free counters

المعايير المطروحة لاعتبار نقل الأصول بيعا حقيقيا

| |

زاد الاهتمام الفقهي والقضائي بفحص طبيعة نقل الأصول من البنك البادئ للتوريق للمصدر ، وما إذا كان يشكل هذا النقل بيعا حقيقيا – أي لأغراض الإفلاس – وبالتالي ناقلا لملكية الأصول للمصدر أم مجرد قرض مضمون بالأصول وغير ناقل بطبيعة الحال للملكية . وقد انعكس ذلك الاهتمام في صورة طرح معايير شتى وغير متجانسة لكنها تتفق جميعا في إطار عام يركز على ما إذا كان البنك البادئ للتوريق قد شارك بحق في " مخاطر اقتصادية مستقبلية " وفي الاستفادة بملكية السندات التي يدعي بيعها ، وما إذا كان المصدر قد شارك في هذه المخاطر وتلك الفوائد من عدمه ، ويمكننا إجمال هذه المعايير فيما يلي :
أولا : مستوى الرجوع :
المقصود بهذا المعيار هو النطاق أو المدى الذي يمكن للمصدر فيه الرجوع على البنك لاستيفاء حقوقه من السندات المنقولة بطبيعة الحال ، كلما زاد هذا الرجوع زادت قناعة المحكمة بابتعاد الصفقة عن البيوع الحقيقية النقلة لملكية الأصول ، مع ذلك فإن النص في الاتفاق على إمكان الرجوع على البنك لا يعني بالضرورة أن الصفقة قد ابتعدت عن وصف " البيع الحقيقي " وإنما سيدعو ذلك النص في فحص طبيعة هذا الرجوع وما يرتبه من أثار على أطراف صفقة التوريق .
ثانيا : حق البنك البادئ للتوريق في الاستيراد :
تسمح المادة 56 / 9 من التقنيني الأمريكي التجاري الموحد للمدين الراهن في الرهون العقارية باستيراد ممتلكاته المضمونة بمقابل قبل التصرف فيها من الدائن المرتهن وه الحكم الذي أخذت كل تشريعات الولايات الأمريكية في الرهن الرسمية وتطبيقا لذلك إذا نص في الاتفاق ما بين البنك البادئ للتوريق والـــ SPV على أن يقدم الأول رهنا رسميا على بعض ممتلكاته العقارية بضمان الأصول ، ونص في اتفاق التوريق على حق البنك في استرداد جزء من السندات المضمونة أو إعادة شرائه للسندات المتأخرة سدادها فإن ذلك يجعل الاتفاق أقرب لكونه قرضا مضمونا والعكس .
ونرى أن الحق في الاسترداد أو إعادة الشراء بدوره يتعين فحصه من واقع صياغته في الاتفاق فإذا كان هذا الحق مكفولا للبنك البادئ للتوريق دون أن يكون من حق الـــ SPV الرفض كان المقابل المدفوع لممارسة الحق في الاسترداد أو إعادة الشراء أشبه بالتعويض عن الضرر وأبعد من أن يكون ثمنا في صفقة بيع جديدة، وتكون صفقة نقل الأصول أقرب للقرض المضمون .
ثالثا : الحق في الفوائض :
اعتد القضاء وفقه الأنجلو أمريكيين الاتفاق على منح البنك البادئ للتوريق الحق في أي متحصلات فائضة غير متفق عليها من عوائد السندات المنقولة للـــ SPV كمؤشر واضح على اعتبار الاتفاق مجرد " قرض مضمون " وبالعكس فإذا تكرر في الاتفاق حق الـــ SPV في الاحتفاظ بكل متحصلات السندات المنقولة لحسابه حتى بعد تحصيل حقوق المستمرين وحرمان البنك البادئ للتوريق من أي حقوق تتعلق بزيادة في قيمة السندات أو باستخدام الزيادة في حصيلة هذه السندات لحسابه فإن ذلك يجعل الصفقة أقرب ما يكون إلى " البيع الحقيقي " .
رابعا : آلية التسعير :
إن حصول البنك البادئ للتوريق على سندات مديونياته قبل تواريخ استحقاقها من خلال توريقها يحمل الكثير من المميزات لهذا البنك – سبق إبرازها في إطار مميزات التوريق – ولن يكون هناك سمة حافز للـــ SPV على قبول شراء هذه السندات إذا كانت ستشتريها بقيمتها الفعلية والأمر الأقرب للتوقع – وأيضا للممارسة – هو الشراء بسعر محدد ومخفض ثابت في كل بيع يتم للسندات لحسابه فإن ذلك يجعل الصفقة أقرب ما تكون " إلى بيع الحقيقي " .
في المقابل لو أن السعر المقدم من الـــ SPV في إطار الاتفاق كان يستند لمؤشر التذبذب كما في عدد من عقود القروض التجارية ، فإننا نكون – في الغالب – بصدد " قرض مضمون " لا " بيع حقيقي " .
خامسا : نية أطراف صفقة التوريق :
المقصود هو إبراز النية الحقيقية لأطراف الاتفاق وهو ما يمكن أن يتضح من صياغة نصوص الاتفاق ، ويمكن الاعتماد في هذا الشأن على دفاتر البنك والـــ SPV وسجلاتهم وكشوف الضرائب الموثوق في انتظامها وصدق بياناتها ، كما يحتمل أن يكون هناك إشارة تصف نقل الأصول بأنه مجرد ضمان لدين أو تصف الصفقة بكاملها بأنها وسيلة ضمان أو بالعكس أنها صفقة " بيع حقيقي " .
سادسا : الإدارة وتحصيل عوائد السندات :
إدارة وتحصيل عوائد السندات مؤشر جاد للاستدلال على الوصف الحقيقي لطبيعة الصفقة ، بطبيعة الحال لو كان الـــ SPV سلطة رقابية متحصلات الحسابات ( وهو ما يتضمن ضرورة استحواذها على كل من الدفاتر والسجلات والمستندات ذات الصلة بالسندات المنقولة ) وكان من صلاحيتها وضع سياسة الائتمان وتحصيل عوائد السندات وتمتعها بحق إشعار المدينين بشرائه للسندات إلى جانب رقابتها لأنشطة أي وكيل اتفق عليه لتحصيل عوائد السندات فإننا نكون بصدد " بيع حقيقي " عازل لخطر إفلاس البادئ للتوريق ولا يؤثر في ذلك الاستنتاج استقرار الممارسة في صفقات للتوريق على بعض البنك البادئ للتوريق كبديل للتحصيل .
سابعا : اختلاط المتحصلات بأموال البنك البادئ للتوريق :
كما سبق فإنه غالبا ما يضطلع البنك البادئ للتوريق بإدارة محفظة الأصول ، ومن المتوقع في هذه الحالة أن يدفع المدينون للبنك الذي يحصل هذه العوائد ، وعندئذ إذا امتزجت هذه العوائد بأموال البنك بحكم الاتفاق فقد يستخدمها استخداما استثماريا أو ائتمانيا أو للوفاء بديونه .. الخ . وفي هذه الحالة سيقترب الاتفاق بكونه قرضا مضمونا حيث أن لامتزاج المشار إليه إذا سمح به المصدر سيبدو مناقضا لمفهوم البيع ، وتحدث هذه الحالة كثيرا إذا كانت عمليات التحصيل مستمرة ومتواصلة كالتحصيل اليومي مثلا في حين يكون الوفاء للـــ SPV شهريا أو كل عدة شهور ، والسبيل الأمثل لعدم اختلاط المتحصلات بأموال البنك البادئ هو عزل هذه الأموال كوديعة لدى المودع لديه لحين إعادتها للـــ SPV في تواريخ الوفاء المتفق عليها .
على أية حال ، فإن الممارسة الحديثة في صفقات التوريق يندر فيها التصريح بأن نقل الأصول يتم في إطار بيوع إفلاس حقيقية وإنما يحتم – على ما يبدو – إيجاد توازن يصعب تفاديه بين مصلحتي البنك البادئ للتوريق والـــ SPV من جانب فإن الرجوع على البنك مطلوب من زاوية ضمان حق حملة الأوراق المالية بشكل معقول في الحصول على عوائد هذه الأوراق ، ومن جانب آخر فإنه سيبدو من غير المجدي اقتصاديا بالنسبة للبنك أن يقبل حصول الـــ SPV على كل فوائض عوائد سندات المديونية أن حملة الأوراق المالية الـــ SPV قد تم الوفاء بحقوقهم .
وترتيبا على ذلك ، فإن أغلب الظن أن ينظم أطراف التوريق الصفقة على أساس الموازنة ما بين الأهمية البالغة لتكييفها كبيع في مفهوم أغراض الإفلاس وما بين الطموحات التجارية الأخرى للمستثمرين والبنك البادئ للتوريق وتحقيق هذا التوازن تضع الأطراف نصب أعينها القدرة الائتمانية للبنك ، فقد يجد المستثمرون أن إصرارهم على البيع " البيع الحقيقي " غير ذي جدوى ذلك إذا كان البنك حاصل على درجة ائتمان مرتفعة من وكالات التصنيف ، بعكس الحال إذا كانت أحوال البنك المالية مضطربة أو متوقف تقريبا عن العمل .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لـ خدمات وحلول متكاملة للاعمال 2013 ©