلة في الرفاهة الاجتماعية . فإذا كانت المنشآت غير ملزمة
بتعويض الآثار الخارجية ( التلوث ) المصاحبة للإنتاج فإن نفقات تخفيض هذه الآثار
لن تدخل في حساب تعظيم الأرباح أو بمعنى آخر أنه مع اهتمام المنشآت بتعظيم الأرباح
والنفقات الخاصة فإنها تتجاهل النفقات الخارجية الناجمة عن الإنتاج والمتمثلة في
التلوث البيئي .
مما سبق نتبين
وجود علاقة وثيقة بين البيئة والنظام الاقتصادي في المجتمع ، فالتلوث البيئي يقوض
من دعائم الاقتصاد القومي ، بينما تدعم البيئة النظيفة اقتصاد المجتمع ، هذا من
ناحية ، ومن ناحية أخرى نجد أن التركيز على النمو الاقتصادي من خلال تزايد عمليات
التصنيع أو من خلال زيادة الصادرات أو اختيار مشروعات إنتاجية دونما اهتمام
بالجانب البيئي يكون له مردوده السيئ على العديد من الجوانب الاقتصادية بالمجتمع .
2- مصدر المشكلة البيئية :
يرجع الكثيرون
المشكلة البيئية والتلوث البيئي المعاصر لتزايد عمليات التصنيع أو الاستهلاك
السلعي المتنامي أو تزايد السكان وتزاحمهم بالمناطق الحضرية ، على الرغم من
انتسابها لعدد من الأسباب المتشابكة والتي ترجع إلى فكرة أساسية من أعماق الفكر
الاقتصادي التقليدي منذ ( آدم سميث ) هذه الفكرة هي :
أن التحليل
الاقتصادي قد اعتبر الأثمان تلعب دورا حيويا في الحياة الاقتصادي ؛ حيث تعتبر
مؤشرا على الندرة ، فأي سلعة أو خدمة يتم مقايضتها بالنقود تدخل ضمن نطاق السوق
وفيما عدا ذلك يمكن إهماله من جانب الاقتصاديين . وعلى ذلك نجد أن :
* كل تلوث تبثه
النشاطات الإنتاجية في البيئة المحيطة أثناء عمليات الإنتاج إنما يعد ناتجا ثانويا
لا يمكن تسويقه ، ولا يدخل في المجال الاقتصادي بسبب خارجيته عن نظام السوق .
فالوحدات الإنتاجية لا تدخل في حسابها أي ظواهر غير نقدية مهما ترتب عليها من آثار
جسيمة تمس الأشخاص أو المنشآت أو حتى البيئة بوجه عام طالما أن هذه النفقات غير
قادرة على التأثير على المستويات النسبية للأثمان في ظل نظام السوق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق