1
تزايد التزامات البنوك مع عدم تناسق آجال
الاستحقاق :
إن من مؤشرات العمق المالي للاقتصاديات
المتقدمة والناضجة هي ارتفاع نسبة النقود ( بمعناها الواسع ) للناتج المحلي
الإجمالي ، ولكن ليست كل هذه الزيادات حميدة ، فإذا كان معدل تزايد التزامات البنك
عاليا وسريعا مقارنا بحجم البنك بالنسبة للاقتصاد القومي وأرصدة الاحتياطيات
الدولية ، وإذا ما اختلف تكوين هيكل أصول البنك عن هيكل التزاماته من حيث السيولة
ومواعيد الاستحقاق ، وإذا كان رأسمال البنك أو أرصدة الديون المشكوك في تحصيلها
غير كاف لمواجهة تقلبات أصوله ، وإذا كان الاقتصاد القومي معرضا لصدمات كبيرة من
عدم الثقة ، فإذن يمكن اعتبار كل ذلك بمثابة وصفة لتزايد هشاشة النظام المصرفي .
عدم التحضير الكافي للتحرير
المالي :
لقد أصبح التحرير المالي قضية مسلم بها
ولا يشكك في فائدتها للدول النامية إلا عدد قليل من الدارسين ، إلا أن التحرير
المالي يستحدث أوضاعا جديدة لم يتعود عليها النظام المصرفي في السابق وما لم يكن
هناك ما يقابلها من احتياطيات وإجراءات كافية يمكن أن تحدث أزمة للبنوك ، فحينما
يتم تحرير سعر الفائدة تفقد البنوك الحماية التي كانت تتمتع بها في ظل أسعار
الفائدة المدارة التي كانت تجعل سعر الفائدة على الآجال القصيرة أقل منها على
الآجال الطويلة ، ومع رفع القيود على منح الائتمان يزيد الطلب – الذي كان في حالة
ترقب – في القطاعات التي تم تحريرها مثل العقارات وأنشطة السندات ، كما أن خفض
نسبة الاحتياطي يسمح للبنوك أن تلبي تلك الطلبات المتزايدة ، في ظ هذه الأوضاع ومع
بقاء المسئولين عن منح الائتمان في ظل سياسة الكبح المالي هم أنفسهم المسئولون في
ظل سياسة التحرر لن تكون لديهم الخبرة الكافية لتقدير مخاطر الائتمان .
التغلغل الحكومي والقيود المطاطة حول القروض
المرتبطة بها :
يلعب كلا العاملين السابقين دورا هاما
في خلق الأزمات المصرفية لأنها تسمح بتدخل الأهداف السياسية للحكومة أو أصحاب
المصالح الخاصة في كل نواحي العمليات المصرفية وتؤدي إلى تدهور معدلات الربحية
والكفاءة .
وتخضع قروض التي تمنحها البنوك
المملوكة للدولة ( القطاع العام ) لتوجيهات حكومية إما بشكل مباشر أو غير مباشر
أكثر من تلك التي تتعرض لها البنوك الخاصة ، فقد أنشأت معظم البنوك العامة لتخصيص
القروض لقطاعات معينة وغالبا ما كانت الجدارة الائتمانية لهذه القطاعات أو هؤلاء
المقترضين محل اهتمام أو تلقي وزنا كبيرا عند منح الائتمان ، وبذلك تصبح تلك
القروض التي تمنحها البنوك العامة مصدرا لدعم حكومي لمساعدة مشروعات متعثرة ،
وفضلا عن ذلك ولأن هذه البنوك لا تواجه منافسة وتتمتع بوضع احتكاري معين فإن
الحكومة تقوم بتغطية خسائرها وأحيانا ما تكون محمية من قواعد ونظم الإفصاح المالي
ولا يوجد لديها الميل للابتكار أو تشخيص مشاكل القروض في مراحل مبكرة وعادة ما
يكون أداؤها أقل كفاءة من نظيرها في البنوك الخاصة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق