مع بداية العصور الحديثة تحول اقتصاد أوروبا من حالة
الركود ( نظام الضيعة والاكتفاء الذاتي ) إلى حالة التوسع والتطور التي اتسم بها
الاقتصاد الأوروبى الحديث وقد ساعد على حدوث ذلك عدة عوامل ليست كلها اقتصادية
بطبيعتها حيث كان منها السياسي والديني والعلمي والجغرافي ولكن نجم عنها نتائج
اقتصادية أدت إلى الخروج بالمجتمع الأوروبي إلى النظام الرأسمالى الحديث القائم
على اقتصاد الملكية الخاصة وفكرة تحقيق أقصى ربح ممكن ومن هذه العوامل :
·
ظهور مفهوم الدولة الموحدة تحت سلطة الحاكم الواحد بعد
أن كانت في يد الأشراف من الحكام ، واستطاع الملك أن يجمع تدريجيا جميع السلطات
تحت يده وقد كان الملك حاكما مستبدا يُسير اقتصاديات الدولة في سبيل خدمة ميوله
ومطالعه ولذا اتسم اقتصاد أوروبا في الفترة الأولى من العصور الحديثة بالتدخل
الحكومى في كافة نواحيه وأطلق على هذا التنظيم الحكومي للاقتصاد اسم السياسة
التجارية كما قام الملك في سبيل توحيد الدولة اقتصاديا بتوحيد العملة والقضاء على
الحواجز الجمركية الداخلية والتي عرقلت سير التجارة الداخلية . كما قام بتحسين طرق
المواصلات وتوحيد القوانين التي تحكم المعاملات التجارية والصناعية في كافة أنحاء
الدولة . ليس هذا فحسب وإنما اهتم الملك بالمحافظة على الصناعات القائمة بل وحاول
إدخال صناعات جديدة حتى يقل اعتماد الدولة على الدول الأجنبية ومن ثم تزداد
مقدرتها الانتاجية على مواجهة أعدائها من الدول الأوروبية الأخرى .
·
ازدهار الصناعة والتجارة بإزدياد معاملات التجار مع
العالم الخارجى نتيجة لتصال أوروبا بالشرق الأسلامي المتقدم اقتصاديا وحضاريا وذلك
في الحروب الصليبية في أواخر العصور الوسطى من ناحية واكتشاف طرق مواصلات بحرية
جديدة مثل طريق رأس الرجاء الصالح من جهة أخرى والذي فتح أيضا منافذ جديدة للتعامل
والتبادل التجارى بين أوروبا والشرق . كل ذلك ساعد على ازدهار التجارة وتقوية
المكانة الاجتماعية لطبقة التجار وإظهار أهمية الدور الذي يلعبوه في الحياة
الاجتماعية على حساب تناقص أهمية الدور الذي يقوم به الاقطاعيون .
·
ظهور عدد كبير من المدن في أوروبا وتزايد عدد السكان بها
حيث قُدر عدد سكان أوروبا سنة 1650م بحوالى 100 مليون نسمة بينما وصل سنة 1750م
إلى حوالى 140 مليون نسمة تركزت جميعا في المدن هذه المدن صارت أسواقا كبيرة
لتصريف المنتجات الزراعية فقام الفلاحون ببيع فائض انتاجهم لسكان المدن ففقدت
الزراعة بذلك صفة الإنتاج من أجل الاكتفاء الذاتى وتحولت تدريجيا إلى زراعة
رأسمالية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق