يرجع تاريخ
الأزمات المالية العالمية – والتي تضم الأزمات المصرفية ( البنكية ) وأزمات سعر
الصرف – إلى أواخر القرن التاسع عشر وتبلورات في أزمة الكساد الكبير في عام 1929 –
1933 ، ولذلك فهي ليست ظاهرة جديدة على الاقتصاد العالمي فخلال العقدين الآخرين
عانت كثير من الدول – سواء الصناعية أو الناشئة أو دول التحول من التخطيط المركزي
السابق – من نوع أو آخر من هذه الأزمات وبدرجات متفاوتة ، وخلال الفترة من 79 –
1997 كانت هناك أكثر من 158 أزمة سعر صرف و54 أزمة مصرفية ، وكانت أزمات أسعار
الصرف الأكثر شيوعا من الأزمات المصرفية خلال الفترة من 75 – 1986 ، بينما سادت
الأزمات المصرفية خلال الفترة من 87 – 1997 ، وارتبط ذلك بسياسات التحرير المالي
التي انتشرت من خلال تلك الفترة مما دعا كارلوس – ديازألياندرو أن ينشر مقاما هاما
في عام 1984 عليه عنوانا " وداعا للكبح المالي ، أهلا بالأزمات المالية
" مما أوجب على بعض دول أمريكا اللاتينية أن تعيد هيكلة نظامها المصرفي في
الثمانينات والتسعينات وفي أواخر التسعينات تدهور أداء البنوك في دول البلطيق
لدرجة أدت إلى تدخل الحكومات لدعم البنوك الكبيرة ، وفي معظم الدول التي تحولت إلى
اقتصاد السوق فإن النظام المصرفي فيها شهد خسائر ضخمة ، وأخيرا فإن الأزمة المالية
التي ألمت بدول شرق أسيا أعادت إلى الأذهان مرة أخرى كيف يمكن لهذه الأزمات أن
تتفجر مع صعوبة تقدير الآثار المتشعبة لها والتي تنتشر في شكل عدوى وبائية ، حتى
أن البنوك الأمريكية لم تسلم ن تلك الأزمات ، ففي أواخر الثمانينات وأوائل
التسعينات عانى أكثر من 79 بنكا من بين 509 بنك في ولاية نيوإنجلاند من الفشل
وانخفضت بشدة أسعار الأصول العقارية مما كان ذلك سببا في فشل أكثر من 17% من بنوك
نيوإنجلاند .
ويرجع سبب
الاهتمام بدراسة تلك الأزمات المالية ومحاولة إيجاد مؤشرات تتسم بالقدرة التنبؤية
العالية قبل وقوعها إلى تكرار تلك الأزمات وفي فترات متقاربة من ناحية ، ومن ناحية
أخرى إلى الخسائر والتكلفة العالية لتلك الأزمات المتمثلة في الخسائر من الناتج المحلي الإجمالي ، وقد قدر البنك الدولي الخسائر الناجمة عن تلك الأزمات بحوالي
15% من الناتج المحلي الإجمالي تفاوتت من دولة لأخرى وتجاوزت 25% في بعض الحالات (
الأرجنتين، شيلي ، كوت ديفوار ) ، ولقد
ظهرت كتابات عديدة ودراسات مختلفة سواء من البنك الدولي أو الصندوق النقد الدولي
أو بنك التسويات أو الباحثين الاقتصاديين المهتمين بدراسة هذه الظاهرة ومعرفة
أسبابها وكيفية وضع نظم للتنبؤ بها قبل حدوثها بوقت مبكر حتى يمكن اتخاذ الإجراءات
أو السياسات المضادة لمنع أو تجنب حدوثها أو تقليل الخسائر المترتبة عليها أدنى
مستوى إن لم يكن من الممكن تفادي وقوعها من الأساس .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق