تتفاوت حدة
المشكلة البيئية وطبيعتها بين الدول المتقدمة والدول النامية . فلو نظرنا إلى
الدول المتقدمة نجدها مسئولة إلى حد كبير عن المشكلة البيئية العالمية ويرجع ذلك
إلى :
أولا : كونها
الصانع الأكبر والتاجر الأعظم في العالم يجعلها تعد المستهلك الأكبر للموارد
الطبيعية ومصادر الطاقة بكافة أنواعها ، فهي تنتج حوالي 70% من إجمالي الإنتاج
العالمي ، وحوالي 80% من إجمالي الإنتاج الصناعي . كما أنه بالرغم من أن سكانها
يمثلون ثلث سكان العالم فقط إ أنها تستهلك حوالي 80% من موارد العالم ، فنجد أن
حوالي 90% من إنتاج الفحم العالمي تستهلكه 15 دولة صناعية متقدمة ، وحوالي 80% من
منتجات البترول العالمية تستهلك بواسطة 28 دولة صناعية متقدمة ، وأن حوالي 91% من
الغاز الطبيعي يستهلك من قلب 20 دولة منهم . فنجد أن الشخص في أمريكا الشمالية
وأوروبا يستهلك أكثر من نظيره في الدول النامية من موارد بحوالي 60 مرة ، كما نجد
أن أوروبا الغربية والاتحاد السوفيتي وأمريكا تستهلك حوالي 75% من نحاس العالم
وأكثر من 95% من الألمونيوم .
وإذ نظرنا إلى
الولايات المتحدة الأمريكية كمثال لدولة صناعية متقدمة نجدها أولا تستهلك بمفردها
30% من الموارد الطبيعية في العالم تقريبا وتبث حوالي 4% من الملوثات في البيئة ،
ولذا نجد أن البنك الدولي عن التنمية والبيئة لعام 1992 يذكر أن الولايات المتحدة
الأمريكية تنفث غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو بما يعادل حوالي خمسة أضعاف ما
تبثه الصين على الرغم من أن سكان الصين يمثلون خمسة أضعاف سكان الولايات المتحدة
تقريبا .
ثانيا : تمسك
الدولة المتقدمة بمستوى رفاهية مرتفع لا تقبل السيطرة عليه والإقلال منه مما دفعها
إلى استنزاف كميات كبيرة من الطاقة لتشغيل السيارات الخاصة وأجهزة التكييف وما إلى
ذلك من أساليب الرفاهية المبالغ فيها . فند أن دول أوروبا وأمريكا واليابان تستنزف
نحو 68% من جملة موارد الطاقة العالمية في الثمانينات ، ونجد أن عدد السيارات في
مدينة لوس أنجلوس الأمريكية يقدر بحوالي ثلاثة أضعاف عدد السيارات في دولة كالهند
يبلغ عدد سكانها حوالي 1000 مليون نسمة أي حوالي أربعة أضعاف سكان الولايات
المتحدة الأمريكية كلها .
يمكن وصف المشكلة
البيئية في الدول الصناعية المتقدمة بأنها مشكلة ثراء ورفاهية اقتصادية واجتماعية
؛ حيث تركز على الإنتاج الكبير والاستهلاك الضخم . ولكن ينبغي ألا ننسي أن العديد
من الدول الصناعية الكبرى استطاعت خفض مستويات التلوث فيها إلى حد كبير ، فعلى سبيل
المثال استطاعت اليابان أن تخفض إصدارات غاز ثاني أكسيد الكبريت بحوالي 83% ،
وأكسيد النيتروجين بحوالي 29% ، وغاز أول أكسيد الكربون بحوالي 60% ، وقد يرجع ذلك
لعدة أسباب منها :
1-
تغير المراكز النسبية في الهيكل الإنتاجي إذ تضاءل نصيب
الصناعة لصالح قطاعات أقل تلويثا مثل الخدمات .
2- داخل قطاع الصناعة حدث نوع
من التحول في الصناعات الأساسية من الصناعات الأكثر تلويثا كالبتروكيماويات
والتعدين والصناعات الهندسية إلى صناعات متطورة تكنولوجيا تحقق قيما مضافة أعلى في
حين تستهلك مواد أولية وطاقة أقل .
3-
السعي لاستخدام التكنولوجيا المنظفة للبيئة أو
التكنولوجيا النظيفة بيئيا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق